قصة / " بالصمتِ الرهيبِ "
خاص ألف
2010-08-01
قصةُ حبي أردتُ أن أدوِّنُها في كتابٍ . حاولتُ ولم أستطعْ . كانت دونَ كلماتٍ . لم نكنْ نتحدثُ بالحروفِ أو اللغاتِ . قالَ لي بعينيِه كلُّ الأشياءِ . أجبتُه دونَ أن أنطقَ قرأَني دونَ دفترٍ أو كتابِ . عرفَ أنّني صادقةٌ معه في مشاعري. هكذا فهمتُ منهُ لم أكنْ أعرفُ أنّهُ قد تعلّمَ لغةَ أجسادِ الفتياتِ . أحياناً لم أنظرْ إلى عينيِه لأنّني أحببتُ أن أخفي عنهُ هويتي . كلُّ أدواتِ رحلتي . أرغبُ بالزواجِ فقط . منهُ أم من غيرِهِ ، لأنَّ رحلتي تحتاجُ لجوازِ سفرٍ يجعلُني مقبولةً اجتماعياً . جوازُ سفرٍ قد تنتهي صلاحيتُه يوماً . من يدري ؟ أخفيتُ عنهُ أصلي وفصلي . كانَ يعرفُ ذلكَ تماماً . ليسَ مثلي . هلْ عيبٌ أن أقولَ: أنّني كنتُ أتصرفُ على سجيتي كفتاةٍ ريفيةٍ . أنطقُ بجسدي وكانَ جسدي يعني "الجمالَ" !
لماذا أتحدثُ وهو لا يريدُني أن أفعلَ ذلكَ ؟ في كلِّ مرةٍ يحدثُني كيفَ كانت تذوبُ في حبِّه الفتياتُ . أصدقُه مع أنّ جسدَهُ ينطقُ بكلِّ حركاتِ الكذبِ والنفاقِ . يلمسُ يديهِ . أذنيهِ . أنفهُ . عاطفتُه كالجليدِ تتدفقُ على وتيرةٍ واحدةٍ . أشعرُ أنّها محضُ صفّ كلماتٍ ! أخطأتُ كان عليَّ أن أشتري جهازَ كشفِ الكذبِ ، أو أعرضَهُ على خبيرٍ في لغةِ الجسدِ ! !
تعبيراتُ وجهه كانت واضحةٌ . يريدُ النيلَ مني. فسرتُها بشكلٍ آخرَ . فسرتُ الصمتَ بالحبِّ . لم أعرفْ أنّ كلَّ تعبيراتِ وجهُهُ فيها التباسٌ . لم أعرفْ ! هل كنتُ غبيةً أم بسيطةً ؟ لا أدري! مازلتُ أحدِّثُ نفسي بالصمتِ . أسرحُ في مكانٍ ثانٍ عندما يتحدثُ أحدُهم إلي . يعرفُ أنّني لستُ موجودةً . ينصرفُ مملوءاً بخيبةِ الأملِ . أندمُ في البدءِ لأنّني لم أعرْهُ اهتماماً . أبرِّرُ لنفسي : لم أقصدُ ! أرتاحُ بعدَها لأنّه لم يكسرْ صمتي الأزليَّ. أبتسمُ هازئةً لا أعرفُ إن كانَ منهُ أم من نفسي . كيف يحدثُني ؟ إنّني لا أتحدثُ بالكلماتِ .
كلُّ كلماتِه كانتْ تحتاجُ إلى تفسيرِ . التفسيرُ واضحٌ في لغتِهِ غيرُ المنطوقةِ التي تقولُ : إنّها عدمُ التطابقِ بينَ القولِ والتعبيرِ الجسديِّ . حياتُنا صامتةٌ الآنَ مثلُ الأمسِ . تنذرُ بالفناءِ. من قالَ أن للجسدِ لغةٌ حيةٌ تجعلُنا قادرينَ على الاستمرارِ . أتوقُ إلى الكلامِ . إلى الثرثرةِ . أرغبُ أن أسمعَ منهُ كلَّ كلماتِ الحبِّ في أذُني وبعدَها في بصري . . ثمّ في لغةِ جسدي . أليسَ مطلبيَ فيهِ وجهةُ نظرٍ ؟ عندما حاولتُ أن أحدّثَهُ . صرخَ كالمجنونِ . قالَ بصوتٍ عالٍ : إنّني غاضبٌ . لتحلْ عليكِ لعنةُ السماءِ . أصبحَ لكَ فمٌ تتكلمينَ بهِ ! بدأتُ من يومِها أفهمُ ماذا تعني الكلماتُ . كلماتُه المنطوقةُ تقولُ : إنّه غاضبٌ . لكنّها لا تتطابقُ معَ لغةِ جسدِه . إذنّ هناكَ شكٌ في كلِّ ما يقولُ . بدأتُ أتعلمُ أن أقرأَه دونَ دفترٍ أو كتابٍ . عرفتُ أنّه يخاطبُ أخرى. لذا رحلَ وادّعى الغضبَ . إنها لغةُ الجسدِ ، أو لغةُ الرجالِ لا فرقَ .
عواطفُه مزيفةٌ لا تخرجُ من العمقِ بل من الشفةِ . عرفتُ كلَّ هذا ،وتجاهلتُه عن عمدٍ حتى يتمَّ موضوعِ الزواجِ . عرفتُ هذا بعدَ أن جلستُ مع نفسي عدةَ جلساتٍ . إنّني مثلُه تماماً خدعتُه كما خدعني . أردتُ الأمنَ ، أرادَ الجمالَ . لمّا قتلَني الصمتُ بهتَ جمالي . الجمال يحتاجُ لمرحٍ . ثرثرةٍ . سعادة . قهقهات . ازدادَ هو تألقاً لأنّه صامتٌ معي فقط . علاقاتُه مليئةٌ بالحيويةِ والنشاط . لم يعدْ بحاجةٍ لي . ماذا أفعلُ؟ سأعيدُه رغماً عنه ! حاولتُ . لكنّ لغةَ جسدِه قالتْ : لم أكنْ موجوداً حتى أعودَ . كنتُ واضحاً بأنّني سأصمتُ إلى الأبدِ . ولن أسمعَ ما تتحدثينَ عنهُ .
يقولون أنّني أتحدثُ عن لغزٍ . لا يفهمون ما أقولُ . سأوضّحُ الآنَ . تعودت على صمتِه . أريدُه صامتاً أضعُه في زاويةِ غرفتي تمثالاً . ستحسدُني جميعُ النساء . عندما يجفُّ سأحولُه إلى تمثالٍ له قاعدةٌ أضعُه على طاولةِ غرفة الطعامِ . ويبقى بينُنا لغةُ التعبيرِ بالجسدِ وليس بالكلماتِ ! ! !
×××××××××××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |