مقتطفات من روح الزمان لإدغار موران / ترجمة : أنطون حمصي
خاص ألف
2011-05-03
تفسير مسألة الشبيبة
يبدو كل شيء يجري كما لو أن حركة عميقة للمجتمعات الحديثة كانت تنزع ، بصورة غير متساوية ، خلال النصف الثاني من هذا القرن إلى تكوين طبقة عمرية مرتهقة شبابية. و تلعب الثقافة المراهقة – الشبابية ، في هذه الحركة ، دور تمييز تكويني إذ تقدم نماذج و موضوعات و أشكالا ثقافية مشتركة و إحساسا مشتركا بالانتماء. و التمييز الثقافي يسهل الاندماج في المجتمع ، من جهة ، و يفغسخ المعايير الرسمية لهذا المجتمع من جهة أخرى.
و الحركة الثورية الطلابية اتبعت ، في الوقت نفسه الذي تعارض ، فيه ، بعنف ، تيار الثقافة المراهقة الدامج ، طريقا موازية للتيار المفكك و وجدت ، للمرة الأولى ، و لبضعة أسابيع ، في أيار 68 ، هذا التيار ، ينضم إليها ، في حين أنها ولدت منه ، قبل خمس سنوات ، في بيركلي.
و فضلا عن ذلك ، فإن هناك أصلا مشتركا للثقافة الشبابية و الحركة الطلابية هو تحرير الشبيبة ، إلغاء كيانها القاصر ، شيء يماثل ، على مستوى العمر ، ديمقراطية 1789 و تصفية الاستعمار.
و لكن هذه المساواة لا تعني الانصهار داخل الطبقة الراشدة. إن المساواة تعني الاعتراف بشخصية مستقلة ، مختلفة ، لها حياة أخرى و تعيش قيما أخرى.
و قد كان البتنيكيون ، و خاصة الهيبيون ، الرسل الواقعيين للتعايش بين مجتمعين مختلفين جذريا داخل المجتمع.
و إن جزءا صغيرا من الشبيبة ، الأقلية الثورية الطلابية بشكل أساسي ، يريد المضي إلى ما هو أبعد من هذه الأهداف ، إنه لم يعد يطلب الاعتراف بالأخروية ، بل بالبديل. إنه يريد قلب النظام الراشد لأنه يفكر في تولي مسؤولية صالح لجماعية الاجتماعية ، بل و الإنسانية العام ، خالطا طموحات المراهقة و مطالبها المتخمة بالحاجة الثورية أو مماهيا بينها. و هو يتبع ، إذ ذاك ، قطب جاذبية هذه الحاجة الليبرالية – الديمقراطية – القومية ، في بلدان الديمقراطيات الشعبية ، و الاشتراكية الفوضوية – الماركسية في البلدان الغربية ، و الماركسية – القومية – العسكرية في بلدان العالم الثالث.
و يمكن أن يكون هناك لقاء أو تحالف بين المصطلحات الثلاثة ( التحرر ، الأخروية ، الثورة ) في الطور الصاعد الحالي ، و لكن هناك هوة بين المصطلحين الأولين و الثالث. فكما أن هناك ، في سيرورات التحرر القومي ، " جبهة مشتركة " بين مختلف الاتجاهات و الطبقات المناضلة ضد سيطرة خارجية ثم يحدث ، ما أن يتحقق الاستقلال ، انفصال و صراعات بينها ، كذلك ، فإن هناك تناقضا كامنا بين الإصلاح بتحرير الشبيبة و الثورة بواسطة عمل الشبيبة.
و أخيرا ، فإن الإيديولوجية الثورية في الغرب تبرز التباسا. إن الماركسية تنكر واقع الشبيبة ، في حين أن الطليعة الثورية الطلابية تؤكد واقع الماركسية.
هل تخفي ، تحت هذه العقيدة التي تنكرها ، خفرها الطبقي ، رسوليتها الطبقية ، مصلحتها الطبقية ؟ أليست الماركسية شيئا آخر خلاف السلاح الإيديولوجي الوحيد المتماسك و العنيف الذ ي تستطيع امتلاكه الإرادة الثورية ضد المجتمع البورجوازي الغربي ؟ و الواقع أن ما وراء القشرة الإيديوزلوجية هو اندفاع الأنزيمات الفوضوية ، التلاقي الأصيل بين الفوضوية و ماركسية طوائف ، و هو أيضا ، ظهور ، منذ الآن ، لبعد ماركسية تؤلف أحياء الثورة و روحها.
إن هناك تناقضا كامنا في قلب الطبقة العمرية المراهقة – الشيبابية يبرزه فحص مصطلح " الطبقة العمرية " نفسه الذي استعملناه عمدا. فالعمر يرد إلى الفرد الذي سيصبح راشدا و يعرف ، بصورة ما ، أنه سيصبح راشدا ، من جهة ، و لرد الطبقة ، من جهة أخرى ، إلى بنية. و نحن نعتقد أن للشباب وعيا مزدوجا من جراء هذا الالتباس نفسه و أنه حين ينتصر أحدهما ينام الآخر ، و لكن لا يفنى. و هكذا ، فإن الطلاب الذين قرروا ، في أيار 1968 ، متابعة ثورتهم مضحين بامتحاناتهم يجب أن يكونوا قد تجاوزوا ، في ذاتهم ، ما كانت تعنيه الامتحانات ، أي مسلك فردي في المجتمع ، أي الاندماج بصورة ما ، و هذا الوعي " البورجوازي " يمكن أن يظهر من جديد فيما بعد. و بصورة أعم ، أكثر نظرية ، فإن الفتى ، و الطالب بصورة أكثر حدة ، جزء من طبقة ، رافضة أو ثورية لأنها هامشية ، غير مندمجة ، تغذي قيم المجتمع الراشد ، و لكنه ، في الوقت نفسه ، جزء من دارة يجتازها من الولادة حتى الموت و تجعله يجتاز طبقات عمرية أخرى أيضا.
و نفهم ، إلى جانب ذلك ، أن بعضهم يريد الإفلات بالثورة من هذا التناقض ، لأن الثورة ، بتحقيقها ، طموحا شبابيا و طموح إنسانية معا ، ستحذف ، في إنجازها ، الفرق بين الشباب و الراشدين ، أي تخلق إنسانية ما لا يعود ، فيها ، الفرق بين الفتى و الراشد فرقا سوسيولوجيا ، و لا حتى سيكولوجيا ، بل فيزيزلوجيا خالصا.
- سلسلة دراسات فلسفية و فكرية – دمشق - 1995 .
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |