ملفات خاصة عن الجواسيس العرب مع إسرائيل /ج2 أمينة المفتي
خاص ألف
2012-10-12
علي حسن سلامة *
كانت الحياة في بيروت آنذاك يونيو (حزيران) 1973) لها مذاق رائع، ومع عطلة نهاية الأسبوع تزهو أجمل فتيات لبنان داخل الفنادق والأندية، وحمامات السباحة، يلعبن الغولف والتنس،ويرقصن الديسكو، ويشاركن في مسابقات الجمال.وسط هذا الجو الذي يموج بالمرح والحسن والشباب، اعتاد علي حسن سلامة أن يعيش بعض أوقاته، يرافقه أحياناً فتحي عرفات، شقيق ياسر عرفات، رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. عندما اختيرت جورجينا رزق ملكة جمال الكون، اختطفها سلامة وتزوجا في حدث كان له صدى كبير، مما جعله مطاردا دائماً من فتيات لبنان، لكنه كان مشبعاً بكل جمال الدنيا بين يديه، ولأنالمخابرات الإسرائيلية كانت تجهل صورته أو ملامحه، وفشلت كثيراً في اقتفاء أثره لاغتياله، خصوصا بعد عملية ميونيخ بالذات، فقد كان المطلوب من أمينة التسلل إلى مخبئه والحصول علىقوائم بأسماء قيادات وعملاء المخابرات الفلسطينية في أوروبا. كان سلامة أحد مساعدي عرفات والمختص بحراسته، ثم أوكل إليه الاخير بمهمة جديدة، وهي رئيس الأمن والمخابرات التابعةلمنظمة فتح وقوات الحرس الداخلي - التي يطلق عليها القوة 17 - وهي القوة التي أطلق عليها عرفات اسم «المنتمين إلى قيصر روما القديمة»، والحصول على القوائم السرية للقياداتالفلسطينية والأعضاء البارزين في المنظمات في أوروبا، أمر مهم جداً ومطلوب لتفكيك أوصال القيادة في بيروت وعزلها عن الآخرين في كل قارات العالم، وفي هذا إجابة عن سؤال: لماذا السطوعلى أوراقه بدلاً من اغتياله؟.. هكذا كانت مهمة أمينة في بيروت، مهمة حساسة للغاية، لو استطاعت القيام بها فكل ميادين إسرائيل لا تكفي لوضع تماثيل لها فيها، وفي لقاء حميم بشقتها مع الحايك، سألته عن عرفات وأبوإياد وغيرهما، فأجاب بأنه يعرفهم جيداً، ولأيام طويلة ظلت تمنحه جسدها، وتنفق عليه بسخاء عندما أكد لها أنه يعرف سلامة، بل والفندق الذي يرتاده، فاصطحبته مراراً لفندق كورال بيتش ليدلّهاعليه، لكن الأيام تمر والحايك يستمتع بجسدها وبأموالها من دون أن يظهر لسلامة أثر. تملّكها يأس قاتم لفشلها، وفكرت كثيراً في مغادرة بيروت إلى تل أبيب تجر أذيال الخيبة، لكن طرأت في خيالها فكرة جديدة عملت على تنفيذها بأسرع وقت، إذ انتقلت إلى شقة أخرى في كورنيشالمزرعة، وهي منطقة شعبية يرتادها التجار من قاطني المخيمات الفلسطينية في بيروت. للوهلة الأولى أحست بتفاؤل كبير، بعدما تعرفت الى ممرضة فلسطينية تدعى شميسة، تعمل في عيادة >>صامد<< بمخيم صبرا. قدمتها شميسة إلى مدير العيادة، الذي أوضح لها أن أطباء كثرا من كل دول العالم، يشاركون في علاج الفلسطينيين كمتطوعين، فعرضت عليه أمينة خدماتها التطوعيةوأطلعته على شهاداتها المزورة فطلب منها الانتظار لأيام عدة حتى يخبر رؤساءه. جاءتها أخيرا الفرصة الذهبية للامتزاج بالفلسطينيين، وبدأت مرحلة العمل التجسسي الأوسع.
أمينة المفتي.. استخدمت المصحف الشريف ليكون شيفرتها الخفيّة *
مساء 22 يوليو (تموز) 1973، رنّ الهاتف في شقة أمينة المفتي، وكان على الطرف الآخر مارون الحايك، الذي أسر إليها ببضع كلمات ألجمتها، فوضعت السماعة بتوتّر وأسرعت تفتح
التلفزيون، لقد صدمها المذيع وهو يعلن نبأ اعتقال ستة من رجال الموساد في أوسلو، بينهم امرأة، بتهمة قتل «غرسون» مغربي بالرصاص، ظنوا أنه الفلسطيني علي حسن سلامة، وقد اعترفالمعتقلون بأنهم ينتمون إلى الموساد، ويشكلون فيما بينهم فريقاً للقتل اسمه الرمح، وجاؤوا خصيصاً من إسرائيل لتعقّب سلامة واغتياله. ارتجّت أمينة وتملّكها الهلع على مصيرها، وتساءلت:
لماذا يتعقبون سلامة لاغتياله بينما طلبوا منها خلاف ذلك؟
كانت اللعبة أكبر بكثير من تفكيرها، فأمور السياسة والمخابرات تتشكل وفقاً لمعايير أخرى وحسابات معقدة، وللمرة الأولى منذ فقدت زوجها موشيه، تشعر برغبة أكيدة في الاستمتاع بالحياة،فأسرعت في اليوم التالي، برفقة الحايك إلى فندق الكورال بيتش، متلهفة إلى الالتقاء بسلامة. أخذتها المفاجأة عندما أشار الحايك ناحية حوض السباحة قائلاً لها: أنظري.. هذا علي حسن سلامة. في ذلك الوقت، كان سلامة في 33 من عمره، رياضي.. وسيم.. أنيق، يصادق جورجينا رزق ملكة جمال الكون، وهي فتاة عمرها 21 عاماً، تنحدر من مؤسسة المال المسيحية في بيروت لأبلبناني وأم مجرية، انتخبت في السادسة عشرة من عمرها ملكة جمال لبنان، وبعدها بعامين ملكة جمال العالم، وكانت الوحيدة من بلاد العرب التي دخلت مسابقة «ميامي بيتش»، وهكذا أصبحترزق أشهر امرأة في العالم، يحلم بها كل الرجال، وكان الجميع يريد التعرف الى الفتاة ذات الشعر الأسود الطويل، والعينين الخضراوين، والجسد الأسطوري. حتى جيمي كارتر- حاكم ولايةجورجينا وقبل أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة تحققت أمنيته وظهرت صورة له مع ملكة جمال الكون وهي ترتدي فستان السهرة الأسود. انشغلت رزق بالفتى الوسيم مفتول العضلات ذي الجسدالرياضي الممشوق، وانشغل بها هو أيضا.جلست أمينة تراقب سلامة بحذر وهو يستحم، وعلى مقربة منه وقف رجلان من حراسه تنتفخ أجنابهما بالسلاح. رسمت صورته في خيالها، وداومت على زيارة الكورال بيتش مرتين أسبوعياًبشكل منتظم، وكانت كثيراً ما تلتقي بسلامة الذي اعتاد رؤيتها، وابتسامتها وجمالها البسيط الهادئ، وذات مرة وصل إلى الفندق واتجه إلى الداخل حيث حجرته، لكنه عرّج فجأة على مائدة أمينةوانحنى على ظهر المقعد المواجه في أدب وسألها أسئلة عدة، ثم سحب المقعد وجلس قبالتها لأكثر من نصف الساعة.بواسطة سلامة، انفتحت أمام أمينة كل الأبواب الموصدة، إذ أصبحت محل ثقة الفلسطينيين، طالت علاقاتها بالقادة ياسر عرفات نفسه، فاستعادت حيويتها وثقتها بنفسها وانخرطت في صفوفالمقاومة تضمد الجروح وتبث فيهم الحماسة والاستماتة في الكفاح. كانت زياراتها المتعددة لمخيمات اللاجئين في الجنوب، بصحبة مجموعات طبية من المتطوعين، تذكرة أمان لدخول كل المناطقالمحظورة، فكانت عيناها كاميرات تلتقط الصور وتختزنها، وأذناها أجهزة تسجيل متطورة، انقلب عقلها إلى آلة جبارة من القوة بحيث لا يرهقها تزاحم المعلومات، أو رسم الخرائط بدقة متناهية،أو حفظ مئات الأسماء والمواقع، أو تذكّر أنواع الأسلحة وأساليب التدريب. لم تدخر جهداً في البحث عن كل ما يهم الإسرائيليين في لبنان. زارت ياسر عرفات في مكتبه ثلاث مرات لتطلعه بنفسهاعلى سلبيات عدة واجهتها في الجنوب اللبناني، واهتم الزعيم بمقترحاتها وأفرد لها مساحة طويلة من الوقت للاستماع إليها. أوصى في الحال بالتحقيق مما قالته، وتلافي الأخطاء التي تعوقحركة المقاومة في الجنوب، فتقربت أمينة بذلك من الزعيم الفلسطيني وأصبح مكتبه مفتوحاً دائماً أمامها.
لقاء مع جاسوس الميج *
حدث أن كانت في مقهى «الدولشي فيتا»، حيث شاطئ الروشة المتعرّج الخيالي، حينما توقفت فجأة أمامه سيارة جيب عسكرية، ونزل منها ثلاثة رجال فلسطينيين، اتجهوا مسرعين إلى حيث
تجلس تشرب أمينة القهوة، واصطحبوها إلى مخيم شاتيلا للمساعدة في علاج مصابي إحدى الغارات الإسرائيلية. بعد أن أنهت عملها في مستشفى مخيم شاتيلا، استأذنت للسفر إلى فيينالتسجيل اسمها لدى إحدى جمعيات الطفولة الدولية (!!)، وهناك تخلت أمينة عن أهم قواعد العمل التجسسي، وهي السريةالمطلقة، وتفاخرت أمامهم جميعاً بأنها تثأر لموشيه كل يوم من القتلة العرب وتنتقم منهم دونما رحمة أو شفقة، وقصّت عليهم الكثير من أسرار عملياتها في بيروت، وبجواز سفرها الإسرائيلي،طارت أمينة إلى تل أبيب تحمل جرعة هائلة من الغضب.
لم يكن لها أصدقاء في إسرائيل، سوى نفر قليل من رجال الموساد، الذين فوجئوا بها وقد بدا عليها الإرهاق، طلبوا منها أن تستريح في شقتها حتى تهدأ. صاحبتها طبيبة نفسية يهودية من أصلعراقي تدعى زهيرة، كانت مهمة الاخيرة ألا تفاتحها في أمر إنهاء خدمتها، فهي ليست منوطة بذلك، ولكن تنحصر في إذابة جدران العزلة النفسية التي تحيط بالعميلة، بدمجها تدريجياً باليهودالعرب وخلق محيط اجتماعي موسّع من حولها، لقد حدثتها صديقتها الجديدة عن المهاجرين العرب من اليهود، الذين قدموا من شتى الأقطار المجاورة، وكيف استساغوا العيش في المجتمع الجديدالمتحرر، وعن بعض المسيحيين الذين فروا إلى إسرائيل طلباً للحرية والأمن. من بين الذين ذكرتهم، النقيب الطيار منير رضا المسيحي العراقي الذي فر الى إسرائيل بطائرته الحربية الميج ـ 21،وعرضنا لقصته في الحلقتين الثانية والثالثة من هذه السلسلة، وعندما أبدت أمينة رغبتها في لقائه، عرضت زهيرة الأمر على رؤسائها فجاءتها الموافقة، ورتِّب اللقاء في منزل منير بين زوجتهوأولاده. كانت أمينة في شوق بالغ للقاء الطيار الهارب، ليس لأنه عربي بل لتسأله عما يجول في خاطرها من تساؤلات قد تفيدها معرفة إجاباتها، وبابتسامة عريضة على باب منزلهما، رحب منيروزوجته بأمينة. كان منير في ذلك الوقت في الثامنة والثلاثين من عمره، غزته مقدمات الصلع، وكانت مظاهر الثراء بادية جداً على المنزل وأهله، قال لها منير إنه مر بحياة عصيبة في البداية،حيث كان يجهل العبرية وبلا عمل ولا أصدقاء، ويتابعه كظله رجلا أمن في الشارع والبيت، ثم عمل لبعض الوقت في جيش الدفاع، والآن يمتلك وكالة إعلانية كبيرة خاصة به اسمها الأضواء،وتعمل معه زوجته كمديرة لمكتبه وللعلاقات العامة، سألته أمينة: كيف يفشل طيار محترف في القفز إذا أصيبت طائرته في الجو؟ وهل طائرة سكاي هوك الأميركية تتحول إلى مقبرة لقائدها قبلماتسقط؟ أفاض منير في الشروح وأوضح لها أن طائرة سكاي هوك التي طار بها موشيه اعتُمد تصميمها على حماية الطيار، وهي مزودة بكرسي قذف مزدوج، ويمكن إطلاقه من ارتفاع الصفروبسرعة الصفر أيضاً، وهو كرسي قاذف من طراز دو غلاس أسكاباك A -C3 وكابينة القيادة فيها مدرعة في المقدمة والمؤخرة والجانب الأيسر، وسمك التدريع حوالي 18 مم، وأكد لها أنزوجها موشيه إما أصيبت طائرته بصاروخ «سام 6»، وفي تلك الحالة ربما يكون أسيراً لدى السوريين، أو أن صاروخاً من طراز atoll جو / جو، أصاب به السوريون كابينة قيادته الفقاعيةفانفجرت به الطائرة جوًا. كانت إجابة منير لا تختلف عن الإجابة التي سمعتها من قبل، فلم يعطها إجابة قطعية تؤكد أو تنفي موت موشيه، وبقي السؤال كما هو: هل موشيه بيراد لا يزال حياً في قبضة السوريين؟ أمانفجرت به الطائرة في الجو؟ وفي الحالة الأخيرة لا بد من أن يعثر السوريون على بعض من أشلائه، ومن ثم يعلنون الخبر، وهو ما لم يحدث.
إصرار على الخيانة *
في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 1973 غادرت أمينة تل أبيب إلى فيينا، حيث تسلم منها عميل الموساد جواز سفرها الإسرائيلي، وسلمها الجواز الأردني مع تذكرة سفر إلى بيروت فجر اليوم التالي. انطلقت بشوق للعمل كي تثأر لزوجها، تحمل بين أمتعتها جهاز راديو يحمل ماركة عالمية معروفة، وهو في حقيقته جهاز لاسلكي أكثر تطوراً ولا يمكن اكتشافه، وبحقيبة يدها كانت تحتفظبالمصحف الشريف، وقد نزعت صفحات عدة منه واستبدلتها بصفحات أخرى تحمل الشفرة (!!!) في الساعات الأولى من صباح 6 أكتوبر(تشرين الأول) 1973، أطلقت أمينة أولى إشارات البث اللاسلكي إلى تل أبيب: (آر. كيو. آر. وصلت بسلام..الأمير الأحمر في أوروبا.. تعرفت بضابطفلسطيني يدعى أبو ناصر.. وعدني مارون بأن يأخذني معه إلى مبنى الهاتف المركزي.. غادر جورج حبش إلى تونس سراً.. رجاله يقاتلون سبعة من رجال حواتمة.. أبو عمار بالبيت مصاباًبالبرد.. شحنة أدوية وصلت سراً من رومانيا للقيادة.. يوجد نقص كبير في الأنتي بيوتكس. تحياتي).استقبل الموساد رسالة أمينة بشيء من الاطمئنان والفرح، فالرسالة كانت واضحة الشفرة بلا أخطاء، والأخبار التي حوتها مهمة جداً استدعت دخولها إلى غرفة التحليل والمتابعة على الفور،وسرعان ما تسلمت أمينة أول رسالة بثت إليها من إسرائيل: (تهانينا بالوصول.. اهتمي بتحركات الأمير.. أبو ناصر خبيث جداً فاحذريه.. لا تهتمي بمارون الآن.. من يطبب أبو عمار.. ماذا فيبطن الباخرة كيفين في صيدا.. نريد معلومات عن مخازن الأسلحة في مخيم البداوي في طرابلس ومراكز التدريب الجديدة في قلعة شقيف(.بينما كانت العميلة تهيىء نفسها لمستقبل أجمل وأيام حافلة بالعمل والخيانة، فوجئت بأخبار عبور المصريين لقناة السويس واجتيازهم خط بارليف، فكانت صدمتها لا توصف.
نشطت أمينة في عملها التطوعي كطبيبة عربية تجوب أنحاء لبنان، وجاسوسة إسرائيلية تمد الموساد بالمعلومات الحيوية عن تحركات الفدائيين في الجنوب، الذين شحنتهم انتصارات الجيوشالعربية فازدادوا استبسالاً وضراوة، وعاد علي حسن سلامة من أوروبا لترتيب خطط العمليات الجديدة، فالعدو فقد اتزانه والسيطرة على نفسه، والضربات القوية تترك آثارها بوضوح في وجههالمشوه. هكذا انطلق رجال المقاومة في الجنوب اللبناني يضربون في العمق الإسرائيلي بلا كلل، واستدعى ذلك من أمينة أن تترك بيروت إلى صور، ومعها جهاز اللاسلكي الخطير، حيث عكفتعلى بث رسائلها يومياً، والتي وصلت في أحيان كثيرة إلى خمس رسائل معرِّضة حياتها للخطر، واضطر الموساد أمام سيل رسائلها إلى فتح جهاز الاستقبال على التردد المتفق عليه، لساعاتطويلة على مدار اليوم.
اليد الخائنة *
على مدى أيام المعارك خلال حرب أكتوبر، كانت أمينة تتحرك فتسعف الجرحى بيد، وتبث رسائلها الخائنة باليد الأخرى، وكانت أول جاسوس للموساد يعمل بجرأة أسطورية داخل بلد عربي، لميفعلها إيلي كوهين الذي زُرع في سورية قبلها بسنوات قليلة، وكان مرشحاً لمنصب نائب رئيس الجمهورية السورية، وعلى رغم تجواله بين شتى الوحدات العسكرية والقواعد السرية فيالجولان، وإقامته المطولة في منطقة الجبهة، بل وعلى رغم حجم الثقة في نفسه، لم يحمل أبداً جهاز اللاسلكي خارج المنزل. انتهت حرب أكتوبر، لكن العمليات الفدائية الفلسطينية لم تنته، وازدادت شراسة واتسعت مساحتها لتشمل دولا أوروبية وآسيوية. كانت الضغوط شديدة جداً على أمينة خلال تلك الفترة، فالعملياتأربكت إسرائيل وزعزعت أمنها تماماً، وانتقل الضغط العصبي إلى أمينة في بيروت، فالأوامر كثيرة والمطلوب منها كثير ويفوق الوصف، لذلك اضطرت للانتقال تماماً إلى الجنوب اللبناني،واستأجرت شقة في منطقة الشجرة في صور - على مسافة عشرين كيلو متراً من الحدود الإسرائيلية - اتخذت منها مركز انطلاق لاستكشاف تحركات الفلسطينيين، واتصلت بأبو ناصر الضابطالفلسطيني الذي سبق أن حذرها الموساد منه في أولى رسائل البث اللاسلكية، واستخدمت معه أسلوب الإثارة والاستفزاز، وهو أسلوب يدفع المرء الى إخراج ما عنده من دون أن يطلب منه ذلك،واستطاعت أن تدفعه دفعاً الى الإفصاح عن عملية فدائية ستتم في اليوم التالي داخل الأراضي الإسرائيلية، تصنعت الفرح وهللت: كيف؟.. إنكم لشجعان حقاً عندما تنقلون عملياتكم إلى قلب الدولةاليهودية، لكن في ذلك خطراً جسيماً على رجالكم، أجابها مزهواً بأن كل شيء معد، وخطِّط لكل احتمالات الطقس بدقة متناهية. حاولت أن تعرف مكان الهجوم وكيفية التسلل، لكن الضابطالفلسطيني الحذر لم يتفوه بأكثر من ذلك. ظلت أمينة تطارد أبو ناصر مستخدمة أسلوبها في الإثارة إلى أن نجحت في دعوته لقضاء سهرة في بيتها، فهيأت له نفسها، حتى إذا ما تمكنت منه انطلق لسانه متباهياً بعبقريته العسكرية، وكيفأنه جهز فريقاً من أكفأ رجال الكوماندوز للتسلل إلى داخل الحدود الإسرائيلية، لضرب مدينة نهاريا الساحلية بالصواريخ، التقطت أمينة الخبر من دون تعليق، وكل ما فكرت فيه لحظتها هو كيفتحتويه أكثر وأكثر فيزداد انطلاقاً وتتبعثر منه الأسرار كالشلال، ولم يكن أمامها إلا أن تمثل دور العشيقة القلقة، واستحضار نبرة الدفء المصطنعة والمشوبة بالخوف، لكنه على رغم غرقه فيبحر المتعة معها لم تنفك عقد انطلاقه كلها فيعلن عن عملياته المرتقبة بالتفصيل، هكذا تعلم أبو ناصر وتدرب في المخابرات العسكرية، وأجاد الاحتماء بالحس الأمني العالي حتى في أقصى حالاتضعفه الإنساني. في مبنى الموساد كانت الوجوه مرهقة متوترة، فالعمليات الفدائية اشتدت وطأتها والمعلومات المتاحة بعيدة عن التفاصيل، ومنذ صدرت الأوامر لأمينة باستدراج أبو ناصر بحرص، كانت رسائلهاتجيء مشوهة، كأنما يتعمد الضابط الفلسطيني ذلك، وهو ما يعني أن العميلة وقعت في بؤرة الشك، أو أنها انكشفت فعلاً، فخبر التسلل الأخير عبر البحر كان حقيقياً من حيث التوقيت لا المكان،أما خبر عملية تل أبيب فكان أكثر شكاً وغموضاً، فصدرت الأوامر لأمينة بمغادرة صور إلى بيروت فوراً، والتوقف نهائياً عن جلب المعلومات أو بث الرسائل، لكن العميلة الغاضبة العنيدة بثترسالة إليهم قلبت الموازين كلها، وأذهبت بعقول الكبار قبل الصغار في الموساد. أرسلت لهم عن تسلل سبعة فدائيين في غبش الفجر، يحملون أسلحةالـ آر.بي.جيه، ومدافع الكلاشينكوف القاذفة، وقنابل ومتفجرات، بقصد تفجير مستعمرة جيشر هازيف (على بعد ستة كيلومترات شمالي نهاريا) بمناسبة عيد إسرائيل القومي، فانطلقت قوات الأمنتطوّق المستعمرة، وانتشرت نقاط التفتيش على كل الطرق، ومع أولى تباشير 15 مايو (أيار) 1974، كانت المعركة الشرسة بدأت، لكن في منطقة أخرى أبعد عن تصوّرهم وتوقّعهم. بعد ستساعات ونصف الساعة، أسفرت المعركة عن إصابة 117 إسرائيلياً بينهم 25 قتيلاً . لم تنصت أمينة لأوامر رؤسائها في الموساد بالتوقف - موقتاً – عن العمل، فما كان ذلك إلا لحمايتها، لكنهاكانت ككتلة الثلج التي ذاب ما حولها، فهوت مندفعة لا يجرؤ إنسان على إيقافها أو التصدي لها، كانت تحمل روحها على كفها، ولا تهتم بالخطر أو تحسب له حساباً، وفي لحظة استجمعت جرأتهاوطلبت من مارون الحايك أن يزورها في شقتها في بيروت، فأسرع إليها يمنّي نفسه بليلة ساخنة، لكنه ما إن دلف إلى الصالون، حتى وقف مذهولاً، وقد تجمدت الدماء في عروقه وتعلقت عيناهالجاحظتان بنجمة داوود الزرقاء على الحائط.
المصارحة *
صارحت أمينة الحايك بكل شيء، وأنها عميلة للموساد، وأنه شريكها، وأطلعته على صور فاضحة تجمعهما، وأسمعته صوته وهو يمليها أرقام تلفونات رجال المقاومة، وانتهت الجلسة بأن وقّّععلى إقرار بالتعاون مع الموساد، وطلبت منه أن تدخل الى غرفة السنترال المركزي لتستمع بنفسها للمكالمات بين القادة الفلسطينيين، وهو مطلوب منه أن يفعل ذلك ويعلم بمواعيد العملياتالفدائية وأماكنها داخل إسرائيل. أسفرت تلك العملية عن فائدة عظيمة لإسرائيل، فالتجسس المستمر على مكالمات القادة وزعماء الجبهات الفلسطينية، كشف نواياهم تجاه الدولة العبرية، وخططهمالفدائية للضرب داخل الأراضي المحتلة، ولم تكن الأحاديث الهاتفية مكشوفة تماماً، يستطيع المتنصت عليها إدراك مضامينها بسهولة، إنما اعتمدت على أسلوب التمويه والشفرة الكلامية التيتتطلب مهارة عبقرية لفهمها، لكن زعماء الجبهات أحياناً كثيرة ينسون أنفسهم ويتحدثون علانية في ما بينهم صراحة، أو مع مساعديهم ظناً منهم - وهذا خطأ كبير - أن التجسس علىمحادثاتهم أمر مستحيل من قبل اللبنانيين، فالدوائر الهاتفية المغلقة كانت محددة بكل منظمة، والاتصال بالمنظمات الأخرى في بيروت نفسها يتم بواسطة خطوط شبكة المدينة، وكذلك الاتصالبخارج المدينة. كانت السرية خاضعة للخدش عن طريق زرع أجهزة التنصت، أو استراق السمع بأسلوب الحايك، من خلال الغرفة السرية التي أقامتها الميليشيا المسيحية في لبنان للتجسس علىالمسلمين، وعلى الفلسطينيين أيضاً الذين اتخذوا من حي الفكهاني مقراً لهم، فكان بمثابة عاصمة فلسطينية وسط بيروت وجنوبها. اتصل الحايك بأمينة قبل فجر 23 مايو (أيار) 1974، ففتحت على الفور جهاز اللاسلكي، وبثت إلى الموساد رسالتها الخطيرة: (آر. كيو. آر. بعد 37 دقيقة من الآن - سيهاجم ثمانية منالفدائيين المتسللين مستعمرة زرعيت.. تسليحهم رشاشات كلاشن وقنابل 57 ملم.. شالوم) وبالفعل صدقت المعلومة تماماً، وأطبق الإسرائيليون على الفدائيين الثمانية، فقتلوا ستة منهم وأسروااثنين. عندما كانت أمينة تتجسس بنفسها على مكالمات القادة الفلسطينيين، اقتحمت الخط السري الخاص بمكتب جورج حبش، ولاحظت بعد مكالمات عدة له، أن هناك ترتيبات عسكرية تُعد بشكلسري، حتى انفجر الحوار ساخناً جداً بينه وبين أحد مساعديه في صيدا، وبدا حبش منفعلاً أشد الانفعال، وهو يأمر مساعده بإتمام العملية يوم 13 يونيو (حزيران). في غمرة انفعاله، نطق اسمكيبوتز شامير سهواً، لم تهمل عميلة الموساد الأمر، وأبلغت رؤساءها على الفور بما سمعته، وبعد ثلاثة أيام كان هناك خمسة من الفدائيين القتلى على مشارف قرية كيبوتز شامير، بوغتوا قبلأن يستعملوا رشاشاتهم الآلية، وفي 27 يونيو (حزيران)1974 لقي ثلاثة فدائيين آخرين مصرعهم، بعدما قتلوا أربعة من الجنود الإسرائيليين في نهاريا... هكذا كانت أخبار العمليات الفدائية تصلأولا بأول إلى إسرائيل ويتم التعامل معها قبل أن تتم.
أمينة المفتي.. أبلغت الموساد بخطّة رصد لاغتيال الملك حسين *
كانت الحكومة الإسرائيلية مصمِّمة على تدمير البنية العسكرية الفلسطينية في جنوب لبنان، وكانت جهودها لمتابعة مصالحها في لبنان تشمل دبلوماسية سرية، فقد حدث اتصال وثيق بين الموسادوميليشيات لبنانية، حيث دعم الاتصالات معها على اعتقاد بأنها ستوفر مزايا مهمة لإسرائيل، أهمها إسكات المقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان والتجسس على الجيش السوري. لذلك كانتصفوف طويلة من عملاء الموساد تعمل في لبنان باطمئنان وبلا خوف من السلطات اللبنانية، لكن الخوف كان منبعه جهاز المخابرات الفلسطيني الذى يرأسه علي حسن سلامة، الذي استطاعبنفسه كشف أكثر من عشرين عميلاً للموساد بين صفوف المقاومة وأعدمهم بنفسه، وأحاط كل غريب بدوائر من الشكوك والريب. في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 1974عندما كانت أمينة في غرفة المراقبة السرية بالسنترال، صُعقت وهي تستمع إلى حوار ساخن بين علي حسن سلامة وأحد مساعديه، وأدركت أنها النهايةالمؤكدة للملك حسين، كانت تنصت إلى حوار هادئ بين عبد الوهاب الكيالي زعيم جبهة التحرير العربية التي ترتبط بحزب البعث العراقي، وأحمد جبريل زعيم جبهة التحرير الشعبية التي نفذتعملية فدائية ناجحة في إسرائيل منذ فترة وجيزة، ولم يكن في الحوار أمر ذو أهمية. تحولت الى خطوط عرفات فكانت مغلقة، طرأ في بالها أن تدخل على خط علي سلامة، وكان يتحدث مع أبونضال، فضغطت على زر التسجيل ووضعت السماعات فوق أذنيها، وذهلت مما سمعته، لقد كان يدبر لاغتيال الملك حسين أثناء حضوره مؤتمر القمة العربية الذي كان منعقدًا وقتها في الرباط !!. أرسلت المعلومة فورًا الى الموساد، وبعد 36 دقيقة جاءتها رسالة تطلب منها إعادة البث، وكان القلق اعترى إسرائيل خوفا على الملك حسين، ومرت ثلث الساعة إلا دقيقة، حيث جاءت رسالةأخرى تحمل أمراً في غاية العجب والدهشة، جاءتها أوامر بالبحث عن وسيلة لدخول شقة علي حسن سلامة بحجة تطبيب عياله، وتعجبت من كونه أباً وله عيال، فكيف تقبل جورجينا رزق ملكةجمال الكون أن تكون زوجة ثانية، ولم تعرف بأن له زوجة أولى من أسرة الشيخ أمين الحسيني، وهي نفسها أم أولاده. كانت المذابح التي مات فيها عشرات الآلاف من الأبرياء، المعروفة باسم «أيلول الأسود» وهو الاسم الحركي للفرقة السرية الخاصة التابعة لعرفات، والتي يترأس عملياتها سلامة الذي نفذ أولىعملياتها باغتيال وصفي التل، ثم توالت العمليات في عواصم أوروبا ضد الإسرائيليين، وفكر سلامة جدياً في ضرورة التخلص من الملك حسين، وحالف الحظ هذا الأخير، عندما تمكنت السلطاتالمغربية من إلقاء القبض على وحدتي كوماندوز فلسطينيتين، وصلتا من إسبانيا لاغتياله، وعُتِّم على الأمر خصوصا وقد حضر عرفات المؤتمر، وحقق نجاحاً كبيراً في الحصول على أكبر دعمعربي لشرعية منظمة التحرير، وبموجب مقررات مؤتمر الرباط، أصبحت المنظمة هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ومسؤولة عن وضع الاستراتيجية التي تراها كفيلة باستعادةالحقوق المشروعة للفلسطينيين.
الخطأ القاتل *
انشغلت أمينة بشكل لم يسبق له مثيل في عمليات التنصت على هواتف القيادات الفلسطينية، بل إنها استطاعت تجنيد صديقتها خديجة زهران، وكانت مقدمات للحرب الأهلية اللبنانية بدأت وغطتعلى كل شيء، وأصبح مقاتلو أيلول الاسود يكرسون جهودهم لمهام أخرى، وعندما طلبت أمينة الإذن بمغادرة بيروت إلى تل أبيب، أعيد تذكيرها بإيجاد فرصة مناسبة لدخول شقة سلامة ومحاولةالحصول على القوائم السرية لرجال مخابراته في أوروبا، وخطط العمليات المستقبلية المطروحة. انتهزت أمينة فرصة لقائها بسلامة في الكورال بيتش كالمعتاد، وسألته في خطأ فادح وقاتل عنأولاده، فدهش الرجل الذي لم يحدثها عنهم من قبل مطلقاً، وبحاسته الأمنية العالية ملأه الشك تجاهها، وقرر البحث عن ماضيها وطلب من رجاله في عمان إعادة موافاته ببيانات عن الطبيبةالأردنية أمينة داود المفتي، التي يعيش أهلها بحي صويلح، أرقى أحياء عمان وأروعها، فجاءه الرد بأنها بالفعل طبيبة أردنية، غادرت وطنها إلى النمسا للدراسة، ولمشاحنات مع أهلها قررت ألاتعيش في عمان، فاطمأن سلامة لتحريات رجاله وتجددت ثقته بأمينة، لكن بلاغاً سرياً من أوروبا وصل إلى مكتب المخابرات، قلب الأمور كلها رأساً على عقب. أفاد البلاغ أن شاباً فلسطينياً فيفرانكفورت، صرح لأحد المصادر السرية بأنه تقابل مع أحد الفلسطينيين في فيينا، وبعد لقاءات عدة بينهما في مقاهي المدينة، أخبره بأن له صديقة نمساوية يهودية، ماتت إثر تعاطيها جرعة زائدةمن عقار مخدر، تزوج شقيقها الطيار من فتاة عربية مسلمة، وهربت معه إلى إسرائيل خوفاً من اكتشاف أمرها وملاحقة أجهزة المخابرات العربية لها، وأن الفتاة كانت تدرس الطب في النمسا،وانتقلت إلى لبنان بعدما أسقط السوريون طائرة زوجها، الذي اعتبر مفقوداً. كان البلاغ يحمل نبرة عالية من الشك، فلو أن الأمر صحيح فهناك جاسوسة عربية بين الفلسطينيين. طلب سلامة إعادة استجواب الشاب في فرانكفورت، ولو اضطروا لأخذه إلى النمسا ليدلّهعلى الفلسطيني الآخر، وذيّل أوامره بضرورة السرعة، وإلى حين تصله معلومات أخرى، طلب حصر كل الطبيبات العربيات المتطوعات في المستشفيات الفلسطينية واللبنانية أيضاً. كان سلامة شاباً خارق الذكاء، شاهد بنفسه مقتل والده بيد اليهود وهو في الخامسة عشرة من عمره، وعاش مثل آلاف الفلسطينيين في مخيم بائس يفتقر إلى المياه والكهرباء، وفي نابلس أكملتعليمه وكان دائماً من المتفوقين، وبعدما حصل على الثانوية العامة بتفوق، حصل على منحة للدراسة بالجامعة الأميركية في بيروت، التي كانت مجتمعاً لكبار المثقفين الفلسطينيين، وتخرج فيالجامعة مهندساً ليلتقي بياسر عرفات الذي كان أسس منظمة التحرير الفلسطينية، وبعد هذا اللقاء تبدلت حياته كلها، إذ شغل منصب قائد القوة 17، ثم رئيس المخابرات الفلسطينية "رصد" ورئيس العمليات في منظمة أيلول الأسود التي دوّخت إسرائيل بعملياتها الفدائية المذهلة. استغل سلامة ذكاءه الشديد في تعقّب الخونة والجواسيس الذين يُزرعون بين صفوف المقاومة، وتمكّن من كشف عشرين منهم خلال فترة وجيزة، وحصل على دورات تدريبية على أيدي رجالالمخابرات المصرية، وعشق مطاردة عملاء الموساد أينما كانوا، وأفلت مرات ومرات من محاولات فاشلة لاغتياله، وبعدما جاءه البلاغ عن وجود طبيبة عربية متطوّعة تعمل لصالح الموساد فيبيروت، كانت أمامه بعد ثلاثة أيام قائمة طويلة تضم أسماء 37 طبيبة، أربعة منهن فحسب حصلن على شهاداتهن العلمية من جامعات النمسا، وكن جميعاً آنسات إحداهن بالطبع كانت أمينة داودالمفتي.
الرسالة الأخيرة*
والى أن يصل التقرير الحاسم من أوروبا، أمر سلامة بوضع الممرضات الأربع تحت المراقبة الصارمة طوال الأربع والعشرين ساعة، كان السباق محموماً للوصول إلى الحقيقة بأسرع ما يمكن،وبينما الطقس مشحون بالشكوك والترقب، أحست أمينة بعيني الجاسوسة المدربة، بأن هناك عيوناً ترصدها، ولا تترك لها مساحة من الحرية لتتحرك بيسر كما اعتادت دائماً، وأول ما فكرت فيههو التخلص من جهاز اللاسلكي، دليل الإدانة الذي سيقدمها إلى حبل المشنقة، فبثت رسالتها الأخيرة إلى الموساد: (آر. كيو. أر. هناك من يراقبني ليل نهار منذ الأمس.. أنا خائفة ومرتبكة.. سأموت رعباً.. أفيدوني.. شالوم)، وبعد أقل من نصف الساعة جاءها الرد يقول: (ضعي الجهاز بسلة قمامة الشقة العلوية.. احرقي الشفرة.. غادري بيروت بهدوء إلى دمشق بطريق البر.. ستجدين رسالة بمقهى الشام)، تنفست أمينة الصعداء، وشرعت فوراً في تنفيذ أوامر رؤسائها.
نهاية الجزء الثاني من الملف الثاني
إعداد : ألف *
يتبع ...
younes
2013-12-11
كل خائن لبلده مرتد لدينه لا يكون جزائه الا الاعدامو أقول كره هؤلاء الخونة من دين
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |