فصل من حفلة التيس للروائي ماريو بارغاس يوسا وبترجمة لصالح علماني
خاص ألف
2011-08-03
حفلة التيس للروائي ماريو بارغاس يوسا وبترجمة لصالح علماني
- صباح الخير – رد عليه.
كان الكولونيل جوني أبيس قد وضع فوق مكتبه التقرير الذي يقدمه إليه كل صباح ، و يتضمن أحداث اليوم السابق و توقعات و اقتراحات. كان يحب قراءة تلك تلتقارير ، فالكولونيل لا يضيع الوقت في الحماقات مثلما كان يفعل الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية ، الجنرال أرتوروز . غسبانيات " المدية " خريجي مدرسة ويست بوينتن العسكرية ، و الذي كان يسبب له الضجر بهذياناته الاستراتيجية. هل كان المدية يعمل لمصلحة الـ CIA ؟ لقد أكدوا له ذلك. و لكن جوني أبيس لم يستطع إثباته. إذا كان هناك من لا يعمل لمصلحة الـ CIA ، فهو الكولونيل : لأنه يكره اليانكيين.
- قهوة يا صاحب الفخامة.؟
كان جوني أبيس بالزي العسكري. و مع أنه كان يبذل جهده لارتداء الزي بالدقة التي يطالب بها تروخييو ، إلا أنه لم يستطع أن يفعل إلا ما تتيحه له بنيته الجسدية المتاراخية و المترهلة ، فهو أقرب إلى قصر القامة منه إلى طولها ، كرشه المكور يتناسب مع غبغبه المزدوج الذي تندفع فوقه ذقنه البارزة ، و المقسومة بانهدام عميق. وو كان خداه مترهلين أيضا. أما عيناه دائمتا الحركة و القاسيتان فهما وحدهمت اللتان تشيان بذكاء تلك الخراقة الجسدية. له من العمر خمس و ثلاثون أو ست و ثلاثون سنة ، و لكنه يبدو عجوزا.. لم يذهب إلى ويست بوينت أو أي مدرسة عسكرية أخرى ، و ما كان سيقبل فيها لافتقاره إلى اللياقة و الميول العسكرية. إنه من ذلك النوع الذي كان المدرب جيتلمان يسميه ، حين كان المنعم مع المارينز ، بـ " الضفدع جسدا و روحا " ، بسبب افتقاره إلى العضلات ، و إفراط شحومه و ميله إلى الدسائس. و قد جعل منه تروخييو كولونيلا بين ليلة وضحاها في الوقت نفسه الذي قرر فيه ، في واحدة من تلك النزوات المفاجئة التي تميز مسيرته السياسية ، أن يعينه رئيسا لجهاز الاستخبارات العسكرية بدلا من المدية ، لماذا فعل ذلك ؟ ليس لأنه قاس ، بل ربما لأنه بارد الأعصاب : إنه اكثر الكائنات التي عرفها جليدية في بلاد الناس الحارين جسدا و روحا هذه. و هل كان اختياره له قرارا سعيدا؟ لقد صار يرتكب الأخطاء في الآونة الأخيرة. فإخفاق عملية اغتيال الرئيس الفنزويلي بيتانكور لم تكن الفشل الوحيد ، لأنه أخطأ كذلك في التمرد المزعوم ضد فيدل كاسترو الذي سيقومك به القائدان العسكريان إلوي غوتيريث مينويو و وليم مورغان ، و الذي تبين أنه كمين نصبه ذلك الملتحي لاجتذاب المنفيين الكوبيين إلى الجزسيرة و غلقاء القبض عليهم. هذا ما فكر به المنعم و هو يتصفح التقرير ما بين رشفات القهوة.
- إنك تصر على إخراج المطران ريللي من مدرسة سانتو دومنغو – دمدم – اجلس ، اسكب قهوة.
- أتسمح لي يا صاحب الفخامة ؟.
رنة صوت الكولونيل الموسيقية يحتفظ بها من ست سنوات فتوته ، عندما كان معلقا إذاعيا لمباريات البيسبول ، و كرة السلة ، و سباقات الخيول. و هو لم يعد يحتفظ من تلك المرحلة إلا على القراءات السرية – و كان يعترف لنفسه بأنه تأملي – و هذه المناديل التي يوصي على صبغها بالأحمر لأنه – حسب قوله – لون الحظ لمواليد برج الحمل ، و يمنح القدرة على حدس خفايا كل شخص ( حماقات تمتع الجنراليسمو و تضحكه ) ؟. وقف مقابل طاولة الزعيم ، حاملا فنجان قهوة في يده. كان الظلام ما يزال مخيما في الخارج و المكتب تكتنفه الظلال ، يكاد لا يضيئه المصباح الذي يحصر يدي تروخييو في دائرة مذهبة.
- لا بد لنا من فقء هذا الدمل يا صاحب الفخامة ، مشكلتنا الكبرى ليست كينيدي ، فهو مشغول تماما بفشل غزوه لكوبا. المشكلة هي الكنيسة. إذا نحن لم نقض على عناصر الطابور الخامس هنا ، فسوف نواجه المشاكل. فالمطران ريللي يعمل في خدمة المطالبين بالغزو الأمريكي. و هم في كل يوم ينفخونه و يضخمونه أكثر و يضغطون في الوقت نفسه من أجل إرسال المارينز لإنقاذ المطران المسكين المطارد. و يجب أن لا ننسى أن كينيدي كاثوليكي.
- جميعنا كاثوليك – تنهد تروخييو.؟ و قوض تلك الحجة – و هذا هو بالأحرى مبرر آخر للامتناع عن لمسه. لأن إقدامنا على ذلك سيكون كمن يقدم إلى الأمريكيين الذريعة التي يبحثون عنها.
بالرغم من أن تروخييو كان يصل في بعض اللحظات إلى الاستياء من صراحة الكولونيل ، إلا أنه كان يتسامح معه. فلدى رئيس الاستخبارات العسكرية اوامر بالتحدث إليه بكل صراحة ، حتى و لو كان ما يقوله فظيعا على مسمعيه. المدية لم يكن يستخدم هذا الامتياز مثلما يستخدمه جوني أبيس.
- لا أظن أن بالإمكان التراجع إلى الوراء في علاقتنا مع الكنيسة ، فذلك الغرام الذي استمر ثلاثين سنة قد انتهى – كان يتكلم ببطء بينما عيناه الصغيرتان الزئبقيتان تدوران في محجريهما و كأنهما تستطلعان محيط المكان بحثا عن شراك – لقد اعلنت الكنيسة علينا الحرب في 25 كانون الثاني 1960 ، برسالة المطارنة الأسقفية ، و هدفها هو القضاء على النظام. فرجال الدين لن يكتفوا ببعض الامتيازات. لن يعودوا إلى دعمكم يا صاحب الفخامة. مثلهم في ذلك مثل اليانكيين. و في الحرب لا وجود إلا لطريقين : إما الاستسلام أو إلحاق الهزيمة بالعدو. و المطرانان بانال و ريللي يخوضان تمردا سافرا.
كان لدى الكولونيل أبيس خطتان : استخدام " القبضايات " كدرع ، و هؤلاء جماعة من القتلة المسلحين بالهراوي و السكاكين من أتباع الرئيس السابق الذي كان في خدمته ، و في الوقت نفسه ينطلق المخبرون السريون كجماعات هائجة في مظاهرة احتجاج ضد المطرانيين الإرهابيين ،، و يقتحمون أسقفية لابيغتا و مدرسة سانتو دومنغو ، و يجهزون على المطرانيين قبل أن تتمكن قوات الأمن من إنقاذهما. و هذه الصيغة تنطوي على مجازفة ، و يمكن أن لها أن تتسبب بوقوع الغزو. و لكن ميزتها أن موت المطرانيين سوف يشل بقية رجال الدين لوقت لا باس به. أما في الخطة الثانية ، فيتمكن الحراس من إنقاذ بانال و ريللي قبل أن يشنقهما الرعاع ، و تطردهما الحكومة عندئذ إلى إسبانيا و الولايات المتحدة بحجة أنها الطريقة الوحيدة لضمان سلامتهما. ثم يقر مجلس الشيوخ قانونا بوجوب أن يكون جميع الرهبان الذين يمارسون التبشير في البلاد من الدومينيكانيين بالمولد. اما الأجانب أو المتجنسون فيعادون إلى بلدانهم. و بهذه الطريقة – و هنا استشار الكولونيل دفتر ملاحظات صغير – يتقلص عدد القسس الكاثوليك إلى الثلث.و هكذا يكون بالإمكان التحكم بالأقلية المتبقية من الكهنة المحليين.
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |