لا تزوير بنتائج انتخابات اتحاد الكتاب العرب
خاص ألف
2010-10-17
مع إعلان المكتب التنفيذي الجديد
هل سنرى صورة أبهى لاتحاد الكتاب العرب..؟
يمكن القول الآن أن المشهد قد اكتمل تقريباً بعد أشهر من التحضيرات لانتخاب الفروع والمكتب التنفيذي الجديد لاتحاد الكتاب العرب، وهي التحضيرات التي رافقها الكثير من اللغط والتكهنات والخيبات وربما الدسائس.
على كل حال فقد أعلنت أسماء التسعة (المبشرين بالجنة) وكانت القائمة لا تخلو من بعض المفاجآت، فلأول مرة ينعدم التمثيل الفلسطيني، وهو الأمر الذي كان يأخذ بالحسبان طوال تشكيل المكاتب التنفيذية المتعاقبة، وكان الأديب الفلسطيني د. ياسين فاعور مرشحاً ليكون بين التسعة، كما أن القائمة خلت، ولأول مرة، من التمثيل النسائي، وهو مستغرب سيما وإنه بات تقليداً خلال المكاتب السابقة، وقد كانت الأديبتان جمانة الطه وحنان درويش من المرشحات لهذا المكان.
من جهة أخرى تبدو الأسماء، المنتقاة (فيما يتعلق بأدباء الجبهة الوطنية وهم غسان كامل ونوس- د. حسين جمعة- د. قاسم مقداد- د. راتب سكر- د. نزار بني المرجة- باسم عبدو) والأسماء المنتخبة (فيما يتعلق بالمستقلين وهم د. ابراهيم الجرادي- مالك صقور- غازي حسين العلي)، متوازنة ومنسجمة إلى حد كبير، وهي حسب رأينا، موفقة بنسبة كبيرة تصل إلى حدود الـ 75%، روعيت فيها جملة من القضايا منها الإبداعي والكاريزما الشخصية والسمعة الأدبية والكفاءة الإدارية دون إغفال التوازنات المناطقية وإلى حد ما التمثيلات السياسية، وبهذا فإننا نتوقع أن لا تثير هذه القائمة الكثير من الاعتراضات التي ستبرز، حسب توقعنا، من بين بقية الخمسة وعشرين الذين لم يحالفهم الحظ بدخول المكتب التنفيذي رغم جدارة بعضهم، مع الاعتذار عن إيراد الأسماء.
وعليه فقد تمثلت دمشق والمنطقة الجنوبية بأربعة أعضاء هم (حسين جمعة وقاسم مقداد ونزار بني المرجة وباسم عبدو) كما تمثل الساحل بعضوين هما (مالك صقور وغسان ونوس) فيما تمثلت حلب والمنطقة الوسطى بعضوين هما (راتب سكر وغازي العلي) فيما بقي ابراهيم الجرادي الممثل الوحيد للمنطقة الشرقية.
في التوزع السياسي مثل البعثيون ما يقارب الـ 60% من مقاعد المكتب الجديد (غسان ونوس- جسين جمعة- قاسم مقداد- راتب سكر- نزار بني المرجة)، فيما حصل اليساريون القوميون والمحسوبون على التيار العلماني ما يقارب الـ 30% من هذه المقاعد (ابراهيم الجرادي- مالك صقور- غازي العلي)، فيما اكتفى الشيوعيون بما يقل عن 10%، وهو رقم بات ثابتاً تقريباً منذ الدورة الماضية حيث كانت الدورات السابقة تمنح الشيوعيين مقعدين على الأقل في المكتب التنفيذي.
على الصعيد الإحصائي فإن نسبة توزيع المقاعد في المكتب التنفيذي الجديد تبدو مجحفة إلى حد ما، فالبعثيون الين استأثروا بـ 60% من المقاعد لا يشكلون في الحقيقة أكثر من 20% من أعضاء الاتحاد الذين تجاوزت أعداهم الـ 800 عضواً، وهو ما يثبته الاستئناس الحزبي، الذي انعقد بدمشق قبيل المؤتمر، إذ دعي إليه مائة وعشرين أديباً فقط ،هم أعضاء الاتحاد من البعثيين الذين يحق لهم الانتخاب.
ورغم عدم وجود احصائية دقيقة، بل وحتى تقريبية، لأعداد الأدباء الجبهويين، إلا أن الجميع متفق على وجود أعداد كبيرة من الأدباء الشيوعيين وبقية الأحزاب الأخرى كالناصريين والاشتراكيين والوحدويين وغيرهم، قد تقارب أعداد الأدباء البعثيين وبهذا فإن تمثيل كل هؤلاء بمقعد وحيد قد لا يكون منصفاً، اللهم إلاّ من الناحية السياسية، حيث يبرز هذا التمثيل المحدود ضعفهم السياسي ومحدودية تأثيرهم..؟
قائمة المكتب التنفيذي الجديد هي اليوم، وحتى تاريخ كتابة هذا المقال، على طاولة القيادة السياسية لاختيار رئيس الاتحاد ونائبه، وهنا لا بد من الاشارة إلى المعارك التي دارت خلف الكواليس وفي أروقة المؤتمر قبل وأثناء وبعد انعقاده.
فقد سمعنا، كما سمع غيرنا بأن د. قاسم مقداد قد تلقى إشارات من القيادة السياسية تشجعه على الترشح وتعده باختياره رئيساً لاتحاد الكتاب العرب، تجنباً للمشاكل التي وقع بها المكتب السابق وبروز خلافات وانقسامات داخله كادت تودي به مرات عديدة. وإنه، أي المقداد، إن لم يأت رئيساً فسوف ينسحب من المكتب التنفيذي.
بالمقابل فإن الكثير من المتابعين يرون بأن د. حسين جمعة قد تلقى إشارات بدوره تعده بإبقائه في منصبه وتجديد رئاسته لدورة أخرى سيما وإن الرجل قد اكتسب خبرات إدارية صارت ضرورية في هذه المرحلة.
من وجهة نظرنا، وبعيداً عن التكهنات، نعتقد بأن د. حسين جمعة باق في منصبه، كما أن د. قاسم مقداد لن يغامر بالانسحاب من المكتب التنفيذي إن لم يأت رئيساً، وذلك لسببين:
الأول: أن التفكير بتجديد الرئاسة لـ د. حسين جمعة هو أمر منطقي وقابل للعمل به إذا ما تم تجاوز أخطاء المرحلة السابقة والنظر إليها على اعتبارها إحدى نتاجات المرحلة السابقة، فهو قد ورث أعباء مالية وإدارية كما كان بحاجة إلى وقت طويل ليخرج من ثوب الأسلوب والذهنية التي كان يدير بها د, علي عقلة عرسان المكتب التنفيذي طوال ما يقارب الثلاثين عاما.
ثانياً: إن د. قاسم مقداد، وبفرض صحة ما أدلى به من تصريحات حول انسحابه، ورغم جدارته برئاسة الاتحاد، إلا أنه، وكما هو معروف عنه، لن يقدم على خطوة الانسحاب، وهو إن حاول ذلك، فسيجد عشرات الأصدقاء والمخلصين الذين سيثنونه وينصحونه بعدم الإقدام على هذه الخطوة، لأن هذا سيضعف من مصداقيته أمام الذين انتخبوه كما سيربكه أمام من دعم ترشحه داخل جهازه الحزبي.
من المؤكد أن د. مقداد مكسب كبير للمكتب التنفيذي، وهو كأكاديمي وكاريزما أدبية وسياسية قادر على إحداث الفارق داخل المكتب التنفيذي عند صياغة التوجهات القادمة لعمل اتحاد الكتاب.
لن أدخل في تفاصيل عمل المكتب القادم، وإن كانت خطوطه العريضة واضحة إلى حد ما، خصوصاً فيما يتعلق بتوزيع المهام، إلا أنه من الضروري أن يتم التنبيه إلى قضيتين أساسيتين على المكتب القادم إيلاؤها الاهتمام الكافي، ووضعها نصب عينيه لأنها اليوم هي مقياس النجاح المستمر لاتحاد الكتاب، إن أراد التحول إلى مؤسسة إبداعية والانخراط في المجتمع:
القضية الأولى تتعلق بضرورة إعادة النظر في وظيفته الثقافية والفكرية، فهو، أي اتحاد الكتاب، جهد طوال السنوات السابقة بتكريس التوجهات النقابية على التوجهات الإبداعية، وهذا، وإن كان مبرراً في وقت ما، لضرورات تتعلق بترسيخ الدعائم الإدارية والقانونية والمالية للاتحاد، إلا أنها اليوم ستصبح فائضة وستجعل من الاتحاد مؤسسة مترهلة ومنبوذة إن تم المبالغة بالسير نحوها، ولهذا بات مطلوباً الآن قلب المعادلة والتخفف من النقابي لصالح الإبداعي، سيما وإن الاتحاد قد أنجز بشكل عالي السوية مهامه الإدارية والمالية والقانونية، وهذه، وللأمانة، تحسب لـ د. علي عقلة عرسان بشكل خاص.
القضية الثانية تتعلق بضرورة التفكير بالاستثمار وإنهاء نقاشه وتداوله على الورق و المنابر، فقد صار مطلوباً الخروج من حالة الاسترخاء التي تعم الاتحاد والاكتفاء بفوائد (الوديعة) الموجودة في البنوك، لأن هذا سلاح بحدين، فهي وإن كانت تغذي اليوم الإنفاقات المتزايدة للاتحاد، إلا أنها، وفي الوقت نفسه تتآكل وهي في مكانها بفعل التضخم و تراجع الليرة وغلاء الأسعار.
المطلوب اليوم، وهو أمر حيوي ومصيري لاتحاد الكتاب إن أراد المضي بمشروعه الثقافي والاجتماعي، أن تشكل لجان متخصصة بالاستثمار، حتى وإن اضطر الأمر للاستعانة بخبراء متخصصين من خارج الاتحاد، وذلك لوضع خطط وبرامج ومشاريع مجدية اقتصادياً، يتم توزيعها على كافة المحافظات بحيث ستكون قادرة في السنوات القادمة على تغذية إنفاقات فروع الاتحاد، وهو ما يمكن أن يتحول تدريجياً، وبفضل هذه الاستثمارات، إلى نوع من التمويل الذاتي.
أجل.. لقد آن لهذه الوديعة أن تخرج من البنوك وتخوض تجربة مفيدة ورابحة في الأسواق، ونتمنى أن يولي المكتب الجديد هذه القضية ما تستحقه من اهتمام.
بقي القول أن ما أثير حول د.حسين جمعة واتهامه بتزوير النتائج هو أمر مبالغ ومشكوك فيه، بل ويحتاج إلى نقاش هادئ لتبين حقيقة ما جرى، ومن موقعي كشاهد على بعض تفاصيل الانتخاب أجد نفسي مضطراً للدفاع عن الرجل لأني مقتنع بأن (الخطأ) الذي حصل، حتى وإن كان مقصوداً، قد تم دون علم أو توجيه الجمعة للأسباب التالية:
- إن ورقة الانتخاب كانت تعرض على الحضور قبل قرائتها من خلال شاشة كبيرة مربوطة براشق وهذا يلغي أي شك بقراءة غير الأسماء الموجودة في ورقة الانتخاب.
- إن د.حسين جمعة، وهو الشخص الذي كان يفرز الأصوات الانتخابية من على المنصة وعبر مكبر صوت، وبفرض أن فكرة التزوير قد راودته، إلا أنه، وبرأينا، كان يدرك جيداً أن جميع المترشحين جالسون في القاعة يسجلون الأصوات التي حصلوا عليها وربما أصوات منافسيهم أيضاً، لذا فمن الحماقة أن يفكر بالتزوير لأن هذا سينكشف بسرعة وقد يؤدي ذلك إلى ما لاتحمد عقباه.
- إن د. حسين جمعة كان يعرف مسبقاً أن حصوله على أعلى الأصوات في انتخابات المجلس لن يعني حصوله بالضرورة على مقعد الرئاسة لأن هذا مرهون بحسابات أخرى ليست الأصوات فقط هي التي تحددها وإلا كنا سنقول بأن غسان كامل ونوس، وهو الذي حصل على أعلى الأصوات، هو الرئيس المقبل لاتحاد الكتاب العرب، وهذا ما لن يحصل لحسابات وتوازنات تناقش خارج الاتحاد.
نعم، لقد حصل الخطأ أو التزوير، وتعمد أحدهم شطب أصوات من غسان ونوس بغية وضع د. حسين جمعة على رأس قائمة الفائزين، ولكني، وللأسباب التي ذكرتها، أشك بأن د. جمعة متورط في ما حصل، وأعتقد أن القضية قد تم التعاطي بها على نحو مريب للإساءة للرجل أكثر مما هو خدمة للحقيقة.
بشير عاني
[email protected]
08-أيار-2021
12-آذار-2016 | |
21-تموز-2012 | |
05-تموز-2012 | |
05-حزيران-2012 | |
24-آب-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |