إلى أصدقائي الفلسطينيين
2006-12-27
هناك من يذكرني ويتأهب للتحليق في دلالات نزفي
لبريدي رائحة البحر و موجة من زوفي و زيزفون تصاعد في سمائي رغم دخان الدمع، حمامتان من تحت نقاب باريس، وقطعان نشيد، وطوابع بريد صادره من اللون تهبط كتسبيح الملائك في صبار حنيني.
رسالة، مظروف يتوشح بالأزرق و الأحمر، و حروف من فجر أيقظه ايلوار،
و سلة فطر جنتها جان دارك من ساعد الطرقات المعشوشبة، إنه صديقكم ولا احد يعرفني غيره في عتمة المانش، إنها ريشة جان اييف بيزيان الذي لا يتوقف عن الركض في براري إنسانيته و يتوغل عميقا في الدهشة وتحرر الريشة.ايه صديقي عن ماذا ستحدثني؟ عن مفاتيح بيتنا القديم في نزف الناصرة، أم عن تجمر في الزيت من شوق ودمع وانتظار.
أطلت عليكم ولكن أسراب السنونو الغافية على حواف الظرف ترجوني أن أتمهل بالكشف ماذا؟......ماذا؟..........ما تلك الاهله الخضراء؟ وكيف أقمت غيابك هنا يا حنظله؟وأنت يا يد الخنجر يا خريطتي الصغيرة يا خاصرة البحر ويا صلة السماء من سواك هنا ؟ كيف عبرت المطارات و الحدود؟
يدي راعشة مترددة و عيناي أفق من تردد ونشيد، و شفتاي تقبلان الظرف لتلامسا قبة الصخرة و تعرجان، نعم إنه طابع بريد شقي و عنيد، أمار بالنهر فعال للماء ،و يطوي المسافة كالسجل و يهزأ بالجنرال، بما تساقط من بزته من نجوم و من حدود، من يوقف الربيع الجامح في كم شقائقه؟ طوابع فلسطين بريشة جان اييف بيزيان حفيد البحر و هوديني الغابة، حكمة النمل، و رسالة التضامن، و حداثة النضال ،انه يخرج الآن إليكم برسالته و طوابع بريده ،فخذوا عني "الرسالة و البريد" أما أنا فسأصلي للشمس أن تطلع ليل نهار لتنضج كلوروفيل حنطتي لأعدها لمواسمه القادمة ،ولأعلم شقائق النعمان عن سطوع انكساري لهديته الواخزة، سأذهب إلى قصائد ايلوار و اقطف منها كرمتين أعتق منهما نبيذ قصيدة على قوس انتظاره.وها هي رسالته بين أيديكم وقد ترجمها عن الفرنسية فتى بيسان د وليد سويركي وقاربتها من بعده لأتركها بين أيديكم بصبرها وصبارها، وهكذا تكلم إليكم صديقكم جان اييف بيزيان.
إلى أصدقائي الفلسطينيين
لا بريد في فلسطين، لذا لا يمكن إرسال رسائل ورقية "تحمل اسم بلادهم
وطوابعها "،و بمبادرة فرديه صغت طوابع بريدية لألصقها على كل رسالة أرسلها" إلى أي من بقاع الأرض".
تخيلت أني استلم رسالة من فلسطين بعثها لي صديق أو ثلة من الأصدقاء الفلسطينيين
جان اييف"
منذ مده وجيزة ونحن ننعم بالسلام في فلسطين،رحل الجنود الاسرائليون و ها نحن استعدنا أرضنا ووطننا اللذان لم يكونا أبدا لغيرنا ،آن أوان التحرر، فمنذ ما يزيد عن خمسين عاما ونحن نعيش القهر سجناء في وطننا ،تحرر المعتقلون والأسرى جميعا من سجون الاحتلال الإسرائيلي و عاد كل اللاجئين بعضهم و مفاتيح البيوت في يديه ،المفاتيح لم تجد أبوابا ، فالبيوت دمرت و أنت تعلم أن الاحتلال "حرّم" كثيرا طيلة ما يزيد عن خمسين عاما ،بوسعنا اليوم أن نتجول بحرية، فنقاط التفتيش العبثية المرعبة المهينة و التي كانت تنتصب على كل الحواجز آلت لمنتهاها ،أشجار الزيتون توقف اقتلاعُها، و بوسع سليمان أن يهبط آمنا مطمئنا إلى كرم زيتونه، رحل آخر جندي يصدر أوامره حول ما يجب ولا يجب أن يفعله الزيتون .
عندما تؤوب إلينا سنمضي ثانية لنشرب الشاي في ظلال زيتونه في كرم صغير، سيصحبك الأطفال عبر تلك الدروب النحيلة، سيرونك دفاترهم المدرسية و حيواناتهم الأليفة، وسيلتقطون لك سلحفاة عن ساعد الطريق، خرج الأطفال من جحيم خوفهم و بوسعهم أن يكبروا في القرى و المدن، في السلام الذي هو حقهم الطبيعي.
صباح هذا اليوم أعدت فوزيه خبز الصباح، أما أنا فمكثت طويلا في شرفة البيت أتأمل المكان ، السماء الزرقاء وأشجار الزيتون المتجذرة في الأرض الصخرية الداكنة.
فنيت أبراج المراقبة الكئيبة التي كانت تنتشر على مساحات سجننا الكبيرة ذو السماء المفتوحة، وتوقف الجدار عن التقدم ،و لكنه ما زال رماديا كئيبا دون شرعية أو جدوى، إذ لا يمكن القبول به، سيسقط يوما ما، ليس غدا أو بعد عشرة سنوات، بل عليه أن يسقط الآن. .
صار لنا اليوم دولة، إرادتنا في بناء الوحدة الوطنية مكنتنا من خلق الظروف التي هيأت لقيام دولة حره ذات سيادة ،صحيح أن ثمة خلافات سياسية بين الفلسطينيين ووجهات النظر متباينة كما يحدث في كل البلاد.ولكننا تجاوزنا كل الخلافات.
منذ زمن طويل و نحن نقاوم، ومنذ زمن ن طويل ورصاص جنود الاحتلال القاتل يحصد أرواحنا.تقول إسرائيل أن بيت حانون كانت خطأً، لقد اقترفت آلاف الأخطاء طيلة العقود الماضية.
غدا سأمضي عبر فلسطين، سأذهب إلى غزة وأريحا ،وسأمر بالقدس ،وكمريد البرغوثي "سأرى رام الله"، سأذرعها من الشرق إلى الغرب و من الجنوب إلى الشمال آمنا مطمئنا فقد غدوت حرا في بلدي، حرا على ارض فلسطين.
آه بالمناسبة إلى أين بلغ أمر معرضك الفني ؟ إنّا ننتظرك و ننطر المعرض المتوقع في عمان أو رام الله أو القدس و بالتأكيد كفر لاقف ،الامر هام ، الفن حيوي، و ينبغي له أن يساهم في خلق تواصل أفضل بين الناس ، فعلى الكاتب أن يكتب و على السينمائي أن ينتج أفلاما و على الرسام أن يرسم تحت نيران القمع .
تحيه و إلى لقاء قريب جدا فلربما ستكون بيننا و تشاركنا موسم قطاف الزيتون.
آه نسيت شيئاً ،أني للتو اشتريت أطلسا يتضمن خريطة العالم و قد كتب فيها بخط نافر" فلسطين" إنها وطننا وها نحن نحيا ..........
سأواصل الرسم سأواصل نشر الطوابع و سأعمل ليل نهار كي يصبح سياق الرسالة واقعا الآن و ليس غدا.جان اييف بيزيان
بريتاني –فرنسا
جان اييف :فنان تشكيلي فرنسي ،أمنيته الأخيرة "أن يكون معرضه الأخير في فلسطين"،وهو من الناشطين النقابيين ومن الناشطين في مناصرة القضية الفلسطينية والقضايا الإنسانية
وليد السويركي:شاعر ومترجم أردني يعمل مدرسا للأدب الفرنسي في جامعة اليرموك
رسالة جان اييف بيزيان تأتي قبيل زيارته المتوقعة إلى فلسطين بدعوة من مجموعة كروم للثقافة وتنمية الإبداع ،وهي موجهة إلى الفلسطينيين وتحمل في ثناياها نثار ذكرياته حول زيارته السابقة لفلسطين،وخصوصا قرية كفر لاقف.
محمد دلة
شاعر وكاتب فلسطيني
08-أيار-2021
23-آذار-2007 | |
13-آذار-2007 | |
07-آذار-2007 | |
14-شباط-2007 | |
03-كانون الثاني-2007 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |