رواية إحدى عشرة دقيقة / باولو كيولو ـ ج2
2010-04-25
وهكذا , مرت سنوات مراهقة ماريا . ازدادت جمالا وجذب مظهرها الغامض والحزين الكثير من الرجال , فخرجت بصحبتهم , حلمت وتعذبت , بالرغم من الوعد الذى قطعته على لنفسها بألا تقع فى الغرام من جديد . فقدت عذريتها خلال أحد هذه اللقاءات على مقعد سيارة خلفى , كانت هى وصاحبها يتلامسان باضطرام أكبر من المعتاد فتحمس الفتى . واذ سئمت ماريا من كونها اخر عذراء بين صديقاتها , سمحت له بولوجها . كان الأمر مؤلما بخلاف الاستمناء الذى كان يقودها الى الجنة , ولطخ خيط رفيع من الدم ثوبها . لم يمنحها ذلك الشعور السحرى الذى منحتها اياه القبلة الأولى . ليس هناك طيور مالك الحزين المحلقة فى الفضاء ولا الشمس الغاربة ولا الموسيقى ... أرادت أن تنسى ما حصل لها .
ضاجعت الصبى عدة مرات , بعد ان حذرته بأنه يعرض نفسه للقتل على يد أبيها فيما لو عرف أنه فض بكارة أبنته . جعلت منه أداة لتتعلم ممارسة الجنس , وحاولت بجميع الوسائل أن تعرف أين مكامن اللذة فى العلاقة الجنسية مع الشريك .
كل ذلك غير مجد . الاستمناء يتطلب أقل , ويمنح نعما أكبر . لكن جميع المجلات والمسلسلات التلفزيونية والكتب والصديقات ... كل شئ من هذه الأشياء , كل الأشياء على الأطلاق تعلن وتؤكد أهمية الرجل فى حياة المرأة . فكرت ماريا انها تعانى مشكلة جنسية لا يمكن البوح بها , وأخذت تحصر همها بدروسها , ونسيت لبعض الوقت هذا الشئ الرائع والفتاك الذى يدعى الحب .
* * * * *
ذلك مقطع من يوميات ( ماريا ) وهى فى سن السابعة عشرة :
أتوق الى فهم الحب . أدرك شعورى با،نى كنت مفعمة بالحياة حين أحببت , واعرف ان كل ما أملكه الأن , مهما يبد مهما , لا يلهب فى قلبى الحماسة .
لكن الحب الرهيب : رأيت صديقاتى يتعذبن ولا اريد أن يحصل لى ذلك . كن يسخرن منى من قبل ومن براءتى . وها هن الأ، يسألننى ماذا أفعل لكى اتمكن من الهيمنة على الرجال بهذا الشكل . أبتسم وأسكت , لا،نى اعرف ان الدواء أسوا من الألم نفسه .
الجواب بسيط وهى اننى لا اقع فى الحب . بت أدرك مع مرور الايام هشاشةالرجال وعدم استقرارهم وقلة ثقتهم بأنفسهم وتصرفاتهم التى لا يمكن التنبؤ بها ... حاول بعض أباء صديقاتى استدراجى الى علاقة حميمة معهم لكننى قابلتهم بالصد . فى أول الأمر ضدمت بتصرفاتهم . اما الان فادرك أن ذلك يشكل جزءآ من الطبيعة الذكورية .
رغم أن هدفى يتمثل فى فهم الحب , ورغم العذاب الذى عانيته على أدى هؤلاء الذى سلمتهم قلبى ان بامكانى القول ان هؤلاء الذين لامسوا روحى لم ينجحوا فى ايقاظ جسدى من كبوته , وان هؤلاء الذين لامسوا سطح جسدى لم ينجحوا فى بلوغ أعماق روحى .
* * * * *
أنهت ماريا دروسها الثانوية فى سن التاسعة عشرة ثم وجدت عملا فى محل للنسيج أوقعت صاحبه غرامها . وباتت ماريا فى تلك المرحلة تعرف كيف تستغل رجلا دون أن يستغلها . لم تسمح له قط بملامستها , رغم أنها كانت تظهر دائمآ دلعآ , وتدرك سطوة جمالها .
سطوة الجمال : ترى كيف ترى النساء البشعات العالم ؟ كان لديها صديقات لا يلفتن انتباه احد فى الأعياد , ولا يسألهنأحد عن أحوالهن . الا ان هؤلاء الفتيات , ولو بدا الامر صعب التصديق , يولين أهمية كبيرة للحب القليل الذى يمنح لهن , ويتعذبن بصمت عندما يرفضن , ويجهدن الا يبنين مستقبلهن على الأمل الأحتمالى باثارة الأعجاب لدى أحد الرجال . كانت ماريا تعتقد أن العالم يحب ان يبد لهن غير محتمل , لكنها تجهل انهن كن اكثر استقلالية من الجميلات , ويكرسن حياتهن فى أجواء هادئة لتحقيق أنفسهن باطراد .
بيد ان ماريا كانت مدركة تمامآ لجمالها . ومع ذلك , فانها احتفظت بنصيحة واحدة من نصائح امها التى كانت تنساها دومآ ( يا بنيتى , الجمال لا يدوم . ) لذا استمرت ماريا فى علاقة ليست بالحازة ولا بالباردة مع صاحب العمل . وموقفها هذا تجشد عمليا بزيادة هامة لمرتبها ( لم تكن تعرف المدى الذى تستطيع فيه السيطرة عليه وايهامه بامكانية وقوعها فى حبائله , لكن ما دام الوضع على هذا النحو فبامكانها توفير مصدر ( رزقها ) , فضلا عن العلاوة المستحقة عن الساعات الأضافية ( كان الرجل يرغب فى الحقيقة أن يبقيها قريبة منه وربما كان يخشى , فيما لو خرجت مساء ان تلتقى حبها الكبير ) . عملت ماريا أربعة وعشرين شهرا دون انقطاع , واستطاعت توفير المعيشة لاهلها وادخار المال الضرورى .
واخيرا يا للنجاح الذى يمنحها فرصة قضاء اجازة فى مدينة احلامها , مدينة الفنانين , وقبلة انظار السياح " ريو دى جانيرو " .
اقترح عليها رب العمل أن يرافقها ويسدد عنها كل النفقات . تذرعت ماريا كاذبة ان الشرط الوحيد الذى اشترطته والدتها للموافقة على السفر هى أن تنام عند قريب لها يمارس المصارعة اليابانية , لانها ذاهبة الى أحدى المدن الأكثر خطورة فى العالم .
وأضافت : كما أنك يا سيدى , لا يمكن أن تترك المحل هكذا دون شخص يهتم به ويكون موضوع ثقة ...
قال لها :
- لا تنادينى " سيدى " .
ورأت ماريا فى عينيه شيئا لم تألفه من قبل , نار الشغف . شكل هذا الأمر مفأجاة حقيقة لها , اذا كانت تعتقد أن هذا الرجل لا يهتم الا بالجنس . اما الان فنظرته توحى بالعكس , " استطيع ان امنحك عائلة وبيتا وقليلا من المال لاهلك " . فكرت ماريا بالمستقبل وقررت ان تزيد ناره اضطرارآ .
قالت له : انها تحب عملها كثيرآ , وانها ستفتقد الناس الذين تهيم بمعاشرتهم ( حرصت على الا تذكر شخصاً بالتحديد لكى يبقى تصريحها محاطا بالكتمان ) , فهل يمكن ان يكون " الناس " الذين أشارت اليهم , هو تحديدآ ؟
ووعدته بأن تهتم بمحفظة نقودها اهتماما كبيرة , وتحافظ على نزاهة أخلاقها . أما الحقيقة فكانت مختلفة تماما , لا ترغب فى ان يفسدأحد , ولا اى شخص , أسبوعها الأول من الحرية الكاملة , كانت ترغب فى الاستجمام والتحدث الى أشخاص مجهولين والتسكع أمام الواجهات والتمتع بالنظر اليها , وتهيئة نفسها للألتقاء بفارس الأحلام الذى سيأتى ويختطفها الى الأبد .
قالت بابتسامة مغرية وبدلع مضلل , أى اهمية لأسبوع فى حياة الأنسان ؟ سرعان ما ينقضى الأسبوع , وأعود قريبا لافى بالتزاماتى .
حاول صاحب المحل اقناعها دون جدوى , ثم ما لبث أن رضخ والاسى يمزقه لانه كان عازما على القيام بخطة سرية , وهى طلب يدها للزواج عند رجوعها من السفر , فقرر أن يبقى مشاعره طى الكتمان , فلا يعمد الى اسماعها كلمة غزل واحدة .
اشتغرقت الرحلة ثمانى وأربعين ساعة فى الباص . ونزلت ماريا من ثم فى فندق من الدرجة الخامسة فى كوباكابانا ( اه , كوباكابانا ! الشاطئ , السماء ... ) وقبل أن تفرغ امتعتها , انتشلت " المايوه البيكينى , الذى اشترته مؤخرا, وارتدته رغم الطقس الغائم وذهبت الى الشاطئ . نظرت الى البحر بحذر وخشية , ثم ما لبثت ان خاضت فى الماء بخفر .
ان احدا على الشاطئ لم ينتبه الى أن هذه الفتاة كانت تعيش أول اتصال لها مع المحيط والألهة ايمنجا والتيارات البحرية وزبد الأمواج , ومع شاطئ أفريقيا المزدحم باأسود فى الجهة المقابلة لأطلسى . عندما خرجت من الماء , اقتربت منها أمرأة تبيع سندويشات خالية من المواد الكيميائية , وسألها رجل أسود جميل عما اذا كانت متفرغة هذا المساء , ودعاها رجل لا يعرف كلمة برتغالية واحدة , بالاشارات الى مشاركته فى تناول شراب جوز الهند ...
اشترت ماريا السندويش لنها خجلت من الرفض . الا انها تجنبت الكلام مع الرجلين . احست بالحزن يجتاح قلبها , الان وقد بات بامكانها ان تفعل ما تريد , لماذا كانت تتصرف بهذه الطريقة المخزية ؟ بما انها لا تملك تفسيرآ لذلك , فقد جلست تنتظر أن تظهر الشمس المحتجبة خلف الغيوم من جديد .
الا ان الاجنبى ظهر حاملا جوزة الهند وقدمها اليها . سرت لأنها لم تكن مضطرة للتحدث اليه . شربت ماء جوز الهند وابتسمت , فابتسم له بدورها . التزما لبعض الوقت بهذا الشكل من التواصل المريح الذى لا يلزم الطرف الاخر بشئ , ابتسماة من هنا . ابتسامة من هناك , الى ان انتشل الرجل من جيبه قاموسآ صغيرآ ذا غلاف أحمر وقال بلكنة " جميلة " . ابتسمت من جديد كانت توذ طبعا أن تلتقى فارس أحلامها لكنها تريده أن يتكلم لغتها ويكون اكثر فتوة .
اصر الرجل وهو يتفصح الكتاب قائلا " العشاء هذا المساء ؟ " .
وأضاف على الفور " سويسرا " . ثم تلفظ بهذه الكلمات التى تصدح مثل أجراس الجنة أيا تكن اللغة التى تقال فيها " وظيفة ! دولارات " ! .
لم تكن ماريا تعرف مطعم " سويسرا " ثم هل يعقل أن تكون الأشياء بهذه السهولة وان تتحقق الأحلام بهذه السرعة ! من الأفضل تحاشى الموضوع . شكرآ للدعوة , أنا مشغولة , ولا أبحث عن شراء دولارات .
لم يفهم الرجل لكمة لعينة واحدة من جوابها . بدأ يشعر باليأس . تركها لبضع دقائق بعد ان وجه اليها بعض الابتسامات قم عاد برفقة مترجم . قال لها عبر وسيطه , انه ات من سويسرا ( هذا ليس اسم مطعم ,اذا بل اسم بلاده ) , وانه يوذ فعلا تناول العشاء معها لانه يريد ان يعرض عليها وظيفة . كان المترجم أحد الفندق حين ينزل الرجل , وكان يعاونه فى مساعيه . قال لها على انفراد " لو كنت مكانك لقبلت العرض . هذا الرجل مدير فنى معم وقد اتى الى البرازيل للبحث عن مواهب جديدة للعمل فى اوروبا . اذا شئت , أستطيع أن اعرفك الى بعض الفتيات اللواتى وافقن على اقتراحاته , وصرت ثريات وتزوجن وأنجبن , وهن الان بمنأى عن البطالة , وليس لديهن ما يخشينه من صروف الدهر ) . ثم اضاف وهو ينوى التأثير فيها بثقافته الواسعة " بالأضافة الى ذلك فالسويسريون يصنعون أصنافا ممتازة من الشوكولاته والساعات " .
كانت التجربة الفنية لماريا لا تكاد تذكر , مثلث ذات مرة دور بائعة ماء , واكن دور صامتا فى مسرحية تقام دوما خلال أسبوع الألام . ومع انها نامت بشكل شيئ فى الباص , فان منظر البحر كان يستثريها , ويتعبها التهام السندويشات , ويحرجها انها لا تعرف أحد فى الريو , وان عليها التعرف سريعا الى احد الأصدقاء . سبق لها ان مزت بمثل هذه الحالة والتقت رجلا يكرز اطلاق الوعود دون أن يحقق واحدآ منها . لذا , كانت تعرف ان قصة هذا المدير الفنى ليست الا وسيلة يبحث من خلالها عن أثارة اهتمامها والتقرب منها , فيما هى تتظاهر بصده .
لكنها كانت على يقين من ان العذراء منحتها هذه الفرصة , وعلى اقتناع بصورة ان تستفيد من كل ثانية فى أسبوع العطلة هذا . لذا شعرت أن الامر برمته يشكل مادة نفسية يمكن ان ترويها لصديقاتها عن رجوعها . قررت عندئذ قبول الدعوة شرط أن يرافقها المترجم , لانها سئمت الأبتسام والتظاهر بانها تفهم كلام الأجنبى .
لكن المشكلة التى تتسم بالخطورة البالغة هى انها لا تملك ثوبا للمناسبة , والمرأة لا تعترف أبدأ بهذه الأسرار الحميمة ( يسهل على المرأة ان تتقبل خيانة زوجها من ان تعترف بالحالة المريعة لخزانة ملابسها ) . لكن , بما ان ماريا لا تعرف هذين الرجلين , ولن تراهما مجددآ فى حياتها , فقد رأت ان ليس لديها ما تخسره وقاتل " ما زلت قادمة للتو من نوردستا , وليس لدى ما ارتديه للذهاب الى المطعم " .
توسل اليها الرجل عبر المترجم قائلا " انه لا يجدر بها ان تقلق بهذا الشأن , قم طلب اليها عنوان الفندق الذى تنزل فيه . بعد الظهيرة , ارسل اليها فستانا لم تر مثله فى حياتها وحذاء يبلغ ثمنه اجر عام كامل .
شعرت ان المغامرة قد بدأت , المغامرة التى طالما حلمت بها خلال طفولتها ومراهقتها فى " السرتا " البرازيلية . و " السرتا " بلاد قاحلة وشباب لا مستقبل لهم , مدينة نزيهة لكن فقيرة , والحياة فيهعا رتيبة وفارغة من اى اهتمام . ها هى تتحضر الان لتصبح اميرة العالم ! ها ان رجلا يعرض عليها وظيفة ودولارت , ويقدم لها حذاء مترفا وفستانا يشبه الفساتين فى قصص الساحرات ! لا ينقصها الا الماكياج , لكن موظفة الأستعلامات تعاطفت معها واتت لنجدتها ولم تنس ان تحذرها بقوة وتنبهها الى ان الأجانب ليسوا كلهم جديرين بالاحترام , كما ان ليس كل سكان ريوم دى جانيرو صعاليك .
تجاهلت ماريا التنبيه . ارتدت هدية السموات وقضت ساعات أمام المرأة , وهى تتحشر لكونها لم تجلب معها الكاميرات فتصور هذه اللحظات . واستمرت كذلك الى ان انتبهت انها تأخرت عن موعدها . خرجت وهى تركض مثل سندريلا , ووصلت الى الفندق حيث بنزل السويسرى . دهشت حين أخبرها المترجم انه لن يرافقهما .
- لا تكترثى لأمر اللغة . المهم أن يشعر انه مرتاح برفقتك .
- لكن ما العمل اذا لم يفهم ما اقول ؟
- لن تحتاجى الى الكلام , لان المسألة متصلة " بالطاقات الكامنة فينا " .
لم تفهم ماريا معنى قوله . فى بلادها , عندما يلتقى الناس , يحتاجون الى تبادل الكلام والاسئلة والأجوبة . لكن مايلسون اسم المترجم الحارس , اكد لها ان الامر مختلف فى ريو دى جانيرو كما فى سائر أنحاء العالم .
- لا تحاولى ان تفهمى . تدبرى امرك بمفردك وادعليه يشعربالراحة . الرجل أرمل ولا أولاد له , وهو صاحب ملهى ليلى يبحث عن برازيليات يرغبن فى العمل فى الخارج . قلت أنه أنك لست مؤهلة لهذا العمل , لكنه أصر على الموضوع . يدعى انه وقع فى الغرام ما ان راك تخرجين من الماء وانه وجد " المايوه البيكينى " جميلا . توقف المترجم عن الكلام , ثم أضاف " لكنى بصراحة اقول لك ان كنت تريدي ان تجدى عشيقى هنا , فعليك ان تغيرى موديل " البيكينى " لانه باستثناء هذا السويسرى , لن يعجب أحد فى العالم , لانه قديم الطراز للغاية .
تظاهرت ماريا بعدم سماعه , ثم تابع مايلسون قائلا " أىر انه لا يرغب فقط بمغامرة معك , بل يعتبر أن لديك ما يكفى من الموهبة لتصبحى نجمة ملهاه الليالى . بالطبع , لم يستمع الى غنائك ولم يررقصك , لكن هذت يمكن اكتسابه . اما الجمال , فيأتى بالفكرة . اه ! هؤلاء الأوروبيون ! يلقون رحالهم هنا معتقدين ان كل البرازيليات شهوانيات ويعرفن رقصة السامبا , اذا كانت نياته جدية , اقترح عليك ان تبرمى عقدآ معه , مقترنا بتوقيع رسمى من القنصلية السويسرية , قبل مغادرة البلاد . غدا ساكون على الشاطئ أمام الفندق . تعالى لرؤيتك اذا ساورتك بعض الشكوك .
ابتسم السويسرى وأمسك بذراعها مشيرا الى سيارة التاكسى التى تنتظرهما .
" اما اذا كانت نياته مختلفة ونياتك كذلك , فان التعرفة لليلة الواحدة هى ثلاثمائة دولار . فلا تقبلى بما هو أقل "
قبل أن تتمكن من الأجابة , كانت سيارة التاكسى قد أقلعت باتجاه المطعم . اقتصر الحوار على الحد الأدنى , العمل ؟ الدولارت ؟ نجمة برازيليلة ؟ .
الا ان ماريا كانت تفكر فى أقوال المترجم " ثلاثمائة دولار لليلة واحد ! يا لثروة ! ليست مضطرة لان تموت من العشق ! بامكانها ان تغرى هذا الرجل كما فعلت مع رب عملها , وان تتزوج وتنجب أولادآ وتؤمن حياة مريحة لوالديها . ما الذى لديها لكى تخسره ؟ فهو عجوز ولن يلبث ان يموت فترث ثروته . عبثا يلهث السويسريون وراء الثروات , لكان النساء عملة نادرة فى بلادهم .
كان قليلى الكلام خلال العشاء , ابتسامة من هنا وابتسامة من هناك . فهمت ماريا تدريجيا قصة الطاقات الكامنة هذه . أظهر الرجل ألبومآ يحتوى على وثائق عدة مكتوبة فى لغة لا تعرفها وقصاصات جرائد وصور لنساء يرتدين البيكينى ( ما يوهات لا شك انها أكثر أناقة وجرأة من ذلك الذى كانت ترتديه حين رأها السويسرى لأول مرة ) . احتست ماريا الكثير من الكحول لمواجهة ما يمكن ان يقترحه عليها السويسرى من أمور منكرة ( لا أحد يستطيع ان يهزأ بثلاثمائمة دولاور ! ثم ان القليل من الكحول يجعل الأمور تصرف بلياقة وتهذيب , كان يقدم الكرسى لها لدى جلوسها ويزيحه لدى نهوضها . تذرعت ماريا عند انتهاء السهر تعبت واقترحت عليه موعدا على الشاطئ صباح الغد ( أشارت الى الموعد على ساعتها مقلدة حركة الأمواج بيدها ورددت كلمة غ – د – آ ببطء شديد ) بدا راضيا , ونظر هو آيضا الى ساعته ( ربما كانت سويسرية ) وأفهمها ان الوقت يناسبه .
لم يكن نومها مريحآ . فكرت ان كل ذلك كان حلما . لكنه حين استيقظت , استنتجت ان ذلك حصل فعلا , وأن هناك لا شك ثوبا فوق الكرسى فى غرفتها المتواضعة وحذاء جميلا , وموعدا على الشاطئء فى المدى القريب .
* * * * *
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |