السياسة و البلاغة و الرموز في سوريا المعاصرة بقلم : ليزا ويدين
خاص ألف
2011-06-25
لا أحاول أن افترض أو أن أوحي أنه لا يوجد طريقة يتمتع بها النظام السوري بـ " الشرعية " أو أن تكون بلاغياته غير متمفصلة جوهريا حول أية معتقدات. أحيانا تكون بلاغيات الخطاب ( السوري ) عبثية بالأصالة ، و أحيانا تمزج تفهما طوعيا و عاما مع مقولات كاذبة ، لتبرير المعاني و لإنتاج أفعال بطولية لها شكل أفعال مقصودة لإرضاء الأسد. و أيضا أحيانا ، يعكس الخطاب الرسمي ورطة مشتركة لها علاقة بالحياة السياسية ، و و بالموقف المانوي الغامض لطرف المعادلة الثاني الذي يبسّط نطاق الرؤية المعقدة و المختلفة و هو ما يعبر عنه السوريون في مجالسهم الخاصة. و على الأقل يوجد ثلاث معتقدات سياسية مشتركة على نحو واسع يلح عليها الخطاب الرسمي المعاصر :
أولا ، النظام يدافع عن السوريين ضد تهديدات إسرائيلية .
الثاني ، يجب استعادة سوريا لمرتفعات الجولان ، و هي أرض محتلة في حرب 1967.
الثالث ، إن نظام الأسد أنتج استقرارا لا مثيل له في سوريا و هذا شيء مرغوب به. و مثال الحرب الأهلية في لبنان تذكير تقشعر له الأبدان و هو يشير إلى عواقب أن لا تعيش في ظل دولة قوية و متماسكة. إن الثقافة الطقوسية للأسد بشكل واضح هي أكبر من دعوة للإشادة بإنجازات و طموحات يضعها النظام نصب عينيه و لا بد من الإقرار بها .
و يشير أيضا الدور الخاص الذي تلعبه السياسة في سوريا إلى أن النظام بمقدوره أن يقوم بواجباته من غير شرعنة و إن استثمارات النظام البلاغية و الرمزية هي إنتاج لشيء لا تعزى له قيمة سياسية.
و كما يقول صموئيل هنتنغتون الشرعية مفهوم " طري " ، و مع ذلك لا يمكن الاستمرار في توظيفه من قبل علماء الاجتماع ، حتى أولئك الذين يقرون بأنه " طري ".
و يناقش جون هـ. شار قائلا إن استعمال ألفاظ و تراكيب تتقرب من مراكز السلطة السامية ، مثل الحق الإلهي ، و الحق الطبيعي ، و التقاليد ، و الدساتير ، هي خارجية ( مفروضة من الخارج ) بالنسبة للملتزمين بها.
و إن الفهم الاجتماعي العلمي للعالم الذي يدور حول المعتقد و الرأي ، و بالنسبة لمعظم الكتاب ، له رؤية ناجحة إذا ربح الشرعية من خلال التأثير و من الخارج في سبيل الاعتراف بالسلطة أو بإضفاء الطابع الشعبي على الرمز المرسوم.
.............
أيضا إن الأنظمة الثورية تعود إلى المبادئ " العليا " للثورة لتبرير ، أو حتى للاعتراض ، على قيادات النظام. و لكن النظام السوري ، في أية حال ، ليس ثوريا ، على الرغم من الادعاءات البلاغية بذلك. في الستينات كانت لدى قيادة حزب البعث تصورات حول تبدل سياسي و اجتماعي. و قد ألهمت الحركة القومية العربية البعثيين و لا سيما فيما يخص الدعوة لدولة عربية حرة و ومتوحدة و غير خاضعة للسيطرة الاستعمارية ، و وقف وراء ذلك الفهم اللينيني للعدالة و التطور في الاقتصاد ، و كذلك شعارات " عبادة الجماهير " المشتقة من التصورات الفاشية.
لقد حطم حزب البعث تحت قيادة أسلاف الأسد السلطة السياسية التي كانت بيد عدد من العوائل السورية الثرية و بالمقابل دخلت بالتبني نخب جديدة. هذه النخب الجديدة كانت عمدا مختارة من الأقلية المحلية ، و لا سيما طائفة العلويين. و بالتحديد من شرائح متدنية ريفية أو من طبقات ذات خلفية وسطى. و قد استثمرت الدولة بقيادة صلاح جديد ، و هو السابق على الأسد ، عدة مشاريع الهدف منها تصنيع سوريا و تحويل الريف من خلال سياسة إصلاح الأراضي. و لكن جديد استسلم للأسد و قدم له بلدا ممزقا بالعداءات الطائفية ، و المؤامرات العسكرية ، و المشاكل الطبقية.
و قد حاول الأسد أن يخفف من الإيديولوجيا الثورية التي وضع جديد مفاصلها و أعاد تأهيل العلاقات مع البورجوازية السنية. و وعد السوريين بسلوك مستقر تجاه الاستثمارات الاقتصادية ، و تجاه اعتماد السياسات ، و بالأخص نشر السلام الذهني و العقلي. كانت " الحركة التصحيحية " للأسد ، و هو مصطلح أطلق على انقلاب عام 1970 ، تتضمن إطلاق مسيرة الإصلاحات و ليس صناعة قطيعة ثورية مع الماضي.
و بعبارة أخرى ، ليس من الممكن أن تفترض أن هناك مشروعا لشرعنة نظام الأسد من خلال فرض سلطات سامية تحت عنوان الحق الإلهي أو الطموحات الثورية ، أو من خلال رؤيا بعد – دستورية ، بما أن هذه السلطات فعلا هي أقل مصداقية و وضوحا و تأثيرا على السوريين ... إن مثل هذة البلاغة الخيالية – القصصية تتحرك بضعف لو كان القصد منها " شرعنة " السلطة بالصيغة اللفظية و المعجمية التي نفهم بها العالم.
الترجمة بتصرف من كتاب ( التسلط الغامض ) للكاتبة ليزا ويدين Lisa Wedeen و قد نشرته مطبوعات جامعة شيكاغو الأمريكية.
أ
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |