الكتب “المسلوقة” أقصر طريق إلى لقب مؤلف / أيهم اليوسف
2011-05-08
1/1
الكتاب بوصفه منبع العلوم والمعرفة الذي تناقلته الأجيال، يعاني الآن فوضى حقيقية تظهر ملامحها بوضوح في نماذج عدة من الكتب، يرجحها المختصون لتغير أسلوب الكتابة بتغير نمط الحياة وعدم فهم بعضهم أساسيات الكتابة . وهذا ما يدفع بالكثيرين إلى التساؤل عن نظرة الكتّاب تجاه تلك النوعية من الكتب، وإن كان دور الرقابة على الكتب يرتكز على المضمون أم الجودة، في ما يبقى القراء عبر تفاعلهم مع الكتاب يجهدون للوصول إلى الكتب الجيدة والتخلص من سواها، ويزودون مكتباتهم المنزلية بكتب ترتقي ونظرتهم للثقافة .
إذا كان الكتاب عُرف منذ نشأته الأولى كمصدر غني ومهم للمعلومة، وحاضن لمختلف أنواع الكتابة وكان الوسيلة الوحيدة لتلقي العلم والمعرفة جيلاً بعد جيل، فإنه أصبح الآن هدفاً للكثيرين من طلاب الشهرة وصغار الموهوبين، الذين صارت أسماؤهم تكتب على أغلفة الكتب بالطريقة والحروف نفسها التي تكتب بها أسماء المفكرين والمبدعين والباحثين والأدباء، ما يجعلنا أمام فوضى حقيقية في عالم الكتب والتأليف والنشر .
بعد أن عُرف الكتاب إلى وقت طويل بأنه ذو خصوصية مميزة، تلزم الكتّاب بالحفاظ على حرفية الكتابة، بدأنا نلاحظ اليوم فوضى في الكتابة، وأن هناك صنفاً من الكتب لا هوية محددة له، إذ يقدم على طباعته كل من يريد أن يكون له حضور في عالم الثقافة، من دون الاكتراث بمهنية الكتابة ومراعاة شعور القراء، واحترام أوقاتهم .
يقول الشاعر حسان عزت: المنطقة العربية في الماضي كانت فيها مشاريع ثقافية واجتماعية وسياسية تحكمها قيم معينة، وكان الكتاب يهم شرائح مختلفة من المجتمع، حيث يوجد كتّاب ونقاد وقراء ورقابة داخلية على الكتب، وكان الحوار قائماً دائماً حول ضرورة تنشيط الكتاب والكتّاب، والعيون باستمرار كانت مفتوحة على المبدعين من الكتّاب الشباب، الذين يتدرجون في الكتابة وتلمح مواهبهم مبكراً .
ويضيف عزت: نعاني الآن الفوضى والتسرع في الشهرة من قبل بعضهم، للوصول إلى الإعلام، وذلك لغياب القيم وحراسها، من “النقاد المحترفين”، والرقابة الآن لم تعد معنية بمضمون الكتابة، بل تهتم فقط بالممنوعات أو المحرمات كالسياسة والجنس والدين، وسوى ذلك كله مسموح، حتى وإن كان هراءً وتخريباً .
ويرى عزت أنه ما زال هناك من يحرصون على الكتب الجيدة والمفيدة، التي تهتم بالشرائح الاجتماعية وترتقي بها ثقافياً وفكرياً واجتماعياً، وهذا مرهون باسم الدار والمؤلف وطريقة معالجة الأفكار في الكتاب .
ويجد الناقد عزت عمر، أن فوضى الكتابة عبارة قد توحي بسلبية ما، ولكنها أدبياً تنفتح على الحرية الشخصية في التعبير، فالكتابات التي خالفت المعايير اشتهرت، وتلك التي التزمت بها طواها النسيان، لأنها لم تقدم المزيد، حسب رأيه . ويؤكد أن ولادة نمط جديد من الكتب عائد لتطور فني ومعرفي إضافي، موضحاً أن الإنسان في بدايات وعيه الكتابي دوّن إبداعاته وفق هذا النمط، وأتاح الحاسوب والإنترنت اليوم الكثير من الإمكانات للمغامرة في هذا الاتجاه، والاعتراض عليها قد يكون شبيهاً بالمواقف التي اتخذت تجاه قصيدة النثر العربية في بداياتها، إذ تمكنت هذه القصيدة من فرض نفسها إبداعياً اليوم وأغنت الشعرية العربية .
أما عن مصير الكتب الضعيفة فيقول: إن كانت هناك نصوص ضعيفة وأخرى قوية، فهذه حال الأدب في كل زمان ومكان، حيث تنزوي النصوص الضعيفة تدريجياً، وتشتهر القوية .
ويطالب القاص إبراهيم مبارك، بألا نمنع أي كاتب أو كتاب من الظهور، بل أن نمنح الفرصة لكل شخص في أن يقدم ما لديه، فمن الممكن أن يطرح أحدهم فكرة نرفضها الآن وتلقى قبولاً في المستقبل . وإن كانت الكتب الضعيفة موجودة بالفعل، إلا أنه يرى ألا نحكم عليها بالضعف، لأنها مسألة ستولد إشكالية كبيرة .
ويشير إلى أنه لا يمكن أن ننصب أنفسنا قيمين على الكتب، إنما نترك هامش التعبير للقارئ، لأنه صاحب الاختيار، فهناك الكثير من القراء يشترون الكتب انطلاقاً من سطوة اسم الكاتب، وثمة كتب قيّمة يعاد طباعتها كلما نفدت من المكتبات لإقبال القراء عليها، إضافة لوجود قراء لا يقرؤون الكتب الجيدة، بدليل وجود قراء لبعض المجلات والجرائد الهزيلة . ويضيف: يمكننا القول عن الكتب التي لا تصلح للقراءة إن كاتبها اجتهد ولم يوفق، أو إن كتابه كان دون المستوى، ولا يكون ذلك تقليلاً من قيمة الكتاب، بل دافعاً لكاتبه أن يتوقف عن الكتابة أو ينتقل إلى حقل آخر أكثر قرباً من موهبته .
ويشير جمال مطر (مؤلف ومخرج مسرحي وإعلامي)، إلى أن تقييم الكاتب يتم عن طريق إنتاجه الذي يعتمد على آراء النخبة حوله، وإن كانت طباعة الكتب حالياً تخضع للعشوائية التي يجب الابتعاد عنها، إلا أن هوس النشر أصبح منتشراً لدى الكثيرين، ممن لا يلجؤون إلى المؤسسات المتخصصة لنشر نتاجاتهم .
ويقول: النصوص المسرحية تتراجع، والمسرح كفن لا يكتب للقراء إنما للتمثيل، ولكن بعضهم يمكنهم كتابة عشر مسرحيات في سنة، وينشرونها في كتب، ومن الضروري التأني في طباعة الكتب، خاصة تلك التي تطبع للمرة الأولى، لأنها ستؤثر بدرجة كبيرة في جودة أو رداءة أي كتاب يصدر من بعده .
ويوضح الناقد د .صالح هويدي، أنه من الصعب إطلاق أحكام عامة، من دون تقيدها بثوابت الزمان والمكان، أو الموضوع المراد، فقد تكون هناك فوضى في الكتب والكتابة في دولة دون أخرى، أو زمن دون آخر، أو مجال كتابي دون غيره .
ويؤكد أنه إذا أردنا تشخيص فوضى طباعة في إطارها العام، وتحديداً في العالم العربي مثلاً، قياساً على بيئات أخرى كدول الغرب مثلاً، نستطيع القول: إن العرب أكثر فوضى في إنتاج الكتاب ونشره وتسويقه، إذ يبقى الغرب أكثر تنظيماً وتقنيناً لما ينتجونه من كتب معرفية وثقافية .
ويتابع: تنقصنا إقامة منتجنا على أسس علمية، من خلال اعتماد الإحصاءات واستطلاعات الرأي للقراء في المجتمع، بهدف معرفة آرائهم واحتياجاتهم، لذلك فقد يتكدس السوق الأدبي بالمنتج الأدبي والشعر منه على سبيل المثال، في حين يفتقر للكتب المعرفية التي نحن في أمس الحاجة إليها، ككتب التقنيات والفلسفة، والتي تتناول الدراسات المستقبلية .
ويضيف: من هنا يمكن الاتفاق مع الرأي الذي يذهب إلى وجود فوضى ما في سوق الإنتاج المعرفي، لدى العرب على نحو عام، ونبقى نحن في العالم العربي، لا نعرف إذا كان المنتج الثقافي يسد حاجة القارئ أم لا، إذ ليست لدينا إحصائيات ودراسات تثبت ذلك .
وتجد باسمة يونس، رئيسة قسم التأليف والنشر والترجمة في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، أن نشر أي كتاب يبدأ من مضمونه، ثم النظر إليه على أساس أنه صناعة العصر، وأن تكون فنياته تلائم العصر الذي يطبع فيه، نتيجة لمراعاة نمط الحياة، والاختلافات الشكلية والمظهرية، ودخل الكتاب مرحلة التغيير المظهري، الذي يلجأ إليه الإنسان حسب كل مرحلة .
وتؤكد أن التوزيع يعتمد على أسلوب الموزع نفسه، سواء بالإعلان عن الكتاب، أو بوساطة تناوله عن طريق الإعلام، وبصفة عامة فإن دور النشر هي المسؤولة عن توزيع الكتب من خلال المعارض، ولا يزال توزيع الكتاب دارجاً أيضاً من خلال قراءته، وتشجيع الأصدقاء على قراءته، هذا المؤشر النابع من حاجة الإنسان إليه .
ويشير د . عمر عبدالعزيز، مدير قسم النشر في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، إلى أن الكتاب مستودع حقيقي للمعرفة، ووسيلة أساسية للارتقاء بالعقل والفكر والذوق، ومن هنا تكمن أهمية صناعة الكتاب، من حيث قيمته الدلالية والشكلية، هاتان القيمتان اللتان يستمد منهما الكتاب قوته، وفي الوقت نفسه فإنه يقابلهما مراجعة المضمون والشكل، وهما يخضعان عادة لاجتهادات ومقاربات متنوعة .
ويقول: بناء على ذلك، نعتمد كجهة نشر أفضل القواعد والمعايير لإنتاج كتاب متوازن، من حيث المضمون والشكل، ونأخذ بكل متجدد في هذا الحقل، ناظرين إلى الكتابة والنشر والتوزيع بالتوازي .
عن طريقة قبول اتحاد الكتاب عضوية شخص، يقول ناصر العبودي، رئيس الاتحاد: عندما يتقدم شخص لعضوية الاتحاد، سواء أكان من المواطنين أم العرب، يحال طلبه إلى لجنة العضوية المؤلفة من الكتّاب المحترفين القادرين على تقييم المنتج، حيث يشترط أن تكون لديه كتب مطبوعة، للتأكد منها ومراجعتها، واللجنة تملك صلاحية الاستعانة بمتخصصين من خارجها، إذا كانت الكتب خارج اختصاص أعضائها، لإفادتهم بجودة مادة تلك الكتب من عدمها .
وكخطوة أولى للموافقة يجب أن يوافق اثنان من أصل ثلاثة أعضاء من اللجنة على جودة الكتب، وفي حالة الموافقة ترسل إلى مجلس الإدارة المكونة من سبعة أعضاء، ليتأكدوا بالتداول في ما بينهم أن هذا الشخص كاتب بالفعل، لقبول عضويته، أو رفضها .
ويضيف: كذلك الأمر بالنسبة إلى موضوع تقدم أحدهم بطلب طباعة كتاب، إلا أن اللجنة المشرفة على ذلك تتعامل مع مخطوط الكتاب قبل طباعته، إذ يدرسه ثلاثة أعضاء، للإقرار بجودة المخطوط وقابليته للنشر في كتاب، وإن وافقت اللجنة يطرح المخطوط على مجلس الإدارة .
ويصف معايير العمليتين، سواء العضوية أو الطباعة، بأنها من أصعب المعايير، لأنها تختلف من شخص إلى آخر، ومن زمن إلى آخر .
ويجد أن الكتابة لدى بعضهم تعتمد على الإمكانات المادية، فهناك “من يكتب لهم آخرون”، ويضعون أسماءهم على الكتاب، وأحياناً يقوم صاحب الكتاب بتوزيعه مجاناً على الناس، كما يفعله بعض الفنانين بتوزيع أغانيهم على المحطات بالمجان، لغرض الترويج والدعاية للشهرة .
بين الإبداع والسلعة
حسب علي كنعان، شاعر، فإن الكتاب حين يخرج من المطبعة إلى السوق، يتحول من عمل إبداعي إلى سلعة، وإن اختلف مضمونه المعنوي ومادته اللغوية عن أي نتاج صناعي أو زراعي . وانطلاقاً من هذه الخطوة، يرى أن محتوى الكتاب وقيمته الفكرية والثقافية وحتى اللغوية تختلف من كاتب إلى آخر، إلا أن الغرض التجاري وهوس الربح المادي يلعبان دوراً محورياً في رواج الكتاب في كثير من الأحيان، لذلك تتصدر كتب الفضيحة وأسرار الجميلات، أكثر الكتب رواجاً .
ويقول: العلة عندنا تبدأ من البيت والمدرسة والعزوف عن القراءة، ففي مناهج جيلنا كان البرنامج الأسبوعي يحتوي على ساعتين للمطالعة الحرة، وكان المعلم يساعدنا في اختيار الكتب المفيدة لنقرأها في العطلة الأسبوعية، ونكتب عنها، ليختار أفضل الموضوعات لتقرأ في الفصل .
والنقطة الثانية أن النقد شبه غائب من حياتنا ومجالسنا ودورياتنا الأدبية، ومعظم ما نطالعه في الصحف يتراوح بين مجاملات الأصدقاء، وتهجم الخصوم، بعيداً عن التحليل الموضوعي الرصين والمفيد .
سيطرة الاستسهال والاسترسال في تفاصيل تافهة
كل شيء ممكن في مؤلفات اليوم
1/1
ما نلاحظه لدى قراءتنا لبعض الكتب، تطرقها لموضوعات لا ينبغي الحديث عنها، بل يعمد بعض الكتاب للإسهاب في تلك الموضوعات، ما يجعل القارئ، ينصرف عن قراءتها، وللإجابة عن تساؤلات مثل: هل الرقابة على المضمون أم الجودة؟ وهل هناك بالفعل معايير للكتابة؟ نجد أن الآراء مجتمعة تؤكد عدم تعارض الكتابة مع السائد والقانون، وأن الرقابة هي مهمة الجهات المختصة والكتاب والقراء .
بظهور الأشكال الكتابية الجديدة، نجد بعض الكتاب يتناولون نقاطاً ينبغي عدم الحديث عنها، بل إن بعضهم يسهب في الاسترسال فيها، وهو ما يشكل أحد عيوب الكتابة .
يرى الروائي علي أبو الريش، أن الكاتب من حقه التطرق لأي موضوع، لأنه لا توجد محرمات في الكتابة، وفي الوقت نفسه فإن عليه مراعاة احترام مشاعر القراء، ويجب أن يكتب لهم باحتراس، ويتجنب الاقتراب من القضايا التي تثيرهم، لأنها تشكّل استباحة لمشاعر الآخرين، ويمكن معالجة أي موضوع حسي في إطار فني بعيداً عن استغلال الحواس على حساب روح الأدب .
ويقول أبو الريش: يجب على الكتاب عدم تجاوز “الخطوط الحمر”، كيلا تصبح الكتابة كالمشي على الأشواك المؤذية .
ويرى الباحث في التراث عبدالجليل علي السعد، أن الإسهاب في الكتابة ذاتها هو أمر ناتج عن سوء فهمهم للكتابة والنشر .
ويتابع قائلاً: يأتي هذا الإسهاب نتيجة تشبيه الكتاب بالسلعة التجارية، والاعتقاد أنه كلما كبر حجمه زاد الإقبال عليه، وهذا دليل على افتقار أصحاب هذه الكتب للنقد الذاتي، وعدم وجود الرقابة المطلوبة على محتوياتها .
ويؤكد محسن سليمان، كاتب قصة ومسرح، أن لكل كاتب نظرته واتجاهاته، وهذا نابع من معرفة “ما الذي يريد أن يوصله للقارئ عبر كتابه؟” لذا علينا ألا نصادر حق أي أحد في الكتابة، بل ان نفسح له المجال، شرط ألا يمس ديننا وعقيدتنا، وألا يجرح أحداً .
ويضيف: القارئ الجيد يصرف النظر عن الكتب الرديئة .
وعن المعايير التي يتقيد بها الكتاب يقول القاص إسلام أبو شكير: المعايير متغيرة من كاتب إلى آخر ومن موضوع إلى آخر، ولا يمكن تعميمها، ومن الطبيعي أن يتغير الكاتب مع المتغيرات التي تحصل في العالم، فما كان يكتبه المبدع قبل خمسين سنة يختلف عما يُكتب الآن، سواء أكان على صعيد الأسلوب أم الرؤية أم الموقف، وهذا يؤثر في محتوى الكتاب .
ويضيف أبوشكير: الكتابة عملية شاقة، وتحتاج إلى ثقافة وتأسيس معرفي متين، والكاتب بعد تجاوزه بدايات الكتابة يجب أن يتميز إنتاجه الإبداعي بمعايير منها الصرامة، والدقة، والصدق، وأصالة الفكرة، واللغة، وامتلاك الأدوات اللغوية .
ويضيف: رغم وجود كتاب مبدعين يكرسون كامل وقتهم للكتابة، يوجد هناك أيضاً كتاب غير مبدعين، إذ نجد أن الكثير من الذين يكتبون إنما يهدفون لكسب الرزق والتعبير عن مشاعرهم، وملء أوقات الفراغ .
ويقول الشاعر عبدالله الهدية: هناك نقاط لا يمكن المساس بها في الكتابة، كالذات الإلهية والعادات والتقاليد الاجتماعية السائدة، إضافة الى سلطة الأخلاق، وهي قريبة من العادات والتقاليد التي تخص احترام الأخلاقيات التي يؤمن بها القراء، وأخيراً السلطة السياسية . ويضيف: في الوقت الذي يتوجب فيه على الكاتب أن يعلم متى يستخدم فيه الرمز، ومتى يستمر في فكرته بشكل صريح، نجد كتباً أشبه بصندوق معلومات مجمّعة هنا وهناك يتم وضعها بين غلافين بألوان براقة، تزينها مقدمة للتزكية، بقلم شخصية معروفة، وهو ما يأخذ طابعاً تسويقياً لمثل هذا الكتيب، وليس الكتاب .
الأغلفة
يجد عبدالحميد محمد علي مصمم إعلانات ومطبوعات أن “الغلاف يعطينا انعكاساً لروح الكتاب، وأغلب الكتاب يستعينون بصور للوحات تشكيلية لكتبهم، أو يرسمون أغلفتها بأنفسهم، أما الكتب ذات المحتوى العلمي فإنها تعكس عوالم الكتاب عبر الصور على الغلاف، للدلالة على المحتوى .
وتصميم غلاف الكتب يعتمد على اسم الكتاب، حيث لا يمكن استخدام ألوان داكنة إذا كان الكتاب يحمل عنواناً يوحي بالفرح والعكس صحيح، ولا يجوز أن نعطي ألواناً فاقعة لكتاب مضمونه سياسي .
ويشير إلى أن تصميم الغلاف عملية سهلة جداً، تعتمد على ذوق وإرشادات المؤلف أولاً، ثم على النظرة الفنية التي يتمتع بها المصمم، وتميز المبدع عمن سواه .
الرقابة على المحتوى
ما ذكر لا يعني إلغاء دور الرقابة، إلا أن السؤال: هل هي على المضمون أم الجودة؟ يقول جمعة عبيد الليم، مدير إدارة متابعة المحتوى الإعلامي، ومدير مكتب المجلس الوطني للإعلام في دبي، نتابع جميع الكتب التي تقدم للطباعة، ويجب أن تحصل على موافقتنا، وللتوضيح فإننا بهذا نمنح المؤلفين والكتاب حرية الإبداع، من خلال تدقيق أعمالهم قبل الطباعة، باسم إدارة متابعة المحتوى الإعلامي بدلاً من الرقابة .
وتوجد لدينا طريقتان لمتابعة الكتب، الأولى تتعلق بالكتب التي تتم طباعتها في الإمارات، والثانية تتعلق بالكتب التي تصلنا من الخارج، سواء أكانت عربية أم أجنبية .
ويضيف قائلاً: كدولة مسلمة، لدينا جوانب دينية، يجب عدم المساس بها، إلى جانب معايير أخرى نستند إليها عبر قانون المطبوعات والنشر، منها المعايير الأمنية والسياسية والأخلاقية .
ومحلياً نتابع الكتب بمراعاة المضمون والجودة معاً، من خلال التركيز على المعلومات الواردة فيها، ومساعدة الكتّاب الجدد، وذلك بالإشارة إلى بعض الأخطاء لتصويبها، كي ترقى كتاباتهم الى مستوى القراءة، وإرضاء ذوق القراء، لزيادة الثقة بها .
وتقول رقية محمد، مراقب رئيس في إدارة متابعة المحتوى الإعلامي: نترك هامشاً للحرية أمام إبداعات الكتاب الذين يظهرون لنا فنوناً أدبية، ولا نعترض طريق أحدهم إن لم تكن هناك إساءة، أو تقليل من شأن الكتاب، وإن لم يتعارض مع القوانين السائدة، وقانون المطبوعات والنشر، وهذا لا يعني أننا نتقبل أي شكل من الكتابة .
وتضيف: جودة ورداءة الكتب يتحكم بهما الكاتب نفسه، فلا يمكننا منع كاتب من أن يعيد فكرة طرحت قبل عشر سنوات في كتب سابقة، لأنه لا يخالف القانون، إنما الكاتب نفسه يعي أنه لن يقبل أحد على قراءته، وبذلك فإنه يضر نفسه، ويقلل من شأن اسمه .
وتشير رقية محمد إلى أن هناك من يحصل على معلومات من بطون الكتب، ويجمعها في كتاب، بحجة أنه يهدف إلى التركيز على فكرة ما، من ذلك، وقانونياً لا يمكن منعه، باعتباره يقوم بإعداد كتاب، شرط أن يوثق المراجع في الكتاب، كذلك الأمر بالنسبة لمن يؤلف كتاباً مستعيناً ببعض المصادر .
وتقر بأن الجهات الثقافية تكتفي بالإعلان عن إصدار الكتب من دون أن تقوم بتحليلها، لكشف النقاط الإيجابية والسلبية فيها، لتفعيل دور الكتابة بشكل أكبر، خاصة بالنسبة للكتاب الجدد .
وتشير هاجر سيف النعيمي ضابط علاقات عامة في مراقبة الكتب العربية في إدارة متابعة المحتوى الإعلامي، إلى أن مراقبة الكتب الواردة من الخارج تفرض على المستورد أن يكون لديه رخصة استيراد، وأن تكون الكتب مزودة بقائمة تعبئة يذكر فيها البيانات التفصيلية عنها، وإن لم يتم ذلك، فإنه لا يمكن استقبالها بأي شكل .
وتقول: نطلع على محتويات الكتب، وذلك بموجب قانون المطبوعات والنشر، وتخضع تلك الكتب للموازين التي تخضع لها الكتب المحلية نفسها كاملة، ومن جملة ذلك التركيز على المضمون والجودة .
وتوضح أن الكتب الواردة من الخارج تكون دار النشر المستوردة هي التي حصلت على الموافقة، ويطبق عليها قانون المطبوعات والنشر، وإن كانت مستوفية للشروط فإنه يتم استقبالها، وإن لم يتحقق ذلك فإنه لا يسمح لها بالدخول، ومن الكتب غير المسموح لها بالدخول الكتب ذات المستوى الرديء والهابط من زاوية فنية وإبداعية .
العنوان والاسم لا يصدقان دائماً
1/1
بات القارئ في حيرة حقيقية من أمره أمام هذا الكم الهائل من الكتب المطبوعة، إذ يكاد لا ينجو من دفع ضريبة ولائه للقراءة، لوجود بعض الإصدارات غير الجديرة بالقراءة، نتيجة عجز أصحابها عن استيفاء شروط الكتابة .
وأمام زحمة وانتشار الكتب التي تقذفها بطون المطابع يومياً، يتخلص القراء من بعض الكتب التي دفعوا ثمنها، نتيجة انبهارهم بعنوان كتاب ما أو شكله، أو اسم كاتبه، إلا أن المفاجأة تكون مع محتواها الخالي من شروط الكتابة الناجحة .
عماد الصايغ مدير مبيعات في دبي، يقول: أقتنص أوقات فراغي لقراءة دواوين الشعر القديم، وأملك حوالي الخمسين ديواناً، إذ يعجبني هؤلاء الشعراء الذين تنساب قصائدهم إلى أعماق النفس، من دون أي قسر أو مجهود، بعكس بعض أنواع الكتابة التي بدأت تظهر في كل يوم بطابع، وألوان جديدة، تشمئز منها النفوس .
ويؤكد الصايغ أنه يشتري الكتب على أساس عناوينها، ومقدمات ناشريها، ومن خلال التصفح السريع لمحتوى الكتاب نفسه، ويجدها معايير كافية للقارئ لأن يثبت جودة الكتاب وارتقاءه إلى مستوى دفع مبلغ مادي للحصول عليه .
ويقول محمود محيسن، موظف في الشارقة: شغفي بتخصصي الدراسي وعملي في تقنية المعلومات، يدفعني إلى أن أكون في بحث دائم عن جديد الكتب التي تصدر بسرعة تقدم التكنولوجيا، وهذا ما لا يجعلني أعير انتباهاً لأية كتب أخرى .
لذا أختار كتب المعلومات التقنية، واطلع باستمرار على جديد الكتب التي تستحوذ اهتمامي، حيث أجمعها عن طريق الانترنت، إذ أقتني حالياً نحو أربعين كتاباً حول هذا التخصص .
ويقول محمد حسن، موظف في دبي، أولي الرياضة أهمية كبرى، وللأسف لا توجد هناك كتب تعنى باهتمامي هذا، لذا اقتصرت اهتماماتي على وسائل الإعلام فقط، عبر المتابعة اليومية لأخبارها وتحليلات المختصين الرياضيين .
ويضيف: كي أوسع مداركي في الشريعة الإسلامية التي درستها في الجامعة، حرصت على الاحتفاظ بكتبي الدراسية، إضافة لبعض الكتب التي اشتريها بين الفترة والأخرى، حول الدين الإسلامي، وكذلك بعض كتب اللغة العربية التي لا بد منها، ويصل مجموع كتبي إلى خمسة وسبعين كتاباً، واختياري للكتاب يعتمد أولاً وأخيراً على كمية ونوع المعلومات التي سأستقيها منه، بغض النظر عن الشكل الخارجي للكتاب أو اسم المؤلف .
فدوى محمد، ربة منزل، تقول: أتفق وزوجي على التنوع في اقتناء الكتب، لذا فإن مكتبتنا المنزلية تحوي كتباً في أكثر من جانب معرفي في الحياة، كالسياسة والأدب والتاريخ، وجميعها تحظى باهتمام كبير منا عبر قراءتها في أوقات الفراغ .
وتضيف: تحوي مكتبتنا حوالي المئتي كتاب، واختيارنا للكتب قائم على اسم المؤلف، ولا نقدم على شراء أي كتاب، ما لم يكن الكاتب معروفاً بتميزه عند القراء .
ويقول مينا باسيلي، مهندس مدني في دبي: أميل لقراءة الكتب العلمية وكتب تعليم اللغات كالإنجليزية والفرنسية، وتمكنت حتى الآن من أن أمتلك حوالي أربعين كتاباً . ويضيف: لدى شرائي الكتب، أنطلق من خلال درجة المعلومات الجديدة التي سيقدمها لي الكتاب، والمواضيع العلمية التي تثير اهتمامي، كي أبقى على تواصل مستمر مع جديد العلم والأبحاث الجديدة المعنية بتخصصي المهني، ويظهر ذلك كله عبر تقليب صفحات الكتاب، وقراءة العناوين وبعض المقتطفات من الكتاب، قبل الإقبال على شرائه، وهناك كتب يتخلص منها قارئها بعد تأكده من عدم تحصيل أي فائدة من قراءتها .
ويقول عنها برهان شيباني مدير مستودعات في دبي: نتيجة لمتابعتي المستمرة لعالم الكتب، وجدت أن العناوين فقط هي التي تتغير، أن هناك كتباً لا تستحق أن ندفع ثمنها، ودفعت ضريبة تجربتي، برمي بعض الكتب الأدبية التي شدتني عناوينها لشرائها، باستثناء القليل منها التي ما زلت محتفظاً بها .
ويضيف: كيف لا أقع في فخّ عناوين الكتب مستقبلاً، أتوجه إلى المواقع الإلكترونية للإرشاد إلى الكتب القيمة، وأطلب من أصدقائي أن يزودوني بعناوينها، وأسماء الكتّاب الجيدين .
ويجد إسماعيل بكر عزوز موظف في بلدية دبي، أن الكتب التي لا تحمل هوية معينة لا لزوم لها، لأن القارئ لا يجد فيها أية متعة أثناء القراءة، ولا يتوصل إلى النتيجة المطلوبة بعدها، وهي عادة تحمل عناوين تشدّ الناس إليها، ولدى القراءة يتبين أن المضمون مجرد حشو لا أكثر .
ويشير إلى أنه استنتج ذلك بعد تجارب مريرة مع كتب ثقافية عدة، تخلص منها مباشرة بعد تأكده من أنها لا تجدي، لذا فإنه لم يعد يقدم على شراء أي كتاب تقع عينه عليه، كما كان يفعل في السابق، إنما يتوخى الحذر في اختياره .
محمود خضر مدير صالة في بنك الإمارات دبي الوطني، يقول: لا يمكننا إطلاق الحكم على أي كتاب إن لم نقرأه، وإن كان ذلك على حساب متعة القراءة، إلا أن المشكلة قائمة مع الكتب التي لا تحمل طابعاً محدداً بها، كالتي يخلط فيها كاتبها القصة بالشعر والرواية، ويرميها القارئ بعد قراءة بضع صفحات منها . ولا أعتقد أن عدم استطاعة القارئ استيعاب المضمون هو نتاج ضعف منه، لأنه إن لم يكن ذا شغف بالقراءة، لما حمل الكتاب بين يديه وحاول أن يقرأه .
ويؤكد صالح عبدالله، طالب، أن هناك الكثير من الكتب التي نتخلص منها بعد قراءة سطور منها، وأن له تجارب مع كتب في السياسة والتاريخ، والكتب العلمية المتخصصة التي وجدها في مكتبة والده، واكتشف أن معديها يهدفون لنشر كتبهم، لغايات خاصة بهم، لا من أجل الفائدة العملية المرجوة . ويضيف: توصلت لقراري، نتيجة لاكتشافي أن معدي بعض تلك الكتب جمعوا ما فيها من معلومات من أكثر من مصدر، وأنها تتناقض مع بعضها بعضاً، وهو ما دفعني بالابتعاد عن قراءة أي كتاب يحمل أسماء معدي تلك الكتب .
الملحق الثقافي لجريدة الخليج
7-5-2011
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |