نامَ الخَلِيُّ وَما أُحِسُّ رُقادي |
وَالـهَمُّ مُحتَضِرٌ لَدى وَسادي |
مِن غَيرِ ما سَقَمٍ وَلَكِن شَفَّني |
هَمٌّ أَراهُ قَد أَصابَ فُؤادي |
وَمِنَ الحَوادِثِ لا أَبالَكَ أَنَّني |
ضُرِبَت عَلَيَّ الأَرضُ بَالأَسدادِ |
لا أَهتَدي فيها لِمَوضِعِ تَلعَةٍ |
بَينَ العِراقِ وَبَينَ أَرضِ مُرادِ |
وَلَقَد عَلِمتُ سِوى الَّذي نَبَّأتَني |
أَنَّ السَبيلَ سَبيلُ ذي الأَعوادِ |
إِنَّ المَنِيَّةِ وَالحُتوفَ كِلاهُما |
يوفي المَخارِمَ يَرقُبانِ سَوادي |
لَن يَرضَيا مِنّي وَفاءَ رَهينَةٍ |
مِن دونِ نَفسِيَ طارِفي وَتِلادي |
ماذا أُؤَمِّلُ بَعدَ آلِ مُحَرِّقٍ |
تَرَكوا مَنازِلَهُم وَبَعدَ إِيادِ |
أَهلَ الخَوَرنَقِ وَالسَديرِ وَبارِقٍ |
وَالقَصرِ ذي الشُرُفاتِ مِن سِندادِ |
أَرضٌ تَوارَثَها لِطيبِ مَقيلِها |
كَعبُ اِبنُ مامَةَ وَاِبنُ أُمِّ دُؤادِ |
جَرَتِ الرِياحُ عَلى مَقَرِّ دِيارِهِم |
فَكَأَنَّهُم كانوا عَلى ميعادِ |
وَلَقَد غَنوا فيها بِأَنعَمِ عيشَةٍ |
في ظِلِّ مُلكٍ ثابِتِ الأَوتادِ |
نَزَلوا بِأَنقِرَةٍ يَسيلُ عَلَيهِمِ |
ماءُ الفُراتِ يَجيءُ مِن أَطوادِ |
فَإِذا النَعيمُ وَكُلُّ ما يُلـهى بِهِ |
يَوماً يَصيرُ إِلى بِلىً وَنَفادِ |
في آَلِ غَرفٍ لَو بَغَيتَ لِيَ الأُسى |
لَوَجَدتُ فيهِم أُسوَةَ العُدّادِ |
ما بَعدَ زَيدٍ في فَتاةٍ فُرِّقوا |
قَتلاً وَنَفياً بَعدَ حُسنِ نَآدِ |
فَتَخَيَّروا الأَرضَ الفَضاءَ لِعِزِّهِم |
وَيَزيدُ رافِدُهُم عَلى الرُفّادِ |
إِمّا تَراني قَد بَليتُ وَغاضَني |
ما نيلَ مِن بَصري وَمِن أَجلادي |
وَعَصَيتُ أَصحابَ الصَبابَةِ وَالصِبا |
وَأَطَعتُ عاذِلَتي وَذَلَّ قِيادي |
فَلَقَد أَروحُ عَلى التِجارِ مُرَجَّلاً |
مِذِلاً بِمالي لَيِّناً أَجيادي |
وَلَقَد لَهَوتُ وَلِلشَبابِ بَشاشَةٌ |
بِسُلافَةٍ مُزِجَت بِماءِ غَوادِ |
مِن خَمرِ ذي بَذَخٍ أَغَنَّ مُنَطَّقٍ |
وافى بِها كَدَراهِمِ الأَسجادِ |
يَسعى بِها ذو تُومَتَينِ مُقَرطَقٌ |
قَنَأَت أَنامِلُهُ مِن الفِرصادِ |
وَلَقَد غَدَوتُ لِعازِبٍ مُتَناذَرٍ |
أَحوى المَذائِبِ مُؤنِقِ الرُوّادِ |
جادَت سَواريهِ وَآزَرَ نَبتَهُ |
نُفَأٌ مِنَ الصَفراءِ وَالزُبّادِ |
بِالجَوِّ فَالأَمَراتِ حَولَ مُغامِرٍ |
فَبِضارِجٍ فَقَصِمَةِ الطُرّادِ |
بِمُشَمِّرٍ عَتَدٍ جَهيزٍ شَدُّهُ |
قَيدُ الأَوابِدِ وَالرِهانِ جَوادِ |
يُشوي لَنا الوَحَدَ المُدِلَّ بِحُضرِهِ |
بِشَريجِ بَينِ الشَدِّ وَالإِروادِ |
وَلَقَد تَلَوتُ الظاعِنينَ بِجَسرَةٍ |
أُجُدٍ مُهاجِرَةِ السِقابِ جَمادِ |
عَيرانَةٍ سَدَّ الرَبيعُ خَصاصَها |
ما يَستَبينُ بِها مَقيلُ قُرادِ |
فَإِذا وَذَلِكَ لا مَهاةِ لِذِكرِهِ |
وَالدَهرُ يُعقِبُ صالِحاً بِفَسادِ |