البوكر العربية فرسان ستة وجدل واحد
2008-02-18
حاز الروائي السوري خالد خليفة وخمسة آخرون على جائزة البوكر في مرحلتها الأولى .. تناقلت وكالات الأنباء العربية الخبر وكتب عنه لكثيرون .. ومنذ علمنا بالخبر فكرنا ، ولمعرفتنا المسبقة بأن أحدا لن يهتم إعلاميا بهذه الجائزة التي حصدها خالد خليفة عن روايته مديح الكراهية ، وإن أحدا لن يعنى ولن يكتب عنه كما يكتب عن فوز أديب مشهور ، أو شاعر كبير اعتاد الصحافيون المرتزقة بتمسيح الجوخ لهم والارتزاق باستخدام أسمائهم لهذا كانت المفاجأة كبيرة بالنسبة لهؤلاء.. فهذا اسم جديد يخترق قائمة الكبار. وتردد في أوساط الصحافة .. أين الأسماء الكبيرة ..؟؟ كيف يسمح لكاتب شاب باختراق عالم الكبار .. وووو.
كل ما حصل عليه خالد خليفة في بلده بعد نيله بضع مقالات تذكر فوزه وتثني بخجل أو بغيرة عن
هذا الفوز ولكن أحدا لم ينبر ليقول هذا فوز لسوريا .. كما يحصل مع الأبطال الرياضيين الذين يفوزون بالبرونزيات، وفناني المسلسلات الذين ينالون الجوائز من هنا وهناك .. فخالد خليفة ليس إلا أديبا وماذا يعني هذا!؟
كنا كتبنا في هذا الموقع لائمين وزير الثقافة على الحفل الذي أقامه للفنانة سلاف معمار بمناسبة فوزها بالجائزة الأولى لدورها بفيلم تحت السقف.لذلك تابعنا ما كتب .. ورأينا أنه أقل بكثير مما يجب .. وقد انتظرنا حقيقة أن نسمع خبرا عن استقبال وزير الثقافة لخالد خليفة وتهنئته على الجائزة ولكن ذلك لم يحصل . اتصلنا بخالد خليفة وسألناه هل اتصلت بك نجاح العطار أو رياض نعسان آغا .. أو مدير مكتب وزير التموين .أو آذن وزير السياحة .. نفى ضاحكا ..
مشكلتنا أننا نتكلم أكثر مما نفعل، ندعي أنا نهتم بالثقافة والمثقفين ، بالكتاب والمبدعين .. ولكن دائما الواقع يثبت عكس ذلك فحين نكرم بعض الأدباء نكرمهم وهم على أبواب الموت ونقيم احتفالا هائلا وندعي أننا أمناء على الثقافة العربية ..في حين أن هؤلاء الأدباء ما عاد يعنيهم وهم في تلك السن المتأخرة من العمر لا الجائزة ولا التكريم فهم ينتظرون موتا يليق بهم. وفي الوقت نفسه لا أحد يهتم بفوز كاتب شاب بالمرحلة الأولى لجائزة البوكر .. ونحن نتمنى له الفوز بالجائزة الأولى .. قد يفكر حينها المسؤولون عن الثقافة في بلدنا الاتصال به والقول له مبروك .. ولن يهتم أحد بأن يقيم احتفالا في قصر النبلاء له .. وتكريمه كما يليق بأديب أضاف إلى رصيد سورية مزيدا من السمعة الحسنة.
وكنا في الحقيقة نود أن نجمع جميع المقالات التي كتبت عن خالد وروايته ولكننا نكتفي بمقالة شاملة نشرتها جريدة العرب القطرية .. وفيها فهم عميق لعمل خليفة الروائي الذي استحق الفوز عن جدارة.
ألف
البوكر العربية فرسان ستة وجدل واحد ـ شبوب أبو طالب
أثار كشف لجنة تحكيم «البوكر العربية» علامات استفهام عدَّة، فبعض الأعمال المرشحة لم تثر أية ضجة، وبعض الروائيين غير معروفين. هل أنقذت البوكر ذوقنا من تجاهل أعمال رائدة، أم أن في الجرَّة ما فيها؟
لننطلق من «مديح الكراهية» لصاحبها السوري خالد خليفة، إنها رواية تجديدية بامتياز، وجريئة بضراوة، لأن خالد خليفة غامر باقتحام مساحة بعيدة عن التأريخ السوري، تلك هي معارك الإسلاميين مع نظام الأسد، عبر قصة عائلة حلبية تعيش زمن التغيرات الصعبة.
في روايته يقدم خالد سردا شجاعا لمرحلة مظلمة من حياة سوريا، وهو بذلك يكرّس ما عُرف عنه من أسبقية، ولعل في «خطورة» عمله ما يبرر المنع المؤقت لتداول روايته في بلده! كما يبرر التناول الحذر الذي استعمله خليفة عبر تجريد روايته من كل إشارة للزمن الذي تجري فيه الأحداث وإضافة للجرأة فإن خالد يعتبر من الروائيين الذين يعرفون طريقهم جيدا، فالرجل الذي يعمل بصناعة الدراما، ويقحم نفسه في السياسة، ويناصر الأكراد، ويعدُ حصصا تلفزيونية هو مؤسسة ثقافية بمعنى الكلمة، ولا أدل على ثقته بنفسه من قوله إن رصيد ثلاث روايات هو عدد كافٍ بالنسبة له، وإنه لا حلم له في السنوات العشر المقبلة سوى كتابة نص جديد ثم انتهى! بما يعني أن الرجل يعي مشروعه جيدا ويعمل عليه بإصرار.
غير بعيد عن «مديح الكراهية» تبدو رواية «مطر حزيران» ضوءاً آخر على مناطق الزمن المضطرب، إذ ينطلق جبور الدويهي من حادثة قتل أحد أفراد العائلات اللبنانية الكبرى سنة 1957 ليتحدث عن الواقع المسكوت عنه في خلاف الطوائف اللبنانية، بل إنه يمضي بعيدا عندما يمد روايته على جناح أربعين عاما من الصراع الشاق بين العائلات الكبرى في الطائفة المسيحية، حيث يحكي عن مشاكل «آل الكفوري» مع «آل الأسعد» مع «آل فرنجية» مع «آل شمعون» ويتطرق لكثير من المساحات التي أثثتها دماء أُريقت على مذابح تعديل عدد مقاعد البرلمان لصالح هذا الزعيم أو ذلك.. مرة أخرى نجد أنفسنا أمام رواية صراعية كاشفة بمعنى الكلمة.
في «واحة الغروب» ينطلق المصري بهاء طاهر نحو حاضر صعب بواسطة صورة من ماضٍ قاسٍ، هنا يقف طاهر عند نهاية القرن قبل الماضي، ليتحدث عن واحة «سيوة» المصرية ومعبدها الذي احتضن الفراعنة وقاوم عوامل الزمن، لكنه بعد قرون من الصمود ينهار أمام ديناميت مأمور شرطة يريد تحويل المعبد إلى أحجار بناء.. هو يحطم معبدا تاريخيا ليبني بيته ومخفرا للشرطة، وكم تغدو الصورة رمزية حينما نحررها من الزمن، فحاكم مصر يلخص مشروعه دوماً في تحطيم التاريخ ليصنع مجده وسجنا لأبناء بلده! نفس التقنية المستعملة سابقا. قطعة مخطوفة من الزمن الماضي تستعمل منصة لإطلاق آراء حول الزمن الحاضر.
من جهتها تبدو «تغريدة البجعة» لسعيد مكاوي طرحا جديدا لبطولة المكان، قبل «مقهى» يقع في قلب قاهرة مصر، وهناك تتجمع حكايات عن ثابت واحد هو «المقهى» وشخصيات لم تفلح محاولات تحديث المجتمع المصري في شيء سوى في جعلها تكفر بالماضي والحاضر، بعد أن غلّقت الأبواب وتكسرت أشرعة الأحلام، فلا اليساري ظل يساريا ولا الفتاة الحالمة نجحت في الاحتفاظ بصديقتها التي طارت للغرب مخلفة اليأس وحاصدة الإحباط، بل إن الراوي نفسه يقع فريسة لما مس البلد كله، وتضيع طموحاته الأدبية.
في «أرض اليمبوس» للأردني إلياس فركوح أزمة مكررة، فالرجل الذي حاكى في عمله الأول ما حدث في الأردن من عام نكسة 1967 حتى سقوط تل الزعتر ثم في الثاني ما حدث بين السقوط وخروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، يجد نفسه ضائعا جدا بعد أن بلغ بطله خمسين سنة وضاعت منه ألوان الحياة الزاهية الجميلة كما ضاعت من الوطن العربي كل تفاصيله، هنا يتحدث الراوي الذي يموت تدريجيا بأحد المستشفيات عن كل ما مرَّ به من حب ضائع وأمل خائب وطموحات مكسورة، ووطن أخذ المال والدم والعمر والأعصاب ثم لم يقدم لبَنِيه إلا الجنون.
أما آخر العنقود فهو «انتعل الغبار وأمسي» للبنانية مي منسي، تلك التي لم تلج الرواية إلا قبل عشر سنوات رغم أنها صحافية عريقة مع «دار النهار». في عملها الأخير تقدم مي حكاية فتاة تشاهد ذبح أمها ثم تعيش مفتتة بين دم الذبح ودم البلوغ، مشاهد مفزعة تمزق صميم قلبها وتهدر طفولتها وتوزعها بين الأب والشقيق والحبيب، والبلد الغارق في الدوامة، الطفلة تغدو امرأة ولكن نضج العمر لا يقابله نضج القلب فالكل مشتت والكل باحث عن الاستقرار.. الغائب الكبير.. إنها رواية إشكالية من طراز ما عوَّدتنا «دار الريس» على إنجابه طوال تاريخها العريق.
هذه الروايات الست التي ستفوز إحداها بـ «بوكر العرب» ولعل القاسم المشترك بينها هو أنها بشكل أو بآخر روايات تاريخية، تضيء شيئا مما مرَّ بالمنطقة العربية، وتكشف عمَّا علق بالذاكرة من آلام وأمل طافحة بالخيبة.
لا أحد يعرف كيف انتهى الأمر إلى هاته العناوين وكان كثيرون ينتظرون أسماء غير تلك الواردة هنا. أسماء كرسها الإعلام أو «اشترت» تكريسها بنفسها.
يذكر أن أعضاء لجنة التحكيم الذين اختارهم مجلس أمناء السرّ لهذه السنة، هم صموئيل شمعون كاتب وصحافي عراقي، محمد برّادة، كاتب وناقد مغربي،محمد بنيس، شاعر وناقد مغربي، فيصل دراج، كاتب وناقد سوري، بول ستاركي، كاتب ومستشرق بريطاني، غالية قباني، كاتبة وصحافية سورية. (عن صحيفة "العرب" القطرية).
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |