قصائد لسنية صالح
خاص ألف
2012-02-29
قمرٌ رطب
.....
هناك حرب بين شقيّ الدماء
مّما دفع بوفود الأملاح والأحماض
وهي ترتدي جلابيبها القيصرية
إلى المعركة ،
تملأ الكهوف َ بتبغ ِ العالم
حيث ُ يطلُ القمرُ عفنا ً أو رطبا ً
ترفس الأبواب إلى علب النوم
لتُـنقل إليها الكوابيس بالمصاعد
وخراطيم الاختناق .
والمكتباتُ تغص واجهاتها بأخبار المدنّسين
والمجذوبين ، والمصابين بالطاعون
بأخبار لقطاء التهمت أعضاءهم كلاب ُ الشوارع .
أيها التاريخ ُ العفنُ
يحقنون كبدكَ بمصل ِ الحياة ِ
وأنتَ في باطن ِ الأرض ِ
حيث ُ الفضلات والذكريات
صفّارات إنذاركَ أخرستها طبولُ القيصر
يقذفُ البيض والحمر أشلاءهم إلى مجاريك
لا يدفنون الموتى ،ولا يقيمون الجنائز
ومجاريكَ صاعدة هابطة ومتشعّبة
من خلف الحرائق العظمى نطلّ عليك
وفي زمن الصمت نتحدّث
عن جمر ٍ يلدُ العُظماء ...
وجمر ٍ لا يترك غير الرماد .
....
مخصَـصات النّـسر الميت
...
إنه ُ سكون ُ الشُّعوب المُـصابة ،
وألمُ الثُّوَّار وهم يلتقطون الصَّـدقة َ ويفُّرون ،
وحين يُـزَجُّون في الأقبية ، تـُظلمُ روحهم ،
فتنتشرُ عصورٌ صفراء ،
دمُـها الحائل ُ يشبه ُ دمَ الحشرات ،
والثورة ُ في الخارج ِ تَـثب ُ وتَـثِبُ ،
تحاولُ أن تستردَّ كائناتها ،
فتتشابك ُ الشرايين بالأورِدة ،
ويختلط ُ الدّم الصاعدُ بالنّـازل ،
دمُ الثورة ِ مع دم ِ العبودية ،
ويتوغَّل كلُّ شيء ٍ بعيدا ً ليدنَّس القلب ،
بينما يبحث ُ أصحاب ُ البِزَّات ِ الرسمية
عن امرأة ٍ كي ينالوها خفية ً في مستودعاتهم ،
أو يدفنوها في قبورهم ،
لتدفئهم ي ليالي الموت ِ الباردة .
***
لولا تلك الكتلة ُ المترهِّلة ُ من السنين ، الرابضة ُ
على كتفيه ،
الكتلة ُ التي تُعيقه ُ عن اللحاق بأحلامه ِ البعيدة
والمتوهِّـجة ، ثم تلك الجثث ُ التي تغفو وتستيقظ ُ
فوق خرائط ِ الوطن ،
تُـحيل ُ العمرَ إلى سنين قائظة ٍ وكاوية ٍ كالجمر ِ ،
كأنه الهدير والصحراء ُ تسعى وراءه بنابين من السمّ ؛
أنقذوه فتولدَ الثورة .
***
ثمَّّـة زنزانات ٌ صغيرة ٌ تتجوَّل في دمه ِ وأحشائه ِ
المُـشتعلة
تحتشدُ في حلقه ِ حتى لتوشك أن تخنقه ،
كان عليه أن يبقى صامدا ً أمام تلك العواصِف
الخياليّـة ،
يضربُ العبودية بيديه الباليتين ، فتنفخ
جراحهُ ، وتتشقّقُ كالفم ِ الظامئ ،
هل يُــطبق أنيابه عليها ويبصق ؟
أم يُـطبقُ تلك الأسنانَ المهترئة الصفراء ،
الأسنان ُ المرفوة ُ بالمعدن ِ والجِبس
وأشياء أخرى .
يضربُ الوهمَ بجناحيه الكسيرين ، فتستيقظ ُ
حشرات ٌ لا حصرَ لها ،
تتقدم ُ ... فيتراجع ،
تتضخَّمُ .. ، فيتضاءل ،
ويدفعه ُ انتصارها إلى الوقوع في هلوسة ٍ تامَّة ٍ
من البحث ِ والتفتيش عن مفرّ ، من الاسترحام
وطلب الغفران .
وأخذت همومه ُ تنتفخ ُ ،
ذهل من حجمها الذي صارت إليه ،
فالطغاة والجلادون يجرون وراءه ،
وهو يجري هارباً بخفة ِ الريح ،
مستجيرا ً متألما ً ،
(( هيّــا أنقذيني أيّـتها الثورة ))
ارتفعتْ العاصفة ُ الرّصينة بما فيها
من طغاة ٍ وأقبية ٍ وجلادين ،
وطارت ،
يحملُـها جناحاها العظيمان ،
ويتدلّـى بردى من منقارِها الصلب ،
لقد جاءَ فصل ُ التّـقلُـبات ،
فصلُ الأزهار ِ المتوحِّشة ،
وأطلقَ الطاغيةُ كلاب َ شكّـه ِ وغضبه ،
أطلقَ حبلَ أحشائِـه في جوف ِ الأرض ،
فصارت سراديب لا حصرَ لها .
.نوها أيُّـها الثُـوَّار ،
أيها المشرَّدون ،
لقد ترهَّلت الثورة ،
وتراكم عليها شحمُ القصور ،
وجرى في عروقها دمُ الطغاة .
وعندما تدفَّقت نقودُ الزمن
قذفوها جُـزافا ً ،
فاغتاظت النُّسور،
...
النسرُ القابعُ بلا حِـراك ٍ على صغار ِ النقود
ينتظرُ الفرصة َ كي يفرّ إلى الأبد ،
ويتركَ الثورةَ للنسر ِ الفضي ،
الثّورة التي يجرجرها الطغاة ُ على الأرض ،
يرصدونَ مخصصاتِها للتِّجارات العُــليا
والتزييف والتقسيم الخاطئ والمِـنَـح ِ البَـلهاء ،
...
(( لقد صِـرنا جبناء ومُـتلعثمين ،
والمدن الفضيّة تُـلمِّـعُ عضلاتها المُـدمَّرة ،
تحشو بها صدوعَ القلب ِ المنهار )) .
...
خذ نقودكَ واعبُـرْ أيها الزمن .
هاهي امرأة ُ الطاغية تنحني تحت عصا القلق ِ والتوجُّس ،
لتسمع َ موسيقى الثوار من شقوق ِ
المخابئ ِ والسجون ،
فتُـذعر،
تُـسرعُ وتشربُ الزمن ، نبيذَها الوحيد .
التاريخ ذاته ملوثٌ بدم ِ الزهرة والسحابة ،
بدم ِ نيسان َ الغامض ،
نيسان ُ المختبئ ُ في أعمارنا ،
لم يبقَ أمامه إلا الجسورُ المتداعية ُ والأنهار ُ
المتوحشة ،
وعندما أبحرت ِ الطفلة ُ الشقراءُ ذات ُ
العينين الزرقاوين , مع كلابها القطنية ،
لتبحث عن مخابئ الثورة ، عن أعلامها
الحقيقية ،
أسرَتْها مقدونية ُ الشهيرةُ برجالها
الأشداء ِ ، وولائمها الحربية .
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |