صدر حديثا عن منشورات اتحاد الكتاب العرب مجموعة شعرية جديدة للشاعر نزار بريك هنيدي بعنوان لا وقت إلا للحياة.. تضم المجموعة عدا من القصائد القصيرة جمعها الشاعر تحت عنوان منمنمات .. وعدد آخر من القصائد الطويلة واختتم المجموعة بمجموعة معارضات لشعراء من كبار شعراء العربية .
يبدو نزار في مجموعته الجديدة أكثر ميلا للغة البسيطة في مفرداتها، المعقدة في تركيباتها، ليخرج بصور حياتية ويومية ذات تأثير عال. ودلالات معاصرة تتوجه نحو هدفها مباشرة دون أن تشعرك بالمباشرة.
من أجواء المجموعة اخترنا هذه القصائد التي تعطي فكرة عما أراد الشاعر إيصاله إلينا بطريقته الشعرية المتميزة.
قلبي

مثلَ طَيْرٍ هَجَرَتْهُ الشجَرهْ.
أو شراعٍ،
فاجَأَتْهُ الموجَةُ المنْحَدِرَهْ.
مثلَ قنديلٍ
خَبَتْ شعلتُهُ،
قبلَ بلوغِ الرعشةِ المنتظَرَهْ.
هكذا قلبي..
وقد سالَ عليهِ
ما تبقّى
من دماءِ المحبرَهْ .

الذي كان

رغمَ أنَّ الذي كانَ، كانْ
لا تزالُ رؤايَ على عَهْدِها،
تحتفي
بالذي لم يكنْ،
و تُعَلّقُهُ
فوقَ صدرِ الزمان.
رغم أن الذي كانَ
كانْ !

الحقيقة
لا يحبُّ المرايا،
لأنّ طريدَتهُ هي عَينُ الحقيقةِ
لا صورة أو خيالْ .!
لا يجيدُ الكلامَ،
فليس بمقدورِهِ أن يبوحَ
بغيرِ ظلالِ الظلالْ.!
لا يُجيبُ سوى
بارتعاشةِ جَفنٍ
إذا ما تفتَّتَ ليلُ السؤالْ !

النداء

لن تَشقَّ حجابَ المدى
كي ترى
ما وراءَ الوراءْ .
فلتقلّبْ حروفَكَ،
فوقَ جمارِ خيالِكَ،
ولتنتظرْ.
قد تجيبُ الحروفُ النداءْ .!

أنفاس الأشياء

لا أذكرُ ما كانت تلكَ الأوراقُ توشوشُني،
وأنا أتأمّلُ مفتوناً،
قطعانَ الحبرِ الأسودِ تَسرَحُ
في أرجاء مراعيها البيضاءْ.
لكنّي لا أنسى أبداً
كيف اختلَجَت روحي،
حين سرى فيها
ما فاضَ عن الأوراقِ المفتوحةِ
من أنفاسِ الأشياءْ .!

إلى الآن !

إلى الآنَ
أنفخُ في قصَبِ الروحِ،
من دونِ أن تستجيبَ البراري
بترجيعِ نايْ !
إلى الآنَ..
أنشرُ فوقَ حبالِ الليالي
غسيلَ صبايْ !
إلى الآنَ..
أمشي
وأمشي
وأمشي،
ولا يحفظُ الرملُ آثارَ ظلّي،
ولا وَقْعَ خطوي
ولا
قطراتِ دمايْ .!

أشجار الروح

مهما نَأَتْ عنكَ الغيومُ
وخَاصَمَتْكَ عرائسُ النغماتِ،
للروح أشجارٌ
إذا هَبَّتْ عليها ريحُ شوقِكَ
أزهَرَتْ
ببراعمِ الكلماتِ .

المرشد

في ليلِ غابةِ الجسَدْ،
إنْ لَمْ يكنْ مرشدَكَ الوحيدَ
قلبٌ عاشقٌ،
سوفَ تضيعُ
للأبدْ !

ذكرى

شارعٌ خالٍ
ومصباحٌ وحيدْ ،
كلُّ ما يحتاجُهُ العاشقُ
كي يستحضرَ الرعشةَ
من ذاكرة الحبّ البعيدْ .!

الوردة

وردةٌ تبكي على صدرِ الحجرْ !
ربّما أصْغَتْ ،
فلم تسمعْ له نبضاً،
فظنَّتْ
أنه من شدّةِ العشقِ
انْتَحَرْ .!

الى امرئ القيس

أمّا أنا..
فما لَحِقتُ قَيْصَراً،
ولَمْ أكنْ أحاولُ الملْكَ،
وما أَرَدْتُ عذراً بعدَ مَوتْ !
كلُّ الذي حاوَلْتُهُ:
أن أحفظَ الجوهرَ
في تخييلِ صورةٍ،
وفي
إيقاعِ صَوتْ !

إلى الشنفرى

ولي دونكم أهلونَ:
حَرْفٌ، ونَغْمَةٌ
ورؤيا ، وإحساسٌ ،
و ما أَتَخَيَّلُ .
ودنيا طيوفٍ أَحْتَمي بصَفَائِها
مِنَ الزيفِ،
أبقى من هَواكمْ،
وأجملُ !

الى ابن سينا

هَبَطَتْ على سَطْحِ الوَرَقْ
وَرْقاءُ أَرْهَقَها الأفُقْ !
فَسَأَلْتُها عنْ رحلةِ الإنسانِ،
أَغْضَتْ،
ثمَّ قالتْ في نَزَقْ :
طينٌ تقلّبهُ يدُ الأيامِ،
كي يشوى
على لَهَبِ القَلَقْ.
ويعود مجلوّاً
إلى الأصلِ الذي
منه اْنبَثَقْ !

إلى المتنبي

ماذا لو أنَّ الريحَ جَرَتْ
- يا صاحِ-
كما اْشتَهَتِ السفنُ .؟
هل كانَ يُصالحنا الزمنُ ؟

إلى المتنبي أيضاً

ما لنا كلُّنا جَوٍ ، يا صديقي
ضعتَ منّي،
وضاعَ منّي طَريقي.
كلّما اْنسَابَ في القصيدةِ نهرٌ
جَفَّ
من قبل أن يُبَلِّلَ ريقي !
×××××××××

نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف