ماسنيون في بغداد : مراسلات المستشرق ماسنيون و الأب أنستاس الكرملي
2010-06-02
من الأعمال التي تستحق التنويه كتاب ( ماسنيون في بغداد : رسائل المستشرق الفرنسي لويس ماسنيون إلى الأب أنستاس ماري الكرملي ، 1908 – 1919 ) للعراقي علي بدر . و قد صدر منذ فترة قريبة عن دار الجمل . عن الظروف الشاقة و الإشكاليات التي مر بها هذا المستشرق الرائد ، و الذي غالبا ما يقف على الضفة الأخرى من سيرة حياة و مهنة لورنس العرب ، يقول المحقق و المؤلف ما يلي :
في عام 1907 ، كلف الجنرال دوبيلي ماسنيون القيام بمهمة تنقيبية عن الآثار جنوب بغداد ، و قد وصل ماسنيون إلى بغداد منفصلا في بعثة آثارية تبحث عن قصر الأخيضر جنوب كربلاء ، و كان عمره خمسة و عشرين عاما ، فعاش حياة متقشفة ، متخفيا بملابس ضابط تركي ، و محميا من قبل العالمين محمود شكري الألوسي و القاضي علي نعمان الألوسي. و بعد أن ذهب ماسنيون في غارة الصحراء إلى الجنوب من بغداد للبحث عن قصر اللخميين قصر الأخيضر ، رفض أحد الفرنسيين دفع كفالة مستحقة عليه بتحريض من مجموعة من الموظفين الرسميين ، فاشتبه بماسينيون من قبل أحد الضباط الأتراك ، و ألقي القبض عليه بتهمة التجسس و الاشتراك بالمؤامرة الماسونية على السلطان عبد الحميد ، و عذب و حكم عليه بالموت ، و اقتيد عبر سفينة في دجلة إلى بغداد مارا من طاق كسرى حيث يرقد هناك الصحابي سلمان الفارسي الشاهد المسيحي على ولادة الإسلام ، و في السجن و عبر القمرة الصغيرة التي تفصله و أثناء تراقص موجات الماء المرتعشة فوق السقف ، رأى ماسنيون حمامة محنية تهدل فوق شجرة نخيل ، و من ثم أخذت تهدل بصوتها العذب قرب نافذته ، و بعد صمت قليل أدرك حقيقة العفو و هي تخرج عبر التعويذة التي حطمها ، و تخرج عبر الاسم الذي تلفظه و هو الحلاج ، لقد أدرك ماسنيون و هو يمر من الطاق ، و عبر مرآته الداخلية ، الغريب الذي زاره مثلما زار قبل سبع سنوات هويسمان ، الروائي الفرنسي الذي شهد ماسنيون موته قبل مجيئه إلى بغداد ، فاختفى الغريب وراء ملامحه ، و وقف الكفن الشفاف بينهما و هو يتقزح أمام عبارته الخلاقة ، لقد تعرض ماسنيون إلى تحول روحي كبير ، بينما كان آل الألوسي يبذلون جهدا كبيرا لإنقاذهو كفالته أمام حازم بك.
و بعد أن تمكن علي الألوسي و محمود شكري الألوسي من كفالته و إطلاق سراحه ، عاد إلى منزل الألوسي لمداواته و شفائه و رعايته حتى زالت جميع أعراض التعذيب عنه ، فقاما بمرافقته حتى بلغ مكانا آمنا ، و منحاه خاتما مكتوبا عليه ( عبده ... محمد ماسنيون ) ، و من هناك رافقه الأب الكرملي إلى سوريا ، ليذهب الكرملي إلى روما و ماسنيون إلى باريس. و تبدأ هذه الرسائل منذ وصول ماسنيون إلى باريس و لا تنتهي إلا بموت الكرملي ، و هي موجودة في دار المخطوطات العراقية في بغداد من الرقم 35022 إلى الرقم 35067 .
و من أهم رسائل عام 1908 الرسائل التالية :
الرسالة الأولى
أبي المبجل و صديقي
سعيت بحثا عنك هذا اليوم لكي ألتقي بك في فندق ( فينون ) ، لأن الأطباء نصحوني بالمغادرة مع أهلي بأسرع وقت ممكن إلى ( بريتانية ) للراحة التامة.
كان بودي أن ألتقي بك للتنزه ، و أن أريك صناديق بائعي الكتب و هي ملقاة على الأرض، و أن نزور كنيسة شارتر معا ، و كتاب هويسمان يقودنا.
ستكون إمكانية الحديث باللغة العربية متحققة ، لأن غياب أي مخاطب بغدادي يكلفني الكثير ، أكثر مما تصور.
كثيرة هي الأشياء التي أطلبها منك ولدي مواضيع عديدة و لا أعلم أين و متى سألتقي بك ، إن شاء الله.
قل لي إن لم يكن المسمى محمد بن سالم الزقاقي اليافائي قد سبب لك الكثير من المتاعب.
تفضل بقبول تحياتي و مشاعري الرقيقة و المخلصة.
لويس ماسنيون
باريس 14 ، 7 ، 1908
الرسالة الخامسة
لافيك إيفيك
الجانب الشمالي
أبتي المبجل و صديقي
أشكرك جزيل الشكر على البطاقة التي أرسلتها في ذكرى فلوريت ، كان بودي أن أكتب لك منذ عدة أيام.
كان بودي ، و كان بإمكاني أن أفعل ذلك لو لم أنشغل بسفر إلى كوبنهاغن ، سأصل إليها غدا مساء إن شاء الله ( * ) .
لقد أتعبت نفسي – ذلك بعادة التأجيل المتكرر – هناك أيام كنت أتحسر فيها على اللامبالاة التي كنت أمضيها في الزمن السالف..
إني لا أعرف كيف يمكنني أن أرتاح ، و لا سيما و أنا أحس بعدم جدواي.
سوف نتحدث عنك في كوبنهاغن ، لا تنسى أن ترسل لي أخبارك أليس كذلك ؟.
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ( * ) .
نصلي معك
لويس ما سنيون
باريس
12 ، 8 ، 1908
يتألف الكتاب من 294 صفحة ، و يبلغ سعره 8 دولارات أمريكية.
* - وردت العبارة في الأصل باللغة العربية – توضيح من المؤلف.
××××××××
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |