في لقاء مع الشاعرة سوزان ابراهيم : قاربت خطوطاً حمراء في ديواني الجديد / لنا عبد الرحمن
2010-02-12
ماذا يمثل هذا الديوان من اختلاف عن كتاباتك السابقة؟
أعتقد بل أكاد أجزم أن الناحية الفكرية في المجموعة الشعرية ( كثيرة أنت ) صارت أكثر وضوحا وحفرت مجراها أعمق من ذي قبل, وقد أجرؤ على القول بأنني قاربت خطوطاً حمراء آمل أن أمزقها بكل قوتي, ليس استعراضاً بل سلوكاً وعملاً وكتابة, من الناحية الفنية غصت أعمق في الحالة اللغوية فتكثفت الجملة, وتشظى المعنى ليشكل قوس قزح يرى القارئ من ألوانه ما يحب وما يستطيع رؤيته, فتحولت القصائد الطويلة إلى ومضات مشبعة ومثقلة بأريج المعنى, آمل أن تتمكن من فتح مساحات حوار ثقافي وفكري مع المتلقي, أي ربما انتقلت متعة النص من الحالة العفوية وما يطفو على سطحه, إلى متعة البحث عن أبواب تركت مفاتيحها للقارئ لنتشارك لعبة الكشف.
- تنقلتِ بين القصة والشعر، لم؟ و كيف تحكين عن التجربة؟
انطلقت من بوابة الشعر أولاً, ومن هنا أدعي أن بإمكان المسافر إلى أي محطة أخرى أن يحصل على فيزا عبور وأوراق إقامة, أما لماذا التنقل فأقول: إنني بطبعي مخلوق قلق, مغرم بالترحال ومحاولة اكتشاف مكامن الدهشة الأولى, ربما هو البحث عن مساحة أخرى وفضاء آخر, إنه البحث عن أوطان لأوجاعنا وقلقنا وطموح مشروع باكتشاف قارة أخرى. أنا مولعة باللغة والاشتغال بها وفيها وعليها, قد يكون الشعر روحاً, والقصة جسد لكنني بهما أغدو كائنا مكتملاً ... أغدو قارة من كلمات.
- جاء الديوان ضمن تقسيم أربعة أبواب، لم كان هذا القسيم، هل بسبب اختلاف الموضوعات؟
لم يكن التقسيم جزءاً من عملية الكتابة, فقد أنجزت نصوص المجموعة على مدى ست سنوات, اعتبرتها مجموع خياناتي للقصة القصيرة التي استغلت ضعفي واحتفظت بي كل تلك المدة, حين أردت طباعة المجموعة وجدت أن النصوص تتشارك أوتتفارق في عدة نقاط, فجاء التبويب ليعطي صفة مشتركة لنصوص كل باب, فكانت أبواب:
(كثيرة أنت) لصفة الأنثى واعتزازها بكبريائها وإحساسها بكينونتها ورفضها وتمردها على ما صار إرثاً مقدساً يخنق انطلاقها, وفي باب (مرايا) لمحات صوفية وانعكاسات للمعنى, وفي باب (منافي) أوجاع الوطن والغربة, والباب الأخير( sms ) لرسائل الحب القصيرة.
- لماذا كان الدخول إلى عوالم التصوف والروحانيات؟
تعلمين أن حركة التصوف في الشرق بدأت رداً على الحكام والنظام المعمول به آنذاك إنها محاولة القول الصريح بشكل موارب, إنه حالة التخفي خوفاً من البطش, وأنا هنا لا أدعي كل ذلك, لكنني عملت على تهريب كثير من قناعاتي وأفكاري في عربات المعاني والمفردات, أما الروحانيات, فأرى أننا بحاجة ماسة إليها وقد طغت المادة على كل شيء والروحانيات تشكل واحة, ووقتاً مستقطعاً للكاتب حين يتورط في القلق الوجودي والإحساس بالعبث واللاجدوى.
- جاء إهداء المجموعة عبارة عن جملة شعرية أيضا "لعشر سنوات حاولت فيهن أن أكون أنا"،من وجهة نظرك هل تتأخر المرأة العربية في معرفة ذاتها، أو أن تكون هي، أم أنها معاناة المرأة المبدعة؟
كأي امرأة عربية شرقية أتشارك مع النساء مشكلات يومية بسبب الإرث المقدس الذي ذكرته سابقاً, ولأنني أمارس العمل الصحفي ألتقي وأسمع وأرى أكثر مما يجب, وأثقل مما يحتمل ضميري, قبل عشر سنوات أقسمت ألا أكرر مسيرة أمي, فاجترحت سبيلاً لحريتي واستعادة ذاتي, وجاهدت ما استطعت كل محاولة لمصادرة الرأي و رفضت التسلط والرقابة, ليس على حياتي فقط بل وعلى صوتي وفكري وقلمي, وكذلك محاولات التدجين والترويض.. وفي عام 2005 كنت أؤكد ذلك فأهديتها مجموعتي القصصية الثانية ( امرأة صفراء ترسم بالأزرق ) وكان الإهداء يقول: للمرأة التي لم أعرف أخرى أكثر منها زهداً بمباهج الحياة, والتي لا تستسلم لهنيهات الفرح بسهولة.. للمرأة التي تشبه كل النساء.. والتي جاهدت نفسي ألا أكونها ... أمي!
غالبية النساء العربيات لا يتأخرن في معرفة ذواتهن, بل هن يغادرن الحياة ولا يعرفنها, أما المرأة المبدعة, فحدّث ولا حرج.. سأختصر القول: في الحياة ثمة عملية مقايضة مستمرة, إنها لا تعطيك شيئاً إلا بمقابل, وكلما أردت أكثر دفعت ضريبة أكبر, لن تمتلك المرأة العربية الشرقية زمام عقلها وروحها ونفسها وكل كيانها ما لم تدفع ضريبة ثقيلة وبفائدة مركبة, وقد تكون أحياناً قاتلة.. لن تحلق إلا بإرادتها, وبإدراك ووعي بأنها لن تحظى بأي شيء مجاناً.. فليس في الشرق العربي مواسم ( سولد أو بونس )
* نشر الحوار في موقع نقطة ضوء وتنشره ألف بالاتفاق مع الشاعرة
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |