الشخصانية في نقدنا الأدبي..كيف يستقبل أدباؤنا ناقدي أعمالهم؟
خاص ألف
2010-10-10
لا شي يثير التوالد للردود بين أدبائنا أكثر من نقدهم لأعمالهم، وأعني بالنقد هنا إظهار سلبيات العمل، وما يدفع إلى الفكاهة أن هؤلاء الأدباء لا يختلفون عن الإسلاميين حين نواجههم بملاحظة تظهر سلبياتهم ونطلب منهم الرد، فيبتعدون عن صلب الملاحظة ويكتفون بالتكفير والتحقير، وهذا ما حدث عندما نشرتُ تحقيقاً في مجلة سورية يتناول وضع المساجد في إحدى المدن، وما تلقَاه من عناية على حساب أماكن أخرى أهملها أهل تلك المدينة حتى غدت مساجدها تشبه قصور الإقطاعيين في قرى الفلاحين، ولم يقم رؤوس المد الإسلامي فقط بتكفيري في حينها، بل حتى من لا يرتادون المسجد قاموا بذلك في محاولة لتلميع الصورة والظهور، بل تعدى الأمر لأصبح جاسوساً مبعوثاً من هيئة خارجية بهدف تدمير الدين الإسلامي، وبالطبع...لم يناقشني أحد بفكرة التحقيق!.
هذه ليست حالة فردية، بل هناك عشرات الحالات الأخرى، من ينقد الدين أو سلوك رجاله زنديق، ومن يدافع عن حقوق المِثليين مِثلي، ومن يدافع عن فكرة فلان الكاتب فلا بد من أنه منحاز إليه، تعميماً للمقولة الإسلامية (يُحشر المرء مع من يحب).
أما الرد الإسلامي اللامنطقي المنطلق من فكرة التكفير والصراخ فينسحب على كثير من الأدباء والمهتمين بالأدب أيضاً، حين تشتعل المعارك بينهم بلا سبب واضح، ويستبد التوتر ولغة الهجوم بما يشبه الاتجاه المعاكس، حيث يَخرج المتحاورون عن فكرة الحلقة ويبدأون بشتم بعضهم، الفرق الوحيد أن فيصل القاسم غير حاضر بين الأدباء في صحفنا، والمؤسف في الردود بين هؤلاء الأدباء أنها تأخذ صفة عصابية بعيدة كل البعد عن الأدب، وقد تصل أحياناً إلى درجة التشفي والشماتة والمتعة في ظل الكبت وعدم القدرة على الخروج إلى الضوء إلا من خلال شتيمة الآخرين، وليس الحديث عن المعركة التي وقعت من قرن بين طه حسين والرافعي أو بين العقاد وشوقي...فقد كانت معاركهم بكل ما احتوته من شخصانية وتصفية حسابات تحتوي على العمق في الطرح والرد، وهذا ليس شافعاً لهم على كل حال، لكن ألم يغير العقاد رأيه في شوقي بعد سنوات طويلة من المواجهة؟، ترى مَن مِن نقادنا جاهز ليغير رأيه اليوم؟.
في مقهى الروضة-على سبيل المثال لا الحصر- من شاعر يقهقه بلذة لأنه فضح وشرشح وبهدل فلاناً في مقاله الأخير، أو أديب يسير بنا في شوارع دمشق وهو يحكي بتشفٍ عن انتصاره على آخرَ بعد معركة صحفية طويلة فهو عبث وقلة عقل.
في هذا الموقع، وبعد أن قمتُ برد على مقدمة الشاعر منذر مصري في كتابه (منذر مصري وشركاه)، تمنيت أن أرى معلقاً واحداً يتناول فكرة احتواها الرد!، لكن مع الأسف لم أجد إلا: مع أو ضد، وكأن الصفحة تحولت إلى ملعب، حتى أن أحدهم وصفني بالكلب الذي ينبح!، هكذا خرج الجميع عن الفكرة، فبعضهم كان سعيداً لأنني فجرت حنقه على الشاعر والآخر كان مستاءً لأنني لم أتفق معه على فكرة كتابه، على الرغم من أنني قلت حينها في ختام مادتي: أتمنى لو كنتُ مخطئاً!.
أخيراً أذكر عباس بيضون الذي وصف ماهر شرف الدين بـ(عامل البناء)-على سبيل الشتيمة-، ولا أريد أن أسأل عباس عن علاقة مهنة العمل في البناء بالأدب أو النقد، بل أن أسأل الشعراء الشباب: إذا كان بعض من الأكبر-سناً- يتخذ الشتيمة أسلوباً لغوياً لأنه يعد هذا الأسلوب شكلاً جمالياً لنقده، فلماذا لا نترفَّعُ عن هذا المستوى؟.
08-أيار-2021
17-حزيران-2014 | |
27-كانون الثاني-2014 | |
21-تشرين الثاني-2013 | |
07-تشرين الأول-2013 | |
27-آب-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |