من كتاب مفاخرة الجواري والغلمان (( الجاحظ )) ج3
خاص ألف
2012-05-14
الغلام أكثر ما تبقي بهجته ونقاء خدّيه عشرة أعوام، إلى أن تتَّصل لحيته ويخرج من حدّ المرودة، ثم هو وقاخٌ طوراً ينتف لحيته، وتارة يهْلُبُها ليستدعي شهوة الرِّجال. وقد أغنى الله الجارية عن ذلك، لما وهب لها من الجمال الفائق، والحسن الرائق. فإن قلت: إنّ من النساء من يتحسَّن ويستر عيبه بخضاب الشعر وغيره، كما قال الشاعر :
عجوزٌ ترجَّى أن تكون فتيَّةً وقد لحب الجنبان واحدوْدبَ الظُّهرُ
تدسُّ إلى العطّار ميرة أهلها ولن يصلح العطّارُ ما أفسد الدَّهـــرُ
قلنا: قد يفعل ذلك بعض النساء إذا شُيِّبتْ وليس كالغلام، لعموم هَلْب اللِّحى في الغلمان. وذكرت الخصْيان وحُسن قدودهم، ونعمة أبشارهم، والتلذُّذ بهم، وأنَّ ذلك شيءٌ لا تعرفه الأوائل، فألجأْتنا إلى نصف ما في الخصيان وإن لم يكن لذلك معنىً في كتابنا، إذ كنّا إنمّا نقول في الجواري والغلمان. والخصيُّ - رحمك الله - في الجملة ممثَّل به، ليس برجل ولا امرأة، وأخلاقه مُقسَّمة بين أخلاق النساء وأخلاق الصِّبيان، وفيه من العيوب التي لو كانت في حوْراء كان حقيقاً أن يُزهد فيها منه؛ لأن الخصيَّ سريع التبدُّل والتنقُّل من حدّ البضاضة وملاسة الجلد، وصفاء اللَّون ورقَّته، وكثرة الماء وبريقه، إلى التكسُّر والجمود والكمود، والتقبُّض والتجمُّد والتحدُّب، وإلى الهزال وسوء الحال. لأنّك ترى الخصيَّ وكأنَّ السيوف تلمع في وجهه، وكأنه مرآةٌ صينيَّة، وكأنّه جُمارة، وكأنّه قضيب فضّةٍ قد مسَّه ذهب، وكأنّ في وجناته الورد. فإن مرض مرْضةً، أو طعن في السنِّ ذهب ذهاباً لا يعود. وقال بعض العلماء: إنّ الخصيَّ إذا قُطع ذلك العضو منه قويتْ شهوته، وقويتْ معدته، ولانت جلدته، وانجردت شعرته، وكثرتْ دمعته، واتَّسعت فقْحته، ويصير كالبغل الذي ليس هو جماراً ولا فرساً؛ لأنّه ليس برجلٍ ولا امرأة. فهو مذبذبٌ لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. ويعرض للخصيّ سُرعة الدَّمعة والغضب، وذلك من أخلاق النساء والصِّبيان. ويعرض له حبُّ النميمة وضيقُ الصَّدر بما أُودع من السِّرِّ. ويعرض لهم البول في الفراش ولا سيَّما إذا بات أحدهم ممتلئاً من النَّبيذ.
قال الشاعر:
والشيخ لا يترك أخلاقه حتى يُواري في ثرى رمسهِ
فقاموا من عنده آيسين من فلاحه.
- قال: كان رجلٌ من اللاَّطة وله بنون لهم أقدارٌ ومروءات، فشانهمْ بمشيته مع الغلمان وطلبه لهم، فعاتبوه وقالوا: نحن نشتري لك من الوصائف على ما تشتهي، تشتغل بهنَّ، فقد فضحتنا في الناس. فقال: هبكم تشترون لي ما ذكرتم فكيف لشيخكم بحرارة الجُلجُلتين! فتركوا عتابه وعلموا أنّه لا حيلة فيه. وقال بعض اللُّوطيين: إنَّما خُلق الأير للفَقْحة، مدوّرٌ لمدوَّرة؛ ولو كان للحر كان على صيغة الطَّبرْزين. وقال أحدهم وكانت حُبَّي المدينيّة من المغتلمات، فدخل عليها نسوةٌ من المدينة فقلن لها: يا خالة، أتيناك نسألك عن القبْع عند الجماع يفعله النِّساء، أهو شيءٌ قديم أم شيءٌ أحدثه النِّساء؟ قالت: يا بناتي، خرجت للعمرة مع أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، فلمَّا رجعنا فكُنَّا بالعرْج نظر إليّ زوجي ونظرت إليه، فأعجبه منيّ ما أعجبني منه فواثبني، ومرَّت بنا عيرُ عثمان فقبعت قبعةً وأدركني ما يصيب بنات آدم، فنفرت العير - وكانت خمس مائة - فما التقى منها بعيران إلى الساعة. والقبْع: النَّخير عند الجماع. والغربلة: الرَّهز. كذاك تسمِّيه أهل المدينة. ويقال إن حُبَّي علَّمت نساء المدينة القبْع والغربلة. قال: وكانت خُليدة امرأةً سوداء ذات خَلْق عجيب، وكان لها دارٌ بمكة تكريها أيام الحاجّ، فحجَّ فتىً من أهل العراق فاكترى منزلها، فانصرف ليلةً من المسجد وقد طاف فأعيا، فلما صعد السَّطح نظر إلى خليدة نائمة في القمر، فرأى أهيأ النّاس وأحسنه خَلْقاً، فدعتْه نفسه إليها فدنا منها، فتركته حتى رفع برجليها فتابعتْه وأرتْه أنها نائمة، فناكها، فلمَّا فرغ ندم فجعل يبكي ويلطم وجهه، فتعاربت وقالت: ما شأنك؟ لسعتك حيّة؟ لدغتْك عقرب؟ ما بالك تبْكي؟ قال: لا والله ولكنِّي نكتك وأنا محرم. قال: فتنيكني وتبكي؟ أنا والله أحقُّ بالبكاء منك. قمْ يا أرعن!. وقال ابن حُبَّي لأمِّه: يا أُمَّه، أيُّ الحالات أعجب إلى النِّساء من أخْذ الرجال إيّاهنّ؟ قالت: يا بنيّ، إذا كانت مُسنَّة مثلي فأبركْها وألصقْ خدَّها بالأرض ثم أوعبْه فيها. وإذا كانت شابّةً فاجمع فخذيْها إلى صدرها فأنت تدرك بذلك ما تريد منها وتبلغ حاجتك منها. وقال: اشترى قومٌ بعيراً وكان صعباً، فأرادوا إدخاله الدار فامتنع، فجعلوا يضربونه وهو يأبى، فأشرفتْ عليهم امرأةٌ كأنّها شقَّة قمر، فبُهتوا ينظرون إليها، فقالت: ما شأنه؟ فقال لها بعضهم: نربده على الدُّخول فليس يدخل. قالت: بُلَّ رأسه حتَّى يدخل.
قال: نظر رجلٌ بالمدينة إلى جاريةٍ سريّة ترتفع عن الخدمة، فقال: يا جارية، في يدك عمل؟ قالت: لا، ولكنْ في رجلي. قال بعضهم: كنا في مجلس رجلٍ من الفقهاء فقال لي رجل: عندك حُرّةٌ أو مملوكة؟ قلت: عندي أمُّ ولدٍ، ولم سألتني عن ذلك؟ قال: إنّ الحرّة لها قدرها فأردت أن أعلّمك ضرباً من النَّيك طريفاً. قلت: قل لي. قال: إذا صرت إلى منزلك فنم على قفاك، واجعل مخدّةً بين رجليك وركبك ليكون وطاءً لك، ثم ادعُ الجارية وأقم أيرك وأقعدها عليه، وتحوَّل ظهرها إلى وجهك، وارفع رجليك ومرها أن تأخذ بإبهامك كما يفعل الخطيب على المنبر، ومرها تصعد وتنزل عليه؛ فأنَّه شيء عجيب. فلمَّا صار الرجل إلى منزله فعل ما أمره به، وجعلت الجارية تعلو وتستفل، فقالت: يا مولاي، من علَّمك هذا النَّيك؟ قال: فلانٌ المكفوف. قالت: يا مولاي، ردّ الله عليه بصره!.
وقال بعض العجائز المغتلمات :
وخضبت ما صبغ الزَّمان فلم يدم صبْغي ودامت صبغة الأيامِ
أيّام أُمْسي والشَّباب غريرةً وأُناك من خلفي ومن قُدَّامـــي
25 - وقال سياه، وكان من مردة اللاّطة، وأسمه ميمون بن زياد بن ثرْوان، وهو مولىً لخزاعة:
أخزاعُ إنْ عدَّ القبائل فخرهم فضعوا أكفَّكم على الأفواهِ
إلاّ إذا ذُكر اللِّواط وأهلــــــه والفاتقون مشارج الأستاهِ
فهناك فافتخروا فإنّ لكم به مجداً تليداً طارفاً بسيـــــاهِ
26 - قال: وجاء سياه إلى الكميت فقال له: يا أبا عُمارة، قد قلت على عروض قصيدتك: " أبتْ هذه النَّفسُ إلاّ ادِّكارا " فقال: هات. فقال:
أبتْ هذه النفسُ إلاّ خسارا وإلاّ ارتــداداً وإلاّ ازورارا
وحمل الدُّيوك وقود الكلاب فهذا هرشاً وهذا نقـــــــارا
وشرب الخمور بماء الغمام تنفجر الأرض عنه انفجارا
وقال: أُخذ " ديكٌ " ، وكان من كبار اللاَّطة، وهو رجلٌ من أهل الحجاز، مع غلامٍ من قُريش كأنّه قديدة، فقيل له: عدوَّ الله هبك تُعذر في الغلمان الصِّباح فما أردت إلى هذا؟ فقال: بأبي أنتم وأمِّي، قد والله علمت أنّه كما تقولون، وإنَّما نكته لشرفه. وقد يُضرب المثل في اللِّواط بالحجاز فيقال: " ألْوطُ من ديك " ، كما يقول أهل العراق: " ألْوط من سياه " ، وهو كوفيّ.
ألف ...
يُـتبع ...
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |