الحرس الثوري الإيراني واحتلال لبنان... ودهشة الرئيس؟ / داود البصري*
2012-09-19
غريب وعجيب ذلك التساؤل المثير للدهشة والاستغراب والذي بموجبه طلب الرئيس اللبناني ميشال سليمان من الإيرانيين تفسير تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري حول وجود مستشارين وعناصر للحرس الإيراني في لبنان? فهل حقيقة لايعرف سيادة الرئيس بذلك ? وهل غابت تلك البديهية التي يعرفها ويلم بتفاصيلها أصغر طفل في عالم السياسة عن عيون فخامة الرئيس في بعبدا؟
الجنرال الحرسي الإيراني لم يقل ويعترف إلا بالجزء اليسير والعلني من المهمة الإيرانية المقدسة في لبنان, وتحدث بشكل عمومي وتمويهي عن مستشارين عسكريين في سورية ولبنان, ولم يشر أبدا الى معسكرات الحرس الثوري في البقاع وهي مسألة تعود تفاصيلها وحيثياتها لأيام الاحتلال السوري للبنان, وتحديدا لمرحلة ما بعد الغزوالإسرائيلي لبيروت عام 1982 والاندفاع الإيراني في الشرق الأوسط بسبب حالة التحالف الستراتيجي الإيرانية مع النظام السوري, ولماذا يذهب الرئيس بعيدا ويجزع من الوجود الإيراني, أليس »حزب الله« بتنظيماته الأمنية والعسكرية وبمشية الوزة النازية العسكرية لعناصره المعتمدة إيرانيا هو وجه واضح من وجوه ذلك الاحتلال العسكري الإيراني والذي قد يكون أشد وطأة من الاحتلال العسكري الإيراني المباشر? وهل غابت عن الرئيس وهو الذي كان قائدا للجيش اللبناني قبل أن يكون رئيسا كل الحقائق الاستخبارية والملفات الأمنية المكشوفة حول حجم ودرجات التغلغل الإيراني في الدولة اللبنانية? إنها قضية عجيبة ومثيرة للحيرة فعلا في أن يعلم الجميع ولا يعلم الرئيس, بكل تأكيد فإن جانبا كبيرا من المعاناة اللبنانية يتمثل في التدخلات الإقليمية المؤثرة والكبيرة في شؤونه والتي حولته للأسف لملعب يصفي فيه الآخرون خلافاتهم ونزاعاتهم, وهو ما جر الخراب على بلد جميل وصغير كان في يوم ما سويسرا الشرق وتحول بعد ذلك لحلبة مصارعة إقليمية كبرى لم يزل يحاول الخروج جاهدا من حلباتها الدموية الضيقة, والرئيس اللبناني الحالي يحمل هما واضحا في تكريس الحالة الاستقلالية والحرة للبنان في زمن إقليمي صعب وظروف دولية بالغة الحدة والشراسة والاستقطاب أيضا.
لقد أوضح الدور التخريبي الكبير الذي تقوم به الذراع الأهم والأقوى للاحتلال الإيراني وهو »حزب الله« بقيادة حسن نصر الله مدى وحجم الآثار التخريبية التي لحقت بالاقتصاد الإيراني بعد أزمة خطف الرهائن السوريين والتهديد بخطف الخليجيين وخطف المواطن الكويتي المسالم عصام الحوطي وماجره ذلك على الاقتصاد اللبناني, وعلى السياحة التي شهدت تراجعا مريعا بما انعكس على الأوضاع الاقتصادية العامة, كما أوضح الدور الشجاع للرئيس اللبناني في قضية ميشال سماحة ـ علي مملوك بداية النهاية للهيمنة الاستخبارية السورية على الشؤون اللبنانية وتراجع حدة الهيمنة الاستبدادية لجماعة التيار الإيراني في لبنان وعلى رأسهم جماعة نصر الله وبقية فرق الارتزاق المعروفة, فالوجود العسكري الإيراني مرهون ومستمر مع الوجود العسكري والتسليحي الفظ لجماعة حسن نصر الله وهوسلاح لايخدم الدولة ولا يحمي الشعب ومصالحه بل يجير لصالح العصابة الأسدية ـ الخامنئية ومصالحها المشبوهة في لبنان والشرق القديم, ولاجدال في أن الرئيس اللبناني يتحمل مسؤولية تاريخية مباشرة في تنظيف لبنان من عناصر الفتنة الإيرانية رغم صعوبة تلك المهمة, ولكنها في جميع الأحوال ليست مهمة مستحيلة بل أثبتت الأحداث المتسارعة قدرة الدولة على تثبيت دعائم الأمن والاستقرار وبسط سيادتها إن توفرت النوايا والإرادات لمثل ذلك الفعل والذي لابد منه مهما كان حجم التضحيات ودرجات المواجهة, لبنان كان لسنوات طويلة رهينة بيد الاحتلال السوري ورديفه الاحتلال الإيراني وأيام وفجائع الخط العسكري معروفة للجميع, ومع ذلك فإن الرئيس يقول أنه لايعلم?! قد تكون تساؤلات الرئيس الحائرة حول الدور الإيراني ودرجات تورطه العسكري في لبنان المقدمة والبداية لفصل لبناني تحرري جديد سينبثق مع سقوط النظام السوري القريب وتبدل المعادلة الإقليمية وتنظيف لبنان والشرق القديم من الأدران الإيرانية وهو ماسيحدث في نهاية المطاف رغم أنوف القوم الطويلة والعدوانية ؟
الحقائق تقول بأن الرئيس يعلم بكل التفاصيل ولكنه التقط بداية الخيط من حديث وتبجحات الجنرال الحرسي الإيراني ليقوم بالمهمة الأصعب, وهي إعادة تنظيف لبنان الجميل من القذارات الصفوية, ليعود ساحة حضارية كبرى لالتقاء الأحرار في الشرق ويمارس دوره الحضاري الجامع الذي افتقده طويلاً .
عن جريدة السياسة الكويتية .
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |