إمارة غزة ستان: مغول العصر يحرقون التراث !!!
2007-03-11
لا يمكن مقاربة ما قامت به وزارة التربية والتعليم الفلسطيني الحماسية بإعدام كتاب "قول يا طير"، التراثي الشعبي الفلسطيني، إلا بما فعله هولاكو وجحافل المغول الغزاة حين توجهوا، وفور دخول بغداد، إلى مكتباتها العامرة، آنذاك، لتجد ملاذها الأخير في نهر دجلة، الذي قيل أنه بقي سبعة أيام أسود اللون، ولا ندري هل هو بفعل مداد الكتب وكنوز المعارف التي ضاعت، أم حداداً على تلك الجريمة النكراء وذاك الفعل الإجرامي المغولي الهمجي الآثم الجبان؟ كما لا يمكن أن يخطر بالبال، في هذا الصدد، سوى تحطيم تماثيل بوذا التي قامت بها حكومة طالبان
في ظل القيادة التاريخية لأمير المؤمنين، وطويل العمر الملا عمر، "أثابه الله" على كل حال. وللعلم، فكتاب قول يا طير، الذي خدش حياء وجهاء وملالي إمارة حماسستان وشيوخها الأجلاء، لا يحوي أفلام بورنو زرقاء، أو صوراً جنسية فاضحة لملكات الستربتيز والإغراء كالمرحومة آنا نيكول سميث، طيب الله ثراها والتي تركت دنيا الباطل مأسوف على شبابها وجمالها منذ فترة قريبة جداً، بل مجرد دراسة وعرض لحكايا يومية شعبية بسيطة ومألوفة جداً في مجتمعاتنا تداعب المخيال الجمعي العام وتعكس فولكلوره المعاش، وتحفل كالمعتاد بتلك القصص والسِيـَر المعبّرة التي تكتنزها الذاكرة الشعبية، وتحفظها بأكثر مما تحفظها الكتب الأكاديمية. ولم يقم المؤلفان الكريمان أصلاً، مع عظيم التقدير لجهودهما الطيبة، إلا بعملية توثيق، وجمع لهذا التراث الموجود في كل زاوية، وركن، وعلى كل شفة ولسان في أرض فلسطين.
عذر أقبح من ذنب، قـُدم تبريراً لهذا الفعل الآثم، ألا وهو أنه(الكتاب) يخدش الحياء. حماس التي لم يخدش حياءها أنهار الدماء الفلسطينية التي سالت بفعل الاقتتال المخجل والمخزي على كراسي السلطة، في الوقت الذي يتظاهرون فيه بالورع والتقوى والزهد، واحتقار هذه الدنيا الفانية والزبيبة على جباههم، والمسبحة في أياديهم وهم يتمتمون بطلاسمهم المبهمة. ولم تهز ضمائرهم صور الفضائيات الحية وهي تنقل على الهواء صراع الأخوة الأعداء. كما لم يخدش حياءها طوابير الجياع والعاطلين عن العمل والفقراء الفلسطينيين الذين باتوا يقتربون من حافة الكارثة الإنسانية وفق معايير الأمم المتحدة حيث نقص الغذاء والدواء وانعدام فرص العمل وتدني القوة الشرائية والحالة المعيشية بمعدلات مرعبة وغير مسبوقة، ولم يؤثر فيها البتة الفشل السياسي وإخفاقاتها المتتابعة في غير مجال، وما آلت إليه الأوضاع في غزة-ستان في ظل حكمها الرشيد الميمون، وضعف الأداء السياسي والركاكة والهزال العام أمام جبروت وصولات وجولات جنرالات الاحتلال، وتركت العربدة الإسرائيلية أرضاً، وبراً، وجواً وتجرأت وانتصرت –ويا سلام- على كتاب يتداوله الأطفال والجدّات المسكينات في ليالهم المقفرة الموحشة الباردة البأساء. كما لم يخدش فرسان حماس الحصار الدولي على الشعب الفلسطيني بسبب وصولها للحكم. حماس لا تخشى كل هذا ولا تفكر أو تأبه به، ولا تسعى لبناء قوة ردع عسكرية لصد عدوان إسرائيل المتكرر على الفلسطينيين، ولكن يشغل بالها، وتلتفت لحجاب فتاة، ولهمسة حب وإبداع، وترعبها قصيدة غزل، وتزلزلها لوحة لفنان، وكلمة لشاعر، وسطر في كتاب، وتنسف أساسها حكاية حلوة لذيذة ترويها الجدات قبل المنام.
السؤال الذي يبرز فوراً هو هل كانت جموع كل أولئك المتوجسين والخائفين من ممارسات حماس الظلامية والتكفيرية على حق إثر فوزهم بالانتخابات، والحكومة الحالية تعطيهم المبرر لموقفهم ذاك؟ وهل تؤدي حماس بذلك، ومن حيث لا تدري، خدمة لتلك المجتمعات التي ما زالت ترفع بشعار الإسلام هو الحل، وتجعل الناخب يعد للألف قبل أن يعطي صوته لهذه الجماعات؟ وبأن مصيره لن يكون بأفضل من مصير زميله في إمارة غزة-ستان من حيث الجوع والفقر والحرمان وقتل الحياة ووأد الإبداع وإيقاف عجلة الزمان؟
يبرهن أصحاب هذا التيار الأحادي الأسود، يوماً بعد آخر، ومناسبة بعد أخرى، بأنهم أعداء ألداء لكل ما هو حضاري وجميل ومبدع، ولكل تراث إنساني أصيل جميل وخلاق لا يمجد القتل، ولا يهوى الدماء، ولا يحرض على زهق الأرواح. فوبيا الجنس ديدنهم، ووسواسهم الخنـّاس، وهذا هو هوسهم وتفكيرهم الذي لا يمكن أن يرقى لمستوى "السرة" في البطن، بل يبقون ضمن نطاق الأعضاء التناسلية التي لا يقوون، بكل أسف، على مفارقتها على الإطلاق.
كان الأولى بحماس ووزارتها الفلسطينية، وقبل تستعرض إرثها الاستئصالي المعروف، أن تطلق النار على كل ماضيها الأليم المجبول بالدم والسواد، والنظر إلى الأمام بعين ثاقبة تسامحية وتصالحية، لا أن تحكم، وتنفذ الإعدام على مجرد كتاب شعبي محفوظ بذاكرة وعقول وقلوب الفلسطينيين والفلسطينيات، ولا يستطيع كل إرهاب حماس، ولا ترسانة صواريخ "القسام" البدائية أن تقتلعها من ذاكرة الناس؟
وإلى لقاء قريب، بمشيئة الله، "أحبائي الأطفال الصغار"، مع نصر عظيم آخر، ومأثرة جديدة، من مآثر وغزوات أمراء الجهاد الأبطال في إمارة غزة- ستان.
[email protected]
08-أيار-2021
24-أيلول-2007 | |
04-أيلول-2007 | |
17-آب-2007 | |
25-تموز-2007 | |
21-تموز-2007 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |