مقتطفات من رواية ألف شمس مشرقة للكاتب الأفغاني خالد حسيني
خاص ألف
2011-08-17
أيلول 1996 ( مريم )
مرت سنة و نصف ، صحت مريم في صباح يوم السابع و العشرين من أيلول على صراخ و صفير ، مفرقعات نارية و موسيقى. ركضت إلى غرفة الجلوس. فوجدت ليلى على النافذة ، و عزيزة على كتفيها . التفتت ليلى و ابتسمت.
قالت : " طالبان هنا ".
أول مرة سمعت مريم عن طالبان كان منذ عامين. في أكتوبر 1994 ، عندما قدم رشيد إلى المنزل و قال إنهم قهروا لوردات االحرب في قندهار و استولوا على المدينة. كانوا قوات عصابات آنذاك ، قال إنهم من شبان الباشتون الذين هربوا عائلاتهم إلى باكستان خلال الحرب ضد اسوفييت. أغلبهم نشأوا – و بعضهم ولدوا – في منخيمات للاجئين على طول الحدود الباكستانية ، و في مدارس باكستانية درسوا الشريعة على يد الملالي. كان قائدهم غامضا ، أميا ، منعزلا و ذا عين واحدة ، اسمه الملا عمر.
" حقيقة إن هؤلاء الأولاد ليس لديهم ريش - ( جذور )" قال رشيد .. دون أن يوجه حديثه لأي من المرأتين .. من الهروب الفاشل ، قبل عامين و نصف ، علمت مريم أنها و ليلى أصبحتا بالنسبة له واحدا ، متساويتان بؤسا ، و تستحقان بالتساوي عدم ثقته ... استنكاره و إهماله. كانت مريم تشعر عندما يتكلم بأنه يحاور نفسه ، أو مع حضور غير مرئي في الغرفة ، و هذا الحضور مختلف عنها و عن ليلى .. يستحق آراءه .
" قد لا يكون لهم ماض ".. قال ذلك و هو يدخن و ينظر إلى السقف..
ثم أردف :
" قد لا يعرفون شيئا عن هذا العالم أو عن تاريخ هذه البلاد. نعم. و بالمقارنة معهم ، مكن المحتمل أن تكون مريم هنا أستاذة جامعية.. ها ! كل شيء صحيح. لكن انظري حولك. . ما الذي ترينه ؟ فساد و جشع قادة المجاهدين ، مسلحين إلى أقصى الحدود ، الكثير من البطولة ، يعلنون الجهاد كل واحد على الآخر و يقتلون كل شخص يقف بينهما .. هذا هو الأمر. على الأقل الطالبان أنقى و غير قابلين للفساد ، على الأقل ، هم أولاد مسلمين محترمين. و الله عندما يأتون ، سينظفون هذا المكان. سيجلبون السلام و النظام. لن يقتل الناس بعد الآن و هم خارجون ليشتروا الحليب. لا مزيد من الصواريخ ! فكري بذلك ".
خلال سنتين ، شق الطالبان طريقهم إلى كابول ، مستولين على المدن من المجاهدين ، واضعين حدا للحرب الطائفية أينما حلوا. أمسكوا بقائد الهازار عبدول علي مزاري و أعدموه.. لعدة أشهر استقروا جنوب كابول ، يطلقون النار على المدينة ، و يتبادلون إطلاق الصواريخ مع أحمد شاه مسعود.
في أوائل أيلول من عام 1996 ، استولوا على مدن جلال أباد و ساروبي. كان لدى الطالبان شيء واحد يفتقده المجاهدون ، كما قال رشيد : كانوا موحدين.
" دعوهم يأتون.. بنفسي سوف أنثر الورود عليهم "..
خرجوا ذلك اليوم كلهم ، و رشيد يقودهم من باص إلى آخر ، ليرحبوا بعالمهم الجديد ، و بقادتهم الجدد.
في كل جوار مهدم ، شاهدت مريم الناس يخرجون منم الحطام و يتحركون في الشوارع. شاهدت امرأة مسنة تحمل الأرز و تنثره على المارة ، و ابتسامة دون أسنان على وجهها. شاهدت رجلين يتدليان من بقايا بناء محطم. في السماء فوقهما كان الصفير ، أصوات الترحيب ، أصوات المفرقعات النارية تنفجر من قبل فتية على الأسطح. كان النشيد الوطني يصدح من مسجلات تتنافس مع أبواق السيارات.
" انظري ، مايم " !!. أشارت عزيزة إلى مجموعة من الأولاد يركضون في شارع جدة ميوانت. كانوا يرفعون قبضاتهم في الهواء و هم يجرون علبا صدئة مربوطة بخيطان. كانوا يصرخون أن مسعود و رباني قد انسحبوا من كابول.
في كل مكان كانت هناك صيحات الله أكبر!
رأت مريم غطاء سرير يتدلى من نافذة في شارع جدة ميوانت. كتب عليه أحد ما ثلاث كلمات بالخط العريض الأسود : ليحيا الطالبان !
كذلك و بينما كانوا يتمشون في الشوارع ، لمحت مريم عدة إشارات – مرسومة على النوافذ ، محفورة على الأبواب ، مرفرفة من ( أنتينات ) السيارات – تنادي بنفس الشيء.
كانت تلك المرة الأولى التي تشاهد مرلايم فيها الطالبان في ساحة الباشتون. حشد كبير من الناس تجمع هناك يمدون رقابهم. تجمع الناس حول النافورة الزرقاء في منتصف الساحة ، كان االناس جالسين على حوافها الجافة قرب المطعم القديم ( خيبر ). استعهان رشيد بحجمه لدفع الناس ، ليقودهم إلى حيث كان هناك شخص يتكلم عبر مكبر الصوت.
عندما رأت عزيزة ذلك أطلقت صرخة و دفنت وجهها في برقع مريم. كان يحمل مكبر الصوت شاب نحيل ، ملتح يرتدي عمامة سوداء. كان يقف على نوع من السقالات. و في يده الحرة كان يحمل قاذف صواريخ. إلى جانبه ، كان هناك رجلان مدميان. يتدليان من حبال ربطت إلى عمود إشارة ضوئية. ملابسهما ممزقة ، وجهاهما منتفخان و قد تحول لونهما إلى أزرق بنفسجي.
" أنا أعرفه ". قالت مريم .. ثم أردفت :
" الرجل الذي على اليسار " استدارت امرأة شابة أمام مريم و قالت إنه نجيب الله و الرجل الآخر أخوه. تذكرت مريم نجيب الله المكتنز ، ذو الشارب الذي كان يشع من لوحات الإعلانات و واجهات المحلات خلال سنوات السوفييت.
سمعت لاحقا أن طالبان جروا نجيب الله من ملاذه الآمن في المقر العام للأمم المتحدة قرب قصر دار المان ن و انهم قد عذبوه لمدة اربع ساعات ، ثم ربطوا ساقيه إلى شاحنة ، و جروا جثته عبر الشوارع.
دار دال للنشر - الطبعة الأولى 2010
ترجمة مها سعود
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |