الاغتيالات السياسية في المجتمع العربي الإسلامي ـ ج 1 ـ
خاص ألف
2012-08-06
إغتيال الخلفاء :
كان الخلفاء عرضة للاغتيالات بالدرجة الأولى أكثر من غيرهم من بقية طبقات المجتمع العربي الإسلامي، وطبيعي أن يعود الأمر بذلك إلى عدة دوافع وأسباب سياسية تختلف نوعا ما من خليفة إلى آخر ومن عصر إلى عصر آخر، وإذا ما وقفنا في قضية اغتيال كل من الخليفتين الراشدين أبي بكر الصديق والخليفة عمر بن الخطاب ومتداخلاتها نجد أن للعوامل الدينية والسياسية والقومية الأثر الفاعل في اغتيال كلًّ منهما. فالخليفة أبو بكر الصديق كان ضحية الظروف السياسية والدينية التي اعترت حياة العرب في تلك الفترة، بل قل انه قدم نفسه ضحية تثبيت أركان الدولة الإسلامية الناشئة، فاليهود لم ينعموا باغتيال الرسول وقتله، إنما راحوا يقوضون أركان الدولة الناشئة باغتيال خليفتها الأول، وبالذات حينما شاهدوا ما قدمه الخليفة أبو بكر من جهود جباره في تدعيم الدين الإسلامي والدولة الجديدة، فذهبوا إلى تدبير مكيدة له فأطعموه زاداً مسموماً، أكل منه هو والحارث بن كلدة الثقفي فعمي الحارث وتوفي الخليفة أبو بكر الصديق . إذن فاليهود تضررت من خلافة أبي بكر فاغتالته، فمن يا ترى تضرر من الخليفة عمر بن الخطاب وأغتاله؟، المعروف بين جمهور المؤرخين أن الخليفة عمر بن الخطاب اغتاله رجل فارسي يدعى أبو لؤلؤة واسمه فيروز وكان عبداً للمغيرة بن شعبة، ولم يكن وقتذاك يسمح للفرس بدخول المدينة ولحاجة المغيرة له توسط المغيرة لدى الخليفة عمر بن الخطاب فسمح له بالدخول، وكان المغيرة قد وضع عليه في كل شهر مائة درهم ، وقيل في كل يوم درهمين ، وقيل في كل يوم أربعة دراهم ، وقيل ثلاثة دراهم في كل شهر وهذا مستبعد لقلة المبلغ، وذلك هو قيمة الخراج الذي كان يؤخذ منه، لذلك توجه أبو لؤلؤة إلى الخليفة عمر بن الخطاب شاكياً له ثقل الخراج راجياً منه أن يوعز للمغيرة تخفيف المبلغ عن كاهله، فأستدعى الخليفة عمر بن الخطاب المغيرة بن شعبة وأمره بتخفيف الخراج عن كاهل الرجل قائلا له: "اتق ِالله عز وجل لا تكلفه ما لا يطيق وإن كان كافراً فانه قد شكاك إلي" ، فلم يستجب المغيرة لأمر الخليفة، فعاد الغلام إلى الخليفة ثانياً وثالثاً والخليفة في كل مرة يشير على المغيرة بتخفيف الخراج فيعد ولا يفعل، فقام الغلام مضغناً على الخليفة وحمل معه خنجراً ذا رأسين طعن فيه الخليفة في صلاة الصبح ثلاث طعنات، وقيل ست طعنات، وطعن معه اثني عشر أو ثلاث عشر رجلاً مات منهم ستة وقيل سبعة وعاش ستة آخرون . وكان اغتياله يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة من عام 23هـ عن عمر ناهز 63 سنة . هذا ما رواه المؤرخون عن حادثة اغتيال الخليفة عمر بن الخطاب ، وليت شعري ما لأبي لؤلؤة والخليفة عمر ، هل كان رب عمله الذي أرهقه؟ نقول لا، هل عرف عن الخليفة عمر الظلم والجور بحيث لم يبقَ أمام أبي لؤلؤة خيار سوى القتل؟ نقول حاشى أن يكون خليفة المسلمين بهذه الصورة، ألم يأمر الخليفة المغيرة بن شعبة بتخفيف ذلك المبلغ من المال؟ نقول نعم، هل يعقل أن يأمر الخليفة عمر بن الخطاب - الذي عرف عنه الحزم والشدة - المغيرة ولا يذعن له؟ نقول ذلك أمرٌ مستبعد، ألم يكن أولى بابي لؤلؤة أن يقتل المغيرة بدلاً من خليفة المسلمين الذي ليس له ذنب فيما حصل إن كان هناك ذنب للمغيرة؟، هذه التساؤلات جميعا تدفع القارئ المتمعن إلى أن يلمس من وراء اغتيال خليفة المسلمين دوافع سياسية كبرى، وأن وراء أبي لؤلؤة جهات كبرى لا يستهان بها، ولعلنا لا نغالي حينما نحمل الفرس تلك الجريمة البشعة التي ارتكبت بحق خليفة المسلمين عمر بن الخطاب ، نستشف ذلك من خلال حادثة مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب للهرمزان وجفينة وهما رجلان فارسيان وبنت لأبي لؤلؤة، متهماً إياهم بالاشتراك في قتل والده، وذلك استناداً إلى شهادة عبد الرحمن بن أبي بكر وقيل عبد الرحمن بن عوف بأنه شاهد عند الهرمزان وجفينة وأبي لؤلؤة قبل يوم من حادث الخنجر الذي طعن فيه الخليفة عمر بن الخطاب، وكان خنجراً غريباً ذا رأسين لم يعهد استخدامه في المجتمع العربي مما يدل على أن سلاح الجريمة جيء به من بلاد فارس أو انه من مقتنيات الهرمزان ودفع لأبي لؤلؤة لقتل الخليفة، وفي هذا دليل على أن العملية قد دبر لها من قبل أكثر من طرف، فإذا كان أبو لؤلؤة متضرر فما علاقة الهرمزان وجفينة حتى يهيئوا له سلاح الجريمة ما لم تكن هناك مؤامرة قد دبرت من قبل قادة الفرس المتضررين حيث الفتوحات الإسلامية التي قادها الخليفة عمر ، وسقوط الإمبراطورية الفارسية وفقدانهم لمراكزهم وامتيازاتهم . بيد أن غالبية الخلفاء المغتالين قد تم اغتيالهم بدافع المنافسة السياسية على شؤون الحكم والسلطان من قبل أندادهم على أمل الحصول على كرسي الخلافة، وللحيلولة دون خروج قيادة تلك المؤسسة عن الجهة القائمة بعملية الاغتيال، وتنطبق هذه الحال على قضية اغتيال الإمام علي بن أبي طالب، ولو أن المصادر تروي قصة غريبة حول حادثة اغتياله، فقد روت المصادر حادثة اغتياله بما لا يتفق مع العقل والمنطق، إذ صورت لنا أنه اغتيل من قبل الخوارج، بعد أن اتفقَ ثلاثة منهم وهم كلٌ من عبد الرحمن بن ملجم المرادي، والحجاج بن عبد الله الصيرمي وهو البرك، وعمرو بن بكير وقيل بكر التميمي، هؤلاء تعاهدوا جميعاً بعد معركة النهروان التي قتلَ فيها الإمام علي الخوارج، فتذكر هؤلاء النفر ما حل بإخوانهم وأرادوا الانتقام فاتفقوا على قتل كل من الإمام علي، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، واتفقوا على يوم 17 من شهر رمضان لتنفيذ تلك المهمة، فتوجه عبد الرحمن بن ملجم وأغتال الإمام علي بسيف مسموم، وتوجه البرك إلى معاوية وطعنة بسيف مسموم أيضا لكن معاوية نجي وقتل الخارجي، وتوجه ابن بكير التميمي إلى عمرو بن العاص في مصر وصادف أن ابن العاص قد أصابه مرضٌ في بطنه فلم يحضر الصلاة، وصلى مكانه قاضيه وقيل صاحب شرطته خارجة بن حذافة، فقتله الخارجي وهو يظنه ابن العاص، وحينما علم قال: "أردت عمراً وأراد الله خارجة"، وتلك القصة هي المتفق عليها في غالبية المصادر التي تذكر حادثة الاغتيال ، لكن بعض المصادر تشير أن سبب اغتيال الإمام علي أن عبد الرحمن بن ملجم أراد الزواج بامرأة من الخوارج تدعى قطام، وقد قتل أباها وأخاها في معركة النهروان، وأرادت من ابن ملجم قتل الإمام علي كمهرٍ لزواجه بها، فوافقها على ذلك المهر وكانت حادثة الاغتيال . بيد أن القارئ المتمعن في تلك الروايات يجد فيها مغالطة كبيرة، ثم أن الشكوك حولها تجعلنا نطرح عدة تساؤلات، فأولها إذا كان الإمام علي قد أكثر في قتل الخوارج في النهروان، فما ذنب معاوية وعمرو ابن العاص في ذلك القتل؟، وثانيها ما علاقة معاوية وابن العاص في قتل والد وأخ فطام زوج عبد الرحمن في النهروان؟، وثالثها لماذا قتل الإمام علي وطعن معاوية ونجي ابن العاص؟ هذا بحد ذاته يثير الشكوك ويومئ إلى أن هناك مؤامرة قد دبرت لاغتيال الإمام علي، وهي أما أن تكون حسب افتراضنا من قبل معاوية أو من قبل عمرو بن العاص، وحينما نقف عند معاوية نجد أن حادثة اغتيال الإمام علي كانت لمصلحته بالذات ونحن نشهد له عدة محاولات قام بها لاغتيال الإمام علي لكنها فشلت. لكن هذا الاحتمال لا يصمد أمام القول بان معاوية طعن أيضاً وكاد يموت من جراء ذلك الحادث، لولا أنه عولج من سم الضربة وكانت النتيجة أن قطع نسله إلى الأبد . لكن حينما نأتي إلى عمرو بن العاص نجده مؤهل تماماً للقيام بتلك المهمة. لا شك أن الإمام علي كان عدواً لابن العاص لكن هذا لا يعني أن معاوية كان صديقاً حميماً لعمرو، إنما كانت علاقة ابن العاص مع معاوية علاقة غير وديّة، ولكن كانت تجمعهم المصالح، فكان كل منهما لا يستغني عن خدمات الأخر، كان عمرو خبيراً بالدهاء والمكر والذكاء وكان معاوية بأشد الحاجة إليه، وكانت تلك الخدمات مقابل ولاية مصر طعمة لابن العاص . وهناك من الراويات ما تشير أن علاقة عمرو بن العاص بمعاوية لم تكن علاقة ودية، منها على سبيل المثال في معركة صفين حينما طلب الإمام علي من معاوية المبارزة، فقال له ابن العاص: "لقد أنصفك الرجل"، فرد عليه معاوية غاضباً : "أظنك يا عمرو طمعت فيها " . ومنها أيضاً ما روي أن معاوية قال يوماً لجلسائه وفيهم عمرو بن العاص، قال: "ما أعجب الأشياء" فأجاب ابن العاص: "أعجب الأشياء أن المبطل يغلب المحق" يقصد أن معاوية غلب الإمام علي، فردّ عليه معاوية قائلاً : "أن أعجب الأشياء أن يعطى الإنسان ما لا يستحق إذا كان لا يخاف" يقصد ولاية ابن العاص على مصر . فهذه الروايات وربما غيرها أيضاً تشير صراحة أن علاقة عمرو بمعاوية لم تكن علاقة ودية بل كانت علاقة أساسها المصالح الشخصية فحسب، لذلك لا نستبعد أن يكون عمرو ابن العاص قد رتّب لتلك العملية برمتها حتى يصفو له الأمر، وإلا فأن من موافقات القدر أن ينجو عمرو دون الآخرين. وإذا كانت حادثة اغتيال الإمام علي يكتنفها نوع من الغموض، فأن دوافع اغتيال ولده الخليفة الحسن واضحة للعيان، إذ سمَّ بأمر من معاوية بن أبي سفيان كي تكون الخلافة من بعده لولده يزيد، فقد كانت إحدى بنود الصلح التي أبرمها معاوية مع الحسن تنص على أن تكون الخلافة بعد وفاة معاوية في الحسن أو في أحد أخوته، وقد أراد معاوية البيعة بولاية العهد لولده يزيد، فلم يكن أثقل عليه من أمر الحسن ، فأوعز معاوية إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي زوج الحسن أن تطعم زوجها السم مقابل مبلغ من المال وعلى أن يزوجها يزيد، فسمته جعدة فأعطاها معاوية المال فقط دون أن يزوجها يزيد خوفا عليه منها . ولم يكن الأمويون الذين استلموا زمام الخلافة ليسمحوا بالاستخفاف والمخاطرة بها، فحافظوا عليها خوفاً من أن تخرج من أيديهم وهم الذين بذلوا فيها كل غالٍ ونفيس، لذلك نراهم لا يترددون في اغتيال عمر القصوص مؤدب معاوية بن يزيد لأنه جعله يزهد حياة السياسة وضعف عن تولي الأمر وتنازل عن كرسي الخلافة بعد مرور أربعين يوماً عن استخلافه، وربما تكون وفاة معاوية بن يزيد هي الأخرى غير طبيعية، فربما اغتيل أيضا كمؤدبه خوفاً من أن يخرج كرسي الخلافة منهم . وإن صح ذلك القول فنحن لا نزكي مروان بن الحكم من حادثة اغتيال معاوية بن يزيد ومؤدبه لسببين، الأول أن مروان بن الحكم هو المستفيد الأول من موت معاوية بن يزيد، والثاني أن مروان بن الحكم قتل على يد والدة معاوية بن يزيد. وسبحان الله فأن الخلافة التي سعى إليها مروان كانت السبب في حادثة اغتياله، ولو أن بعض المصادر تروي قصة ساذجة حول حادثة اغتياله، مفادها بأن مروان بن الحكم كان ينتقص من شخصية خالد بن يزيد بن معاوية ويقول له أحياناً عبارة سيئة بوالدته وهي "يا أبن الرطبة" ،وكان خالد يتضجر من تلك الإساءة فاشتكى يوماً إلى والدته فقامت هي وجواريها بخنق مروان أثناء نومه وقيل بل أُطعم السمَّ فكانت وفاته . ولسنا ندري هل أن ذلك سبب مقنع لحادثة الاغتيال؟ أم أن هناك سبباً أكبر لم تصرح به المصادر التاريخية، بيد أننا يمكن أن نستشف من بعض المصادر أن ولاية العهد وشؤون الخلافة كانت سبباً في حادثة الاغتيال، فقد جاء في مروج الذهب وتاريخ دمشق أن مروان بن الحكم بايعه الناس بالخلافة على أن يكون خالد بن يزيد وعمرو بن سعيد الأشدق ولاة عهده على التوالي، لكنه عزلهما بعد فترة وبايع لأبنائه عبد الملك وعبد العزيز على التوالي ، لذلك من المناسب أن نقول أن مروان اغتيل من قبل والدة خالد لأنه عزله عن ولاية العهد مما يعنى حرمانه من كرسي الخلافة مستقبلا، فضلاً عن عدم احترام مروان لخالد بن يزيد فكانت حادثة الاغتيال. وأوردت المصادر قصصاً عدة حول دوافع اغتيال الخليفة عمر بن عبد العزيز، ومع أنها لا تتفق على سبب واحد لحادثة الاغتيال، إلا أنها في واقع الأمر تصب جميعاً في بودقة السياسية وشؤون الخلافة، ولنتطرق إلى ما قيل في دوافع اغتياله. فقد روي أن عمر بن عبد العزيز أراد أخاه أبا بكر بن عبد العزيز للخلافة من بعده فسقيا سماً فماتا معاً . وهذا الاحتمال بعيد لأن أبي بكر بن عبد العزيز توفي عام 96 هـ وعمر بن عبد العزيز توفي عام 101 هـ . كما روي أن الخليفة عمر بن عبد العزيز لما أزعجه بنو أمية هددهم بالانسحاب من دمشق إلى المدينة المنورة، وأن يجعل أمر الخلافة شورى بين المسلمين مما يعني خروج الخلافة عنهم، فكان ذلك سبباً في أن يغتالوه . وفي رواية أخرى ورد أن الخليفة عمر بن عبد العزيز شدد على أقاربه وانتزع كثيراً مما كان في أيديهم من أموال اغتصبوها فاغتالوه . وفي رواية ورد فيها أن الأمويين اغتالوه خشية أن يخرج الأمر عنهم ويمنعهم الأموال . وينفرد ابن حبيب برواية مفادها أن الخليفة عمر بن عبد العزيز أراد أن يجعل أمر الخلافة في بني هاشم فاغتاله الأمويون لهذا السبب . ولعل غالبية تلك الدوافع هي مقنعة لاغتياله من قبل الأمويين، لكن حينما نعلم أن يزيد بن عبد الملك هو الذي أوعز باغتياله ، يتبين لنا أن المسألة برمتها هي للمحافظة على كرسي الخلافة في أبناء عبد الملك بن مروان. وحينما نقف على حوادث اغتيال كل من الخليفتين العباسيين المهدي وولده الهادي، نجد أن الدافع الرئيس لاغتيالهم هو للسيطرة على كرسي الخلافة من قبل الجهة القائمة بعملية الاغتيال، فمع أن بعض المصادر تذكر أن إحدى جواري المهدي سمته بفاكهة وحسب ، فان مصادر أخرى تفصل بعملية اغتياله وتحمل السبب أحد أبنائه ويدعى عبد الله، لأن المهدي أراد أن يوليه ولاية العهد من بعده، ثم غفل عن ذلك ربما بتأثير زوجته الخيزران التي كانت تريد الخلافة لأبنائها الهادي والرشيد على التوالي، وحينما شعر عبد الله انه سيحرم من الخلافة اغتال والده المهدي على أمل أن تكون الخلافة فيه، لكن المهدي حينما شعر بالسم الذي سقي عهد لأبنائه الهادي والرشيد بولاية العهد من بعده . أما الخليفة الهادي فانه اغتيل أيضاً وبأمر من والدته الخيزران لأنه ضيق عليها وأراد حرمانها من ممارسة الحياة السياسية والتدخل السافر بشؤون الخلافة، وربما شعر الهادي أن وراءها قوى كبيرة مهيمنة فأراد التضييق عليها، فضلاً عن انه أراد خلع أخيه الرشيد عن ولاية العهد لأحد أبنائه الذي لقبه ( الناطق بالحق )، ولابد أنها اشتركت مع المتضررين من عدم تدخل الخيزان فاحتالت بقتله غيلة . وإذا ابتعدنا قليلاً عن متداخلات شؤون الخلافة وما ينتج عنها من حوادث اغتيال، نجد هناك دوافع أخرى كانت سبباً في التجرؤ على حياة الخلفاء واغتيالهم أو محاولة ذلك، فهناك من الخلفاء من كانوا عرضة لعملية الاغتيال من قبل أعدائهم الذين كانوا يتربصون بهم الدوائر، وحينما نلقي الضوء على حادثة مقتل الخليفة عثمان بن عفان نجده قد اغتيل، صحيح أنه حوصر من قبل أبناء الأمصار الثلاث الكوفة والبصرة ومصر، لكن قتله كان غيلة دون أن يعلم هو أو كبار الصحابة المدافعين عنه والمرابطين خارج داره يمنعون الناس من قتله، ففي أثناء الحصار دخل عليه خلسة نفر من أبناء تلك الأمصار وقتلوه غيلة، فيهم محمد بن أبي بكر، وكنانة بن بشر النخعي، وسودان بن حمران المرادي، ونيار بن عياض الأسلمي، دخل عليه هؤلاء خلسة من الخلف حينما تسوروا دار محمد بن حزم الأنصاري فدخلوا عليه واغتالوه، وكانت لهم مع الخليفة مشاكل كثيرة عالقة لم تحل بعضها سياسية وأخرى اجتماعية، حتى أن رجلاً من بني تميم حاول قبل مقتله بفترة اغتياله لكنه فشل . وفي هذا دليل على أن للناس معه إرهاصات عالقة لم يتسنَ له حلها معهم حينما عاجلته المنية بحادثة الاغتيال . وجرت محاولة من قبل الخوارج لاغتيال الخليفة معاوية بن أبي سفيان، إلا أنها باءت بالفشل الأمر الذي يشير أن الخلفاء كانوا مستهدفين من قبل أعدائهم، فقد تعاهد ثلاثة من الخوارج على قتل كل من معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وحبيب بن مسلمة أحد قادة معاوية العسكريين، جرح على أثرها معاوية ونجا الآخران . ونحن هنا حينما لا نحمل غير الخوارج مسؤولية تلك العملية فلأن الخوارج أصبحوا في خلافة معاوية من ألد أعدائه، وإذا قلنا مسبقاً بأن الخوارج أصبحوا أعداءاً للإمام علي ،فأن عداءهم لمعاوية أصبح اشد وأكثر، فقد كانوا يوماً من أتباع الإمام علي فما بالك بمعاوية الذي لم تربطهم معه أية صلة أو رابطة، لذلك نجد عداءهم للدولة الأموية عداءاً متعمق الجذور، ونجدهم بعد تنازل الحسن واستخلاف معاوية يخرجون بقيادة فروه بن نوفل الاشجعي قائلا لهم: "قد جاء الآن ما لا شك فيه فسيروا إلى معاوية فجاهدوه " .
(( أ . د . رحيم حلو محمد ))
نهاية الجزء الأول
إعداد : ألف
يتبع *
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |