مختارات من المجموعة الشعرية ( سريال ) لللمرحوم أورخان ميسر
2010-03-09
مختارات من المجموعة الشعرية ( سريال ) لللمرحوم أورخان ميسر / ألف
صدر للشاعر السوري أورخان ميسر في حياته القصيرة نسبيا ( 26 ) قصيدة نثرية ، هي من بواكير هذا الأسلوب. و حاول فيها أن يتوازن بالأحرى أن يوازن إبداعات صديقه و أستاذه الدكتور علي الناصر.
و بعد وفاته تابع المهمة الشاقة الرائد و المبدع أدونيس ، و كعادته قام بالعودة إلى النفايات المتراكمة و إلى بقايا أكل الدهر عليها و شرب ، و كما صنع فورد بصديقه الراحل ( كافكا ) اختار له عدة مقالات و مجموعة من القصائد غير المنشورة ، و أصدرها جميعا في العمل الوحيد المعروف لأورخان ميسر و هو بعنوان ( سريال ).
لماذا هذا العنوان ، و ما مناسبته ؟..
لقد كان أورخان من المبشرين بالقصيدة النثرية ، و بكيان – الوحدات الشعرية ، و لم يرغب يوما في أن يحجز أفكاره ضمن القوالب المألوفة : من كلاسيك و تفعيلة و هلم جرا. لقد وقف في صف العاطفة و الوجدان و الروح على حساب النظام ساري المفعول.
و على الرغم من أنه أقرب إلى شوارد قلم ، أو خيط ضوء خافت في الظلام الدمشقي الدامس ، فقد كان بالنسبة لأدونيس ظاهرة ، و ظاهرة حقيقية. و هو مثل سلفه صباح محي الدين في القصة ، استطاع أن يطلق سراح عدد من الفراشات المبكرة التي لا تدل على ربيع دمشق ( تجاوزا – و هذا في إطار الفن و الإبداع فقط ) ، و لكنها تدل على جدية و خطورة الشتاء البارد المقبل ، صقيع المحافظات الداخلية التي تستعد لنشر ما ليها من مخزون سلفي و أصولي..
و نحن حين نعيد نشر منتخبات من كتابه اليتيم تحدونا غاية واحدة هي التعريف برأس قائمة المنسيات في ثقافة مهددة و تحتضر ، و تحتاج من المسؤولين قدرا من الرعاية.
حاليا لا يوجد مثل مؤسسات الأدب و الثقافة في سوريا من يستحق عن جدارة لقب بطل النسيان و إهمال رواد الصف الأول في يوم منصرم ، أمثال صدقي إسماعيل ، و غيره من هذا الرعيل...
ألف
منتخبات من ( سريال ) للشاعر المرحوم أورخان ميسر
1 - يقظة
هنا ، في قعر كأسي رؤى لا تنضب.
رؤى يحيلها فراغ الكأس ، أحيانا ، إلى مآتم شفافة تولول فيها غصات
من زمن مبتور ، و تعربد حولها بقايا صلوات مجّت التحنط و الالتصاق
بجدران هياكل دأب لبناتها التثاؤب.
غير أن الأنفاس الشاردة التي تطوف في فراغ كأسي تطوافا محموما ،
تذيب أمسي الذي كنته ، و غدي الذي أحياه ، و يومي الذي ما زال
يتسكع في الظلمة بقدم واحدة و بنصف عين ،
تذيب هذا الكل في صيغوغة من جمال ينضح بألف لون و لون ، فأصبح
كأني و القعر و الأمس و الغد و اليوم من رشقة سادرة لحلم لا يعرف
الفجر ، و ليقظة لا تفقه اليقظة !.
2 – فان كوخ
فان كوخ يحرق كوخه
" هو " يلهب قصره
و في المدى الذي يتقوس حرقا و التهابا
قمة تنتعل
و نعل يجنح
أما النثار
فنيازك تستقر على عين
عدستها فقاعة قهقهة.
3 – طين
دأبي تكويم الظلال ،
أما الخطوط و الألوان فأتركها طعما لأحلامي التي
تلتهم بعضي دون وعي مني.
أما أنا ، أنا المجرد من الظلال و الألوان و خفقة الحلم ،
فأمضي كبحة وتر مقطوع ، غمر في الطين.
4 – الجنين
أمضغه ، أجتره ماضي الذي لم أكنه
ألوكه ، مستقبلي الذي عاش في ضحضاح أمسي
و ما أروعني أن أجمع في قبضتي ظلال أمسي و غدي
لأحيل هذه النجمة طوقا أقلده لهيكل
ما زال بعد في لا وعيي ،
جنينا يتخبط.
5 – خيبة
ليتك بقيت ظلا ،
ظلا أعطيه كل حصيدي من الألوان و الأشكال و الخطوط
غير أنك أبيت إلا أن تعري الأضواء التي عكستك ظلا ،
فانقلبت امتدادا لخط يتموج تموجا شفافا
فلا بقي ظلك
و لا بقي حصيدي .
صدرت المجموعة في دمشق عام 1979 مع مقدمة لأدونيس.
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |