كنا قد انتهينا لتونا من تحضير ملف عن المفكر العلماني فرج فودة الذي اغتالته يد التكفريين المصريين دون أية رحمة بعد أن اعتبر مرتدا عن الدين .. وكنا سننشره بالمناسبة السنوية الرابعة عشرة لاغتياله حين باغتتنا الحرب اللبنانية وأبعدتنا عم كل شيء سواها. نحن سنعتبر فترة الحرب اللبنانية، فترة الاعتداء الصهيوني على لبنان، فترة الحرب السادسة كما سموها فترة مستقطعة لأجل هذا سنقدم الملف على مراحل .. كل يومين أو ثلاثة ننشر جزءا منه .. لعلنا بذلك نذكر بشيئين أولهما أن تكون علمانيا ليس أمرا سهلا فإنه محكوم عليك بالموت مع وقف التنفيذ إلى أن يحين ذلك وثانيهما عليك أن تكون شجاعا لتعلن ذلك أمام الملأ ..
اعتبر فرج فودة زعيم العلمانيين في مصر، ذهب في معظم كتاباته إلى الدفاع عن حرية الفكر
والعقيدة وحقوق الأقليات ودحض الأصول الفكرية لتيار الإسلام السياسي، وبسبب أفكاره تلك اغتيل من قبل بعض المنتمين إلى التيار الإسلامي في مصر، فلقب بشهيد الكلمة وشهيد حرية الفكر والعقيدة.
حصل فرج فودة على بكالوريوس الزراعة عام 1967، ثم الماجستير عام 1975م.
استكمل دراساته العليا بالحصول على دكتوراه الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس عام 1981م.
عمل فرج فودة مدرساً بزراعة بغداد، ثم خبيراً اقتصادياً في بعض بيوت الخبرة العالمية.
بعد فترة أصبح فرج فودة يملك ويدير (مجموعة فودة الاستثمارية)، ثم انضم إلى حزب الوفد ثم انفصل عنه، وأصدر كتاباً بعنوان (الوفد والمستقبل) هاجم فيه الحزب ودعا إلى عدم الانضمام إليه.
كانت بداية صراعه مع التيار الديني الإسلامي، عندما اختلف مع الشيخ صلاح أبو إسماعيل، حيث كانا في حزب الوفد عام 1984، حيث أصر فرج فوده على علمانية –أي لا دينية- الوفد، بينما أصر الشيخ صلاح أبو إسماعيل على إسلامية الوفد، وعندما أعلن رئيس حزب الوفد "إسلامية الحزب"، خرج فوده من الحزب، وأسس حزباً جديداً أسماه"حزب المستقبل"، ووضع غالبية مؤسسيه من الأقباط، بالإضافة إلى الدكتور الأزهري أحمد صبحي منصور.
رشح فرج فودة نفسه في انتخابات مجلس الشعب عام 1987 بصفته مستقلاً عن دائرة شبرا، ولكنه لم ينجح.
بدأ ينشر أفكاره الداعية إلى التعايش السلمي مع إسرائيل، إلى جانب اتهامه من قبل البعض بأنه كان يهاجم العديد من الشيوخ ورجال الدين.
أعلن أنه ضد فكرة إقامة دولة إسلامية او تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، وظهر ذلك واضحاً في مناظرته الأخيرة التي عقدها والدكتور محمد أحمد خلف الله في معرض الكتاب (يناير 1992) في مواجهة الشيخ محمد الغزالي والمستشار مأمون الهضيبي والدكتور محمد عمارة، وهي المناظرة التي أثارت حنق الكثيرين وعامة الشعب، وأصحاب الاتجاه الإسلامي على وجه الخصوص.
اتهم الدكتور فرج فودة بأنه مرتد عن الدين الإسلامي بسبب أفكاره تلك، وصدور كتابه "الحقيقة الغائبة" حيث أنكر فيه وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية وأنكر الحدود مما دعا اثنين من كبار الشخصيات الدينية في البلاد وهما " الدكتور محمود مزروعة، والشيخ محمد الغزالي" إلى الشهادة بأنه يدخل في زمرة المارقين والمرتدين عن الإسلام.
اغتيل الدكتور فرج فودة على أيدي الجماعات الإسلامية في يونيو من عام 1992، أثناء خروجه من مكتبه بمدينة نصر.