الجليد لصنع الله إبراهيم بين هجاء الواقع و تمجيد الغرائز
خاص ألف
2011-10-22
بعد صدور ( تلك الرائحة ) باكورة أعمال صنع الله إبراهيم ، يضطر القارئ للتساؤل : ألا يوجد في العالم غير الهرب من المخابرات و الصدام مع آلة القمع.
و هذا هو شأنه في جميع أعماله. فهو يقدم تفاصيل موضوع واحد تشترك جميع المكونات لتحيط به .
و في آخر أعماله ( الجليد ) الرواية الصادرة عام 2011 عن دار الآداب ببيروت ، يواجهك السؤال المحرج التالي : ألا يوجد في الحياة غير الطعام و الجنس؟.
يركز محور الرواية على شخص أكاديمي يعيش في موسكو داخل بيت للطلبة ، و على هذا الأساس يحتك بالنخبة العاطلة عن العمل المنتج و التي غرقت لقمة رأسها في استهلاك الدقائق و الساعات ، أو كما نقول باللغة العامة : في قتل الوقت.
و هذه هي المسألة : كيف نحتال على أنفسنا لتمرير الوقت الضائع الذي يعتقد أبطال الرواية أنه جوهر و مضمون الإنسان.
و منذ أول انطباع نلاحظ أن الروائي و بطله من طينة واحدة. و هما في رهان ضد المجتمع الصارم ، و في رهان معاكس مع حرية الأفراد لاكتشاف حيثيات مصيرهم الغامض.
و ضمن هذا الجو لا يتبقى من موسكو و من الفترة الحاسمة التي يفترض أن زمن الرواية يغطيها ( و هذا يتصادف مع حرب عام 1973 ) ، غير أسماء الشوارع ، و بعض المفردات الروسية و قليل من المعالم الكئيبة.
لقد أراد صنع الله إبراهيم أن يرمي سهام نقده اللاذع على رأس التجربة السوفييتية ، و كلفه ذلك الدخول في غمار الحرب المشينة التي تجلل لاشعورنا بالعار الدائم ، و التي تكشف عن السلسلة الحمقاء من الخطايا و النواقص التي نحملها معنا ، و أولها : استغلال الظروف و إجهاض ثمرة علاقات مؤقتة لا يرعاها الحب و لا المصير المشترك.
حتى أن القارئ في النهاية لا بد أن يتساءل : هل يمكن اختصار موسكو في ممارسة الجنس بالمجان و في ارتداء التنورة القصيرة رغم البرد القارس و شرب الفودكا. و هل يمكن اجتزاء الحياة العامة لنخبة من أبناء الشرق الأوسط و هم في أهم لحظة حاسمة من تاريخهم ببعض المانشيتات العريضة المحرومة من أية عاطفة.
و بالتأكيد إذا كانت هذه تهمة يجب أن يواجهها بجرأة كاتب سياسي و ملتزم مثل صنع الله إبراهيم ، ليس من الواجب على الرواية أن تشعر بالخجل.
فهي لطيفة و ذات أجواء مخملية و تثير الكوامن التي أفلح الوجوديون ( ابتداء من غثيان سارتر ) و حتى ( صور سيمون دو بوفوار الجميلة ) في كشف النقاب عنها.
( الجليد ) رواية الإنسان الضائع المختلف مع تاريخه و الذي لا يستطيع أن يفسره ، و لكن ينجح في هجائه.
ألف
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |