في مؤتمر اتحاد الكتاب العرب : السياسي والثقافي وجها لوجه
2008-03-14
وأخيرا، انقشع غبار المعركة وتمخض مؤتمر الكتاب عن جملة من القرارات الهامة التي من المتوقع أن تشكل دافعة مؤثرة في عمل الاتحاد، سيما وهو المتهم بالتآكل المعنوي والثقافي.
في الحقيقية فإن (الخصوم)، الذين مثلوا جبهتين متعارضتين قبيل انعقاد المؤتمر، كانوا على قدر كبير من المسؤولية ورحابة الصدر، وكان اللافت الإنصات الواعي والمتفهم لوجهات النظر المختلفة من قبل الجميع، ساهم في ذلك السقف العالي لمستوى وحدود الكلام، وبهذا سجل المؤتمر نقطة ايجابية في مسيرته، أقل ما يقال عنها أنها كانت ديمقراطية في الشكل والمضمون.
جدير بالذكر أن المؤتمر كان قد فشل انعقاده، كما كان مقررا له في نهاية كانون الثاني الماضي، لسوء الأحوال الجوية التي أعاقت وصول الكثير من الكتاب إلى دمشق وهذا ما تسبب بعدم اكتمال النصاب، ورغم إصرار البعض، وحسب القوانين،على تأجيله ساعة واحدة ثم عقده مهما كان عدد الحضور، إلا أن حرص البعض على حضور بقية زملائهم، ومشاركتهم في النقاش، خصوصا وأن هذا المؤتمر يعد مفصليا وهاما في مسيرة الاتحاد، لاضطلاعه بالكثير من التعديلات المزمع إجرائها على النظام الداخلي، كان وراء تأجيله شهرا، وإن تسبب هذا ببعض المشادات الكلامية، وخصوصا بين رئيس الاتحاد وخصومه من الكتاب المعارضين.
السياسي والثقافي وجها لوجه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منذ البداية، وكما كان متوقعا، طغت اللغة السياسية على أجواء المؤتمر ونقاشاته، وكيف لا والكثير من الكتاب جاؤوا إلى المؤتمر وهم على يقين بأن أسبابا سياسية وراء بعض التعديلات المقترحة على النظام الداخلي للاتحاد هدفها (ضبضبة) الاتحاد وتقليص هامش الحريات فيه وتفصيل مؤسساته وقراراته بالكيفية التي تريدها السلطة.
أبرز التعديلات المقترحة، والتي كانت مثار خلاف واسع، قبل انعقاد المؤتمر، بين هيئات الاتحاد المختلفة (المكتب التنفيذي والمجلس ومكاتب الفروع) فبمكن حصرها بالتمثيل النسبي لأعضاء المؤتمر وعدم انتخاب أي عضو لأكثر من دورتين متتاليتين، أما ما تبقى في سلة التعديلات فكان الاتفاق عليها هو العنوان الأبرز بين جميع الفرقاء.
ليس هذا فحسب، فقد كان المؤتمر، وهو هكذا دائما، فرصة لبعض الكتاب للتذكير بالوجه الحقيقي للكاتب، وبدوره في القضايا الكبرى التي يعيشها الوطن والمواطن، وبمسؤوليته تجاهها، حتى لو أراد السياسي غير ذلك،
فالأديب باسم عبدو تقصد،عبر مداخلته، الذهاب مباشرة نحو هذه المنطقة مذكرا الحضور ببعض الأخطاء الماضية، منبّها إلى خطورة استيلاء السياسي على القرار الثقافي (إن مفهومي الثقافي والسياسي يسيران على خطين متوازيين لا يلتقيان، ويجب أن يدرك السياسي أن سلطته لا تستقيم إلا بالسلطة الثقافية، وأخشى أن يكون هذا المؤتمر ذو لون واحد وهو ما سيؤدي إلى تهميش الشخصية الاعتبارية لاتحاد الكتاب وتحويله إلى نقابة سياسية، كما أخشى العودة إلى المحاصصة والو لاءات الشخصية وإبعاد الآخر.. أين المشاريع التي يتم التحدث عنها في كل مؤتمر وأهمها قانون عدم مسائلة الكاتب، من قبل الجهات الأمنية، إلا بحضور ممثل عن الاتحاد ؟).
أما قضية المعتقلين السياسيين فكانت الأبرز حضورا في المؤتمر، وكانت أسماء بعضهم، كميشيل كيلو وعارف دليلة، تتردد في القاعة باستمرار على لسان بعض الأدباء الذين طالبوا الإفراج عنهما، محملين اتحاد الكتاب مسؤولياته تجاههما باعتبارهما عضوين فيه، وبهذا المعنى جاءت مداخلة الشاعر محمد حمدان (رغم أنني من المعارضة، إلا أنني ضد أي علاقة مع السلطة الأمريكية، بل أنني مع المزيد من الممانعة والمقاومة للمشروع الأمريكي، وأثمن عاليا النصر العظيم في الجنوب اللبناني .. رغم هذا أقول أن سورية، وبدون اعتقال، هي أقوى ألف مرة من سورية مع وجود معتقلي رأي فيها ..
ويتابع الحمدان: كان بين الاتحاد وبين السلطة والحزب مسافة من الحرية، كنا نأمل توسيعها وصولا إلى استقلال مادي وإداري وسياسي، وذلك تحت سقف الوطن وسقف المسؤولية، خصوصا في ظروفنا الحالية التي لم يبق لنا من مقاومة فيها (تقريبا) إلا سلطة الثقافة، إلا أن السلطة، وعلى ما يبدو، تسعى لتقليص هذه المسافة، وما فكرة التمثيل النسبي سوى محاولة لتحويل الاتحاد إلى منظمة تشبه اتحاد الطلبة أو شبيبة الثورة .. ).
ويرى الحمدان أن رئاسة الاتحاد، وفي سعيها لفرض فكرة التمثيل النسبي، قد أوقعت نفسها في جملة من التناقضات والمخالفات القانونية، فهي ( قد أعلنت رسميا أن عدد الأعضاء قد تجاوز الـ 800 ، وهو عدد كبير يحمّل الاتحاد أعباء مالية وإدارية أثناء انعقاد المؤتمرات، ما يستدعي اللجوء إلى فكرة التمثيل النسبي، فيما هي نفسها، وكي تبرر انعقاد المؤتمر في الشهر الماضي، وهذا ما رفضتاه لعدم اكتمال النصاب، تعلن أن النصاب قانوني لأن عدد أعضاء الاتحاد 470 عضوا..؟) .
بالاتجاه نفسه ذهب كتاب آخرون، فالأديب خلف الزرزور يرى ضرورة الإفراج عن معتقلي الرأي ويستغرب المسائلات التي يتعرض لها بعض الكتاب بسبب آرائهم، كما يستغرب رفض بعض الأعمال الأدبية تحت ذريعة (مخالفة أهداف الاتحاد)، معلنا أن هذا التعبير صار مطاطيا، ومتسائلا: أين هي أهداف الاتحاد هذه .. ؟
كلمة حق تقال وهي ان د. هيثم سطايحي، عضو القيادة القطرية المختص، الذي وإن حضر متأخرا، إلا أنه تابع قسطا كبيرا من المداخلات، وهذا ما ساعده على بلورة تصور واضح عن التوجهات العامة لأعضاء المؤتمر، وهو الأمر الذي انعكس على كلمته حيث بدت هادئة ومريحة للجميع، خصوصا وهو يعلن أن التمثيل النسبي كان فكرة لدى القيادة وليست توجها، وهي قد تولدت بسبب الشعور بأن الديمقراطية المباشرة قد أصبحت غير ممكنة بسبب تزايد الأعضاء، وليست هناك أية نية لإلزام المؤتمر بها، وهو، أي المؤتمر، صاحب القرار الأخير بها.
بالمعنى نفسه تحدث د. سطايحي عن مقترح الدورتين، معتبرا ان هذه الفكرة تطبق اليوم على مختلف النقابات والمنظمات وهي تكسر احتكار السلطة وتسمح بضخ دماء جديدة في المناصب القيادية وتفيد في تخليق حراك ثقافي، رغم أن معارضيها، وخصوصا من الموجودين في السلطة، يحذرون من التفريط بالكوادر الخبيرة والمدربة.
وانتصر الجميع
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد استراحة قصيرة، أعلنت انتهاء المداخلات والكلمات والنقاش، ذهب المؤتمر نحو جوانبه العملية، ومنها استعراض الوضع المالي للاتحاد، والتصويت على المقترحات والتعديلات.
في الجانب المالي بدا الاتحاد أفضل حالا هذا العام مقارنة بالعامين الفائتين التي كانت هويتهما الأبرز التقشف والترشيد، وذلك بسبب تراجع نسبة الإيرادات عن النفقات.
ميزانية هذا العام أعلنت عن تحسن واضح، حيث فاقت الإيرادات الإنفاقات بنسبة كبيرة سمحت للاتحاد برفع المكافآت والتعويضات بنسبة تتراوح بين 15 – 20%.
بعد ذلك امتدت يد المؤتمر إلى داخل سلة المقترحات والتعديلات لتُسحب واحدة واحدة للتصويت عليها، وكانت النتائج كما يلي :
- الموافقة على عدم جواز ترشح أي عضو، في أي هيئة من هيئات الاتحاد (مكتب تنفيذي – مجلس اتحاد – مكتب فرعي) لأكثر من دورتين متتاليتين.
- الموافقة على تخفيض دورة المكتب التنفيذي ومجلس الاتحاد إلى أربع سنوات بدلا من خمس.
- عدم الموافقة على فكرة التمثيل النسبي، والحفاظ على حق جميع الأعضاء حضور المؤتمرات.
- الموافقة على زيادة عدد أعضاء المجلس إلى 35 عضوا.
- الموافقة على رفع الراتب التقاعدي حتى 5000 ليرة.
- الموافقة على تعديل زمن التقاعد للذين بلغوا الستين من العمر.
- رفع الضمان الصحي إلى 15000 ليرة.
في الحقيقة، كان الإخراج الحضاري لعملية التصويت لافتا، وقد بدا الخصوم، الذين كانوا قبل ساعات يكيلون التهم لبعضهم باللاديقراطية، متآلفين ومتعاونين ومتفاهمين أيضا إلى الحد الذي لم نعد نتبين فيه ملامح المنتصر من ملامح المهزوم..
بالضبط .. لقد انتصر الجميع ونجحوا، رغم الخلافات التي كانت على أشدها، في إيصال المؤتمر إلى منطقته الآمنة .
بقي القول إن المؤتمر، كعادته، قد شهد الكثير من المطالب التي عكست جوانب من معاناة الكتاب وأضاعهم المعيشية والاقتصادية والاجتماعية، كان منها مخاطبة الحكومة لتخصيص أراض للجمعيات السكنية، خاصة بالكتاب، وأراض لإقامة مشاريع عليها لاستثمار أموال الاتحاد خشية من النضوب، ووضع أسس للسفر إلى الخارج وزيادة أنشطة الكتاب الداخلية والخارجية ومطالبة الحكومة بدعم صندوق التقاعد وإعادة النظر بالدور السلبي للرقابة الاتحادية على المطبوعات وغيرها.
فلاشات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غياب
غاب د. حسين جمعة، رئيس اتحاد الكتاب العرب، عن المؤتمر، وبالتالي عن ترؤسه له، بسبب وفاة شقيقه، فنابت عنه الشاعرة فاديا غيبور، نائب الرئيس، يساعدها في ذلك الشاعر عصام خليل، عضو المكتب التنفيذي، الذي كان لتوه قادما من مراسم عزاء نجله الأكبر.
مازالوا
مازال المسؤولين، الذين يحضرون مؤتمرات الاتحاد، يدعون الكتاب والمثقفين لتأدية دورهم الوطني وتحمل مسؤولياتهم في الإشارة إلى مواطن الخلل والوقوف عند القضايا الوطنية والقومية، ولكنهم لم يفسروا مرة، أمام الكتاب، أسباب اعتقال بعض زملائهم، الذين لا يشك بإخلاصهم الوطني وبعدائهم للمشاريع الخارجية؟
خطب عصماء
حتى اليوم تفشل إدارة المؤتمرات في إلزام المتداخلين بالزمن، حيث تتحول بعض المداخلات إلى خطب عصماء تستهلك الوقت وأعصاب الحضور، وهذا ما يتسبب بهرب الكثيرين قبل انتهاء المؤتمر الذي اعتاد أن ينهي أعماله بعد العصر، وربما قريبا من المغرب، والدليل على ذلك أن عدد الحضور في بداية المؤتمر كان حوالي الـ 300 بقي منهم، عند موعد التصويت، أقل من 100عضوا ؟
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |