في بعضِ الأحيانِ عندما تكون أمي لوحدها تجلسُ في إحدى زوايا البيتِ تضعُ منديلها على خدها و وتبدأ في البكاء....بكاؤها يجعلني حزينا جداً....لا أعرف لماذا تبكي... لماذا هي حزينةٌ....تقربت منها مسحتُ بيديّ الصغيرتين دموعها التي تنهمرُ من عينيها الحزينتين ... حضنتني بدفئها ... كنتُ أحسّ دقاتِ قلبها و أتلمس حبها من خلالِ يديها الناعمتين على وجهي...
سألتها : أمي، لماذا تبكين بين حينٍ وآخر ؟... هل أزعجكِ أحدٌ ؟ هل أنت مريضةٌ ؟
لا لا يا بني لم يزعجني أحدٌ ...
إذن لماذا تبكين ؟
لأنني امرأةٌ يا بني ، وأنت لم و لن تفهم لماذا النساء يبكين ...
جوابُها لم يدعني أن أهدأ وفي أحدِ الأيامِ كان أبي جالساً يشرب الشاي و يلف في شواربِه العريضةِ كأنه يفكرُ بشيءٍ ما ...
بابا ، لماذا تبكي أمي بدونِ سببٍ... فجاءَ جوابُه ..
لا تبالِ يا رجل .. كلُّ النساءِ يبكون بدونِ سببٍ .. هم هكذا... دعها تبكي ...
تَمُرُ الأيامُ ... والشهورُ ... والسنين .. حينها أصبحتُ رجلاً... وتزوجت
وأنا أفكرُ لماذا تبكي النساءُ بدون سببٍ ...
في أحدِ الأيام التقيتُ صدفةً برجلٍ عالم ،
سألته... لماذا تبكي النساء بدون سببٍ يا سيدي...
وضعَ الرجلُ العالمُ يَدَهُ على كتفي و قال :
عندما خلق الله النساءَ ... أرادَ أن تكن لهن صفةً مميزةً تميزهن عن كلِّ المخلوقات، فجعل لهن أكتافاً قوية ً كي تتحمل أعباءَ و متاعبَ هذه الدنيا.
ونعومةً...كي تسقي الآخرين من عطفها وحنانها.
أعطاها القوةَ لتتحملَ آلام الولادة ..
منحها الصلابةَ كي لا تيأس و تقف مع الآخرين لإكمالِ الطريق إلى الهدفِ .
زَرَعَ فيها الإيمانَ ...كي تكون إلى جنبِ عائلتها ...وتحميهم و تراعي أولادها وتسهر عندما يمرضون،وتتحمل أثقالَ الدهرِ ووعورةَ الأيامِ مع زوجها.
أهداها القدرةَ بأنها تعرف الرجلَ الجيدَ لن يسيءَ لزوجتهِ ويقف إلى صفها ويحميها بحبه وقوته.
وفي النهاية أعطاها الدموعَ .. كلٌّ تبكي عندما يضيق صدرها.
عرفت يا بني ... أنَّ جمالَ المرأة ليس في نوعِ أرديتها التي ترتديها !
ليس في قوامها ،
ولا في تسريحةِ شعرها ..
نكتشفُ جمالَ المرأةِ من عيونها و شخصيتها...
هذه هي البوابةُ التي تقودُ إلى قلبها... التي تحمل حباً .. لو وزعته على بقاع العالم لم يبقَ للكراهية حيزاً .
×××××××××××××

نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف