مختارات من أشعار رياض صالح الحسين ج7
خاص ألف
2012-11-25
*غرفة الشاعر
يفتح بابَ الكلماتِ و يدخلُ بخطىً خائفةٍ
في أنحاءِ الغرفةِ
بعض قصائد ذابلة
كلمات تتمدد فوق الكرسيّ
و أخرى تتعلّق بالمشجب
سنبلة تهرب من بين أصابعه
و طيور تقتحم الشفتين
يرى عشبًا ينبت في المكتبةِ المهملةِ
و نبعًا ينبثق من الحائط
بعد قليل سوف يداهمه الليل بأقمار و كوابيس
تداهمه أشجار الغابة
و رمال الشاطئ
و حصى الأنهار
و آبار فارغة
يملؤها بحروف سوداء
ماذا يأخذ من جثث الأيام
و ماذا يترك
غير قصائد ذابلة
و غبار الكلمات؟
و بعد قليل
سوف يداهمه الشرطيّ
ليسأله عن جمل غامضةٍ
و يحذره من استعمال "القُبلة" و "القنبلة"
و يمضي..
هو ذا الشاعر
يفتح نافذة القلبْ
يغلق عينيه
و يحلم بقصيدة حبْ
***
*غرفة المحارب
يتوسد خندقه الرمليّ وحيدًا
و يداه تحيطان برشاشٍ مملوء بالموت
سيأتي الزوّار مساءً
زائرة تحمل للأرض قنابل ضوئية
أُخرى ستمشط بالنار سهولاً تمتدُّ
سيأتي الأعداء مساءً
كقطيعِ ذئابٍ كاسرةٍ
يلتهمون بيوت الطين
و أشجار التفاح
و كرّاسات الأطفال
و رأسَ الجنديّ
الجندي يرتب غرفته الرملية
الماء هنا
و الطلقات هناك
و ها هي صورة نرجسة تبتسم لجندي
يحملُ رشاشًا وخضارًا
الزوار يجيئون
فأهلاً
يطلق طلقته الأولى
سيظل يقاتل حتى آخر حبّة رمل من هذا الخندق
***
*غرفة السائح
العالم غرفة هذا السائح
إذ يمضي في ردهاتِ العالمِ
يجمع أحجارًا من مدنٍ بائدة
و نقودًا لشعوب أهلكها الزلزالُ
و يجمع صورًا لجوامع
و متاحف
و تماثيل مرعبة
يمشي في أرصفة الدنيا
فيرى سفاحًا فيصوّره
و بائعَ ليمونٍ فيصوّره
و راقصة يسألها:
ماذا تعني
“Merci”
بالعربية
و لماذا لا يزرع هذا الشعب "الأناناس"؟
السائحُ يفهمُ أو لا يفهمُ
يعلمُ أو لا يعلمُ
سيظل يسير وينظر و يصوّر
فالعالم غرفة هذا السائح
و النافذة كاميرا
***
*غرفة مهدي محمد علي
هي ذي غرفته تنهض من بين الأنقاض
مسيّجةً بدمٍ و عبيرٍ
ندخلها في الليل كقديسين جميلين
و يدخلها الشيوعيون، و عباد الشمس،
و أخبار المدن المشتعلة
هي ذي غرفته
أبعد من وطنٍ
أقرب من رمشِ العين إلى العين
و يا مهدي
أرنا كفيك
ألم تنمُ الأعشاب عليك
ألم تورق أغصان القلب
و ماذا يحدث لنبات البصرة
و تراب البصرة
....
....
....
هي ذي غرفته
أجمل من قبر
و أعلى من شجرة نخل
و صاحبها
طير في قفصٍ
يفرك عينيه، يبعثر أوراقًا ورسائل،
يكتشف امرأة في فنجان القهوة
ذات مساء
سوف تدق الباب نباتات الزينةِ
تأتي الأزهار، و أشجار الصفصاف،
و أعشاب الغابة، و ثمار اليقطين
و تحتل الغرفة
***
*الولد النائم
قبل أن يذهبَ للحرب مضى نحو السرير
أغلق عينيه ونام..
رأى فيما يرى الأولاد
سهلاً فسيحًا تركض الغزلان فيه
سربًا من عصافير
و أشجارًا من الدراق
أزهارًا لها هيئة أقمارٍ
رأى نهارًا واسعًا جدًا
و من أقصى النهار جاء رجل يسعى
ألقى على الطفل قميصًا من دمٍ
فاختفى السهل وماتت الغزلان
و الأشجار
اختفى النهار..
قال الولد الجميل: لا بأس
أغمض عينيه بعينيه
و نام
رأى عشرين ملاكًا يهبطون قربه
سألهم: هل تأكلون البرتقال
هل نستطيع أن نلعب لعبة الهرّة والفأر
أختبئ الآن فوق سريري
جديني أيتها الهرّة / الملاك..
....
و من أقصى السماء
جاءت القنبلة فوق سرير الولد الجميل
طار الملاك
و ماءت الهرة حينما رأت إصبع طفل في التراب
قال الولد الجميل:
لا بأس، لا بأس
عاد إلى السرير متعبًا
أغمض عينيه بعينيه
و نام..
رأى فيما يرى الحالم
أسماكًا على الجدران
ذئبًا يسبح في البركة
تمساحًا يعود للملهى
و امرأة تنتظر الربّ أمام قصر العدل
صاح الولد الجميل:
لا أريد أن أرى شيئًا
أريد أمي و زجاجة الحليب والقماط
قال الولد الجميل شيئًا
ليس حسنًا جدًا
و ليس سيئًا جدًا
"عاش البط
عاش النهر
عاشت الهرّة
عاشت الأشجار
عاشت أختي وأخي
و لتسقط الدبابة.."
...
...
أغلق عينيه بعينيه
و نام أبدًا.
من ديوان ( وعل في الغابة )
منشورات وزارة الثقافة
والإرشاد القومي - دمشق
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |