ومن يحمي الحريم من اغتصاب المحارم؟ ـ
2008-05-19
حرام ومُحَرّم وحريم ومَحْرَم ومحارم وحرم ورحم ورمح ومحار... وكوكبة من الحرام والتحريم تبعث على الدوار، وترهب الدخول إلى الأغوار، وتشفق من الحقيقة، وتتستّر على العنف بكلّ أشكاله، ذاك الّذي يطال المرأة جنينا وطفلة وشابّة وكهلة، ابنة وأختا وزوجة وأمّا.
من المعلوم أنّ المرأة في بعض الدول العربيّة الإسلاميّة لا تستطيع السفر أو التنقّل دون محرم، وتُمنع من ركوب سيّارة الأجرة دون رفيق يكون محرما، ولا تغادر المنزل إلاّ بصحبة محرم ليحميها من الآخر ويمنع عنها الخطر ويمنعها من إتيان الحرام ومن ارتكاب الفاحشة ويقف دون التحرّش بها أو اغتصابها.
إذن المحرم كان محرما لأنّه مُحرّم على المرأة ولأنّه حاجب الحرام عنها...
لا يمكن أن يدخل على حريم السيّد غريب... وقديما كان يُسمح للعبيد والغلمان بالسهر على راحة السيّدات الحرائر وعلى خدمتهنّ، ولكن شرط تحقّق فعل الإخصاء خوفا من الإخصاب والاستيلاد،
وإشفاقا من اختلاط الأنساب، وخوفا من أن تحمل أرحام الحرائر نطفا وضيعة.
ولا تضع المرأة حجابها ونقابها إلاّ أمام المحارم. ولا تكشف عن وجهها أو شعرها أو مفاتنها إلاّ أمام من حرّمهم الله عليها في كتابه المقدّس.
فإذا وُجد المحرم بطُل الحرام، واستنكف الشيطان عن الظهور والإخطاء والتخطئة.
وإذا كان المحرم بطُلت الرغبة عن التّحقّق، واستكانت الغريزة عن التّمكّن، وهدأت العواطف بين الأضلع.
ولكن....؟
ولكن من يمنع المحارم من إتيان الحرام مع الحريم؟؟
ومن يمنع المَحْرم من اشتهاء المرأة المُحرّمة عليه بصريح القرآن وعرفا واجتماعا وأخلاقا؟؟
السيّد يكون مطمئنّا على نسائه/ حريمه بوجود محرم معهنّ. ولكن المحرم قد يتصارع
والشيطان فيغلبه، ويُرديه صريع الشهوة، ويزيّن له الحرام فيغتصب الحريم وبذلك يكون " حاميها حراميها"..
والأب يكون مطمئنّا على بناته بوجود الأخ، غير أنّ الأخ قد يبحث عن تحقّق الرغبة بين جدران بيته
وبين أحضان أخواته، لاسيّما إن عجز عنها خارجا، وإن كانت الظروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة مساعدة على ذلك. فقد ينام الأخ بجانب الأخت في فراش واحد فتستفيق الغريزة في الأجساد المتلاصقة.
وكم هي كثيرة تلك الحكايات الّتي تروي اغتصاب المحارم. فيغتصب الأب ابنته، ويغتصب الأخ أخته، ويغتصب الابن أمّه، ويغتصب العمّ ابنة الأخ، ويغتصب الخال ابنة الأخت...
وكم من فتاة هجرت مسكنها لأنّها لم تجد بين جدرانه السكينة لتضحي عاهرة تبيع جسدها بعد أن سقطت فريسة الأب أو الأخ وبعد أن طاردتها الأمّ بنظرات العتب والعتاب واللوم والانكسار، وبعد أن أرهقتها مشاعر الإثم والذنب والرذيلة.
الرغبة إن وُجدت لا يمنعها محرم أو دين أو حجاب أو نقاب. الوازع...؟ المانع...؟ رادع...؟
ما الّذي يمكن أن يمنع الرغبة عن التّحقّق والغريزة عن التأجّج؟ وما الّذي يمكن أن يزع المحرم عن إتيان الرذيلة؟
قد لا يمنع الدين عن الرذيلة وقد لا يزع الدين عن الفاحشة. ولكن العقل قد يعقل الرغبة
ويكبح جماحها.
احترام الإنسان للإنسان هو الّذي يمنعه من الإساءة إليه، وهو الّذي يمنعه من الاعتداء عليه أو انتهاك حقوقه أو حريّاته، وهو الّذي يدفعه إلى احترام كرامته وحقّه في الحياة الكريمة.
فهل منعت الأبواب الموصدة الرذيلة أو الفاحشة أو الزنا أو الاعتداء أو الحرام .. سمِّ ما شئت هذه الأشكال الّتي تصف العنف المسلّط على المرأة؟ وهل حجب الحجاب العنف عن المرأة ومنع عنها اغتصاب المحارم لها وانتهاكهم لحرمة جسدها وعقلها و قلبها؟
أليست الأبواب المغلقة تُغري بالكشف والفتح والفجور واكتشاف الفروج؟؟ أليست الأحجبة تُذكّي وتُذكي نار الرغبة وتدفع إلى كشف المستور وهتك المحظور؟؟
الشيطان دائما ثالث اثنين..!! وإن وُجد المحرم هرب الشيطان من بين الضلوع. ولكن المحرم قد يحمل شيطان الرغبة بين طيّات جسده أم قُتل شيطان الرغبة فيه؟
الخطير في الأمر أنّ أكثر أنماط زنا المحارم شيوعا واستشراء " هو علاقة الأب بابنته حيث تشكّل 75% من الحالات الّتي تمّ الإبلاغ عنها"( موقع ويكيبيديا، الموسوعة الحرّة: ar.wikipedia.org ).
فمن يحمي هؤلاء النساء من اغتصاب المحارم؟
انظر على سبيل المثال لا الحصر موقع www.freemediawatch.org حيث يتحدّث هذا الموقع عن زنا المحارم في السعوديّة وينقل شهادات عن نساء تعرّضن للاغتصاب من قبل المحارم: أباء وإخوة.
نساء اغتصبن من قبل الآباء وإن اعترفن بما سلّط عليهنّ من عنف واغتصاب سلّط عليهنّ عنف آخر أشدّ من قبل المجتمع ومن قبل العائلة ولاسيّما الأمّ الّتي تصمت عادة على ما ينال بناتها من اعتداء الأب عليهنّ. وقد يهدّدن بالقتل وقد يقتلن من قبل أفراد عائلة الأب الّذين لحقتهم الفضيحة بكشف الابنة للأب.
وبذلك تكون المرأة هي الخاسرة الأكبر.ويكون العنف المسلطّ عليها مضاعفا.وقد تتحوّل المرأة المغتصبة إلى متاجرة بجسدها " وقد تبيّن من الدراسات أنّ 37 من البغايا كنّ فريسة لزنا المحارم"( موقع ويكيبيديا).
وينقل موقع فريدياووتش المشار إليه شهادات لنساء تعرّضن للاغتصاب من قبل محارمهن، وتقول الدكتورة حنا عطا الله وهي أستاذة مساعدة في الإرشاد النفسي من جامعة الملك سعود لـ" العربيّة.نت " أنّها في محاضرة عن تحرّش المحارم ولمحاولة تلمّس حجم الظاهرة طلبت من طالباتها البالغ عددهنّ 50 إخراج ورقة بدون اسم وتضمينها موقفا لتحرّش جنسي من المحارم ارتكب في حقّهنّ وبجمع الأوراق وجدت 40 طالبة تعرّضن لهذه الجريمة بطرق مختلفة".
ونذكر على سبيل المثال أنّ " فتاة متخلّفة عقليّا حملت من شقيقها المراهق الّذي اعتاد اغتصابها" و" أنّ طفلا عمره سبع سنوات يكبر الآن في أحد دور الأيتام حملت به فتاة من والدها بعد اغتصابها عشرات المرّات".
و" ما خفي كان أعظم" !!
فهل حمى الدّين هؤلاء من الاعتداء والاغتصاب والعنف وانتهاك حرمة الأجساد ؟؟
أليس من الأجدى إحلال مبادئ حقوق الإنسان محلّ شريعة قد لا تُسهم في احترام إنسانيّة الإنسان، وتفشل في تكريس احترام الإنسان للإنسان على اختلاف جنسه ولونه ودينه ؟
أليس من الأجدى محاولة تغيير الذهنيّات والعقليّات الّتي لا تحترم المرأة ولا ترى فيها الإنسان الّذي يجب احترامه؟
الحرام بيّن والحلال بيّن...! ولكنّ ذلك لا يمنع العنف ولا يحدّ من اغتصاب المحارم للنساء.
قد يقال بأنّ اغتصاب المحارم أو زنا المحارم ليس ظاهرة مستفحلة ولكنّها موجودة.
ومن المعلوم أنّ الخطاب السائد لا يفصح عن مثل هذه الاعتداءات الّتي تحدث ويُسدل عليها حجاب سميك من الصمت. فلا تخترق جدران المسكن المسكون بالعنف والتمييز والفاقد للسكينة والمساواة بين الجنسين.
مقالات ذات صلة: سفاح المحارم و تبادل الزوجات
عن موقع الأوان
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |