بادئ ذي بدء ، أعترف وأقر بأنني لست من رواد المراكز الثقافية ، لا لشيء بل لأنني لا أريد أن أصبح مثقفا - لا سمح الله - فأنا أريد أن أظل بعينّي ربعي من العوام والتابعين لهم بإحسان فإذا أرتقوا ارتقيت .. وإذا تقهقروا تقهقرت وانقهرت ومن سوء طالعي بأن قادتني قدماي إلى المركز الثقافي في بلدتي السلمية ، لحضور ندوة حوارية !!! بعنوان .. وجهة نظر الحزب الشيوعي السوري بالأحداث الجارية في سوريا بتاريخ 4/7/2011م .
ورغم ترددي بالحضور ، إلا أن أحد الأصدقاء سامحه الله أصر على حضوري هذه المحنة على طريق الجلجلة .
بدأ التحدث في هذه الندوة المحاضر الدكتور وليد فارس عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي السوري ، بشرح أبعاد الأزمة والمؤامرة الامبريالية والصهيونية ، ولكنه لم يوضح لنا كيفية مواجهتها .. أعطيَّ الكلام بعده إلى المحاضر الدكتور إبراهيم زعير عضو اللجنة المركزية وسكرتير المكتب الفكري !!!!! فشرح لنا شاكرا عن بحر النفط العربي المنهوب والذي لو تم استثماره لصالح بلاد العرب أوطاني لمدة عشرة سنوات لأصبح اقتصاد الوطن ( العربي ) أقوى من اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية مما دعا بعض الحضور لفتح أفواههم دهشة لهذه المعلومة وتحدث الدكتور عن مأساة الديمقراطية في إسرائيل ، وتقدمية الملك الأفغاني الراحل ، وأزمة الصين وطمع وجشع أوروبا ، وزراعة الزهور في اليونان .. و بعدها أعطيّ المجال للأسئلة طبعا وللمداخلات ، لاحول و لاقوة إلا بالله .
ولا أدري ما الذي دعاني لرفع يدي التي لم أرفعها أيام دراستي إلا لتحية العلم وعصا الأستاذ التي لا ترحم ، فأخذ قلبي يتراكض ، مستقيم السير سعد الأثر و لأني بالرغم من الورقة التي بين يدي لا أستطيع أن أتكلم ثلاث كلمات وراء بعضها فالكلمة الأولى أتلعثم فيها وأتدعفر ( أتعثر ) بالثانية وانطق أول حرف من الكلمة الثالثة والحرف الثاني أنطقه على مضض كأن الريح تحت لساني وبالمختصر تكلمت عن الفساد والذي دعاني للخروج في أول مظاهرة محاربة له ، والذي يهدم أوطانا ولو كانت بأعمدة فولاذية ، واقترحت أن يبدؤوا بأنفسهم أولا ليكون قرارهم مستقلا وأقصد بهم ( قيادة الحزب ) والذي لا يحتاج المرء لكثير من العناء ليكتشف بأن الحزب ليس له موقف اللهم إلا القذف ، ففلان قذر وفلان حشرة وعلتان عميل ... الخ من شتائم نسيها العالم في أزقة الصومال وحوا كير تورابورا وزنقات القذاذفة . وتحدثت طبعا عن الفساد في جريدة صوت الشعب والتي هي لا تمثل لا الشعب ولا جزء ضئيل منه وعلى الأكثر لا تمثل سوى صوت هيئة تحريرها حيث لا ثقافة ولا فكر ولا صحافة ، والوثائق عن نهب ماليتها موجودة الأصلية منها وما نشر على مواقع الانترنت . ووجهت تحية إلى قواعد الحزب دون قيادتها البرجوازية الصغيرة الحاقدة و الانتهازية وأزلام أزلامها والمستور أعظم والقادم من الأيام سيشهد تبرع بأموال وعقارات خاصة جدا .. الخ وبعد أن أنهى السائلون أسئلتهم والمداخلون مداخلاتهم بدأت الإجابات . فوجه الدكتور وليد فارس كلامه إليّ مباشرة واصفا كلامي بالممنهج والمبرمج ونعتني بالقزم والصغير والمرتد والرخيص وما إلى ذلك من ألفاظ نابية . فوقفت دفاعا عن نفسي إلا انه رفع صوته الذي وفره لهكذا مناسبة مطالبا إياي بالخروج وسط تصفيق جماهيري قلّ نظيره فخرجت صاغرا ألملم أذيال الهزيمة .. وانتصر الوطن أخيرا على يد أحد فرسانه .
ولن أدخل هنا بالعنتريات . أيهما فينا الأكثر عداء للإمبريالية والصهيونية حيثما أقامتا ومن فينا الأكثر شيوعية .
وسأفترض بأن كلامي ممنهج ومبرمج أي أنني جزء من المؤامرة الإمبرصهيونية وبأنني قزم وصغير و( مرتد ) ورخيص ومُشترى بالدولار واليورو والشيكل وبأنني مدفوع دفعا لفعل هذا الشيء ومضحوك على لحيتي وبأنني قرد لعن الله أبا شاربي . فلماذا لم يستطع هو شخصيا أن يثبت بأنه عضو مكتب سياسي ويرد على كلامي الموثق ويعدني ويعد الحضور بأنه إذا ثبت تورط أي عضو في الحزب من القمة إلى أصغر حلقات القاعدة بالفساد أن يُحاسب وكفى الله المؤمنين شر قتال خاسرين به حتى ولو قُتلت وسال دمي على بلاط هذه الندوة الحوارية جدا .
وأقول كلمتي الأخيرة لأصدقائي ورفاقي فليسمحوا لي بالاعتذار لهم بحق الضحكات التي ضحكناها سويا والدموع التي ذرفناها أعتذر منهم لحضوري هذه الندوة ولكلامي الذي سبب إحراجا كبيرا لهم وإنما عذري بأنني لم أكن أتوقع أن يرد عليّ رجل ( سياسي جدا ) بهذا القدر من السياسة فالسياسة بالنسبة لهؤلاء لا أخلاق لها ولا وجدان وأتوجه إلى كل قواعد الحزب النظيفة والى كل من يعز عليهم تاريخ يمتد إلى أكثر من ست وثمانين عاما تشردت خلالها مئات العائلات وذاق آلاف مرّ الدموع ، وتجرعوا سمّ العذابات وحوربوا بلقمة عيش أطفالهم ...... ، أن ينقذوا هذا التاريخ فسوريا التي لن تركع جريحة والقادم أخطر فإذا استمرت هذه العقول التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه فسيقتل الأخ أخاه والابن أباه وسيظهر أعور الدجال ليقتل البقية الباقية .
نحن وقود الوطن الحر والشعب السعيد ورعاعه وغوغاؤه , سنظل نصدر دخانا وضجيجا فمازال العالم ينام بثقله على أجساد الفقراء .
عاشت سوريا
والحياة المذلة لأعدائها

عضو المجتمع السوري
عاصي بن علي عفارة - سلمية