Alef Logo
يوميات
              

أدب الأطفال الصهيوني.. وأدب أطفالنا على المحك

خاص ألف

2010-03-31



إذا كان أدب الأطفال لدينا –نحن العرب- موظفاً لغايات فنية وأخلاقية سامية تبثّ داخل رؤوس أطفالنا منذ أيام استيعابهم الأولى بغرض تنشئتهم على حب الأسرة مثلاً، كقصائد:
بابا بابا يومك طابا
أو: ماما ماما يا أنغاما
أو على حب العمل، كقصيدة:
عمّي منصور النجّار يضحك في يده المنشار
أو على حب (الحيوانات) كقصيدة:
قفز الأرنب خاف الأرنب كنت قريباً منه ألعب.
(بالمناسبة، إلى نهاية دراستي الابتدائية وأنا أظن بأن (طابا) في القصيدة الأولى تعني كرة قدم)..
تلك القصائد حُفرت في رؤوسنا إلى هذا اليوم، وأقصد منذ ما يقارب الثلاثين سنة على أدنى تقدير! بعكس قصيدة:
فلسطين داري ودرب انتصاري تضل بلادي هوى في فؤادي
التي لا يتذكرها إلا قلّة قليلة ممّن عاصروا المناهج القديمة..
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لم نتمكن حتى هذه اللحظة –ونحن أهل الشعر- من خلق قصائد جديدة لأطفالنا يتعرفون من خلالها على عدوهم الحقيقي، دون اللجوء إلى عبارات تدعو إلى القتال أو حمل السلاح وغيره، وإنما باسلوب أدبي فني يتماشى مع طبيعة إدراكهم الطفولية لمفاهيم الحق والخير والجمال، خاصة وأنهم أصحاب حق على هذه الأرض بعكس الطفل اليهودي- الصهيوني
أما الأدب (الصهيوني)، فإنه يحاول أن يوظف فنيته وموضوعاته للمناورة على النطاقين الداخلي والخارجي، وإذا كان هذا القول ينطبق على الكتب الأدبية والفكرية عامة، فإنه يكون أشد خطراً حين يكون الأدب موجهاً للأطفال.
وسأحاول من خلال هذه المقالة تسليط الضوء على الأدب المبثوث في الكتب الموجهة إلى أطفال اليهود داخل الأرض المحتلة.

في قصة (الأمير والقمر) مثلاً، يحاول الكاتب أن يغذي مشاعر الطفلة بالعداء والكره للعرب عبر التأكيد على أن العرب هم الذين سرقوا القمر وجعلوا (أرض اسرائيل) ظلماء. ولكن لماذا سرقوا القمر؟ لكي يعلقونه على جدران بيوتهم للزينة – هكذا يقول الكاتب ليوحي للأطفال بأن العرب لا يتذوقون الجمال، ويضحون به من أجل أنانيتهم!- .

الأمير والقمر
للكاتب الصهيوني (يوري إيفانز)

قالت الصغيرة لي: من سرق القمر؟
قلت: العرب.
قالت: ماذا سيفعلون به
قلت: سيعلقونه للزينة على جدران بيوتهم.
قالت: ونحن؟
قلت: نحوله إلى مصابيح صغيرة تضيء أرض إسرائيل كلها.
منذ ذلك الوقت، والصغيرة تحلم بالقمر، وتكره العرب، لأنهم سرقوا حلمها، وحلم آبائها.
هذا الصباح، جاء أمير صغير إلى بيتنا وقال: هل تقبلون بي ضيفاً؟
رحبنا به، لكن الصغيرة قالت: على أن تقول من أنت..
قال: أنا فارس، من فرسان هذه الأرض، محارب قديم في أرض إسرائيل، مت صغيراً لكني أخرج مرة في العام، أجوب في هذه الأرض، وأسأل إن كان شعبي يسكنها أم لا.
قالت الصغيرة: نحن شعبك، وأنا حبيبتك أيها الأمير.
قال الأمير: ما أروعك، أطلب منك الملجأ لليلة واحدة، فتفتحين لي قلبك، أنت حقاً يهودية؟
قلت أنا: نعم، كلنا هنا شعب إسرائيل.
ضرب الأمير برمحه الأرض، وقال إذن تحقق الحلم، الآن أستطيع أن أعود إلى قبري مرتاح البال.
تشبثت به الصغيرة، وقالت: لا.. لم يتحقق الحلم بعد.
قال الأمير: كيف؟!
قالت الصغيرة: لقد سرقوا القمر.
قال الأمير وهو يضرب برمحه مرة ثانية: من؟
قالت الصغيرة: العرب.
بصق الأمير على الأرض وقال: الجبناء، كلهم لصوص، وقتلة، لكن لا بأس.
سألت الصغيرة: وماذا ستفعل؟
قال الأمير: انتظريني الليلة، وسأعود لك بالحلم الجميل.
وانتظرت الصغيرة، ألقت رأسها على إطار النافذة، وظلت تنظر إلى السماء، ومرت الساعات، ونام الأطفال، والرجال والشيوخ، والنساء، ولكن الصغيرة ظلت تنتظر، لم تيأس، ولم تستسلم للنوم، لأنها تعرف أن أطفال شعب إسرائيل لا يكذبون.
بعد منتصف الليل بقليل، انشقت الغيوم فجأة، ورأت الصغيرة القمر لأول مرة، رأته جميلاً ورائعاً، حدقت فيه طويلاً، ثم ركضت إلي وقالت: أنظر يا أبي، هل هذا هو القمر، أم وجه الأمير الصغير؟
قلت: يا ابنتي الذي سرق القمر هو الذي قتل الأمير الصغير.
لم تبك الصغيرة، فقد تحقق حلمها، وأشرق القمر على أرض إسرائيل.
وفي قصيدة (حكاية) يتحدث الكاتب عن القتل والرعب، وأسطورة الحق الصهيوني في فلسطين.

(زئيف) طفل عاش على أرض فلسطين "منذ آلاف السنين" ومات "منذ آلاف السنين"، ولا أحد يدري كيف مات: جوعاً أو تحت التعذيب أو برمح طائش .. إلخ. والسبب هم الفلسطينيون، هذا ما أراد أن يوحي به كاتب القصيدة، كما أوحى بقدم اليهودي في فلسطين، منذ آلاف السنين، ثم يأتي القصد، السم الذي يصب في الأدب ويقدم للأطفال، وهو: اقتلوا.. اقتلوا.. فإذا أراد الأطفال ألا يموتوا مثل زئيف فإن عليهم أن يصوبوا بنادقهم نحو الفلسطينيين.

(حكاية)
للشاعر الصهيوني (رافي دان)

"زئيف، هل تعرفون زئيف؟
لا ليس حياً الآن
أجل، طفل صغير، صغير لم يكبر
منذ آلاف السنين
أجل، منذ آلاف السنين
انصتوا جيداً وافهموا القصة..
زئيف طفل
لم يكبر بعد. عاش على هذه الأرض
أحبها
وحين حاصر الغزاة المدينة
مات..
كيف مات
لا أحد يدري
هل مات من الجوع
أم تحت التعذيب
برمح طائش
أم تحت حوافر الخيول..
لا أحد يعرف
لكن، هل تريدون أن تموتوا مثل زئيف؟
- لا.
-"إذن صوبوا بنادقكم تجاه الشرق !!" .
انظروا كيف استطاع الكاتب اليهودي في نهاية (قصيدته إن صح التعبير) إيصال فكرة حمل البندقية إلى الأطفال وتصويبها إلى صدور الفلسطينيين...
ما أرجوه من شعرائنا هو تسخير إمكانياتهم الإبداعية لخلق حالة جديدة لأدب أطفال جديد بحيث يكون باستطاعته درء ما تطلقه تلك البندقية لا أكثر.

×××××

نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.

ألف







تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow