فواز قادري وهذه القصيدة
خاص ألف
2013-04-16
إهداء الى الصديق الشاعر إبراهيم اليوسف ..
فواز قادري شاعر سوري جمعتني به الصدفة .. صدفة اللقاء قبل اكثر من عشرين عاماً مضت .. استمعت حينها لقصيدة له بعنوان استشراف القاها في محفل يساري خصَصَ جزء من وقته للأدب والشعر والإبداع. ..
وفي لحظة حضور متوترة تختلف عن ايقاع الموت السافر في العراق حينئذٍ انتبهتُ لصوت القادري من بين من شارك في ذلك المحفل يستشرفُ ابعاد الموت المقبل في سوريا التي نمت فيها و رسَخت سلطة للقمع والاستبداد تتقنع بالشعارات الزائفة ، وبقيت قصيدته محفورة في ذاكرتي ..
لم تكن قصيدة عادية اطلقها القادري في لحظة وجل وفزع من هول الرؤية المخترقة لمظهر الزيف وأقنعته .. لم يكن نصها مجرد شعر للتداول في المناسبة فقط .. كانت نبوءة تعلن بالشعر نداء لليقظة والتحفز من خطر مستقبلي محمل بالموت وعذابات البشر .. نداء للتأهب والاحتراس من كارثة محدقة آتية مع الزمن الهمجي ..
"الفاشيّة استفاقت
احترسوا
أيّها الموتى القادمون".
محملة بالمزيد من القسوة والقهر والذل، في صور مختزلة تفضح الكثير من تواطؤ التحالفات السياسية، وأوهام المتشبثين بالأحلام الكاذبة المخادعة للجمهور المعد لدخول مجازر الذبح ..
"أستشرف مستقبل البلاد
أرى النار الجليلة تعمُّ
بارودة في يد الطفل القتيل
دم يسيل في المجاري
قبلة موقوتة في المنعطف
جنديّ يطارد الحياة
والأطفال لا يعون"
....
"أستشرف جرح البلاد،
من السواد إلى السواد"
هاهو الزمن يمضي بعقدين من سنيّه العجاف .. حلّ وقت القادري للتأكد من استشراف قصيدته .. رؤية تجسدتْ بمشهدٍ تحولَ من نبوءة لتاريخ مقبل الى سجل للموت المنتشر في ربوع الشام ومدنها وقراها .. سجل يثبت فيه يوميات المحنة والخراب والدمار .. سجل يكشف المزيد من أقنعة وزيف المستبدين .. دجلهم .. نفاقهم .. قبحهم .. أكاذيبهم ..
"قتيل يسأل عن القتلى المكدّسين ..
موتى على الأبواب ..
موتى في الحدائق ..
موتى بلا ذكريات .
ولا أسماء ..
مشنقة تتجوّل في الطريق"
القصيدة وحدها تنطقُ لتسكتهم .. شعر القادري وحده .. في كل مقطع من القصيدة يأتي بالدليل .. إن ما قاله قبل عشرين عاماً قد تحقق اليوم .. ابتداء من الثورة بوجه الطغاة وظلمهم ..
"تغتسل الأغاني من خطايا الحياد
ولا تغادرنا البلاد إلى حتفها
ولن نقف مكتّفين"
الثورة التي ترافقت مع اغاني الغضب واحتجاجات الجياع المقهورين الرافضين للذل والاستبداد في هدير حناجر تصدح بـ "اغنيات مضرّجة بالعويل" لفنانين ثوار في مقدمتهم سميح شقير وإبراهيم قاشوش الذي لم يكتفي الفاشست بإسكاته وقتله ، إذ مزقوا جسده ، فاقتلعوا حنجرته معتقدين انهم بفعلهم الشنيع سيوقفون مد الثورة وجبروتها الزاحف لاقتلاع جذور الاستبداد والقمع ، ويزلزل عرش سلطة وحوش الأسد و شبيحته ، ويطهر ارض الشام وربوع دمشق من رجسهم ..
"أيّها الجمر
استفق في الأغاني"
...
فا لـ "موت في البلاد التي لا تستفيق) يطال البشر والحجر والبيوت ويمتدُ "للزهرة وللعصفورة العاشقة" .. الرؤية تتضحُ عنده لتشخص "مصباح شاهد زور" .. أن فجر الحرية الآتي سيكون في النهار القادم ..
"فيا أيّها النهار المؤجّل
ارتقب هجوم الليل الأخير" ..
انّ الضياء قادم لا محالة .. نحن في هزيع الوقت الضائع من الليل الأخير كما تنبأت في قصيدتك يا فواز .. طوبى لشعر يخترق حاجز الزمن ويتخطى مشاهد الموت والعبث .. طوبى للقصيدة التي يشع منها الضياء والأمل .. طوبى للحرف المدافع عن دم الكادحين الأعزل ..
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |