هويان الحسن: الكلمات عند البدو كالنوق الأصايل تهدى فقط للأعزاء / علي الحين
2010-07-27
في حديث لها عن تجربة الكتابة وكتابة التجربة ستجد لدى لينا هويان الحسن حنيناً إلى الذاكرة وحضوراً طاغياً للـ«هناك» حينما تقبض عليها متلبسة بالاشتعال فيصير للجمر توهج ولحبات الرمل رائحة حياة وللريح ملامح حرية تنثر صدى حكايات في أرجاء الصحراء تتشربها بكامل بهائها وهي تلملم التفاصيل باحتفائية على اتساع الصمت وغواية السراب وطغيان الكتمان..
فعلى إيقاع عنوان يقول: «البادية بملامح أنثى» وفي أروقة المعهد الفرنسي للشرق الأدنى بدمشق راحت سفن لينا هويان الحسن الكاتبة والروائية السورية تشق طريقها على صفحات مياه الحنين الهادئة والعميقة في مد وجزر لاستعادة العناوين العريضة وبعض من التفاصيل التي رسمت ملامح تجربة كتابية شكلت علامة في مشهد الكتابة الروائية السورية.
تقول صاحبة «سلطانات الرمل»:إنها ولظرف خاص واستثنائي عاشت طفولتها محاطة بنساء لا يشبه بعضهن البعض، لم يكن جميعهن سمراوات أو جميعهن شقراوات، أو كلهن حسناوات، لكنهن مختلفات، متوقفة عند معنى «الفردية» أو «الفردانية» التي تأخذ لدى المدينة أو تعتبر ميزة سلبية ودليل أنانية وطبعاً مغروراً ومستفزاً ملاصقاً أو مرادفاً للشتيمة، بينما تعتقد هويان الحسن أن «الفردية» ميزة جديدة بالمديح ربما لأنها فقط عاشت وتربت بين البدو ففي المجتمع البدوي- تقول هويان الحسن- كل واحد هناك بحد ذاته حكاية حتى أنها وصلت إلى ما يشبه القناعة بأن هناك الأمراض وحدها معدية.. أناس كل واحد منهم يحمل طبعاً وتجربة وقصة وطريقة في الكلام والقص ومن هنا نما لدى هويان الحسن حس عدم التعاطف مع الجموع أو الحشد ونفور من أناس يشبهون بعضهم بعضاً ومن شخصيات معكرة بالتقليد، وتبدي هويان الحسن إعجابها باستقلالية حبة الرمل التي ترفض أن تشبه الطين.
وتتوقف صاحبة «بنات نعش» عند البيئة التي خرجت منها حيث الناس هناك يتذكرون ما يرون، يتذكرونه مشبعاً بكامل تفاصيله، يمتلكون معجماً هائلاً من مترادفات وأسماء لأشياء قليلة وتتساءل: هل حظي أحد منكم بسماع حكاية يقصها بدوي؟ معقبة: إنها كسبت سماع الحكاية نفسها بصيغ مختلفة وبكلمات متغيرة، الحكاية ذاتها التي يرويها لها عمها سترويها لها عمتها، لكن بأسلوب آخر ذلك أنك عندما تستمع لحكاية بطريقة بدوية سيدهشك عالم من التفاصيل المذهلة وبلغة شعرية تؤكد هويان الحسن أنه في عمر مبكر زرعت لها الحياة شذرات كبيرة وصغيرة ستصاغ منمقة أنيقة لاحقاً في رواياتها لافتة إلى أنه من الرجال سمعت معظم ما جاء من معلومات في أعمالها حول الصقور والخيول والغزلان والكلاب السلوقية..
وفيما يتعلق بالنساء فتذكر هويان الحسن أنها شهدت معارك نسائية حقيقية وشرسة بسبب خرزة يقال إنها تجلب الحظ، وثمة استخدام لـ«الكيد» الذي تعتبره النساء حقاً شرعياً لحماية الذات.. أما الأسماء هناك فصعبة تعبر عن طباع ابن البادية وتختزل المنظومة الأخلاقية في حين أن نساء المدينة يحملن أسماء تدجينية تبعاً لهويان الحسن التي تؤكد أن تجربتها الأدبية نبعت من شيء تعلمته من البادية من طبيعة فقيرة قفراء لكن أهلها تعلموا تحويل الحياة إلى كلمات، أناس تعلموا من قساوة المحيط الالتقاء بما يولد تواً والقبض على ما يموت بالكلمات.. الكلمات عند البدو- تختم لنا هويان الحسن حديثها- كما النوق الأصايل: لا تباع ولا تنحر، تربى للفخر محفوظة النسب وتهدى فقط للأعزاء.
عن جريدة الوطن
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |