الحريم والحرملك / من مكة( محمد) إلى تورا بورا( بن لادن)
2007-12-23
القطيع هو أعلى جماعة اجتماعية يمكننا أن نراقبها عند الحيوانات . وهي تتألف على ما يبدو من عائلات , ولكن العائلة والقطيع في تناحر منذ بادئ بدء , وكل منهما يتطور باتجاه معاكس لتطور الآخر.
وهذا يعني أن القطيع والعائلة عند الحيونات العليا لا يكملان بعضهما بعضا , بل يناقض بعضهما بعضا ويظهر ذلك بوضوح أن لحمة القطيع تضعف أو يقضى عليها مؤقتا أثناء فترة الهيجان الجنسي , ومع التطور والاصطفاء الطبيعي والذي كان الإنسان أساسه ونواته بدأ بتنظيم العائلة , حيث أخذ هذا التنظيم عبر مراحله العديدة بدأ من العائلة ( البونالوانية ) ومرورا بالعائلة ( الثنائية ) والأساسي في هذه التنظيمات تنحصر في نطاق العودة إلى وصايا الآلهة , وهذا ليس في الواقع غير تعبير صوفي للتكفير الذي كانت به المرأة تفدي نفسها من مشاعية الرجال القائمة في الأزمنة السابقة وتكسب الحق في أن تكون لرجل واحد فقط .
أن هذه الفدية تتلخص في عادة مضاجعة الغير، والمحددة بإطارات معينة : فقد كان يتعين على النساء البابليات أن يقمن بمضاجعة الرجل في هيكل ( ميليتا ) وشعوب أسيا الصغرى كانت ترسل بناتها إلى هيكل ( أنايتيس ) لممارسة الجنس الحر مع ممن يختارون قبل أن ينلن الحق بالزواج . وهناك الجلباب الديني لجميع الشعوب الآسيوية التي تعيش بين البحر الأبيض ونهر الغانج . إذن الكفارة المقرونة بالجنس عند المرأة ومع مرور الزمن غدت أسهل حيث لاحظ باهوفن
إن الكفارة المقدمة سنويا تحل محل الكفارة الواحدة الوحيدة , وهيترية السيدات المتزوجات تحل محلها هيترية الفتيات : ومحل ممارستها أثناء الزواج تحل ممارستها قبل الزواج , ومحل الاستسلام للجميع دون أي تمييز , يحل الاستسلام لأشخاص معينين .
بهذا نلاحظ أن التطور الذي تسعى إليه المرأة بدأ بقيادة العائلة وحتى التقرب من الآلهة ضمن البنى الصوفية التي ذكرتها سابقا وسعيها لتكريس الحق الأمومي والسيادة عليه حيث تنبه الرجل وسعى لإسقاط هذا الحق واستطاع , فكان إسقاطه هزيمة تاريخية للجنس النسائي , بعد أن حرمت من مركزها المشرف , واستذلت , وغدت عبدة رغائب زوجها , وأمست أداة بسيطة لإنتاج الأولاد , وما إن أقرت سلطة الرجال أخذ شكل العائلة يتبدل من الثنائي إلى الفردي وأخذت العائلة شكلا جديدا وهو العائلة البطريركية ( الأبوية ) والتي يميزها هو ليس تعدد الزوجات فقط بل هو تنظيم عدد معين الأشخاص في عائلة تخضع للسلطة الأبوية .
ففي العائلة السامية , يعيش رئيس العائلة في ظل تعدد الزوجات , وللعبيد زوجات وأولاد , وغاية التنظيم كله رعاية القطعان في حدود رقعة معينة من الأرض.
ومع تعاقب الظروف الاقتصادية التي نشأت ضمن رؤى فكرية بداية من الديانات الوضعية وانتهاء بالديانات السماوية كانت المرأة وسيلة من وسائل الإنتاج ( إنتاج الأولاد ) لدى كافة الديانات حيث أصبحن ملكا للرجال الذين يتصرفون بهن كما أردوا فأصبح النساء حبيسات بيوت الرجال تحت الكثير من التسميات والشعارات الدينية .
إن عزل النساء في المجتمعات الشرقية بالعموم والإسلامية بوجه خاص إذن هو نتاج تقاليد متضافرة , وهو يوحي بفكرة الفصل الواضح بين الأشياء , يوحي بثنائية الدنس والمقدس والتي تقسم الواقع إلى مقولات شمولية على نحو متبادل تتحكم بها نواظم صارمة تعرف بالتابو .
وفي ظل إيديولوجيا إسلامية يكون الرجال والنساء بين أول ما ينبغي أن يقسم . حيث يقوم الرجال بالعسف والعنف للنساء تحت شعار الإسلام , لا منطق لها سوى الهزيمة الداخلية للمسلم من الرجال , والتي تشكل له التبكيت والشعور بالذنب تجاه نفسه فيتستر بمقولات إسلامية فيطمئن .
وهنا لا بد من البحث في بنيوية العنف داخل الميثولجيا الإسلامية والتي تسعى إلى عزل النساء ونكران الغريزة لديهم وقتلها ووعدها بالجنة التي تفي بكل الحقوق التي حرمت منها بالحياة إن حور الجنان في الميثولجيا الإسلامية وعبر ضرب من الفنتازيا الرائعة في قراءة التحول الجسدي للمرأة تقوم على نكران الغرائز وقمع جسدها وشهوته تستعاد في الجنان الموعودة .
رغم أن المرأة في القرآن مذكورة على أن تكون حتى في الجنة لإمتاع الرجل ليس إلا . ومع تطور الفكر الإنساني والسعي باتجاه الحرية للإنسان والتعبير عن ذاته ازداد العسف الإسلامي وخاصة عندما استولى العثمانيون على المقدرات العربية والإسلامية من حجر وبشر تحت شعار استمرار الرسالة المحمدية بما يسمى الخلافة الإسلامية, فقد ساهم العثمانيون بإغراق الإسلام بالتخلف فوق تخلفه وجهله , فابتكر إديولوجيا تناسب استمرار تسلطه على البنى الاقتصادية والاجتماعية التي تحمل الموروث الديني الذي جعل من المرأة كائن من الدرجات الدنيا عبر المفهوم العثماني الإسلامي وعزلها داخل الأسوار واعتبرها حلال على زوجها وحرام على الآخرين مستندا بذلك على التفاسير القرآنية والتي تعتبر المرأة إحدى أملاك الرجل لذا لا أن تكون تحت الوصاية الذكورية ليستقيم المجتمع , وقد استند الفكر الاجتماعي الإسلامي لتبرير هذه الوصاية على الآية القرآنية " الرجال قوامون على النساء " , حيث اعتبرت المرأة متاع يباع و يقتنى من قبل الرجل فقد أباح تعدد الزوجات والتمتع بهن ووضعهن تحت قوانين صارمة وأباح الإسلام امتلاك النساء كيفما اتفق طالما الرجل يملك مالا " .... فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ... " , وهذا يكرس أن المرأة تندرج تحت ملكية الرجل وقد أطلق على النساء اصطلاح ( حريم ) ويجلسن بالحرملك , وقد اشتق الأتراك هذا الاسم من العربية , والحرملك هي اشتقاق من كلمة ( حرم ) والتي (حرام ) و(محمي ) أو ( محرم ) والمنطقة المقدسة في مكة هي ( حرم ) أي مغلقة في وجه الجميع ما عدا المسلمين وقد استخدمت هذه الكلمة عينها بمعنى ( العزل ) وهو الجزء المحمي من الدار الذي تعيش فيه النسوة , فإذن لم يبتكر الأتراك شيئا بل استنبطوا ذلك من الأصول الإسلامية الموجودة أساسا في النص والسنة المحمدية , إذن الحرملك يعني مكان النساء ولا يدخل هذا المكان إلا الأزواج والرجال المحرمين على المرأة صاحبة الحرملك .
الحرملك :
يقول المثل التركي القديم " حياتنا الخاصة يجب أن نسورها" 5 فالحرملك كما قلت هو مكان يجلس فيه النساء بعيدا عن الرجال وهذا المكان مع تعاقب الأزمان أخذ شكلا مميزا وخاصة في عهد السلاطين العثمانيين رافعي راية الإسلام انذاك .
وشكل الحرملك خاضع للظروف الاقتصادية التي تحكم المسلم فهي أحيانا بيوت عادية وبسيطة , وتكون أيضا مقرا للسلطانات حيث يبدوا حينها الحرملك في غاية الدهشة والجمال العمراني كما كانت القصور التي تجلس بها نساء الأمويين ما خلفهم حتى سلطانات العثمانيين .
طالما أن الإسلام فرض على النساء الفصل والحجاب مدعيا أنهن ليس أهلا للثقة وينبغي إبعادهن عن الرجال خوفا من الفتنة والغواية فقد أصبح بالضرورة أن يتشكل حشد من النساء يلزمهن من يخدمهن وخاصة الأثرياء منهن والسلطانات , فجيء لهن بالإماء من النساء والخصيان من الرجال فشكل الحريم بذلك عالما فيه من الغرابة والمجون ما يدهش .
الحجاب :
الحجاب تقليد يفيد معنى الحرام – التابو الذي ما يزال فاعلا – فالقرآن يفرض على المسلمات أن يغطين رؤوسهن وأجسادهن ويحجبنها عن الرجال , منعا للإغواء , وقد أصبح هذا العرف الذي يقهر النساء عرفا راسخا يتم عبر طقس انتقال الفتاة إلى حالة النضج , والحجاب يرمز إلى حماية الفضيلة . وبمجرد أن تتعرض الفتاة إلى أول طمس يحجب وجهها وتوضع الكفوف في يديها ومنذ ذلك الحين لا يجوز لأحد أن يرى وجهها إلا زوجها والمحرمين عليها , فتصبح حينها من عداد الحريم .
حياة الحريم :
كتبت ( قلبياز ) محظية محمد الرابع العثماني : " لم تزرنا الشمس أبدا وقد أصبحت بشرتي كالعاج " .
عالم تحيط به الأسوار , حياة مليئة بالغموض لا يعرفها إلا الذي كان هناك فمن خلال اللوحات التي رسمت أو ما تسرب من أقاويل يمكن حينها أن يستنتج المرء كنه هذا العالم .
في لوحة للفنان ( ليكومت دي نون ) تحت عنوان الأمة البيضاء نرى فاتنة سوداء الشعر تدخن سيجارة وهي تحدق في الفضاء الخاوي , هنا يخطر سؤال ما لذي كانت تفعله صاحبة اللوحة في هذا اليوم الذي هو من سلسة لا نهاية لها تذوب عمرها خلف أسوار الحرملك . فراغ قاتل فتبتكر الحريم التسالي لتمضية أوقاتهم , فالكشف عن الطالع والسحر كلها كانت تمارس بحثا عن المستقبل الغامض الذي يلف تلك النساء أو لعلهم يجدون فسحة بذلك لتخفيف آلام الحاضر ولطرد الشياطين التي سكنت نفوسهم وعقولهم , وكم من حريم خلف هذا الحجاب حلمن برجال وتمنين أن يستسلمن لنداء أجسادهن ومنهن أقمن علاقات جنسية بالسر وتحت جنح الليل فكان الموت ينتظر من ينكشف سرها .
كما يوجد في الحرملك السلطاني أحواضا للسباحة حيث يتعرين النساء وكل واحدة منهن تتباهى بجمال جسدها حيث نرى حالات ألسحاق بينهن بالسر والعلن , بينما الخصيان يقمن بالحراسة وكم من نساء تخيلن هؤلاء الخصيان مكتملي الذكورة ومارسن العادة السرية بحضورهم وكم من نساء أدخلن عبيدا لخدمتهن على أساس أنهم خصيان وهم ليس مكتملي الذكورة فحسب بل ينتقينهم فحولا , وكان الأمراء يختلسن النظر إلى النساء بطرق مبتكرة " كان مراد الخامس الشهير كزير نساء يراقب الفتيات العاريات من وراء الأربسك وهن يمرحن بالماء .... فمراد الخامس أنجب مئة وثلاثة من الأولاد " , وفي المساءات يتحدثن عن الآثام والذنوب كفارة لأحلامهم الماجنة ويحكين الأحاجي عن الجان والعفاريت . ومن الحريم الذين كن أكثر ثقافة كانت الحرفة الأكثر شيوعا بينهن هو الشعر , حيث يعبرن به عن المآسي والمعانات والحب الضائع حيث ينقلن ذواتهن من خلال الأشعار .
" ... القدر في بلاد الحب ... يباعد الآن فيما بيننا ... تفصلنا الجبال الشم .... فمرحبا من هذا المكان البعيد "
وكانت ليالي الحريم مترعة بالكيف والطمأنينة الناعسة الحالمة والتي كانت تسببها جرعات الأفيون . فالنسوة كن ينغمسن في طقوس الأفيون إكسير ليل الحريم وهن يحلمن ببلدان بعيدة مليئة برجال أقوياء وتشطح الخيالات وهن يمضغن الأفيون ليدوم تأثيره أطول ويبقين على ذلك الحال حتى الشروق فينهضن إلى الحمامات يمارسن العادة السرية ويتوضئن ليصلين صلاة الصبح .
وبما أن الحريم في الإسلام محرومات من الحريات , فقد أصبح الحمام محل شغفهن ويستحوذ على اهتمامهن , فهو مكان للنزهة والترفيه وممارسة شذوذهن وللحمام طقوس يقمن بها الحريم حيث يذهبن بشكل جماعات يخلعن ثيابهن ويجلسن على مساطب البخار يتسامرن ويفركن أجسادهن بالطيوب ويخضبن أيديهن وشعورهن بالحناء ويباهين بأردافهن وأثدائهن , وبما أن الشعر على الأعضاء الأنثوية يعتبر في الشريعة الإسلامية إثما حيث أن الحريم شديدات الاهتمام بهذا الأمر لأن الشياطين تجلس عليه ويجلبوا الغواية لذلك ما أن ينبت الشعر على العضو يسرعن إلى الحمام لإزالته , ولم يكن يزلن الشعر عن أعضائهن الأنثوية فحسب , بل عن أرجلهن وآباطهن وعن كل ثنية من أجسادهن , بما فيه الأنف وإزالة الشعر تتم بمعجون يصنع من السكر وبعض الليمون يطبخ بطريقة ما . وبعد ساعات من التبخير والفرك والمساج تنتقل المستحمات إلى قاعة للاستراحة تبلغ فيها مباهج الحمام الحسية ذروتها من الخدر اللذيذ , وتبدأ الأحاديث الماجنة مع الشراب الساخن التي يتعمدن بها إثارة غرائزهن ليذهبن لرجالهن نظيفات شبقات .
الحريم والسياسة :
بما أن الخليفة يمثل الله على الأرض , وبما أن الإسلام اعتبر المرأة حرمه فإن الخليفة يكرس ذلك بالضرورة وبكونه المصدر الأعلى فهو يعارض وصول النساء إلى السلطة وبكون الإسلام أقر مكان المرأة بيتها توج ذلك الخليفة بسجنها بين أسوار الحرملك وأباح للرجال القيادات تحت أسماء وألقاب تنادي ببقاء الله حاضرا في دينيه أصدر الخليفة ألقابا مثل : ركن الدين , عميد الملك , سيف الدولة , ناصر الدين .... وقد أقصى الإسلام المرأة عن القيادة رغم المحاولات التي قامت من النساء لإبراز حقهن السلطوي عبر المسيرة الإسلامية والتي اعتبرتها النساء رمزا لهم سلطة أم سلمة إحدى زوجات الرسول الثقافية وتأثيرات عائشة زوجة الرسول الأخيرة على قرار محمد النبي وتشريعاته النسائية , لكن بطش يد الله بخليفته أجهضت كل المحاولات وبدأن الحريم المشغولات بالسياسة يتحين الفرص ولو عن طريق إغراء الخلفاء والسلاطين لينلن ما يصبون إليه . تيمنا بعائشة زوجة محمد التي كانت تستعمل فن الغواية لتمرير مشاريعها السياسية .
ومن النساء اللواتي كسرن القواعد ووصلن بطرقهن إلى سدة السلطنة سلطانات المماليك رضية و وشجرة الدر , " حيث استلمت السلطانة رضية وهي بنت شمس الدين ايتلوتمش في دلهي عام 634 هجري وكان خاتمها يمهر فوق العبارة : السلطانة الأعظم جلالة الدين والدنيا الملكة اتلوتمش "
وتعاقب السعي وراء القرار السياسي للسطانات حتى في أثناء السيطرة العثمانية وكن يقمعن أو يقتلن تحت تسميات لا تمت لفعلتهن بشيء , وبدأن يتحين ضعف الرجال أمام حاجتهم الجسدية .
هذا ما حدث بعد موت السلطان العثماني سليمان القانوني , ولم يعد السلاطين يقودون جيوشهم , بل تراجعوا إلى رحم الحرملك وقضوا جل وقتهم بأحضان الحريم , حيث بدأت المبادرة السياسية تنسحب من كف السلاطين إلى عقول السلطانات اللواتي استحوذن بالحكم وهن في سجونهم المترفة ( الحرملك ) فقد أخضعن البلاط والديوان والقصر برمته لإرادتهم من خلا خصيانهن , وكن يخترن حكام الأقاليم ويحكن المؤامرات مع البلدان الأجنبية
" بافا ابنة البندقية أصبحت سلطانة تدعى صفية بعد أسرها من قبل الأتراك وبيعيت إلى مراد الرابع وأصبحت من حريمه وكان والدها بالأساس حاكم البندقية فأصبحت تحيك المؤامرات لصالح البندقية عبر يهودية تبيع الجواهر بالحرملك ...."
إذن لابد لنا أن نقول ورغم احتجاب الحريم داخل أسوار الحرملك أستطاع بعضهن أن يؤثر في بنية الدولة ويكشفن هشاشة رجال الحكم وهم يمرغن لحاهم على أفخاذهن ويأخذن منهم ما يردن , وإن دل ذلك فهو يدل على هشاشة العرف أو الدين الذي أقصى النساء عن فاعليتهن داخل وخارج البيت :
ثورة الحريم :
وهي الثورة التي انطلقت من الداخل عبر الفراش وكانت أسلحتهن الجسد والغواية من خلال ملكات الأيمان كما ذكرهن الله في كتابه. إماء استطعن التأثير على الخلفاء مثل حبابة خليلة عبد الملك وخيزران زوجة المهدي ,وهي أول جارية احتالت للوصول حتى لعبت دورا مهما في سياسة الدولة " لقد مارست الخيزران السلطة لفترة طويلة جدا من الزمن ومن خلال عدد من الخلفاء , زوجها وولديها ومن خلالها حكمت الأمة والإمبرطورية بكاملها " 2 , ومن الحريم اللواتي حركن السياسة أيضا ( شغف ) أم المقتدر بالله , وكانت النساء كالرجال يعتبرن الاغتيال السياسي هو الطريق الأقرب للتخلص من المعوقات , ولكن اغتيالهن هو أكثر نعومة مثل الخنق والتسميم , بدلا من استعمال السيوف والخناجر , وعندما يتعلق الأمر بالتأريخ للنساء فقد لا تجد موضوعية لرجل مؤرخ عبر علاقته بالإسلام أكثر من الطبري وقد ذكر " أن تومان قامت بمهمتها خير قيم رغم نفور الناس منها , فأنهم أحبوها فيما بعد , وبعد تعيين تومان كان أول أمر أصدره المقتدر هو إنهاء الرشوة وتخفيف مصاريف العدالة " 3 .
وهناك الكثير من الجواري اللواتي استطعن اختراق العرف والقانون الديني واستطاعت النساء ليس التسلط على الخلفاء بل مشاركتهم في سلطتهم وأصبح للجواري الحريم سلطة ونفوز وقد عبرن العتبة التي فصلتهن عن الرجال بقوة وسطوة .
الحريم حالة مستمرة :
من الصعب والمعانات أن حجاب المرأة مازال مدار جدل وخلاف , وحالتنا اليوم لا تختلف عن سابقتها رغم هذا التطور فسيادة الفكرة الواحدة ما زالت مسيطرة على أذهان الناس عموما والمرأة خصوصا , وحدة التعصب والظلامية التي وصلت حد التكفير التجريم التي يمارسها التيار الأصولي المتشدد في تكريس ظاهرة اعتبار المرأة كلها عورة , وكم تكون الكارثة كبيرة حين المرأة بالذات تحمل هذا الإرث وتدافع عن بقائه , معلنة بمنتهى السذاجة أنها هي فعلا ناقصة عقل ودين والأمثلة كثيرة على تجارب تحرر المرأة أمام ناظريها , ولكن عبثا والتيار الديني يغذي ذلك المفهوم , ولا يوجد هناك تيارات تجابه هذا المد ويرجع سببه لغياب الديمقراطية . وحرية الدفاع عن الفكرة التي تسعى لتحرير الإنسان من الإرث الديني والذي عبر نصه وسنته بؤرة للجهل والظلامية الذي يكرس ولهذه اللحظة السيادة المطلقة بيد الرجل مهما كان جاهلا والمرأة كائن من الدرجة الدنيا مهما بلغت من معارف , وكل امرأة تخرج عن المنطق الإسلامي تعتبر شاذة ويطلق عليها كثير من الأحكام الجائرة .
ومن المؤسف أن نرى وحتى الآن المرأة الموجودة في البلاد العربية مثل السعودية واليمن لازالت ترزح تحت نير السلطة الإسلامية ذات القوانين المجحفة بحق المرأة والتي تحرمها من أدنى حقوقها , ومن المضحك المبكي في آن نعتبر حق الهوية الشخصية للمرأة في السعودية هو انتصار وتتطور بالمقابل نرى المرأة في سورية ولبنان وبعض البلدان العربية قد وصلت إلى مواقع أدبيه و سياسية مرموقة , لكن ما يرعب في هذه البلدان الردة الإسلامية والتي زاد فيها عدد المتحجبات وأصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الأجيال القادمة من الفتيات الصغيرات .
وأكبر مثالا على ذلك المرأة المصرية التي كانت رمزا للتحضر بدأت تتراجع تحت سطوة الإيدولوجيا الإسلامية الغاشمة , ثم انتقل هذا المد المرعب إلى بعض الدول الإسلامية كأفغانستان في عهد سيطرة التيار الظلامي المرعب حتى غدا المسلم يخجل حتى من زوجته حين يسير معها رغم الحجب الداخلية والخارجية التي وضعها الدين على المرأة .
وكل هذا يتمحور بسبب واحد ووحيد هو غياب الديموقراطية في كافة البلدان الإسلامية بكون الإسلام هو بالضرورة معادي للديموقراطية بكونه على الأقل يلغي كافة الإيدولوجيات مقابل الدفاع عن الفكر السلفي المتخلف .
وفي النهاية أقول : معا نحو عدم إلغاء دور وقرار المرأة والسعي معها لأخذ حقها بقوة العلم والمعرفة ورفض المقولات الجاهزة التي تملى عليها بدأ من زوجها وحتى الحاكم بأمر الله .
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |