قدمت لنا سياسة الحرب على الإرهاب في الولايات المتحدة نصوصا كثيرة. و في مقدمتها رواية للمرحوم الحائز على البوليتزر جون أبدايك. ماذا عن الربيع العربي وأين سينتهي؟؟
وماذا عن أمريكا الذي تدعمه حسب بعض الروايات!!!!!!
لقد كان للغرب علاقة هذه المرة بالفعل على الأرض فقط من غير نصوص، و لا سيما في مجال الإبداع، هذا لو استثنينا بعض التقارير الإعلامية و المقالات السريعة.
للكشف عن المعاني الممكنة التي تختبئ وراء هذه الاستجابة البطيئة للأدب العالمي، تقدمنا بسؤال مختصر لكتاب غير عرب من الجيل الشاب و المعاصر، و كان السؤال بالصيغة التالية:
هل تعتقد أن الضمير و اللاوعي يعملان باتجاه مختلف عن القرار السياسي أم ماذا ؟..
رد السيد كريسبين أودوبيوك ، و هو كاتب نيجيري ، تلقى عام 2008 جائزة إفريقيا الوطنية المتميزة لأفضل عمل إبداعي، و هو يعيش حاليا في أبوجا، بقوله :
أول ما يتبادر لذهني أنه مبكر نسبيا أن تقول أن الربيع العربي سوف يعكسه الإبداع الغربي فنيا بنفس الطريقة التي تناول بها الحرب ضد الإرهاب. لا تنس أن الحرب ضد الإرهاب بدأت مباشرة بعد كارثة 11 – 9 في عام 2001. لذلك بمصطلحات الفترة، لا يزال الربيع العربي في أول ايامه. و بعبارة أخرى، لا يزال القاضي يفكر كيف يمكن أو لا يمكن التطرق له في أدب الغرب. الوقت وحده لديه الجواب.
و لكن هل يمكن للأدب الإفريقي أن يقدم تواصلا أفضل و بالفنون الإبداعية مع الربيع العربي، هذا أيضا، شيء سوف يخبرنا عنه مرور الوقت. على أية حال، اسمح لي أن أخاطر و أخمن أن الأدباء الأفارقة سيتابعون تطورات ما يحصل و سينشرون ذلك على نطاق دولي، و هذا تتكون نواته الآن. هناك رأي ينتشر بين كتاب إفريقيا مفاده أن قصصنا دائما تروى من زواية نظر الآخرين. و نحن الآن نبادر بالقبض على روح المبادرة لنروي قصصنا التي تدور حول ملابسات الحياة التي نعيشها.
هل من الأرجح أن هذا الاتهمام قد يقود إلى تقديم وجهات نظر إفريقية عن الربيع العربي؟. و أجيب فأقول هذا محتمل، فبعضنا يبحثون عن منابع الإلهام في الأحداث التي أدت إلى التغيير في تونس و مصر و ليبيا. عموما، كيف ستتم معالجة ذلك هو شيء ، مجددا أؤكد ، أنه رهن قانون الزمن و الوقت.

***

الأمريكية كريستال أربوغاست، و هي شاعرة و قاصة تعيش في مدينة طروادة – تروي الأمريكية، و تخرجت للتو من الجامعة، قالت بإجابة عامة ذات نغمة هادئة و تغلب عليها روحها الإنسانية، و نبرة الأدب الأمومي النسائي:
من الصعب علي أن أتقبل معنى بعض المفردات في سؤالك، و للإجابة عليه، سأرد في حدود طاقتي على استيعاب كل السؤال، و بالأخص أنه هناك وجهات نظر كثيرة و متباينة في هذا البلد. راقبنا الربيع العربي على شاشات التلفزيون و استغربنا من استمراريته، و لكن لم يثبت لي أن الغرب يدعمه. ( إلا إذا كنت على اتصال ببعض الأشخاص في السي آي إي و أخبروك بذلك). بلدنا دائما متنبه و يقظ، و هو يراقب الثورة في الشوارع لأنها تبعث على الاهتمام و في نفس الوقت تفطر القلوب. ( موت الناس في الشارع ليس شيئا سارا أبدا ). و دائما كنت أشك أن الحكومات في كل العالم، و منها حكوماتنا، لها أجندات سرية غير تلك التي تعلن عنها لمواطنيها
بالعودة للربيع العربي، استغربت من قوة الدافع و الحماسة في البحث عن الحرية، و لكن في نفس الوقت، لاحظت أنه لا يوجد مكان للدعوة لحرية النساء. أنا أحترم دور الفارق الثقافي الواسع، و لكن حرية المرأة مهمة سواء بسواء مثل حرية الرجل. مرة أخرى، إن تعاطف الولايات المتحدة و شبك الذراع مع الكوع في السعودية العربية أمر غريب لأن المرأة هناك مواطن من طبقة ثانية. السبب هو الثروة النفطية... أليس كذلك؟.
هل فعلا نحن نفهم ماذا يجري في الشرق الأوسط؟ كل أفراد الشعب في هذا البلد يعلمون أننا مرهقون من الحروب و مرهقون من البطالة و من الوضع الإقتصادي. و ليس كل الأمريكيين موظفون في شركات خمس نجوم مثل هاليبورتون.

***

الإيراني مسعود عالمي مهندس الإلكترونيات الذي يقيم في أمريكا و يكتب بالإنكليزية، و مؤلف رواية عن الثورة في إيران بعنوان ( انقطاعات )، كان أقرب في تفسيره لما يجري داخل سوريا، و تكلم عن علاقة الدين بالدولة و الجيش بنفس الأسلوب الديالكتيكي الذي كتب به روايته. و مما قاله في إجابته مستعملا الجمل القصيرة و المعاني المفتوحة على التأويل :
لا أعتقد أن كل الثوار في سوريا من نوع طيب واحد. و في الواقع لبعضهم خطط شريرة ستخرب سوريا تماما. هذا هو صنيع الثورات غالبا. على سبيل المثال، إيران.. قبل الخميني و وصوله للدولة في إيران كان يخدر الشعب بالوعود.
مثلا قال عندما غادر الشاه و استلمت القوات الإسلامية السلطة إنه سيدفع فواتير الكهرباء و فواتير الهاتف و ثمن الخبز و ثمن البترول للسيارات، سيتكفل بكل شيء لراحة المواطن. قال إنه في بلد يبيع النفط للعالم لا معنى لأن يدفع الشعب ثمن الغاز و وقود التدفئة. فالغاز يجب أن يكون بالمجان. أما عن الحريات، قال إنه في القانون الإسلامي ستكون إيران أكثر حرية و أكثر ديمقراطية من ديمقراطيات الغرب.
لا حاجة لأخبرك أن هذا كله أكاذيب. لذلك أمام السوريين فرصة أن تكون الأحزاب الإسلامية تكذب بشأن خططها. كل شيء متعلق بتبديل السلطة. و قد أصبح الإسلام أداة في أيدي الناس الذين لديهم مخططات سياسية. و لا أجانب الصواب لو قلت إن الشعب في سوريا لا يزال ينتظر يقظته.
و أنا أرى الصورة بهذه الطريقة، كل من الأسد و والده ملومان على كل ما جرى لأنهما لأكثر من 40 عاما يغطيان على الحقائق أمام الشعب. كما فعل الشاه فهو مسؤول عن انجذاب الشعب للخميني، و الأسد مسؤول على الفوضى الحالية. لقد أغلق الشاه الإعلام و عذب الشرفاء و اتخذ كل القرارات الهامة بمفرده. و اعتقد أنه الشخص الوحيد المخول لصناعة القرار. و اعتقد أنه لا يوجد غيره يحب إيران بمقدار ما أحبها.
لذلك وضع الشاه كبار القادة المعارضين في السجون و أغضب الشعب.
و بالمثل، إن السبب وراء خروج السوريين إلى الشارع في هذه الأيام أنهم تعبوا من حبل الأكاذيب. و هم مرهقون من سياسة الحزب الواحد الذي يحمل أعباء القرارات الهامة بالنيابة عنهم. أعترف أنه لديهم بيوت رخيصة و تعليم مجاني و رعاية صحية و كل هذه الأشياء المحترمة. و لكنهم تعرضوا لمعاملة تشبه معاملة الأولاد الذين لا يعرفون كيف يتصرفون. لماذا لا يتحملون أعباء اختياراتهم عن الطريقة التي يجب أن يحكم بها البلد؟. إنهم لذلك يشعرون بالغش.
حافظ لم ينتبه للمشكلة و اعتقد أن كل من يغامر ضده هو جاسوس للغرب، و بشار لم ينتبه لذلك لأن الحاشية التي تحيط به زمرة من المنافقين الذين لا هم لهم غير الاحتفاظ بكراسيهم و رواتبهم العالية. ربما ندين الغرب لأنه يحرض على التظاهر، و لكن من أعطى الأوامر للجنود لإطلاق النار على المتظاهرين؟.
حسنا، كما أرى، سوف يستغرق الأمر جيلين قبل أن يتمكن الأدب من مناقشة الموضوع. و لن تكون الأجوبة سهلة. على سوريا أن تمر بكل هذه اليقظة كما فعل الروس و الإيرانيون قبل أن يقرروا من هم و ماذا يريدون، و ليتعرفوا على العالم الذي حولهم. لا يزال لدى الإيرانيين أيضا دروس ليتعلموها.

أيار 2012 – خاص بألف