الفردوس المفقود
خاص ألف
2010-11-03
(1)
_ شامة... اثنتان... ثلاث.......عشرة.. إحدى عشرة.. اثنتا عشرة.. ثلاث..
حسنا هذا يكفي، يلزمكِ إحدى عشرة شامة فقط في وجهك لتدخلي الجنة، حان دوري الآن، عدي لي أنتِ.
_ واحدة.. اثنتان.. ثمان.. تسع.. تسع فقط..
_ تأكدي.. هناك واحدة فوق حاجبي.. رأيتها البارحة!
_ مرة ثانية : واحدة.. اثنتان... تسع والله لديك فقط تسع.
_ لا يهم.. عندما أكبر ستظهر شامات كثيرة في وجهي وسأدخل الجنة، وأنتِ ياصديقتي انتبهي جيدا على شاماتك وإلا ستخسرينهم وتدخلين النار..
(2)
_ قلت لها: نصيب.. نصيب.. هذا قدركما، ليس ذنبكِ، ولا تقولي إنك تركته، هكذا كٌتب لكما، ثم دعيني أخبرك شيئا، نحن النساء يا عزيزتي، ننجرف وراء الموحيات الأولى للحب، ونبني عليها، بينما هي في الغالب، ليست إلا كالعفن الذي يستريح على السطوح الرطبة، يغريكِ باللمس عن بعد، وينفرك بالرائحة عن قرب، وكل ماحدث لا معنى له، ليس جديراً بالاهتمام، يصبح كذلك، عندما يصل حدود الاهتراء إلى الداخل، داخلك، وعندما يبدأ ذلك العفن الطري بالتغلغل في مساحات القلب الدافئ، قلبك، حينها، ورغم كل المنغصات، لا تملكين سوى أن تستسلمي لهذا الوجع الكلي العذب، والذي، لحسن حظك، لم يكن من نصيبك هذا المرة، فلا تحزني يا صديقتي، و تذكري دوماً أن ما حدث نصيب.. نصييييب.
(3)
_ قالت صديقتي: منذ تسعة.. أو عشرة أعوام ارتديناه، كان لونه أبيض، كم زغردتْ أمي يومها، وكم بكت والدتكِ…
لحظة لامس رأسينا للمرة الأولى، رأينا الضدين مبهورين في المرآة: أبيض/ أسود.
والأبيض غالب دوماً، حين يكون الأسود الجميل معكوساً للظلمة ونزيهاً في الشهوة. لو تعلمين كم هتفتُ في سري بعد سنين: يوم واحد.. واحد فقط.. في الشهر.. في السنة.. بل في العمر.. أريد أن يكون الأبيض الوحيد الذي يلف شعري هو الأثير اللاهث فقط.. ولو ليوم واحد.
_ قلتْ: مالذي ذكركِ بهذا الآن؟
_ هو.. قال لي: عندما نتزوج، أريد الشعر البرّي طليقا دوماً.. فهناك.. أريدك أن تكوني أجملهن..
_ وأنتِ ؟ وأهلك؟ هل وافقتم؟.
_ لا أعلم، لكن أهلي يحبونه كثيرا ومتمسكون به.
_ وأنت، تحبينه؟
_ لا أعلم، لكنه يليق بي وبهم..
_ على خلاف سابقه؟!
_....
_ أنت وحدك تملكين الاختيار..
(4)
منذ زمن وأنا أتسقّط الأجوبة من غشاء الذاكرة.. لكن عبثاً.. والسؤال المرّ يخشى إشارة الاستفهام...
_ أريد أن أصرخ أن أحتج..
_ قال لي: ضدّ من ولأجل من.. ومن أجل ماذا؟.
_ضدكم.. لأجلنا ..(نا الدالة على الفاعلات هذه المرة)، من أجلها.. الحرية..
_ احتجي واصرخي كما تشائين، وأنا.. معك... دائما…
الضحكة الكبيرة، ضحكته، كم تشبه قارباً اعتمد خط الأفق..
جواز سفر واحد لي فقط.. للعمل، للدراسة، لإرضاء الفضول الأكّال..، هذا هو ادعاء الحرية المشتهاة.. وتقول لي: خذيها.. واجتهدي لأجلها.. هي من حقك.. ممن؟ من أهلي أو منك؟!.
_السعودية.. نتزوج هنا ونسافر فورا .
_ لا أريد.. أي مكان إلا ذاك، فلنبق هنا إذا شئتْ، نبقى هنا، أجل، لكن ليس إلى هناك..
وتهدل أمي: آه.. تحلمين بالسفر إلى بلاد الكفار وتتمنعين عن أقدس مكان في الأرض..
(5)
القلب الحزين يحدّق في السماء وحيداً، كغيمة يزنّرها خيط.. الخيط قصير ومشدود، من يقطعه.. منْ؟.. قبل أن يذوي القلب ويتشظى في الصدر، كغيمة سقطت في غفلة عن الريح..
_هتفت صديقتي: اقبلي به.. تزوجيه.. وسنعمل عرساً مشتركاً أنا وأنت.. ومن يدري، ربما نسافر لعندكما أنا و زوجي.. ونذهب جميعا للحج وتكتب لنا الجنة..
_ الجنة.. لديك مرآة.. أو بلا مرآة.. سأعدّ لك أولا: واحدة.. اثنتان.. إحدى عشرة.. على الحدّ تماما!، عدّي لي أنتِ.
_واحدة.. اثنتين.. تسع، مازالوا تسع..
_أعلم.. لكنهم اتسعوا قليلا وأصبحوا أشدّ غمقة..
(6)
همستِ المرآة: ستبقين وحيدة.. وحيدة ومنبوذة.. تذرين الآهات في مسيل الندم الأسود..
_إذن.. وحيدة ومنبوذة، كورقة ((لايحبني)) أخيرة في زهرة ياسمين..
ابتسمتُ لمرآتي وضاحكتها: اليوم اكتشفت شامة جديدة قرب أذني(هل تُحسب الأذن من الوجه؟)، باقي واحدة فقط وأد.. لكن مهلاً..، هو.. كم شامة في وجهه يحتاج ليدخل الجنة؟!!.
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |