Alef Logo
المرصد الصحفي
              

إعادة التفكير في الظاهرة الدينية نص محاضرة لمحمد أركون ينشر للمرة الأولى

2010-11-01

تقديم
في العام 2002 استضافت جامعة البلمند المفكِّر محمد أركون، فدعت إلى لقاءات حوارية عديدة مع مفكِّرين وجامعيين لبنانيين، ونظَّمت حلقات نقاش مع أساتذتها وطلابها في إطار برنامج "الحضارات والثقافات". وقد ألقى خلال وجوده في الجامعة محاضرة عامة بعنوان إعادة التفكير في الظاهرة الدينية بعد 11 أيلول.
تكلَّم المفكِّر الجزائري الأصل محمد أركون أمام حشد من الأساتذة والطلاب الجامعيين والمثقفين والمهتمين بالشؤون الفكرية والثقافية في أوديتوريوم جامعة البلمند، وبدعوة منها. استهل أركون محاضرته شارحًا ضرورة إعادة التفكير في الظاهرة الدينية بعد 11 أيلول، حيث لا بد من استنتاج الكثير من الأفكار والبرامج الجديدة للبحث العلمي عن الأديان. ذلك أن الحروب بعامة كانت تبرَّر استنادًا إلى معايير دينية، مقدِّمًا مثلين: ما استند إليه الرئيس الفرنسي ميتران تمهيدًا لحرب الخليج، وما قدَّمه الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش من تبرير تمهيدًا للحرب على أفغانستان بعد أحداث 11 أيلول.
وتابع قائلاً: "علينا إعادة النظر في المعجم الديني لنسأل أين الخلافات التي تجعلنا ندخل في حروب مع الغرب والعكس من دون إيجاد حل، أو اعتماد معجم آخر نتَّفق حوله جميعًا لنفكر من جديد في ما نسميه بالقيم، ونوجد معجمًا ودراسات جديدة للكلام على الثقافات والحضارات، تستند إلى ما نعلِّمه في الإنسانيات والتاريخ المقارن للأديان".
ارتكز أركون في توضيح فكرته على ثلاث مقاربات، شارحًا أبعادها ومعانيها، بدءًا بالسؤال عن إرادة السيطرة على منطقة البحر المتوسط ومغزاها، حيث ظهرت أديان تستعمل القيم والإطار الفكري نفسها. فالمقاربة التاريخية للظاهرة الدينية تمكِّننا من فهم العلاقات الثقافية بين الأديان التي تطورت معاجمها منذ القرون الوسطى حتى اليوم.
وشرح ظاهرة ترابط الأديان، والقراءة العمودية لها في ما يسمَّى التنزيل، وضرورة وأهمية القراءة الأفقية، أي التاريخية، وذلك لأن الكتب المنزلة اعتمدت على التاريخ الذي سبقها، ما يحيلنا إلى الاطلاع على الثقافات القديمة ودراستها، مستشهدًا بأمثال من الكتب الدينية، كقصة أهل الكهف الواردة في القرآن، إشارة إلى المسيحيين الذين اضطهدوا في عهد ديوكلسيان، وقد استخدمها القرآن للاستشهاد والتدليل على الذين يقدمون حياتهم في سبيل المعتقد.
وتحدث أركون عن الخلافة كإطار سياسي للثقافة العربية، والمطلوب دراستها للتحرر من كثير من التأويلات والنصوص القديمة التي فرضها السلف، ملحًّا على وضع هذه الفكرة في برنامج للبحوث والتعليم لاستخلاص المعلومات المحققة للبحث. كما دعا إلى التفريق بين أوروبا والغرب في حوار هادئ. فبعد 11 أيلول يتحدث العرب عن الغرب، كمستعمر ومهيمن وما شابه، ولا يقصد بذلك أوروبا كمفهوم جغرافي–سياسي وتاريخي المختلف عمَّا نسميه الغرب، أي الولايات المتحدة، المهيمنة حتى على أوروبا اليوم، والتي بدأت تناضل ضد هذه الهيمنة، في عملية انتقال تشهدها المرحلة الجديدة من مفهوم الدولة–الأمة إلى مفهوم أوسع ذي أبعاد فكرية وكيانية وسياسية لا نجدها في المفهوم السياسي الذي نستعمله للغرب.
ولاحظ نقصًا في دراسة فترة الثورة العربية–الاشتراكية، وما تلاها من فترات، أو ما انبثق منها من ظواهر نضالات سياسية.
ثم دعا، في مقاربة ثانية عنوانها إبداع الأفكار والمجتمع، والبناء الأنتروبولوجي له، إلى بناء مفاهيم من خلال العقل تعبِّر عن الواقع السياسي والديني في المجتمعات... والبقاء في مجال العملية الإنتاجية–الإبداعية للأفكار Ideation والتمييز بين إنتاج مفهوم لتحليل الواقع، والصراع الإيديولوجي والسياسي.
قارن أركون منحيين في تطور المجتمعات التاريخية، بين مجتمعات قبلية ومجتمعات كوَّنت أنظمتها السياسية. فتحدَّث عن الانتقال من المشافهة إلى الكتابة، ومن الثقافة الشعبية إلى الثقافة العالمة، ومن الهرطقة إلى القوانين، شارحًا تفاصيلها، ومقدمًا أمثلة ونماذج عنها، وكذلك عن الجدلية المستمرة في كل مجتمع في الإطار المذكور، مركزًا على ضرورة الاعتماد على الأنتروبولوجيا في البحث العلمي عن المجتمعات.
في المقاربة الثالثة تحدث عن الظاهرة القرآنية، شارحًا معنى كلمة "ظاهرة" كشيء موجود لكننا لا نفهمه أو ندركه بحواسنا، ولا نملك مفاتيح تفاسيره. غير أننا عندما نتخاطب، نبدو عالمين يقينًا في ما يخص الدين، ونحن في الحقيقة جاهلين لأشياء أساسية يعبر عنها الدين. وانطلق عارضًا ظاهرة البحث في الكتب السماوية التي انتشرت في الشرق الأوسط في القرون الوسيطة، وفي مناخات علم تلك العصور، ولم يعد يكتب عنها إلا القليل بما هو مثبت علميًا في تطور العقل اليوم.
شكا أركون من نقص لغوي بسبب عدم طرح إشكالات الظاهرة الدينية. ثم تطرَّق إلى عبارة "كلام الله". أما الخطاب القرآني، والنصوص المثبتة رسميًا عند كل الأديان، فوصفها أركون بالمقفلة، أي أنها لم تعد مطروحة للنقاش والنقد. في هذا السياق تحدَّث عن العصور التي مرَّت بها الأديان من مرحلة النشوء، إلى الكلاسيكية، فالمدرسية الأخوية، فالنهضة الإصلاحية، فالأصولية، مقدمًا أمثلة من الأديان المختلفة ومبرزًا الجمود الذي يعتري البحث منذ ظهور النصوص الرسمية المتداولة حتى اليوم. وأخيرًا تساءل أركون عن قدرة العقل اليوم في ما يمكن أن يقدمه، وهو يمرُّ في طور أزمة معرفية تمسُّ الفكر الديني والأخلاقي والعلمي... وهذا ما يستدعي ضرورة استنباط طرح جديد للظاهرة الدينية لكي ندرسها دراسة علمية، في موقف لا ينفي العقائد، ولا يعرض عن إعطائها الأهمية التي تستحق، كما لا ينفي الدراسة اللاهوتية، على أن تكون دراسات جدِّية واسعة الأفق ومعمَّقة تهيئ أساتذة يعلِّمون الدين من منظور علماني، علمي، تاريخي، أنتروبولوجي، تعطي الذاكرات الجماعية ما تستحقه من اهتمام، والحق في أن تعبِّر عن نفسها باللهجة التي تتكلم بها.
جورج دورليان
24-9-2010
- النهار 31/10/2010

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow