الاغتراب
خاص ألف
2012-05-22
الإنسان، ذلك الكائن الغرائبي، الذي أستطاع أن يبني الحضارة والدمار، الحرية والقهر، الأمل واليأس، الذي أستطاع أن يبحر في سماء المعرفة، وأن يهوي في براثن الجهل، الذي أستطاع أن يرسم على الأرض لوحة سوريالية مريبة، مليئة بالطلاسم والألغاز، لذلك سوف أحاول في تلك السطور القليلة، أن أقترب منه، أن أتلمس اللوحة، أن أحبو خلف الحقيقة. المدخل السليم لفهم الإنسان يكون عن طريق فلسفة المعرفة، أو مايسمى بالأبستمولوجيا، فلكي نفهم الإنسان علينا أولا ً أن نفهم كيف يفكر وكيف يشعر، وبطبيعة الحال كيف يستطيع أن يصل إلى الحقيقة، أو على العكس تماما ً، كيف يقع في براثن الجهل. السبيل الأول لمعرفة الحقيقة هو العقل، والعقل البشري يستطيع أن يفكر بطرق مختلفة وبطريقة تلقائية على حسب الموضوع الذي يفكر فيه، فإذا كان يفكر في العلوم فأنه يتبع المنطق الأستقرائي لفرانسيس بيكون، وإذا كان يفكر في قضايا فلسفية أو ميتافيزيقية أو شرعية فإنه يعتمد على الأستنباط، وإذا كان يفكر في قضايا واقعية فإنه يعتمد على المنطق البراجماتي، بمعنى أن الفكرة السليمة هي التي أستطيع أن اطبقها على أرض الواقع، وأن تنجح تلك الفكرة في الوصول إلى الهدف المنشود منها، لكنه في كل الأحوال منطق، بمعنى أنه لا يخطئ، إذا وضع في مكانه السليم، أما السبيل الثاني لمعرفة الحقيقة فلا يكون إلا عن طريق النفس، والنفس البشرية تستطيع أن تصل إلى الحقيقة عن طريق الحدس المباشر، لكنها أي النفس تستطيع أن تزين الأمور لكي تتناسب مع ما تهوى وما تشاء، فإذا كانت النفس سوية تستطيع أن تصل إلى الحقيقة بسهولة ٍ ويسر، أما إذا كانت النفس غير سوية فأنها تسقط في شرك الأغتراب. أذن فيجب على الإنسان أن يتبع المنطق السليم، وأن يرى بنفس سوية، لكي يؤمن بما يجب أن يؤمن به، ولكي يطبق ما آمن به على أرض الواقع، وإلا أصبح مغتربا ً، مغتربا ً عن إنسانيتة، عن ذاته، لأنه رفض مايميزه عن سائر الكائنات، رفض قبول الحقيقة، وبطبيعة الحال، رفض إعمار الأرض. إذا أصيب الإنسان بالأغتراب، فأنه لن يؤمن سوى بالمصلحة، وبطبيعة الحال سوف يعتدي على حقوق الآخرين، ومن هنا يبدأ الصراع داخل المجتمع. الحضارات أيضا ً كالإنسان، فالحضارة السليمة هي التي تبنى على أيدولوجيا سليمة، ومن ثم يبدأ أهل تلك الحضارة في تطبيق تلك الأيدولوجيا على أرض الواقع، فتتكون ثقافة أي طريقة حياة أو كما يقال في علم الأنثروبولوجيا ( way of life )، وفي المرحلة النهائية تتكون الحضارة بشقيها المادي والمعنوي ( العلوم والفنون والآداب )، أما إذا لم تكن الحضارة مبنية على أيدولوجيا سليمة، فانها تكون قائمة على المصلحة والبراجماتية البحته، وبطبيعة الحال سوف تعتدي على الحضارات الأخرى، ومن هنا ينشىء صراع الحضارات. والأغتراب نوعان، أغتراب إرادي وإغتراب قهري، فعندما أكون أنا المعتدي يكون الأغتراب إراديا ً، وعندما أكون أنا المعتدى عليه يكون الأغتراب قهريا ً، والصورة هي هي بالنسبة للحضارات، فالحضارة تشعر بالأغتراب القهري عندما تعتدي عليها حضارة أخرى فتسلبها قوتها وتعتدي على مقدساتها. وأخيرا ً يجب أن أقول أن الدين السليم هو الذي تتلقى كتابه فتجده متوافقا ً مع قلبك وعقلك، والأيدولوجيا السليمة هي التي تكون متوافقتا ً مع قلبك وعقلك.
محمد علاء الدين مصر
08-أيار-2021
14-تشرين الثاني-2020 | |
14-تشرين الثاني-2020 | |
01-آب-2020 | |
25-تموز-2020 | |
22-شباط-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |