الوجه الآخر للفنان الراحل هاني الروماني
2010-02-26
لست متأكداً فيما إذا كان هذا هو اللقاء الأخير الذي أجري مع الفنان هاني الروماني، الذي نُعي إلينا منذ أيام قليلة، لكن ما أنا متأكد منه أن هذا الفنان الكبير كان مفاجئاً لي، فمثلما كان قديراً في الفن كان كذلك في السياسة، ففي هذا اللقاء السريع ثمة استجلاء ما لهمّ سياسي خاص بهذا الفنان الذي بدا منشغلاً كثيراَ بما يدور حوله، قادراً على المزاوجة بين قضايا وطنه والفن الذي كان، وما زال أحد أعمدته الشامخة في سورية..
هكذا كان الفنان "هاني الروماني" الذي فوجئت به منذ أكثر من عام في الرقة متابعاً لفعاليات ندوتها السنوية الخاصة بالمقاومة، وعلى هامشها كان لنا معه هذه الدردشة السريعة، عن المقاومة في لبنان وفلسطين، وعن مستقبلها..
يقول الفنان "هاني الروماني":
((المقاومة مكلفة ولها ثمن وتضحيات ولا يوجد مقاومة لها بوليصة تأمين, ولولا ذلك هل كان الاتحاد السوفييتي قادراً على تحقيق النصر في الحرب العالمية الثانية، العالم يتذكر اليوم أن السوفييت فد انتصروا فقط ولا يقف كثيراً عند حجم الضحايا الكبير الذي تم تقديمه ثمناً لهذا الانتصار، على عكس مما فعله البعض في لبنان عندما أغفلوا انتصار حزب الله وتوقفوا فقط عند حجم الدمار الذي لحق باللبنانيين، كل شيء له ثمن، والنصر لا يتحقق مجاناً.
في السنوات الأخيرة بدأ السياسيون والمفكرون (المعتدلون) يروجون لنظرية (ثقافة الحياة)، مقابل الدعوة للمقاومة والاستشهاد، والأمور لا تقاس هكذا، من يقاوم لا يعني أنه يكره الحياة ويرغب في الموت، هنالك أيضاَ ثقافة أخرى هي ثقافة الدفاع عن النفس والحياة والكرامة الإنسانية..
لنأخذ غزة مثلاً وكيف يجري حصارها لإذلالها وتحويلها إلى مدينة بلا هوية أو شخصية تعتمد فقط على إغاثة الهيئات الإنسانية, والحال نفسه يجري تعميمه اليوم في دارفور.
في لبنان تم الترويج للمسيحيين بأنهم يعيشون في عالم مسلم يحاول ابتلاعهم، وقد اشتعل الكثير من الساسة اللبنانيين على هذه النقطة، التي سماها الفكر السياسي بثقافة الخوف, وخاصة حزب الكتائب الذي حاول بعض قادته إقناع محازبيه أن حمايتهم من الابتلاع الإسلامي لن تتحقق إلا بالاحتماء بإسرائيل, وقد غذت أمريكا هذه المخاوف لدى المسيحيين اللبنانيين، كما أن الفترة الأطول من اللازم التي قضاها الوجود العسكري السوري في لبنان قد ساهم أيضا في تغذية هذه المخاوف, سيما وقد استغل البعض هذا الوجود للإثراء والفساد كما فعل الخدامييون وغيرهم من الفاسدين السوريين واللبنانيين, للأسف فقد استغرق الأمر وقتا طويلا من السياسيين غير المسيحيين لتبديد هذه الفكرة ولم يتم العمل على إزالتها جديا إلا مع عودة ميشيل عون إلى لبنان بأطروحاته العلمانية وتحالفاته السياسية مع غير المسيحيين كحزب الله, ويجب أن نعطي هذا الرجل وتياره حقه فهو كان صادقا وشريفا في خصومته مع السوريين ولكنه فور عودته إلى لبنان، بعد خروج السوريين، كان يصرح بأن ثقافتنا وعمقنا وتراثنا سوري وهو ليس متعلق بأشخاص، ومشكلتنا مع السوريين قد أصبحت من الماضي.
سئلت يوما عن رأيي في حزب الله فقلت: هذا الحزب يعيش في وسط اجتماعي وسياسي متنوع وهو إن أراد الاستمرار والنجاح فعليه أن يبحث عن شريك له وإلا سيبقى وحيدا وأعرجاً, ولما طلب مني تحديد الشريك الأقوى والأنسب، قلبت الأمر فوجدته في التيار الوطني الحر, فهو طرف مسيحي، وهذا مهم لإزالة المخاوف الطائفية، وهو أيضاً يشبه حزب الله في تركيبته الاجتماعية فأعضاؤه ليسوا مدراء بنوك أو رجال أعمال، إذ يعتمد هو الآخر على الفئات الاجتماعية المتضررة والبسيطة والوطنية، والتي لها مصلحة بالمقاومة والتغيير, وقد أفاد هذا التحالف كثيرا حزب الله أثناء حرب تموز وكانت نتائجه معروفة للجميع.
إسرائيل أشاعت لدى بعض النخب السياسية اليأس من عدم جدوى مقاومتها, فتاريخ الحروب معها يقودهم إلى هذه الحقيقة، إذ كان انتصارها عليهم سريعا وحاسما ومكلفاً، ولكن نسي هؤلاء أن الحروب في كل مكان مكلفة وتحتاج إلى تضحية وإن إسرائيل، كبنية سياسية واجتماعية وعسكرية، غير قادرة على خوض حروب طويلة الأمد, وعلى هذا كان رهان حزب الله وحماس في لبنان وغزة، وقد نجحا في ذلك، وهذا ما أثار وأحرج دعاة الاعتدال من اللبنانيين والفلسطينيين وبقية العرب.
موقف المقاومة اليوم أقوى من قبل، ففي لبنان يتصاعد تأثيرها وامتدادها كما في فلسطين، وقد كشفت الحرب الأخيرة على غزة أن الصف الأول من منظمة التحرير، وبشكل خاص في فتح، قد استنفذ دوره، خاصة بعد أن ظهرت على السطح المراهنات والصفقات السياسية مع إسرائيل، وأعتقد أن الأيام القادمة ستفرز جيلا آخر في فتح، مختلف عما هو موجود اليوم..)).
بشير عاني
[email protected]
08-أيار-2021
12-آذار-2016 | |
21-تموز-2012 | |
05-تموز-2012 | |
05-حزيران-2012 | |
24-آب-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |