لزوم المثال وتشويه الذائقة
خاص ألف
2010-07-28
المثال الذي يبحث عنه القارئ العربي ولو عن طريق الوراثة أو العدوى هو ذلك الشاعر القمة الذي لا يُضاهى ولا يُجارى، هو شاعر يكتب المقدس ويفض بكارة اللغة على الدوام ولا يتأثر بأحد، وهو الذي يبتكر الفكرة والصورة الجديدة دائماً، ولا بد من أن يكون دائماً أحداً لا شريك له!.
ينطلق لزوم المثال لدى المهتمين بالشعر من تأصل حاجتهم إليه في كل جانب من جوانب حياتهم لضرورة الاستمرار، هي حاجة إلى المثال ولو كان من حكايات الجدات!، فإذا لم يستطع هؤلاء أن يكوِّنوا مثالاً من أنفسهم سيلزمهم بالتأكيد مثال ولو مزيف يعتمدون عليه ويستريحون له، وبهذه الطريقة تصبح حياتهم أشبه بالهواء، فهم لا يبصرون أمامهم إلا المثال، ولا يُدهشهم إلا المثال، ولا يتبعون إلا هذا المثال على عماها...
في الشعر- نتيجة لذلك- حين يسرق المثال صورة من غيره تُنسب له، وحين يقوم بكتابة نصٍ أقل من عادي يقوم الجميع باعتناقه، وبالمقابل إذا قام عشرات الشعراء الشباب بتجارب جديدة في القصيدة تستحق الاهتمام والالتفات لا يحرك متمثلو المثال ساكنا، فنصوص المغمورين لا تدهشهم ولا يستطيعون أن يتذوقوها، بسبب ما ينتابهم من تخدير روعة المثال.
تشويه الذائقة نتيجة الاسم الرائج أمر يسيطر على معظم من يقرأون الشعر اليوم، وحين يصبح الاسم مؤثراً بهذا الشكل يتضاءل تأثير الشعر حتى يصبح كائناً إضافياً وغير لازم!، ومن الكوارث أن يتذوق القراء المثال وليس القصيدة.
يحضر المثال دائماً كمهيمن أزلي وأبدي وفوقي، المثال الذي لم يكن إلا وليد الشعوب الضعيفة التي لا تصنع قرارها بنفسها، حتى إذا حصل أحدٌ من المهمَّشين المهملين النكرة على جائزة أو شهرة قد لا تمتُّ إلى الشعر بصلة يصبح مثالاً أيضاً، أما الشعر ففي الظل، كم من الشعراء الجدد انتشرت أسماؤهم وسارت في الأحاديث كمحطة للإعجاب والرقي مع أن من يتحدثون عنها لا يذكرون سطراً شعرياً واحداً لأحد هذه الأسماء؟ وإذا ذكروا تطغى عليهم روح الإعجاب بلا سبب واضح حتى تغطي قصائد الأسماء على بصيرتهم وتلتف حول ذائقتهم، إذاً الأمر يتلخص في ديمومة الحاجة إلى القدوة والتمسك بها بسبب نقص في هرمون الثقة وليس لحاجة إلى الشعر، وبالمقابل كم من الشعر يسري بين الناس دون أن يذكروا قائله؟!، الفارق شاسع بين سائق تاكسي يقول في العطل الرسمية (مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد) ثم لا يعرف القائل وبين من يتحدث لأكثر من ساعة عن عبقرية شاعرٍ لا يذكر شيئاً من شعره!.
لا لزوم للمثال الذي تقحمه الغالبية في الحوارات والكتابات وتعود إليه باستمرار، فالشعر أولاً وأخيراً، الشعر المُتداول الحي الذي يحيِي صاحبَه وليس العكس.
××××××××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف
08-أيار-2021
17-حزيران-2014 | |
27-كانون الثاني-2014 | |
21-تشرين الثاني-2013 | |
07-تشرين الأول-2013 | |
27-آب-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |