ما هو مستقبل العلمانية في سورية / منى غانم
2011-01-30
مما لاشك فيه أن الحلقة الإخيرة من برنامج "البلد براك" قد طرحت العديد من الأسئلة المهمة حول واقع العلمانية في سورية ، غير أن الشئ الأهم هو توقيت هذا التساؤل حول هوية سورية في محاولة لإعادة إقناع الرأي العام بعلمانية سورية .
ولعل السؤال الذي يجب أن يطرح ما هو مستقبل العلمانية في سورية في ضوء الكثير من التغيّرات التي تحدث في المجتمع و التي شكلت مخاوف كثيرة لدى دعاة العلمانية. ومن أهم هذه التغييرات هو واقع التعليم الخاص و الذي أصبحت تشرف على معظمه جهات دينية إسلامية كانت أم مسيحية و بطبيعة الحال فإن هذه الجهات قد حصلت على تراخيص مدارسها من وزارة التربية مما يعطي انطباعا مؤكدا عن طبيعة الأجيال التي تريدها وزارة التربية لسورية بعد 15 سنة من اليوم!!!
و أما الحديث عن توحيد المناهج الدينية ضمن منهاج الأخلاق فإنه، في ظل تركيبة التعليم الخاص السوري، هو تناقض مع الواقع وغير ممكن التحقيق تبعاً للهوية الدينية لكل مدرسة وأما منع المنقبات من التدريس ماهو إلاذر الرماد في العيون ومحاولة لتغيير النظرة إلى واقع التعليم المعروف في سورية من خلال التضحية ببعض المعلمات .
مما لاشك فيه أن سورية ليست دولة دينية بل هي بلد الموزاييك الديني والمذهبي ، و أن القوانين المدنية السورية التي تنظم الحياة العامة في البلاد ليست قوانين معتمدة على الشريعة الإسلامية غالباً. و لكن هذا النصف المشرق ما يلبث أن يتحول إلى نصف مظلم عندما يتعلق الأمر بالحياة الخاصة الأسرية وبخاصة ما يتعلق بأوضاع النساء السوريات ، فيصبح من الضروري أن يحتكم إلى الشرع على مختلف مشاربه الدينية في حين تتحفظ الحكومة السورية على معظم مواد اتفاقية إلغاء التمييز ضد المرأة بدواعي مخالفتها للشريعة الإسلامية؟؟؟ وحتى عندما تتقدم دراسات فقهية و شرعية تثبت عدم اتفاق الشرع مع تحفظاتهم يؤخذ بالرأي المتشدد ؟؟؟
وترى الحكومة السورية أن لرجال الدين دوراً كبيراً في الموقف من قضايا المرأة وعندما علت الأصوات المطالبة بوقف قتل النساء السوريات بدواعي "الشرف" دعي رجال الدين على مختلف انتماءاتهم من قبل الحكومة لإبداء الرأي على الرغم من أن القضية هنا قضية عرف اجتماعي و قبلي و ليس ديني كما بينها المفتي العام للجمهورية وعدد من علماء الدين المتنورين .
وأما تطوير قانون الأحوال الشخصية وصولاً إلى قانون أسرة عصري فهو اليوم بات من سابع المستحيلات بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 76 تاريخ 26-9-2010 القاضي بتعديل المادة (308 ) من قانون الأحوال الشخصية العام لترسخ تعدد قوانين الأحوال الشخصية تبعاً للدين والطائفة والتي جاء فيه:
تطبق بالنسبة إلى الطوائف المسيحية واليهودية ما لدى كل طائفة من أحكام تشريعية دينية تتعلق (( بالخطبة وشروط الزواج وعقده والمتابعة والنفقة الزوجية ونفقة الصغير وبطلان الزواج وحلّه وانفكاك رباطه ، وفي البائنة "الدوطة" والحضانة والإرث والوصية.
المادة الثانية- تُلغى الأحكام التي تنظم الأمور غير الواردة في المادة من هذا المرسوم التشريعي أينما وردت في التشريعات النافذة ، ولاسيما في القانون رقم 10 تاريخ /4/2004 والقانون رقم 23 تاريخ 27/6/2004، والقانون رقم 31 تاريخ 18/6/2006 .
و لا يهم إذا كانت دولا عربية أسلامية قد استطاعت تطوير قوانينها اعتمادا على الفقه الإسلامي لصالح بناء دولها الحديثة !!!!
و لعل الأمر الأشد غرابة هو ما يذهب إليه القانون السوري من مخالفة للشرع إمعانا في التمييز ضد المرأة من خلال تجريم المرأة الزانية ورفع عقوبتها أكثر من شريكها الرجل ففي المادة (473) من قانون العقوبات:"1 ـ تعاقب المرأة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين.
2ـ ويقضى بالعقوبة نفسها على شريك الزانية إذا كان متزوجاً وإلا فالحبس من شهر إلى سنة.
و كلنا يعرف أن ان العقوبة واحدة للرجل و المرأة في الشرع الإسلامي.
وعلى الرغم من الإنفجار السكاني الهائل الذي تعاني منه سورية ومن السياسات الحكومية الهادفة إلى تنظيم الأسرة ما زال قانون العقوبات يجرم التعاطي بوسائل تنظيم الأسرة؟؟؟
نعم لسورية صفة علمانية لكن هذه الصفة اليوم على المحك لتشكل اكبر تحدي يواجه مستقبل سورية التي أرادت أن يكون لها موقعا بين الدول الحديثة في القرن الواحد و العشرين ….
فهل يكتمل الحلم فتصبح المراة السورية مواطنًا في دولة الحداثة!!!!
عن موقع كلنا شركاء 26/1/2011
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |