صدفة ـ قصة
خاص ألف
2012-06-30
أغمس أصابعي في العتمة ...
على بياض أوراقي ...
أرسم خطواتك عن ظهر قلب ...
قصة بعنوان : ـــ صدفة ــــ
أتلاشى كرائحة دخان .. أصغر بحجم الكتب .. أجمع ما تبقى من طاقةٍ لأقف أمامها في المقعد الرابع بقاعة درس يطير فيه الوقت ليمحي رغبتي بالجواب ...
أقف على قدمي .... تسألني :
ـ أين كتبك ؟؟
يلتفت إلي رفاقي و كأنهم يعلمون مسبقا" أن شيئا" ما سيحدث .. أردد بصوت هامس :
ـ نسيتها
ـ هذا كثير ؟ هذه المرة الخامسة التي تقف فيها أمامي بدون كتاب ؟؟ لن تنجح بمادتي هذا العام ؟؟
ضحك الطلاب و كأن كلام المدرّسة كان نكتة جميلة .
أضعت معيار تقديرها .. لم تعد تحترمني .. ولا تثق بي .
ولم أعد أستطيع الإحتمال أكثر .. رغبتي بالنوم ترسو على مرافئ تعبي .. ساعات الليل أقضيها في العمل .. وفي الصباح أستعجل أخوتي .. ألبسهم .. أوضب كتبهم .. أمشط شعرهم .. أصبحت أمهم التي فقدناها إثر المرض و أباهم الذي ذهب بعيدا" للعمل ولا خبر ..
صوت الطلاب بضحكاتهم البلهاء .. يكشف لي مدى سخفهم .. لا أستطيع أن أقول لها الآن شيئا" الآن .. ربما عابت عليّ موقفي المستهتر .. أو ربما رفضت تصديقي .
و مرة أخرى .. صوتها يدوي في باحة صبحي :
ـ إفتح دفترك يا غبي ؟؟
وقد أصبحت فوق رأسي .. قلبّت صفحات الدفتر .. فما كان منها إلا السؤال عن الوظيفة ؟؟؟
جمدت عيناي و كأنني لم أعد أفهم شيئا"..
ـ حتى الوظيفة لم تكتبها ؟؟ ما هذا ؟ إخرج بسرعة من الصف ...
نزلت الدرج .. بدون كتبي .. بدون أحلامي تسارعت خطواتي التي لم تأخذني لغرقة التوجيه .. أنفاسي وشم فضيحة .. ستجعل الجميع يقرأني .. خارج المرسة .. أصبح جسدي طليقا" .. ركض بي نحو فراش الخيبة في غرفة بائسة لاشيء فيها سوى صورة أمي .. و قليلا" من صحون متسخة .. هنا و هناك .
سنوات مرت وأنا أحاول محي طريق المدرسة من خرائب ذاكرتي .. لكن عملي الجديد على سيارة أجرة أجبرني بالمرور من أمام مدرسة كانت تعرفني وكم كنت أتمنى ألا أصادف آنستي التي بسببها تركت المدرسة .
الوقت ظهيرة .. و الشمس ترسل أشعتها كساقية دافقة .. العائدون من أعمالهم يخطون نحو الظل .. أحدهم يستوقفني .. ويصعد في السيارة .. قبل مضينا على مفرق الطريق سيارة مسرعة تصطدم بشاب يحمل حقيبته على كتفه .. التم الجميع حوله .. لكن دمه قد غطى وجهه .. السيارة انطلقت بسرعة جنونية .. اعتذرت من الراكب .. وأسرعت بإسعاف الفتى .. لأقرب مشفى .. أحمله بين يدي و حقيبته على كتفي .
على طاولة الإسعاف .. قرر الطبيب إدخاله لغرفة العمليات طالبا" تحليلا" للدمّ .. بعد ربع ساعة .. خرجت الممرضة مسرعة نحوي .. جسده ينزف نحن بحاجة لدم من زمرة(( A )) إيجابي..
نظرت حولي و قلت بلهفة :
ـ أينفع أن أعطيه أنا ؟؟
أشارت :
ـ إذهب إلى غرفة التحليل ..
عدت لغرفة الإنتظار .. أتساءل ؟؟
ـ من هذا الشاب ؟؟
ـ و هل ستتوافق الزمرتان ؟؟
نادتني إحداهن :
ـ بسرعة إلى غرفة التبرع .. لا وقت لدينا بسرعة ..
أدخل في شارات القلق .. بين جدران تقذفني إلى فضاء اللاوعي .. الإبرة مغروزة في جسدي .. ويدي قطعة من خشب .. الشاب يئن من الوجع .. دمي .. يخطو متسارعا" في عروق الشاب .. صوت يصيح من الخلف :
ـ طعوني .. ابني .. حبيبي ..
يحاول زوجها إبعادها .. تعرّج يدها الملتاعة نحو كفّي .. تسألني :
ـ من أنت ؟؟؟؟
تهمس لها الممرضة :
ـ شاب أنقذ حياة ابنك ....
صوتها ليس غريبا" عني .. سمعته قبلا" أحاول التذكر .. تعرّش صوتها في أعماقي ... تغزوني تنميلة في أطرافي .. لا أقوى على الكلام .. يقترب وجهها مني .. تدعو لي بإطالة العمر .. بمستقبل زاهر .. أقوم .. نحوها .. بخطى متثاقلة .. أفرد كفي و أغلقها .. أمسك بحقيبة الكتب ... أضعها بين يديها .. تلتقي نظراتنا ...
ربّاه .. أهي محض صدفة .. ؟ مدرستي ؟؟
تتجمد الدموع في عينيها .. و بصوت واجف مرتجف .. تسأل :
ـ أنت ؟؟؟
يختنق جوابي في حضرة سؤالها ....
(( مرح الجرف )
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |