بدأ محمد عفيفي مطر مشواره الطويل مع الأدب و الحياة من حيث انتهى مواطنه و ابن مصر المدلل نجيب محفوظ.
من ناحية الجنس الأدبي : لم تكن هناك أية علاقة بين شعر الستينيات و ما بعد ، و وراية جيل الرواد المؤسسين الذين اهتموا بالصورة و بناء الشخصية و ليس اللغة و لا حتى الخطاب.
و من ناحية المواقف : لم تكن أمامنا أية فرصة لاختلاق نوع من أنواع اللقاء . فالانتماء لصوت الجيل الغاضب المقهور الذي يحاول أن يعيد إلى الأمة معنى ( رسالتها ) تحت الشمس ، هو غير الاستلاب و التغرب و البحث الدائب عن نافذة تضيء لقافلة من الخطائين الطريق.
أما من ناحية النقد الفني و المكانة : تبدو الصورة كالحة أيضا. فهي أشبه بعقد مقارنة بين الأنداد ، الرجل الشهم و الذي لحقت به جميع أصناف القهر و العذاب و المحاسبة ، أمام الابن المدلل الذي تعددت أسماؤه و مواصفاته بتعدد مصادره و أساليبه.
و مع أن الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر لم يحصد جائزة نوبل و لا حتى جائزة الدولة التقديرية ، فقد ضمن لنفسه مكانا في القلب .
موقع ألف

قصيدة مجنون للشاعر محمد عفيفي مطر – مجموعة الجوع و القمر – دمشق – 1972

صرير الباب أوقع من يدي قلبي
و تحت تحير الأصداء – و المسمار في الركبة –
صعدت السلم المفروش بالرعب
و دقت ساعة مكتومة بالخوف تسقيني و تطعمني.
أيمكن أن يموت الآن شيء واحد في القلب
و سن الشوكة السوداء
يسمّر كوكب البازلت في صدري
يسمر في دمي الأصداء
و صوت فاجع الترجيع بالأشعار
تخثر في دمي و الدود تحت الجلد يرعاه
أيمكن أن يموت الآن شيء واحد في القلب !!
صهيل الخيل ، و الأقدام ، فوق حوائط الشرفة
تشد عليّ حبلا أسود الكتان
فتعشب أوجه القرميد بالحيات
و ما زالت عروس الشعر بالغرفة
تغطي الصدر و الردفين بالأعشاب ،
يهرب في جدائل شعرها كوكب ..
توتّر بين فرعي سروة ليلية حبل من الكتان
و فوق الحبل ترتعد العصافير المسائية
و تحت الحبل آكل صرختي و أسير في الظلمات
يمزقني رنين الساعة الوحشية الدقات
حوافر صوتها اخترقت عظام الرأس ،
تختنق العصافير المسائية
يحط الطائر الليلي في قلبي
و موسيقى تدق الرعب في العالم
و يوغل صوتها الممقوت في الإنسان و الأشياء ...

1962
*************
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف