فدوى سليمان تدخل تاريخ سورية الحديث من أوسع أبوابه
2011-12-11
موقع شباب السفير وجه عبر قرائه مجموعة من الأسئلة المفصلية، للمناضلة الثائرة فدوى سيلمان.. من أجل إلقاء المزيد من الضوء على هذه المناضلة نعيد نشر هذا اللقاء الذي قام بإعداده محمد دحنون
ألف
30/11/2011
في مساء أحد أيام شهر أيار، وبعد أقل من شهرين على اندلاع الثورة السوريّة، اجتمع عدد من الشبّان والشابات في ساحة "عرنوس" الواقعة في حي الصالحيّة الدمشقي. ومن أمام تمثال الرئيس السابق حافظ الأسد أنشد هؤلاء أغاني للوطن، ثم تظاهروا تضامناً مع درعا وللمطالبة بالحريّة.
كانت تقف أمام هؤلاء امرأة تهزّ يديها تناغماً مع النشيد الحماسي.
بعد أشهر، سيتضاعف عدد الشباب الذين تقودهم المرأة نفسها. ستهتف في الآلاف، إلى جانب زميلها في طلب الحريّة عبد الباسط ساروت. ومن ساحة "عرنوس"، وكل مكان أتيحت فيه إمكانيّة التظاهر في العاصمة السوريّة دمشق، إلى أحياء عاصمة الثورة حمص، تنتقل الفنانة والناشطة السوريّة فدوى سليمان: تهتف للحريّة وتنشد لوطن حر.
الولادة في حلب، ثم الإقامة في جبلة، ومنها إلى دمشق للدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحيّة، بعد ذلك ستسافر فدوى سليمان إلى فرنسا للالتحاق بدورة "مساعد مخرج".
لعبت أحد أدوار البطولة في فيلم "خارج التغطية" للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد، كما قامت بدور البطولة في فيلم قصير بعنوان "حكاية كل يوم" للمخرج السوري الشاب نضال حسن.. المعتقل من قبل الأمن السوري!
في المسرح كانت لها مشاركات كثيرة، من أبرزها: "مونودراما" بعنوان "صوت ماريّا"، خلال تظاهرة دمشق عاصمة الثقافة العربيّة، ومسرحية "غني ثلاث فقراء" للمخرج مانويل جيجي، "سفر برلك"، "بدون تعليق"، و"احتمالات". وفي الدراما لعبت دور "المغنية فيروز" في مسلسل "أنا القدس" للمخرج باسل الخطيب، ودورا في مسلسل "قلوب صغيرة" للمخرج عمار رضوان، بالإضافة إلى العديد من المشاركات الأخرى.
اليوم، لا يبدو على فدوى سليمان، المتوارية عن أنظار الأمن السوري، أنّها معنيّة بالحراك الفنّي في بلدها. لديها حراك من نوع آخر يبدو أكثر أهميّة أو الأكثر الأهميّة: المشاركة في "الدراما" العظيمة التي يصنعها الشعب السوري المنتفض من أجل حريّته وكرامته.
في مقطع الفيديو الذي نُشر، قبل مدّة، على موقع "اليوتيوب"، تعلن الفنانة السوريّة استمرارها في الإضراب عن الطعام "لكسر الحصار عن أحياء حمص المحاصرة، ولأثبت لكل شركائنا في الوطن كذب النظام وادّعائه بوجود عصابات مسلّحة وسلفيين وإسلاميين متطرفين يريدون قلب الحكم وإبادة الأقليات". لم تردعها ملاحقة الأمن عن الاستمرار في التظاهر. أكثر من ذلك، طالبت فدوى سليمان بسحب "الجنسية السورية عمن قتلوا آلاف السوريين.. وعمن قتلوا مئات الأطفال ومئات الشيوخ وعشرات النساء.. أطالب بسحب الجنسية السورية عمن أمروا باحتلال المدن السورية وقاموا باجتياحها وحصارها وقتل المدنيين وقتل كل من يفكر بإدخال الطعام والدواء لهم وقتل كل من يحاول إنقاذ الجرحى..".
فدوى سليمان، ضيفة "سين جيم"
إعداد: محمد دحنون
ما هي رمزيّة الكوفيّة التي تضعينها، مع زميلك عبد الباسط ساروت، خلال التظاهرات. لا سيّما أن ثوّار سوريا ضد الاحتلال الفرنسي كانوا يرتدونها؟
شارك في السؤال: emad alali
كانت الكوفية رمزاً لكل الثوار العرب في صراعهم الطويل والمرير ضد الاستعمار، ولأننا في سوريا محتلون من قبل عصابة تقتحم المدن وتحاصرها، فنحن نعتبر أنفسنا كالثوار العرب. نلبس الكوفية التي كانت رمزهم، ورمز كفاحهم.
كونك علويّة بالولادة، هل لنا أن نعرف شكل علاقتك بالطائفة؟
شارك في السؤال: خالدية بياضة
لم أقل يوماً إنني أنتمي إلى طائفة أو دين أو عرق. منذ لحظات وعي الأولى كطفلة كنت أحسّ أن انتمائي إلى هذا الكون الفسيح والكبير وأنّني جزء منه، وقد أكون خلية من خلاياه أو نواة لخلية من خلاياه، ولا يمكن أن أسمي نفسي أو أعلّب نفسي وأحصر نفسي بتسمية حتى أستطيع أن أقول لك ما هي علاقتي بما ذكرت.. لأن علاقتي دائماً مع الإنسان غير المسمى إلا بإنسانيته.
ما حقيقة البيان الذي قيل أنّه صدر عن عائلتك ليعلنوا من خلاله "تبرّئهم" منك؟ وهل تمّ إجبارهم على إصدار هذا البيان؟
شارك في السؤال: Basem Saleem
لا أريد أن أجيب على هذا السؤال.
لم تنخرط الأقليات بأغلبيتها في الحراك السوري، وربما كان الخوف من قمع النظام هو واحد من الأسباب ولكنه ليس السبب الوحيد. فما هي الأسباب الأخرى بتقديرك؟ وهل من أخطاء للمعارضة أدّت إلى ضعف مشاركة أبناء الأقليات في الثورة؟ ما هي؟!
شارك في السؤال: Oussama Al Rifai
لم يعد هناك أي مبرر للأقليات لعدم مشاركتها في الثورة، وإلا سنضطر حينها للقول إن الثورة لم تصلهم بعد. فالثورة كفيلة بدفعهم لفهم بنية النظام الذي لم يحمِهِم أصلاً وهم يعرفون ذلك. وإن كانت الأقليات تخاف من ثورة الأكثرية فعليها أن تكون في الشارع اليوم لتقول كلمتها وتعبّر عن حلمها في سوريا الغد وترى نتائج هذا بنفسها مع باقي إخوتهم السوريين المنتفضين على الأرض. أما أن يتذرعوا بأنهم خائفون من النظام، فإن النظام قبل الثورة وبعدها يقمع الأقليات كما يقمع الأكثرية، وإن كانت أخطاء المعارضة منعتهم من المشاركة فما الذي يمنعهم من سد ثغرات المعارضة بثورتهم وتواجدهم في الشارع، وتبادل الآراء السياسية حول سوريا الغد مع كل أطياف المجتمع السوري!
النظام أوهم الأقليات بحمايتهم من خطر المد الإسلامي..
وغالبية الشعب السـوري تريـد أن تُحكـم بواسطـة القانـون
بين الأقليات والنظام: من تعتقدين أنّه المستفيد من الآخر بشكل أكبر؟
شارك في السؤال: Basem Saleem
النظام هو المستفيد، لأنه أوهم الأقليات بأنه حامي حماهم من خطر المد الإسلامي المزعوم الذي سيأتي ويقضي عليهم، وأن وجودهم مرتبط بوجوده وإلا جاء الإخوان المسلمون وذبحوهم عن بكرة أبيهم. ولأنه نجح في زراعة هذا الوهم منذ أربعين عاماً في الذهنيّة العامّة لدى الأقليات فقد كسب ودّهم ودعمهم، وقبلوا حتى إذلاله وإفقاره لهم ليضمنوا فقط حياتهم.
هل ما زلت ماضية في إضرابك عن الطعام؟
شارك في السؤال: Basem Saleem
ما زلت ماضية في إضرابي عن الطعام حتى سحب قوى الجيش والأمن من كافة المدن السورية المحاصرة، وحتى الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين. وكم أتمنى أن يشاركنا الإنسان أينما كان في الإضراب عن الطعام في كل أنحاء العالم، لنوقف العنف في كل مكان ولنكون ضد الحرب والقتل في كل مكان.
لماذا اخترت الدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحيّة؟
شارك في السؤال: أبو قيس
اخترت المسرح لأن المسرح بحد ذاته يفسح لك المجال بأن تثور على نفسك أولاً، وأن تعرّي ذاتك أمام نفسها، وتكشف عيوبها ومشكلاتها، وبعدها يصبح وسيلة من وسائل التعبير الحرّة ووسيلة من وسائل الإبداع، ولن يوجد إبداع إن لم تكن هناك حرية. كما اخترته لإيماني بأنني قادرة على تغيير المفاهيم المجتمعية والقيم الإنسانية والارتقاء إلى مستوى إنساني جديد، لأن المسرح قادر على كشف وتعرية بنى المجتمع الفكرية والإنسانية والثقافية والسياسية، وقادر على نقل رؤية جديدة للواقع إلى الجمهور، وبهذا يحدث التغيير، كما يخلق الفرح ويحرّض على الإبداع.
بعد مصرع القذافي بالطريقة التي رأيناها على أيدي الثوار الليبيين.. هل تظنين أن ثمة غريزة انتقام تحتقن في نفوس السوريين وربما تتجه لاحقاّ في اتجاهات لا تحمد عقباها؟
شارك في السؤال: نبيذ نبيذ
لا أعتقد أن تجربة ليبيا ستتكرر في سوريا. بالتأكيد ستظهر بعض الجماعات الحاقدة والانتقامية، ولكن غالبية الشعب السوري تريد أن تُحكم بواسطة القانون. ويجب أن تتمّ محاكمات عادلة لكل من تلطخت يداه بدماء السوريين. فالسوريون يطالبون بدولة مدنية قانونية يكون فيها جميع أبناء الشعب السوري سواسية أمام القانون.
ما هي الأولويات التي تعتقدين أن على المعارضة العمل عليها في المرحلة التي تلي سقوط النظام؟
شارك في السؤال: أبو قيس
قبل سقوط النظام وبعده على المعارضة أن تنزع عنها عباءتها التي التصقت بها لسنين طويلة، لترميها جانباً اليوم، وتقف صفاً واحداً وقلباً واحداً خلف الشارع السوري، دعماً لثورة الشباب ومطالبهم المحقّة دون النظر إلى خلافاتهم الشخصية على حساب سوريا وشعب سوريا والوطن.
ما هي أسباب تشتّت المعارضة السوريّة برأيك؟
شارك في السؤال: أبو قيس
لأنهم ما زالوا يعملون بمنطق سياسة المصالح، وعندما يبدؤون بالتخلي عن مصالحهم الذاتية ليفكروا بالمصلحة العليا، وهي مصلحة الوطن، سيجدون أنفسهم معاً على طريق واحدة، وهي إسقاط النظام أولاً ثم بناء دولة مدنية ديمقراطية تشبه كل السوريين وتحقق حلمهم ثانياً، ولأنهم ما زالوا يفكرون بعقلية الأحزاب التقليدية التي لم تنجب شيئاً في مرحلتهم على الأرض ويريدون تطبيقها اليوم، وكأن الزمن لم يمر عليهم ولم يروا التطورات التي دخلت كل بيت سوري وكل فكر سوري.
الحوادث الطائفية هي من فعل النظام..
ومخطط الفتنة فشل على أيدي السوريين في حمص
كيف تنظرين إلى حوادث العنف الطائفيّة التي جرت في حمص؟ من المسؤول؟ ومن الفاعل؟!
شارك في السؤال: Basem Saleem
لقد اختار النظام حمص لأنه يعرف تماماً أنه قادر، بسبب طبيعة حمص المتنوّعة طائفيّاً واثنيّاً، على تنفيذ كل خططه الإجرامية على الشعب السوري، ومنها: بث الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد، وبالأخص أن حمص تحوي أطيافاً متعددة من الشعب السوري، والحوادث الطائفية التي جرت في حمص هي من فعل النظام الذي شكّل فرقاً للموت من كل الطوائف، وقام بدفع المال لها لتقوم بعمليات الخطف والتنكيل والتعذيب والتقطيع والتشويه ورمي الجثث في أحياء بعضهم البعض؛ لتظن كل طائفة أن الطائفة الأخرى هي التي قامت بفعل القتل، ولكن أبشّر النظام وأبشّر العالم أن هذا المخطط فشل على أيدي السوريين في حمص، وأن الثوار هم من يحمون السلم الأهلي ويرفضون الانجرار وراء فتنة النظام.
هل تعتقدين بوجود أخطاء في آلية عمل التنسيقيات والحراك الشعبي في الداخل؟ ماهي؟!
شارك في السؤال: نبيذ نبيذ
هناك أخطاء كثيرة، مردها إلى قلة الخبرة في العمل الميداني والعمل الجماعي. في البداية كانت الصعوبات أكبر والتنظيم كان فاشلاً أكثر، ولكن مع التقدم في الثورة وجدنا أننا نكتسب الخبرة شيئاً فشيئاً في تنظيم الحراك وتوحيد الشعارات والتواصل ما بين التنسيقيات جميعها، والاتفاق على تنفيذ الخطط التي يقوم بوضعها الجميع، وتوزيع المهام على بعضنا البعض.
بعد التجارب الانتخابيّة الديمقراطيّة في تونس ومصر، وبالنظر إلى القيادات التي تحكم ليبيا اليوم. كيف تنظرين إلى نجاح القوى الإسلامية في البلدان التي صنعت الربيع العربي؟ هل تخشين من "المد الإسلامي"؟
شارك في السؤال: Basem Saleem
عندما يكون خيار الشعوب أمام صناديق الاقتراع الحرة والديمقراطية، فليكن خيار الشعوب ما يكون، لأنه سيكون الأصدق والأكثر ضرورة لتطورها ولحاجتها.
لا أخشى من المد الإسلامي، فنحن شئنا أم أبينا ثقافتنا إسلامية ولسنا بعيدين عن الإسلام، ولكن الإسلام لا يعني التطرف، بل هو طريقة من طرق العبادة ولن تُفرض على أحد في سوريا، فلم يسبق للشعب السوري أن فرض أحد طريقة عبادته على الآخر. ولكن أن يكون الحكم إسلامياً، بمعنى أن يكون الدستور والقانون مستمدان من أحكام الشريعة الإسلامية، فهذا يمنعنا من بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي يحلم بها السوريون، والتي تستمد قوانينها من ضرورات الحياة اليومية والمعاصرة وفق دستور يضعه الشعب حسب حاجاته ومتطلباته.
سؤال أخير: فدوى سليمان، هل يراودك شعور بالخوف من الموت أحيانا؟
شارك في السؤال: خالدية بياضة
يراودني الخوف من الموت لسبب واحد: أن أموت قبل أن تكون رسالتي قد وصلت كاملة!
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |