الحضور الدلالي في خطاب الصورة
2010-06-09
آبل غانس
خاص ألف
الصورة ذلك الكائن الوجودي المعبر عن واقعنا بل المغير لواقعنا كما يراه (موللير) إذ أثرت على إدراكنا الذاتي وطبيعة رؤيتنا للأشياء من حولنا، كما إنها استطاعت أن تبث الحياة في لحظات الزمن الثابتة،لذا فهي تعتبر اليوم كنظام اتصال بين البشر إضافة إلى النظم الأخرى فتوغلت في جميع مجالات الحياة حتى أصبح الإنسان لا يمكنه العيش من دونها بل عدها (ابيل غانس) العصا السحرية الموجودة في كل كاميرا،وإذا كان للصورة هذه الدرجة من الأهمية في حياتنا اليومية فكيف يمكننا أن نفهم لغة الصورة،وهل تعد الصورة لغة تداولية بين البشر؟
بداية يمكن تقسيم العلامات التخاطبية بين البشر إلى علامتين هما العلامة البصرية والكلمية وهذه العلامتان رغم اختلافهما الظاهري فأنهما يتسمان بالتعايش والتبادل المستمر إذ يرى (لوتمان) إننا (مهما حاولنا التوغل في تاريخ الإنسانية فسنجد حتما علامتين ثقافيتين مستقلتين ومتعادلتين هما الكلمة والرسم وصحيح إن لكل منهما تاريخه الخاص إلا إن تطورهما يؤكد ضرورة وجود نظامين سيميائيين في ميدان الاتصال).ويأتي أهمية الصورة(الفوتغرافية) كونها أداة فاعلة في التخاطب بين البشر لأنها تستطيع أن تعكس واقع الإنسان الفيزيائي نفسه بكل مصداقية،وان تسجل الشيء نفسه في لحظته الزمنية الراهنة وتنقذه من الضياع لكي يبقى حاضرا في ذاكرة الإنسان كفرد وجماعة،ويذهب بارت إلى إن الصورة تحمل دلالات متعددة إلا إنها لا يمكن قراءتها من دون الاستعانة باللغة، معتبرا النظام السيميائي هو عبارة عن خليط لغوي، وإذا ما عثرنا على جوهر بصري، فأن معناه يتضاعف عبر خطاب بصري،ويرتد معناه ويفهم إلى حد ما كجزء من الخطاب الايقوني، أو يرتد معناه ويفهم على أساس من النظام اللغوي.
من هنا يمكن القول إن الصورة تستطيع إحضار الشيء الغائب إلى حيز الإدراك لتؤدي وظيفتها بشكل يتماثل مع صورة الشيء الذي تستحضره،لان الصورة تمثل الشيء ولا تحل محله،وهي تختلف عن الكلمة لان معناها يأتي حسب طبيعتها بواسطة الأشياء،بينما الكلمة لها معنى قبلي فهي تصرف بشكل تلقائي إلى معناها،وقد وضع(كريستيان ميتز)عدة فروق جوهرية بين(الصورة) و(الكلمة)هي:
1- عدد الكلمات محدود في اللغة،بينما عدد(الصور) الممكنة غير نهائي.
2- الكلمات يتم استعمالها من المعجم،مع الأخذ بنظر الاعتبار إن المعاني يبتكرها المتكلم،بينما يتم ابتكار الصورة من قبل متصورها.
3- المعلومات التي يستقيها المتلقي من الصورة اكبر بكثير من المعلومة التي يقرأها أو يسمعها المتلقي.
4- الكلمة تحمل معنى معجمي،بينما الصورة هي تعبير عن الشيء،فصورة بيت لا تعني(بيت) إنما يوجد هنا بيت ضمن واقعه الراهن،وهو يشكل علامة تشير إلى كيان مرئي محسوس المعالم وواضح للعيان.
ووفق ما تقدم فأن الصورة لا تجمد اللحظة كما إنها تنتج أكثر من معنى ضمن إطار السبر المتكرر وبمعنى آخر فأنها تحيل إلى توأمة التناقضات الانفعالية في الإنسان، لأنها تتميز باستقلالية بنيوية وتتشكل من عناصر منتقاة ومعالجة وفق المطلبين الجمالي والإيديولوجي الذين يعطيانها بعدا تضامنيا كما يرى(رولان بارت)، والصورة الفوتغرافية بإمكانها الإيحاء بمجموعة كبيرة من الدلالات ويبقى للقارئ اختيار أو إنتاج بعض منها،وهكذا فأن قراءة الصورة يتعدد بتعدد القراء، ولكن اختلاف القراءات لا يعني إن الصورة تبقى مفتوحة المعاني إلى ما لا نهاية لان تلك القراءات تبقى مرتبطة بالمعارف المستثمرة في الصورة كما يحددها(بارت) وهكذا فالخطاب الرمزي للصورة الفوتغرافية يحمل معارف لغوية، جمالية مشكلة سلفا من قبل المجتمع والثقافة واللغة.
ويقسم المختصون الصورة إلى:
- الصورة الصحفية: وهي التي يعرفها الدكتور محمد ادهم على إنها الصورة ذات المضمون الحالي المهم الواضح والجذاب،المعبرة وحدها أو مع غيرها في صدق وأمانة وموضوعية وأغلب الأحوال عن الأحداث أو الأشخاص أو الأنشطة أو الأفكار أو القضايا أو النصوص والوثائق ، أو المناسبات المختلفة المتصلة غالبا بمادة تحريرية معينة ، تنشرها أو تكون صالحة للنشر على صفحات جريدة أو مجلة أو توزعها وكالات الأنباء .
- الصورة الفنية الجمالية:وهي الصورة ذات الطابع الفني والجمالي والتي عادة ما تخصص لها الصحف والمجلات مساحات واسعة لنشرها وتعكس هذه الصورة إبداع المصور الذي يلتقط مشاهداته اليومية من الشارع.
- صورة الإعلان: يرى المختصون في شؤون التسويق الإعلاني إن الصورة في الدعاية تعادل ألف كلمة،لأنها تجذب الانتباه، ويتحتم على المصور المختص في تصوير الإعلان أن يتقن عملية التصوير ويستخدم الإثارة التي تلعب دورا هاما في التأثير بنفسية القارئ والتفاعل معه.
- الصورة الشخصية: وهي صورة شخص معين تعبر عن حدث ما أو خبر معين،وتنشر هذه الصور عادة في اللقاءات الصحفية، وفي هذا النوع من الصور يحرص المصور على التقاط ملامح الشخص بشكل يتلاءم مع مضمون الخبر أو الحوار.
وهنالك تقسيمات أخر لأنواع الصور إلا إنها بشكل عام تعد واحدة من أهم وسائل الاتصال التي تساعد على توطيد العلاقات الإنسانية،وتنمي الحس الجماعي وخصوصا إذا استطاع الفرد تحليل محتويات الصورة والتعرف على العلاقات التي تربط بين عناصر الصورة وما يمكن استنتاجه من أبعاد الصورة،ولفهم الرسالة التي تبعثها الصورة لابد من معرفة الواقع الثقافي والمعرفي للمجتمع فقراءة أي صورة تعتمد على تاريخ ذلك المجتمع وكيف ينظر فيه الأفراد إلى الدلالات والمعاني الإيحائية فمثلا صورة البقرة تمثل قيمة عليا لارتباطها بمعتقد ديني عند بعض الهنود فتحمل صفة التقديس،بينما لا تحمل ذات المعاني عند غيرهم.
عماد كامل
×××××××××××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
02-تموز-2012 | |
22-حزيران-2012 | |
16-كانون الثاني-2011 | |
06-تموز-2010 | |
29-حزيران-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |