الحرب على الإرهاب/ أ. دانكوفيتش:
2012-01-06
كتب أ. دانكوفيتش: مدير مشروع MEMRI الإصلاحي / امريكا، في عام 2005 م، دراسة عن الارهاب استشهد فيها بآراء عدد من المثقفين العرب منهم: ماجد الغرباوي، قمنا بترجمتها للتعرّف على اصداء الثقافة العربية في الاوساط الغربية.
تشغل قضية مكافحة الإرهاب الإسلامي ذهن عدد من الإصلاحيين العرب الذين يعملون على انتقاد الفكر الإسلامي، لتشجيع التفكير المستقل والناقد ولتأسيس الأشكال الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم الإسلامي. على سبيل المثال، في شباط عام 2005، قدمت مجموعة من الإصلاحيين طلبا للأمم المتحدة لتأسيس محكمة دولية تقوم بمراجعة أحكام الدعاة الإسلاميين الذين يروجون للعنف وإراقة الدماء. وعرض الطلب على الهيئة القانونية في المنظمة الدولية ثم رفع إلى مجلس الأمن الدولي (1).
و بعد تفجيرات لندن في 7 تموز 2005 وسع العرب الإصلاحيون نقدهم وعمقوا من نقاشاتهم، ليس فيما يخص المتشددين الإسلاميين فقط، ولكن فيما يخص أيضاً البلدان الأوروبية، ولا سيما بريطانيا، التي سمحت للمتشددين بالنشاط على أراضيها باسم حماية الحقوق الشخصية للأفراد. وكذلك وسعوا من انتقاداتهم للغالبية المسلمة الصامتة وللمثقفين الإسلاميين المعتدلين الذين تعرضوا للضغط الإسلاموي ولم يعلنوا معارضتهم الواضحة له.
و فيما يلي بعض التوصيات التي تقدم بها كتّاب إسلاميون عرب.
على أوروبا أن تغير السياسة الناعمة مع المتشددين الإسلاميين. أحد أكثر ردود الفعل تشككا تجاه تفجيرات لندن كان في دور الرقابة في أوروبا، وبالأخص بريطانيا، لأن سياستها طويلة الأمد بتأمين ملاذ آمن للمتعصبين الإسلاميين، ساعدهم على نشر أفكارهم في المدارس، والمساجد، والإعلام، وقدم لهم حماية قانونية، وهذا باسم حماية حرية التعبير. وقد كتب المفكر السعودي مشاري الذايديو هو كاتب زاوية ثابتة في اليومية اللندنية الشرق الأوسط يقول: " حان الوقت لأولئك الذين لم ينتبهوا أن أعداء الحرية، لسوء الحظ، استغلوا الحرية الممنوحة من البلدان الأوروبية، لهدم أصول الحرية، ولخنق أية إمكانية تساعد على ولادة مفهومنظري للحرية، وبالتالي لتكوين شكلواقعي مادي في البلدان العربية والإسلامية.
لقد استغلوا الحرية في أوروبا لنشر التشدد الديني في كل مكان. والشعوب التي قدمت منصة لخطاب ابن لادن السياسي والفكري ... هم أشد الشعوب عداء للحرية التي دافع عنها مجتمع أوروبا.
لا يعرف الإرهابيون الأصوليون حدودهم. ومن يعتقد أنه أمن وهوبجوار ذئب وأنه يمكن أن يحوله إلى حمل وديع سوف يتلقى صدمة ذات يوم حين يهاجم قطيعه. الذئب ذئب دائماً. ولا يمكن أن يكون غير ذلك...(2).
ودعا عبدالرحمن الراشد مدير عام قناة العربية ومدير سابق لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية بطبعتها العربية لطرد المتشددين الإسلاميين فقال: " لما يزيد على 10سنوات حذرت أنا وغيري من الكتاب من أخطار التساهل، وليس التسامح، وذلك لعلاج التشدد الذي ينتشر الآن مثل الطاعون بين المسلمين في بريطانيا وبين المهاجرين إلى بريطانيا.
لم نفهم أبدا لماذا وفرت السلطات البريطانية الأمان لشخصيات مشبوهة لها سوابق في جرائم الارهاب . ولماذا تقدم بريطانيا الملجأ للعرب المدانين بجرائم سياسية أو بتهمة التشدد الديني، أو حتى للمحكومين بالموت؟....
إن المعركة التي نمر بها هي ضد الفكر الذي يعارض الوقوف بوجه الإرهابيين أنفسهم. والجماعات الإرهابية تستغل معظم خطاب وحركات الحرية، والمكافأة التي يجنونها تكون بنشر البروباغاندا بين أفراد مستقلين وبتخويف المعارضين لهم.
لقد سمحت مثل هذه النعومة في سلوك الحكومة البريطانية للعرب والمسلمين المتشددين بالبحث عن ملجأ آمن في بريطانيا، بعيدا عن بلدانهم، حتى بلغ السيل الزبى وزاد تأثير المتشددين بالمقارنة مع المعتدلين.
و لقد حان الوقت للسلطات البريطانية لتأخذ موقفا واقعيا وحاسما بخصوص التطرف، قبل أن تفلت الفوضى التامة من عقالها وتعم المجتمع البريطاني. في الماضي طلبنا: أن توقفوهم عند حدودهم. واليوم نقول لكم: اطردوهم (3).
و في مقالة نشرتها الصحيفة اليومية الجزيرة ذكر الصحافي حمد بن حمد السلامي بالحرف إن مؤيدي ابن لادن المقيمين في بريطانيا أيدوا علنا عمليات القاعدة الإرهابية في وسائل الاعلام، - على سبيل المثال، قناة الجزيرة والصحيفة اليومية العربية القدس العربي " وهاجموا السعودية العربية، والعراق الجديد، ومصر، وكانمعهم آخرون يحاربون البلد الذي قدم لهم المأوى وزودهم بالعمل وبأسباب الحياة. ومنهم: محمد المسعري، سعد الفقيه، أبو قتادة، أبو المنتظر، هاني السباعي، وعبدالباري عطوان. إنهم يغشون الملايين كلما ظهروا بعباءاتهم وطرابيشهم. وأحيانا بالديكور الإسلامي وهم يدعون أنهم من لديه علم اليقين بالأخلاق الإسلامية ...(4).
يجب إيقاف التحريض بواسطة الإنترنت
في مقال آخر اعتبر الراشد أن الإنترنت:" هي المجال المفضل للمتشددين". يقول:" معظم جرائم الإرهاب لها علاقة بالإنترنت... والجماعات الإرهابية المجرمة والمتشددون يبررون هذا الأداء، ويحرضون ويجندون الناشطين ".
و يفسر الراشد أن الإنترنت أصبحت أداة فعالة للإرهابيين ويعزى لذلك عدة أسباب: من السهل التعامل معها، والرسالة تصل للمتلقي العام بسرعة البرق، وهي رخيصة التكلفة، ولا تخضع للرقابة الصارمة. ويتابع حتى يقول:" الإنترنت هي أفدح وأهم وسيط يقوم بتخريب تفكير الشباب المسلم في طول وعرض العالم - وتتفوق بذلك على المدارس- لأن صغار المسلمين يستعملون الإنترنت بوتيرة عالية وبواسطتها تلقنوا أساليب التحريض وآداب التطوع وثقافة الإرهاب". وبرأي الراشد، يجب تطبيق الرقابة على شبكات المتشددين، ويجب أن نفهم درسنا جيدا" فمصدر الخطر الثقافي اليوم هو وسائل الإعلام، ومن ضمنها الإنترنت" (5).
يجب أن يتوقف المثقفون العرب عن الكلام بلسانين
انتقد أيضاً الإصلاحيون العرب بلسان سليط زملاءهم المثقفين. وعبرت منى الطحاوي وهي كاتبة مصرية في الشرق الأوسط عن طموح بعض المثقفين لإرضاء الجمهور الذي يخاطبونه فقالت:" لقد حان الوقت لنعلن أن المبررات التي نسمع بها كلما قام المسلمون بعمل إرهابي- مثل الادعاء: إن جورج بوش حرضني على ذلك، هي مبررات غبية. لقد حان الوقت لتتوقف عن اتهام الآخرين. نحن جميعا نعلم مدى انتشار وتوسع التطرف في مجتمعاتنا. ولكن من السهل أن نتجاهل هذه الحقيقة ونقول" نحن لسنا كذلك"، عوضا عن التفكير بحل للمشكلة.
لقد استفضنا بالكتابة والكلام حول الجماعات المتطرفة والمتطرفين الذين رأوا في لندن ملاذا آمنا. ولكن لم نسمع ما يكفي حول ما ندعوه باسم المثقفين، الذين هم أصلا ليسوا إلا مبررين للإرهاب..
إن الاستماع للمقابلات التي تجري معهم في الفضائيات العربية بعد اعتداءات لندن، يجبرك أن تعتقد أن جورج بوش وطوني بلير شخصيا ذهبا إلى ليدز وقادا الشباب إلى لندن وضغطا على الزر. ويستعيد من يسمون مثقفين العبرة من أنه في 7 تموز تعلم كل من جورج بوش وطوني بلير درسا قاسيا لن ينسوه. وطبعا، كل هذا تم الإفصاح عنه بلسان عربي مبين. إن أشباه المثقفين يعتقدون أن هذا هو ما يرغب العرب بسماعه وبالضبط.
و لكن حين يقرأ أحدنا تعليقاتهم في الصحف الأمريكية، يعتقد المرء أنهم فقدوا ذاكراتهم ونسوا كل ما قالوه منذ أيام قليلة على شاشات التلفزيون العربية. وفجأة ينتاب الحذر والحزنةالشديد كل من لم يتفوه بكلمة واحدة في تلفزيونات العرب دون الإشارة لجورج بوش وطوني بلير .
عوضا عن لوم جورج بوش على كل شيء أعلنوا في الواشنطن بوست وربما في نيويورك تايمز أنهم مندهشون وخائفون، ولا يمكن أن يفهموا لماذا الشباب المسلم يفجرون أنفسهم في وسائل النقل العامة في لندن.
و لقد آن الأوان لنتكلم بصوت واحد وليس بصوتين: صوت بخطاب موجه للغرب والآخر بخطاب موجه للعرب. فالعالم العربي يئس من العنف، وعانى بما فيه الكفاية منه...
لنتكلم بصوت واحد ولنتحمل المسؤولية. ودعونا نبدأ بمناقشة الوسائل المناسبة للخروج من هذه الفوضى المرعبة التي ستلحق الضرر بنا جميعا...(6).
يجب عزل الإرهابيين عن الجمهور المتعاطف معهم
ركز أيضاً الصحافي والمحلل المصري الدكتور مأمون الفندي على المقاربة الغامضة للمثقفين العرب فيما يتعلق بالارهاب. وأكد أن محطات التلفزيون ترغب ببرامج أرخص وهذا دفعهم لعرض مواد خاصة بالتطرف ومنتشرة على نحو واسع، عوضا عن إنتاج برامج مرتفعة الكلفة ولكن عالية النوعية. وكتب الفندي يقول:" إن العمليات الإرهابية التي ضربت لندن، واغتيال السفير المصري في العراق، وردود الفعل العربية تشير إلى مشكلة هي أخطر من الارهاب بحد ذاته، مشكلة العرب الذين يتحمسون للإرهاب والذين يزداد عددهم باضطراد. في مصر اليوم جماعة من الكتاب والمحررين وحتى السياسيين الذين تخطوا العام الخمسين من العمر، والذين يتعاطون الفياغرا السياسية وينتابهم الشعور بالثمالة والشهوة كلما شتموا الولايات المتحدة أو كالوا المديح للإرهابيين. وهم لا يستوعبون أنهم يضرمون لسان اللهب الناري والذي سيقضي على الجميع. وأنهم شخصيا يضحون بحياتهم ويقدمونعلى الانتحار تماماً مثل أولئك الذين يستعملون السيارات المفخخة.....
منذ9 /11 استغرقت بقراءة أو الاستماع للإعلام المصري، ولا أستطيع أن أذكر خمسة أسماء يدينون الارهاب علنا. هل فشلت القاهرة لهذا الحد بحيث أنها لا تستوعب رجلا واحدا أو امرأة واحدة يقولان كلا للإرهاب؟...
و أعتقد أن خطاب الإرهابيين قليل الكلفة بمقياس ميزانية برامج التلفزيون ... والارتفاع الملحوظ في عدد الفضائيات التلفزيونية العربية والحاجة القوية لتغطية وقت الإرسال، هي الأسباب الحقيقية في تنامي تيار الأصوليين.
و على سبيل المثال، إذا قارنا تكلفة إنتاج أفلام الفيديو للمطربة اللبنانية نانسي عجرم مع كلفة إنتاج ساعات الإرسال التي تغطي شيخا مفوها يحرض على الارهاب، نجد أن كلفة فيلم الفيديو، أو ساعة إرسال لبرنامج عالي النوعية، يمكن أن تصل إلى 20.000$ -بينما السعر المدفوع من التلفزيون لأحد رجال الدين الأجلاء وخلال عمل ساعة (تصوير) يصل على الأكثر 1.000$...
إن البرامج التلفزيونية الرخيصة هي الحاضنة للإرهاب، وإن ورشة إنتاج الخطاب الإرهابي، لو أن الدول العربية والولايات المتحدة ترغب بمكافحة الإرهاب يجب أن تبدأ أولا بفصل الإرهابيين عن الخلفيات المتعاطفة معهم، ولسوء الحظ، كل رجال الأعمال الكبار الذين لديهم تجارة مع الولايات المتحدة والغرب مرتبطون بالإرهاب.. ولو أنهم أبرياء لماذا لا يوجد تاجر واحد من بين صفوف أصدقاء الولايات المتحدة والغرب يرغب بنشر إعلان واحد في الصحف العربية يدين فيه الإرهاب؟... ولماذا إن المنتفعين فعلا من الدولار الأمريكي الغربي يلتزمون بالصمت؟. ولماذا هم أول من يستثمر في محطات تلفزيونية رخيصة تحرض على الإرهاب؟...".(7).
على المسلم أن يتبرأ من الإرهابيين، وعلى الغرب أن يتخلى عن سذاجته
في مقالة أخرى، كتبت بعد تفجيرات 23 تموز في شرم الشيخ، دعا مأمون الفندي المسلمين أن يصدروا فتاوى جديدة ضد الإرهاب، وأضاف قائلا: " على المسلمين في شتى أصقاع العالم أن يتحلوا بالجرأة ويرفضوا الإرهاب... وهناك سابقة على ذلك فابن لادن وصفالمسلمين المعتدلين بأتباع وعملاء الغرب وبالكفرة، وقد حان الوقت للمسلمين وزعمائهم أن يعلنوا أن ابن لادن مخل بأصول الإيمان في الدين الحنيف. ...
وعلاوة على ذلك، حان الوقت لنتوقف عن تسمية مكان صناعة القنابل " مسجد" ... على المسلم المعتدل أن يقاطع هذه المساجد، لأنه لا يتحلى بالشجاعة الكافية لتحريرها من قبضة المتشددين. حينما يتحول المسجد لمكان تجهز فيه المتفجرات يتوقف عن أن يكون دارا للعبادة، ويجب هنا التعامل معه كمسرح لارتكاب جناية...".
وناقش الفندي أيضاً سذاجة الغرب تجاه أولئك المصنفين باسم " إسلاميين معتدلين فقال: " قابلت وتكلمت مع عدد كبير من الإسلاميين، ولا سيما في الغرب، من الذين أدانوا العنف علنا ولكن في السر يهمسون" الغرب يستحق أن يعاني من ويلات الإرهاب". أضف لذلك، إنهم يقولون عيانا جهارا هذا هو انتقام لما يجري في فلسطين والعراق. وفي مجالسهم الشخصية كل ما سمعته يدل على حقد أعمى يذكيه شعور عدمي بضرورة التخريب، وهو مجرد عدوى بدأت بالانتشار بين المسلمين، ولا سيما من يعيش في الغرب.
عدد كبير يدين ابن لادن، ولكن لسوء الحظ عدد آخر لم يتعرضوا له بأية طريقة من الطرق. ومعظم الفريق الثاني يعيش في أوروبا والولايات المتحدة. إنهم ليسوا خلايا نائمة كما يقول عنهم السطحيون في الغرب، إنهم خلايا مستيقظة جداً، وجاهزة لتضرب في أية لحظة.
و طبعا، ليس من المفيد أن يدعو الرجل الطيب كين ليفينغستون وهو عمدة لندن الشيخ يوسف القرضاوي إلى لندن، وهذا يماثل في سلبيته أن يدعو طوني بلير وجورج بوش بعض الأشخاص الذين سوف يتحولون في المستقبل إلى إرهابيين لحضور اجتماعات مع الحكومة البريطانية أو البيت الأبيض. ومن المؤسف أن قنوات الإعلام الغربي ولا سيما CNN وBBC تستضيف ناشطين إسلاميين يؤيدون الارهاب وفوق ذلك تتعامل معهم كخبراء ومحللين...
أسلوبان إثنان يمكن أن يوقفا الإرهاب.. إصدار الفتاوي التي تتهم ابن لادن وأعوانه بالكفر وتستأصلهم من بين ثنايا الدين الإسلامي، وأن يتوقف الغرب عن سذاجته فيما يتعلق بجماعة " الإسلاميين المعتدلين". لا يوجد شيء من هذا القبيل.. المسلم المعتدل. هناك مسلمون عاديون يعيشون بطريقة طبيعية، وإرهابيون وأفراد من المحتمل أن ينخرطوا بالإرهاب في المستقبل" (8).
على المسلمين تحريم التفجيرات الانتحارية لأسباب أخلاقية
المدير السابق للصحيفة السعودية اليومية الوطن جمال أحمد خاشقجي دعا المسلمين لتحريم العمليات الانتحاري وقال: حان الوقت لنأخذ موقفا ثابتا وواضحا على أن يدعمه مصدر في أعلى المؤسسة الإسلامية القانونية وعلى أن يكون التحريم واضحا وبلا استثناءات ويشمل كل العمليات الانتحارية. ليس لأن الغرب يطلب منا ذلك، وليس لأن الحكومات العربية احترقت بنار هذه العمليات، ولكن لأنهم يسيرون بعكس روح ونص الإسلام...
يجب أن نعود لموقع الأصول الذي يرتبط بنص وروح الشريعة ولا يتأثر بالسياسة ولا بالحياة والظروف الخاصة. وهذا هو حال الإكليروس السعودي مثل الشيخ عبدالعزيز بن باز ومحمد بن عثيمين وذلك حينما حكموا على وجه اليقين أن العمليات الانتحارية محرمة شرعا. وتابع المفتي السعودي الحالي الشيخ عبدالعزيز آلِ الشيخبنفس المسار والاتجاه. وإن موقفهم المضاد للتفجيرات الانتحارية قد سبق هجوم 9/11 - ولذلك لا مجال للادعاء أن هذا كان نتيجة الضغط الأمريكي على السعودية العربية.
و إن الدعوات التي تشجع وتحض على العمليات الانتحارية وجدت أقوى ساحة لها في تسعينات القرن الماضي. وقد اكتشفنا مؤخراً السلاح الذي أسال دم الإسرائيليين وسقاهم من نفس كأس الرعب التي أجبرونا على أن نشرب منها. إن العمليات الانتحارية المرعبة التي اكتسحت طول وعرض إسرائيل، في النوادي الليلية ومشارب القهوة وفي الحافلات قد استهدف العسكريين والمدنيين على حد سواء...
لقد فقدنا الإحساس بالأطفال والشيوخ والنساء وهم يتعرضون للذبح بفظاعة. كنا حانقين، ولا زلنا كذلك، ولم نلاحظ الطبيعة الفادحة للاعتداءات، وحقيقة أنها تخطت الخط الأحمربخصوص تحريم الدينللانتحار. ولم نتعلم من تعاليم الرسول الواضحة أنه على المسلم أن لا يقتل إلا المحارب، وأن لا يمس النساء والأطفال.
لقد أعمانا الغضب، واستسلمنا للأقوال التي تفيد أن الإسرائيليين يواجهون أخطر مرحلة حرجة في تاريخهم منذ حرب 1973. ونشرت الصحف الأخبار عن الرعب الذي يكتسح إسرائيل. وعن الهجرة المعاكسة. وصدقنا ذلك...
ينتمي كلا الشيخين (ابن باز وابن عثامين) للمدرسة السلفية والتي تضع نفسها في مرجعية النص المباشر(للقرآن). ولذلك، لا ينتبهان للتبريرات السياسية، كما يفعل الآخرون الذين يعتقدون " أنهم يفهمون الوضع والاهتمامات الاستراتيجية بشكلأفضل". والذين يرفضون أن يفتوا بجواز العمليات الانتحارية.
كان الشيخ ابن عثامين واضحا، وقاسيا، في الرد على رجل طلب رأيه الفقهي بما يتعلق بالعمليات الانتحارية، فقال:" برأيي، (من يقدم على هذه الأفعال) كالانتحار، سوف يعاقب بنار جهنم".
لو بمقدورنا أن نرسم صورة للانتحاريينمنذ تحول الانتحار إلى سلاح اختاره المجاهدون المقاتلون، سوف نلاحظ كم لحق بهم التفكك الأخلاقي، لحد تفجير أطفال في بغداد ومسافرين مسالمين في وسائل النقل العامة بلندن، وكم من الحكمة لأولئك الذين أجازوا الهجوم الانتحاري أن يعودوا إلى الخلف إلى مرجعياتهمفي أصول الدين والتي تمنع ذلك - حتى لو أنهم إكليروس محترم مثل الشيخ يوسف القرضاوي أو حركة ذات أهداف عادلة مثل حركة حماس. إن الدعوة لتلك العمليات عبارة عن خطأ أخلاقي جسيم، والابتعاد عنها من قبيل الفضائل الحميدة..."(9).
على المؤسسات الدينية أن تتخذ تدابير عملية ضد الإرهابيين
و انتقد سعد الله خليل الذي يكتب لمواقع إصلاحية الإكليروس الإسلامي بقوله: كم سيطول بنا الوقت ونحن ندفن رؤوسنا في الرمال ونعتقد أن العالم جاهل ولا يعلم شيئا عنا؟. كم سيطول بنا الوقت ونحن نغش أنفسنا؟. كم نحن مخدوعون لو تصورنا أنه بمقدورنا إدانة الإرهاب بالبيانات والبرقيات، وإقناع العالم أن أفكارنا وثقافتنا بريئة من الإرهاب...
من المؤكد ليس كل المسلمين إرهابيين. ولكن منذ 9/11، ليس كل ارهابي مسلم بالضرورة؟.. هل هناك شيخ أو سلطة دينية مسلمة تنكر هذه الجرائم وتورط ' قادتها' بالنشاط الإسلامي؟. ألم يمنحوا ابن لادن لقب " شيخ"، وأحيانا لقب " الشيخ المجاهد- الشيخ المقاتل"؟. ألا يجدون دائماً تبريرا وعذرا لهذه الجرائم؟.
يشوه الإرهابيون عن عمد سمعة الإسلام وصورة المسلمين، وبالتالي هم بالضرورة أعداء الإسلام والمسلمين. لماذا إذا لم يتخذ ضدهم موقف ديني منزه عن الأغراض... مثل الموقف المعادي الذي اتخذه بعض المشايخ تجاه مدارس لها ميول دينية وتجاه أتباع هذه المدارس. لماذا لا نجفف كل مصادر الإرهاب، ونطلب كشف حساب من مؤيديهم، من أتباعهم، ومن الذين يحاولون أن يجدوا مبررات لهم؟...
يجب على المؤسسات الدينية والسلطات الدينية الرسمية وغير الرسمية أن تتخذ تدابير فعلية - من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه. وإن تأخروا عن ذلك، لن يطول الوقت حتى يقف العالم في صف واحد ضد الإسلام والمسلمين"(10).
على المسلم أن يؤسس لثقافة دينية جديدة
لمناقشة الأبعاد الدينية للإرهاب دعا الباحث العراقي ماجد الغرباوي لتخطي حدود إصدار الفتاوى الجديدة ضد الإرهاب وذلك بتكوين شكل جديد وواضح من أشكال الثقافة الروحية وكشف أولئك من يوظف الدين لأهداف سياسية. فكتب يقول: " تحول الإرهاب بدعوى الدين والإسلام إلى مصدر حقيقي للمخاطر التي تهدد الأمن العالمي وجوهر الإنسانية. .. وأنا لا أود أن أقلل من أهمية الأسباب النفسية والسياسية والاقتصادية التي تنجم عن الإرهاب، ولكنها فعلا تأتي في المحل الثاني.
إن السبب المحرض هو الفكر الديني... وكل الأفعال الدموية التي استهدفت المسلمين كانت تقع باسم الدين، وكل الكوارث التي عانت منها الشعوب المسلمة كانت باسم الإسلام. باسم الدين تفجرت الحروب الضروس ووقعت الانقلابات، وكل من له رأي مخالف اعتبر مدانا، وكل المسلمين الذين لهم رأي مغاير اتهموا بالهرطقة والإلحاد... كان الدين ولا يزال غطاء لتبرير حوادث الرعب ولخدمة سياسات ذات مناهج اعتباطية...
وقد أعاد الخطاب الديني بناء منطق الحركات الإسلامية، والتي قامت على الاستهانة بالحياة والرغبة بالموت، الحقد على الآخر وتمجيد الذات، احتقار هذا العالم المؤقت والتحضير للآخرة، وإرضاء الله بواسطة التضحية لأتفه الأسباب.
لم يعلم الخطاب الديني مجتمع الحركات الإسلامية أن يتبنى المرونة والرحمة والتسامح حيال الآخر، ولكن بالعكس نشر ثقافة التعصب وكره الغير وتدبير الخطط لقتل واستئصال الآخر... وكان الفرد في الحركات الإسلامية غير جاهز لتمهيد الأرض والحياة المستقرة، ولكن وهب نفسه من أجل العالم الآخر، وهذا الفرد ينتظر يوميا من الله أن يكتب عليه الشهادة وبذلك يتحرر من أعباء مسؤولياته، ويربح في النهاية جنة النعيم وغفرانا وسلوانا من الله تعالى... إن هذه الثقافة غير مرتبطة بالقيم الإنسانية التي يحض عليها القرآن...
كيف يمكن التعامل مع هذا الشكل من الأفكار؟... برأيي، حتى الفتوى التي تحرم ذلك لن تفيد أحدا، لأن الإكليروس الذي يصادق عليها غير مقبول من الحركات الإسلامية المتطرفة..
هناك حاجة لتشكيل ثقافة دينية جديدة ترسم حدود القوانين المرعية كما وردت في الذكر الحكيم، وتجسد الصفات المادية لحياة الرسول، وتوضح متى وأين يكون القانون أبديا وسرمديا.. ثم، هناك حاجة لمناقشة متعمقة لآيات النسخ في القرآن وحاجة لنقرر هل حقا إن آية السيف (القرآن: 9:5) تعارض الرحمة والمرونة والمغفرة التي هي من أخلاقنا القرآنية. وكذلك هناك حاجة لمقاربة المسلمين الأوائل باعتبار أنهم مشروعات بشرية لها مشاعر ورغبات وأهداف سياسية (و ليس باعتبار أنهم حضور روحي وعبودي فقط)..
و علينا أن نكشف عار كل أولئك الذين تعاملوا مع الدين والنص المقدس لخدمة أغراض دنياهم في مجال المجتمع والسياسة...". (11)
على الغالبية الصامتة أن تدين الإرهاب علنا
أهاب الصحافي المعروف أمير طاهري بالغالبية الصامتة والمعتدلة من مسلمي العالم أن يعلنوا عن رأيهم الصريح ضد المتطرفين الذين ألحقوا التشويه بصورة الإسلام. كتب يقول:" ماذا نصنع تجاه أشخاص جاهزين لتقبل التضحية بالنفس حتى الموت مقابل قتل الآخر؟.. أول إجراء أن لا نتأثر بالفرد الذي تعرض لغسيل دماغ ألحق التحوير بطبيعته الانسانية وحضره للموت في سبيل قتل آخرين. والطريقة الوحيدة لعلاج هؤلاء الأفراد تعتبر عن وجه حق سلاحا من شكل جديد.
مثل كل الأسلحة الأخرى التي تترك أثرا لدى استخدامها لأول مرة، هؤلاء المقاتلون الانتحاريون سيواصلون إلحاق الرعب والتأثير حتى نجد المصل المناسب لهم، مثل كل الأسلحة الأخرى، هذا السلاح الجديد صممه بعض الناس، وموله مستثمرون، وتم تصنيعه في مكان ما، وهيأه زعماء يمكن التعرف والقضاء عليهم،
هذه الأسلحة البشرية مصممة ومجهزة بواسطة تيار متواصل من البروباغاندا المضادة للغرب التي تبثها محطات إرسال عربية، وما يسمى تجاوزا المؤسسات الإسلامية، ومدارس إسلامية ومساجد كثيرة العدد تنتشر في أرجاء كل العالم بما فيها لندن نفسها...
إن اعتداءات لندن ليست من صنع مجموعة صغيرة من الناس. وهي ثمرة مرة للدين الذي اختطفته أقلية من المتطرفين، بينما الأغلبية الساحقة تنظر باهتمام ولكن بدهشة. وحتى نسمع أصوات المسلمين التي تدين هذا النوع من الاعتداءات من غير أية مفردات غامضة مثل " لكن" و" لو"، سوف يكون لدى الانتحاريين والمجرمين عذر ليعتقدوا أنهم يتمتعون بتأييد كل المسلمين. إن المعركة الحقيقية ضد عدو الإنسانية هذا سيبدأ حينما ترفع " الأغلبية الصامتة" في العالم الإنساني صوتها ونسمع إدانتها للقتلة المجرمين، ولأولئك الذين غسلوا لهم أدمغتهم، وآمنوا بهم، وقدموا الدعم المادي"(12).
الحرب ضد الإرهاب تتطلب نشاطا تربويا وسياسيا وثقافيا
و أشار المحلل وناشط حقوق الإنسان العراقي الدكتور كاظم حبيب إلى عدد من النقاط لمكافحة الإرهاب فقال:" الدعوات الصادرة عن مؤتمرات وجمعيات، وعن شيوخ وقوى إسلامية سياسية، لا تستطيع أن توقف العمليات الإرهابية ولا سيل الدم في مختلف مناطق العالم. حيث يوجد إسلاميون متطرفون لا ضرورة للكلام عن أن قتل إنسان لم يقترف جرما حرام شرعا. لأن معظم المدارس الإسلامية ومعظم الأئمة في مساجد العالم، ومعظم الوعاظ في قنوات التلفزيون العربية يبشرون بالعنف وينشرون الحقد والبغضاء تجاه الآخرين من أديان مغايرة وجماعات خطاب مختلفة. إنهم لا يعترفون بالآخر، ولا يتحلون بالتسامح مع غير المسلم، وفوق ذلك، ينشرون الكراهية العمياء ضد المسلمين الذين لا يؤمنون بطريقهم. ويتعاملون معهم ككفار. ويميزون بين قتل المسلم وهدر دم غير المسلم، ويفتون بجواز قتل غير المسلم ويحرمون قتل المسلمين...
معظم الأئمة العرب وغير العرب يدرسون اليوم في مساجد أوروبا كراهية الغرب وأديان الآخر، لأنهم يتصورون أن شعوب الغرب غير مؤمنةو لا تفيد الإسلام أبدا.. ويعتقدون أيضاً أنهم " طفيليات" يجب التخلص منها، أو كسبها لصفوف الإسلام - وهذا يعني تحويل دار الحرب إلى دار الإسلام. وفي العالم الإسلامي، لا يختلف التعليم في المدارس الشعبية والخاصةعما يجري في المساجد في أوروبا، أو أنه أسوأ. وكل عام، تخرج هذه المدارسجماعة كبيرة من الإرهابيين التي تنتشر في كل أرجاء المعمورة...".
ولمكافحة الإرهاب يقترح الدكتور حبيب برنامجا دوليا غايته مكافحة التخلف والجوع في العالم، وكذلك محاربة الأنظمة الشمولية والطغيان في الأقطار العربية والدول المسلمة. ويقترح الامتناع عن التحاور مع قوى الإسلام السياسي، ومنها حركات الإخوان المسلمين، لأنهم يبحثون عن نفس الهدف ويتشابهون مع قوى الإرهاب العالمي، ولكن فقط تختلف أساليبهم. ويطلب التفسير من الحكومات التي تسمح بنشر ثقافة كراهية الآخر في المؤسسات التعليمية، ويلح على أن الحل العملي للمشاكل في مختلف مناطق العالم، ولا سيما في الشرق الاوسط، ضرورة لا يمكن الحياة بدونها، وإلا سوف تسيطر الحلول المتطرفة وتقود لمزيد من إراقة الدماء.
و حسب رأي الدكتور حبيب:" الحرب ضد الإرهاب... يتطلب نشاطا ثقافيا وسياسيا وتربويا مكثفا ومتواصلا، من أجل محاربة التطرف والفكر السلفي الإسلامي المخرب والدعوات السلفية لإقامة نظام إسلامي أصولي...(13).
أ. د. انكوفيتش: مدير مشروع MEMRI الإصلاحي.
ملاحظة هامة
بسبب ترجمة كلام الكاتب ماجد الغرباوي من العربية الى الانكليزية، ثم منها الى العربية، حصل ارباك شديد في نسقها، وصياغتها، ومحتواها. لمن يرغب بالاطلاع على اصل المقال، منشور في ايلاف على الرابط ادناه:
الحركات الاسلامية والارهاب / ماجد الغرباوي / ايلاف: GMT 5:00:00 2005 الجمعة 8 يوليو
يذكر ان الكاتب ماجد الغرباوي كان قد نشر في موقع ايلاف 2004-2005 سلسلة مقالات في نقد الحركات الاسلامية، نأمل ان ترى النور قريبا.
..........................
هوامش:
1- بعد شهور قليلة من تقديم الطلب، الذي وقعه حوالي 4000 مثقف عربي وكردي استجاب معاون السكرتير العام للشؤون القانونية والملحق القانوني للمنظمة الدولية نيكولاس مايكيل برسالة رد بها على أصحاب الطلب، وهم الإصلاحيون الدكتور جواد هاشم، الدكتور شاكر النابلسي، ولطيف الأخضر . وقال إن تأسيس محكمة يعتمد على قرار من مجلس الأمن الدولي أو على توافق دولي. وأضاف إن نسخة من طلبهم وزعت على كل أعضاء مجلس الأمن .
www.metransparent.com, July 2, 2005.
2 - الشرق الأوسط (لندن).12 تموز 2005. النسخة العربية والنسخة الإنكليزية.
3- الشرق الأوسط (لندن). 9 تموز 2005.
4- الجزيرة (السعودية العربية). 10 تموز 2005.
5 - الشرق الأوسط(لندن). 18 تموز 2005.
6 - الشرق الأوسط (لندن)، 18تموز 2005.
7 - الشرق الأوسط. (لندن).11 تموز2005.
8 - الشرق الأوسط (لندن). 25 تموز. 2005.
9 - الوطن(السعودية العربية). 19 تموز. 2005.
10 - www.metransparent.com. تموز - 13 - 2005.
11 -www.elaph.com, July 8, 2005
12 - الشرق الأوسط. (لندن). 8 تموز 2005.
13- www.rezgar.com, July 16, 2005
.......................
[13] www.rezgar.com, July 16, 2005.
http://archive.frontpagemag.com/readArticle.aspx?ARTID=7739
تنشر بالاتفاق مع مؤسسة المثقف
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |