ليبيا : عائلة تعلن الحرب / ألف
خاص ألف
2011-04-06
في هذه المقالة و هي مجرد وجهة نظر من إفريقيا عما يدور في ليبيا ، يمكن أن نلاحظ نصف الصورة . و هو الدور الإسلامي في الإطاحة بغريمه ، الديكتاتور و الطاغية حسب التعبير المتداول في سوق الصرافة في الغرب ، مع التغاضي عن نصف الصورة الآخر ، و الذي لم يوثق لبداية هذا العرس الدامي.
على أية حال إن أي تبدل في ليبيا سوف يكون لمصلحة أبنائها ، و لإفريقيا بشكل عام. سواء سقط النظام أم لم يسقط. فالفترة الطويلة التي مرت على هذه السلطة ، قد أفرزت عدة سلبيات فتاكة ، و في نفس الوقت أدت إلى انقسام النخبة الحاكمة في ليبيا إلى جيلين : قديم و جديد. و هذا يعني أن الذهن العالم ثالثي ، و ما يقف وراءه من عقل أفرو آسيوي ، يعيش في هذه الفترة شيزوفرانيا خاصة ، و حالة انقسام أو انشطار ، بين الممكن و المستحيل ، أو بين الرغبات و الواقع.
و هذا يضعه في نفس المشكلة التي مر بها أفراد الجيل الضائع ، و الناجمة عن شرور الحرب العالمية الثانية ، و ما أعقب ذلك من دمار و ضرورات لإعادة البناء.
لقد تغير وجه أوروبا قبل خمسين عاما. و تغير مجددا مع نهايات الألفية الثانية. و هاهو الجرس يدق بصوت مجلجل في الشرق الأوسط ، و في جنوب العالم ، من ساحل العاج و حتى هاييتي ، و من اليمن و حتى ليبيا ، من أجل إنجاز المنعطف الثالث الحاسم في التاريخ الحديث.
لا شك أن المسألة ليست صحوة إسلامية ، و ليست عودة بالتاريخ إلى الوراء ، و لكنها تداعيات ، لانهيار اقتصادي عالمي ، و لواقع ساكن و راكد. و الدليل على ذلك أن السودان بوجهه الإسلامي الكلاسيكي يحاصر ممثل المسلمين الأصوليين ( و هو الشيخ الترابي ) و يفرض على حزبه رقابة صارمة ، و أن الإخوان المسلمين ( و هم من المتشددين في مكافحة المذهب الشيعي ) ، و حزب الله ( المعروف بتأييده للنظرية الإمامية ، و حامل لواء الثأر لسيد الشهداء الإمام الحسين ) ، يقاتلان كتفا إلى كتف ، من أجل فجر جديد. و كذلك هناك إشارة مؤكدة على تداخل الآراء بين مستقلين ( بيدهم زمام المبادرة ) و إسلاميين ، التحقوا بالحركة في وقت لاحق.
لقد فشلت النظريات الستالينية ( لأسباب محلية و موضوعية ) في تغيير الواقع العربي ، و حتى في الوصول إلى دفة الحكم بأغلبية مريحة ( ما عدا كانتونات قليلة سرعان ما تراجعت ) ، و الآن يفشل الإسلام السياسي في التوصل إلى خلطة ناجعة تدفع موكب الواقع المتأخر إلى الأمام. و لم يبق على الشعوب إلا أن تستند على بداهاتها و فطرتها السليمة ، في تفكيك النظام ( السلطة بتعبير فوكو ) ، و النظام – الظل ( القوة بالنية – تعبير لفوكو أيضا ) ، من أجل معادلة جديدة و ملائمة ، أو ما يقول عنه الدكتور نديم البيطار ( إيديولوجيا انقلابية )...................
ننشر هذه المادة ولا نتبنى محتواها.. بسبب التفسير الشخصي لوضع الإسلاميين في الواجهة، والتي يمكن أن تؤثر على التحرك الشعبي الليبي.. ولكن نشرها لنبين للقارئ كيف يدرسنا الآخرون وكيف يمكن أن يدسوا أنوفهم في معطيات لاشيء يثبتها على أرض الواقع.
ألف
ليبيا : عائلة تعلن الحرب
أهاب تفوق نظام العقيد معمر القذافي ، بعد عشر أيام من القصف الجوي مترافقا مع ضعف الجماعات المعارضة من الناحية العسكرية ، ببريطانيا و فرنسا و الولايات المتحدة أن تتدخل في الحرب.
و مع أنه لاحت في الأفق إشارات قليلة عن انهيار مبكر للنظام ، هيمن على تكتيك التحالف الحاجة إلى قرار سريع. و أول التباشير العلنية لذلك واضحة في وجهة نظر وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون – و الإشارة إلى تصريحاتها في مؤتمر لندن المعقود حول ليبيا في 29 آذار – فقد قالت إن قرار مجلس الأمن الدولي لعام 1973 يسمح بتسليح قوى المعارضة.
و كان مقاتلو المعارضة اشتكوا جهارا أن مدرعاتهم و بنادقهم و قاذفات القنابل و المعدات اللازمة الأخرى ( قاذفات الصواريخ المتحركة التي تحملها الشاحنات ) جعلت منهم هدفا يائسا للبنادق الآلية و المدافع بعيدة المدى و قاذفات الصواريخ الثقيلة التي تستخدمها قوات القذافي المسلحة و المدربة. و من الأمور الهامة هنا النقص في الجنود المدربين بين قوات المعارضة : ففي مصراتا فقط ، و التي تقع بين قلعتين للقذافي هما سرت و طرابلس ، تجد لدى المعارضة نظاما دفاعيا متماسكا لصد الهجمات الموالية للنظام.
و يمكن القول إن أمريكا و بريطانيا أرسلت عناصر من الاستخبارات و القوات الخاصة للمساعدة في تحديد الأهداف بشكل دقيق و لتقدير محسوب بشكل جيد للقوة النارية التي يتمتع بها النظام.
و كما بلغ مسامعنا ، أدرج على القائمة الآن دراسة موضوع تورط الإسلاميين مع الثوار في ليبيا ، بعد عبارات تشجيع صدرت من القاعدة في المغرب الإسلامي (AQIM ). و الذي يزيد من لهيب النقاش الصورة المعقدة لما يعتقد الآن أنه حرب أهلية في ليبيا ( و لو أن الغالبية من الليبيين يعارضون القذافي ) ، أضف لذلك تورط الغرب المتزايد في النزاع.
فالمعارضون يؤكدون أن المتحمسين بين القادة – الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ، و رئيس وزراء بريطانيا دافيد كاميرون و كلينتون – لم يتوصلوا إلى تعريف واضح للمهمة ، فما بالك فيما يخص طريقة إنهاء النزاع. و المؤيدون يقولون إن تقهقر المعارضة أكد في هذا الأسبوع الحاجة إلى قوات أجنبية برية لتدعم موقفها ضد النظام. و ذكر مصدر أمني أن التحالف قد يخفف من الضربات الجوية ضد قوات القذافي في الأيام القريبة القادمة ، و ذلك سيسمح لهم بكسب الأرض و سيقوي من الرأي الداعي لقوات أجنبية.
القذافي و الأمير
ليس من المحتمل أن يتفوق أحد على القذافي ، و هو قارئ مخلص لمكيافيلي ، بمعايير ساخرة. فشخصنته للسلطة السياسية ، مع قواته المسلحة و مخابراته ، و ذلك بالمقارنة مع تونس و مصر ، لا يترك مجالا بين الضباط العسكريين للإشارة عليه بالإستقالة. و هذه المهمة ستلقى على كاهل أبناء القذافي سيف الإسلام و المعتصم و خميس ( الذي ذكرت المعارضة أنه لقي حتفه في ضربة جوية للتحالف في الأسبوع المنصرم ).
فشخصية القذافي لا تسمح له الاعتراف بالخسارة ، و لا سيما أمام من يرى أنهم اتحاد غير مقدس بين المتمردين الإسلاميين و أعوانهم الغربيين السذج. و تبدو خطة مسرحيته و كأنها معركة حتى الموت ، على خلفية اعتقاده أن انهيار نظامه سيعني فراغا ضخما في السلطة ، و هذا سيسمح بجر أطراف متناحرة من زعماء القبائل و القوميين و الإصلاحيين و الجهاديين ، و سقوطهم في الفراغ .
و تبين ثلاثة أحداث حاسمة وقعت في 29 و 30 آذار سرعة و هشاشة التبدلات على الأرض ، و هي : سرعة انعقاد مؤتمر لندن ، الذي حضره دبلوماسيون من 40 بلدا ، و انشقاق رئيس استخبارات القذافي السابق موسى كوسا ، و استعادة البريجا و راس لانوف لتنضوي تحت قبضة قوات القذافي مجددا.
و إن سرعة تطبيق منطقة الحظر الجوي ، بعد قرار مجلس الأمن الدولي في 18 آذار ، قد ساعد قيادة المجلس الوطني الانتقالي المؤقت في بنغازي، و أهلّه ليكون حليفا و ندا للتحالف الذي يهيمن عليه الغرب ، مع أن قطر و فرنسا فقط تعترفان به كسلطة شرعية وحيدة للبلاد.
و كان ممثلو المجلس الانتقالي قد استقبلوا في باريس و واشنطن و حديثا في الوايت هول خلال المؤتمر. و مع أنهم لم يمنحوا الحق بالاجتماع قام المسؤولون البريطانيون بتوزيع ثماني نقاط على الصحافة ، و هي التي اعتمدها المجلس بعنوان " مستقبل ليبيا بعد التغيير الديمقراطي " ، و بهذه الطريقة وصلتهم النتائج.
أطباء أسنان و ثوار
أجرت أفريكا كونفيدينشال مقابلة مع عدد من المقاتلين على خط النار في شرق ليبيا : معظمهم مهندسون و محامون و أطباء أسنان و مزارعون ، و لكن ليس بينهم من تلقى التدريب العسكري. و لم يوحدهم غير الرغبة بتجاوز القذافي. و كانت قد انهارت مزاعم حول انشقاق وحدات عسكرية نظامية روجت لها لجنة تنسيق المعارضة. و كان عدد من الجنود الذين فروا من بنغازي في منتصف شباط قد انضموا إلى صفوف المجتمع أو عادوا بهدوء و صمت إلى ثكناتهم ، مع الإصرار على رفض القتال مع أي من الطرفين. و كانت الكتيبة الثورية ( الفصائل ) التي حملت أعباء معظم الحرب تتألف من متطوعين بلا معدات كافية و بلا تدريب.
و هذا يفسر لماذا كان تقدم الثوار في أول الأمر بسرعة ، ثم ارتدوا على أعقابهم أمام فصائل نخبة القذافي المستعدة و المجهزة و التي لها قيادة عسكرية صارمة بإشراف ابنه الضابط خميس ، و ابنه الساعدي ، العائد إلى أحضانه بعد فترة أمضاها في فريق لكرة القدم. لقد كانت مع أبناء القذافي ميليشيا لا ترحم ، معظم أفرادها متطوعون من المهمشين في جنوب ليبيا ، و غالبا من السود أو المتورطين في مشاكل إفريقيا حيث كان العقيد يتوسط لفترة عقود طويلة من الزمن. و قد سلح القذافي أيضا قبيلته الصغيرة المسماة القذافة أضف لذلك قبائل و عشائر كبيرة " من بين الموالين له " ، منهم المقارحة. و كان العقيد حسن إشقال و هو من الموالين قد جهز ميليشيا أخرى ، و كذلك فعل أحمد إبراهيم عضو اللجنة الثورية ( انظر : AC Vol 50 No 19 ).
و ثبت للمعارضة ، أمام هذه التنظيمات ، إنهم بحاجة لبناء قوة عسكرية و بأسرع ما يمكن ، جزئيا من خلال كسب المنشقين. و من أهم هؤلاء اللواء عبدالفتاح يونس ، و هو قائد انقلاب عام 1969 ضد الملك إدريس. و كان وزيرا للداخلية حتى 22 شباط ، حينما تحرك إلى بنغازي بصفة قائد آمر في ( ليبيا الحرة ).
لم يكن يونس محل ثقة ، على أية حال ، و سريعا عين العقيد خليفة بلقاسم حفطر بصفة قائد ، و تم تخفيض رتبة يونس إلى قائد أركان. و كان حفطر قد انشق من الجيش الليبي خلال حرب الثمانينات مع تشاد و انضم إلى المعارضة في المنفى.
و لم يكن الارتباط بين المعارضة في ليبيا الحرة و الحركات الإسلامية مريحا لحلفائهم الغربيين.
ففي 29 آذار و خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي ، قال الأدميرال جيمس ستافريديس و هو القائد الأعلى للناتو في أوروبا ، إن الوكالات الاستخباراتية قد استدلت على " إشارات " تؤكد وجود القاعدة بين محاربي المعارضة في ليبيا ، و كذلك تأكدت من توفر رابط مع حزب الله.
و ذكرت القاعدة في المغرب العربي ، التي ركزت معظم نيرانها على الجزائر ، إنه في شباط سوف تفعل ما بإمكانها لمساعدة ثوار ليبيا. و اهتم أيمن الظواهري ، المصري الذي يعتبر اليد اليمنى لأسامة بن لادن ، بهذه المشكلة. و بدأت الاستخبارات الغربية تشك بتورط النظام الإسلامي السوداني ، و لكن أصرت الخرطوم على النفي ، و في 30 آذار قالت إن مساعداتها كانت إجمالا " إنسانية ".
و يمكن ملاحظة تورط إسلامي آخر : و هذا يعكس العلاقة التاريخية العميقة بين شرق ليبيا و الميليشيات الإسلامية ، و التي قمعها القذافي في مناطق مثل : درنا و البادية و بنغازي.
و قد استقبلت جماعات المقاتلين الإسلاميين مقاتلين جهاديين ، ذهبوا بدورهم للقتال في العراق جنبا إلى جنب مع القوى الإسلامية الأخرى. و يذكر أن نسبة المتطوعين الليبيين الذين قاتلوا القوات الغربية بعد غزو عام 2003 كانت أكبر من أي بلد عربي آخر .
و كذلك برزت بقايا من مسلحي الإخوان المسلمين المحليين. و تذكر قوات المجلس الانتقالي و مصادر أخرى أن بنغازي مضطرة لبحث تأثير الإسلاميين ، و نحن نسمع الآن أن الإخوان يضغطون لتبني نموذج تركي سياسي يسمح " بحكم إسلامي ضمن ضوابط دستورية ( انظر : Egypt Feature ). و قال أحد المصادر للإسلاميين إن هذا سوف يكون حاسما بعد الإطاحة بالقذافي و يمكن لأبناء شعب ليبيا أن يعبروا عن خياراتهم السياسية بملء حرياتهم.
و يرسم طيف المعارضة ، الذي يتألف من اليساريين العلمانيين سياسيا و الليبراليين و حتى الإسلاميين المتعصبين ، وجه المجلس الانتقالي . و لكن الإسلاميين الذين عارضوا أولا مستشار شؤون التربية ، كما سمعنا ، يستندون في ذلك إلى علمانيته ، و إلى ماضيه اليساري. و قد مر ترشيحه أخيرا، و لكن الإسلاميين يرغبون بالتحكم بالملفات الاجتماعية الحساسة ، حين تتشكل الإدارة المقبلة في الأيام القادمة.
الترجمة من ( كل إفريقيا All Africa) . 2 نيسان 2011 .
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |