مجازفاتٌ في حقائقَ غائبة (1)
خاص ألف
2011-04-30
كلُّ شيءَ يُنبئُ بِما سأُجازِفُ في نُطقهِ الآنْ..لكن، لا شيءَ يَمدَحُني حَقّاً، ولا شيءَ يُكمِّمُ حُنجرتي أيضاً، فالحقيقةُ ماءٌ دافِقٌ مِن دونِ لونْ. لذا، أنا لا أخشى أحداً.
أعتذرُ مِن كُلِّ أُذنٍ تَمنَحُني الآن قِسطاً مِن السَمعِ- أمامي- فأنا سأتَقَمَّصُ شَخصَ نَبيٍ عارٍ من النبوَّة، يُشاكِسُ اللغةَ تارةً والفَلسفةَ تارةً أُخرى؛ أنا هو هذا الذي يَقبعُ أمامَكم بِكاملِ عَبَثيته وفَوضاه؛ بِكاملِ أقنعتهِ؛ بكامل نَقصهِ، بل بِكاملِ جَهله
.
المجازفةُ الأولى: (حَقيقةُ مَنْ أنا؟)
أنا عقلي، وعقلي يقول: لا شيءَ يَقبعُ خارجي. الزمان، المكان، الكون، داخلي. أنا داخلي وحَولي أيضاً. ما لا أفهمهُ ليسَ لحِجابٍ أو للُغزٍ في خارجي، بل لِحِجابٍ أو للُغزٍ في داخلي. أنا لُغز. أنا أتألم. لا شيءَ يوجدُ في الخارج سوى المزامير التي لا تدعني أنام؛ المزامير التي تَتَحيّنُ فرصةَ ولوجي للمجهول لنلتقي فأكتشفُ أمراً ما. وأيضاً ذلكَ النداءُ الذي يترددُ في أُذني دوماً ويقول: انهضْ، ماذا فعلتَ حتى تنامْ؟. لكن مع ذلك، لا شيء سواي. أنا ثم الخارج. أنا مَن يحدِّدُ الخارج والخارجُ لأجلي. لا أعرف، لا أعرف. لستُ مطمئناً. النجدة.
عقلي نفسه يقول في موضعٍ آخر: لا شيء يدعو إلى التفاؤل. الموت بمعناه الواسع هو مستقبلي الحقيقي. أفعلُ لأجله. أنا وداخلي وكل ما حولي في الخارج لأجله؛ هو حياتي التي أحياها. أنا أفكّر بحق؛ فحتماً أنا متشائم. يا لتفاهتي. أنا ضعيفٌ، لستُ شيئاً. لم يبق شيء في الخارج أمامي دون أن اعرّفه، إلا نفسي، هل أفوقُ نفسي ؟. من أنا ؟ أنا أقتضي بالمنطق: إن من لا يعرف نفسه لا يعرف الآخر. كيف يمكن الوثوق بحَكَمٍ يجهل نفسه؟ أنا كذّابٌ دجّالٌ مُخادعْ ، وأدواتي أيضاً ... رسمتُ على صفحة كبيرة، دائرة سوداء تتخللها نقاط بيضاء، أبعدتُ الصفحة قليلاً، فحكمتُ أن لاشيء سوى دائرة سوداء. أنا فرضيّةٌ تدّعي الحقيقة. حقيقةُ الشيِء في داخله وليس داخلي. أنا داخلي، ماذا يعني ؟ لا أعرف، لا اعرف. أنا خائف. لستُ مطمئناً. قد أكون فرضية. النجدة.
عقلي يقولُ لي الآن: سيبقى السؤالُ على حالهِ-مُنفَرِجاً- لأن الإجاباتَ كُلُّها تموت وتبقى الأسئلةُ وحدَها خالدة كمصدرها. أنا سؤال
.
المجازفةُ الثانية:( الحَياةُ كَصَرخةٍ تلو صَرخة، بالتناوب)
الحياةُ تَملئني صراخاً. أنا صرخةُ الحياة، والحياةُ هي صرختي، تماماً كتلك الصرخة التي سمعتُها تقول في داخلي، ذات يوم: طريق الصواب واضح بيسر؛ لكنني أريد الوصول إليه بصعوبة؛ لأنني إنسان؛ لأنني رسول..
الصرخة التي سمعتُها تقول قبل سنة: دعني أتألم، لأثبت وجودي كإنسان..
الصرخة التي سمعتها تقول قبل شهر: دعوني أبدع لكم أخطاءً رائعة لكي تتلذذوا أكثر في بحثكم عن الصواب..
الصرخة التي سمعتها تقول قبل عشرة أيام: الخطأ يحتاج إلى بعض الوقت حتى يؤكد صوابيته..
الصرخة التي سمعتها تقول قبل أيام: الحقيقة يُساء فهمها دائماً..
الصرخة التي سمعتها تقول قبل يومين: لا تصدقوا أنفسكم؛ فأنتم أقرب إلى الخطأ منه إلى الصواب..
الصرخة التي سمعتها تقول قبل يوم: قد لا يُحبك؛ لكنه يُضحي بحياته لأجل حبك له، هي مسألة الذات لا أكثر؛ هي مسألة الذات..
الصرخة التي سمعتها تقول قبل لحظات: المعيشة في الغالب تعيق الحياة، ويجدر بالبطن أن يكون وسيلة للعقل، لا أن يكون العقل وسيلة للبطن..
الصرخة التي سمعتها تقول قبل أن أهمّ بالكتابة: ينبغي أن افعل الخير بوعي لا من تلقاء نفسي؛ فأنا إنسان..
الصرخة التي تقول لي الآن: لا تصدقوا ما أقوله؛ فهو افتراض هو افتراض..
الصرخة التي لابدّ أن تموت لتأتي صرخة أخرى فتزيل كل ما أقوله، ويبقى السؤال وحده حيّاً: ما الحياة ؟ لأن الأمر افتراض؛ لأنه افتراض.
عماد حسين أحمد
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |