جهاد الخازن في حوار صريح مع الرئيس بشار الأسد / جريدة الحياة
2007-04-17
عيون وآذان في حلقتين :
الجزء الأول : جيدة وطبيعية
الجزء الثاني :(حتى لا تتفق فرنسا وأميركا عليهم)
جهاد الخازن
رأيت الرئيس السوري في مكتب خاص له في وسط جبل قاسيون، في جلسة استمرت حوالى .ساعتين، .وتناول حديثنا القضايا المطروحة كلها
جيدة وطبيعية
الرئيس بشار الأسد يقول إن الولايات المتحدة فشلت في العراق، وحان الوقت لتأخذ برأي الذين حذروها منذ البداية من هذه النتيجة. وهو يقول أيضاً إن هناك اتصالات لا تكاد تتوقف من وسطاء لبدء مفاوضات جديدة بين سورية وإسرائيل، والموقف العربي معلن ومعروف فلا تنازل عن شبر
من الأرض، ولا مفاوضات، قبل ان تقر إسرائيل بمبدأ انسحاب كامل من الجولان المحتل.
رأيت الرئيس السوري في مكتب خاص له في وسط جبل قاسيون، في جلسة استمرت حوالى ساعتين، وتناول حديثنا القضايا المطروحة كلها من الولايات المتحدة والعراق إلى إسرائيل والفلسطينيين، ولبنان والعلاقات العربية – العربية.
الدكتور بشار بدا مرتاحاً للقمة العربية ونتائجها، وقال إنه عقد اجتماعاً طيباً مع كل من الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس حسني مبارك، وزاد ان العلاقات الثنائية والمشتركة "جيدة وطبيعية".
وركز الرئيس السوري على التواصل مع المملكة العربية السعودية خلال سنة رئاستها القمة لأن تعاون البلدين سيساعد على نجاح القمة المقبلة التي ستكون برئاسة سورية. وتوقع ان يؤدي نجاح الرئاسة الحالية إلى نجاح القمة التالية، وشدّد على ضرورة قيام اتصالات مباشرة وتعاون في شؤون القمة وكل شأن آخر.
وفهمت أن الرئيس الأسد كان دعا وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل على هامش قمة الرياض الى زيارة سورية، والرئيس الأسد قال إنه لا يزال يتوقع هذه الزيارة، وقد سمع أن الأمير سعود أخذ إجازة بعد القمة للراحة بسبب الجهد الكبير الذي بذله في إعداد القمة وإنجاحها. ركز الرئيس كثيراً في المقابلة على الوضع العراقي، وقال إن القمة أبدت القلق مما يحدث هناك بسبب حجم العراق، مع اهتمامها المماثل بأوضاع الفلسطينيين ولبنان والمشاكل الأخرى. وهو قال إن العرب يرَوْن أن العراق ينزلق نحو الهاوية لذلك كان من الطبيعي ان تهتم الأطراف الإقليمية والدولية بهذا الوضع فهو يؤثر في مصالحها أيضاً.
اليوم أسجل ما سمعت من الرئيس بشار الأسد عن مواضيع محددة قبل ان أكمل غداً بلبنان.
- عن الولايات المتحدة قال:
السيد نايجل شاينوالد، المستشار للشرق الأوسط عند رئيس الوزراء توني بلير نقل إلينا الموقف الأميركي قادماً من واشنطن.
نحن نقول للأميركيين: ضعوا مصالحكم على طاولة المفاوضات، ونحن سنشرح مصالحنا. لن نقوم بأي عمل يناقض مصالح سورية. إذا فكرتم في مصالحكم تجدون انها لا تتعارض في معظم الحالات مع مصالح سورية وبلدان المنطقة.
نقول الحرب كانت خطأ والانسحاب يجب ان يحصل. ماذا تريدون من سورية؟
هم يريدون ان ندعم وضعهم، وأيضاً ألا نتدخل، وقد عارضوا فتح سفارة سورية في بغداد، ويعارضون قدوم وفود عراقية إلينا. نحن نقول ان الحل يجب ان يكون عراقياً.
نريد ان نفهم هل المطلوب ان تساعد سورية على دعم العراق، أو على إخراج أميركا من ورطتها؟ يطلبون منا ضبط الحدود وردنا ان هذه مشكلة عندكم في العراق ومن نتائج المعالجة الفاشلة لحرب فاشلة.
لن نغير موقفنا فقد ثبت ان ما قلنا قبل الحرب كان صحيحاً. (عندما سألت الرئيس الأسد ماذا يطلب الأميركيون من سورية تحديداً ضحك وقال) نحن نطلب منهم:
أولاً: الموافقة على مبدأ الانسحاب.
ثانياً: وضع جدول زمني للانسحاب.
ثالثاً: إيجاد حل سياسي عراقي، وليس دولياً، مع دعم إقليمي ودولي.
لا نستطيع ان نتحدث عن حرب أهلية شاملة (قال بالإنكليزية Full blown ) في العراق. هناك اقتتال طائفي على مستوى القوى السياسية يجب وقفه ومنع الحرب الأهلية، وهذا لا يزال ممكناً.
- عن إسرائيل ونشاط السوري الأصل إبراهيم سليمان وآخرين قال:
هناك اتصالات لا تعد ولا تحصى. كل شهر عندنا اتصال من هذا النوع. اتصالات سرية ممكنة ولكن لا نقبل مفاوضات سرية. المفاوضات يجب ان تكون في العلن.
بعض هؤلاء الوسطاء يسمع الموقف السوري وينقله إلى إسرائيل ولا يعود. بعضهم يعود. حتى هذه اللحظة لم يعد أحد بشيء جدي أو ملموس. عندما يأتي وسيط بشيء جدي أو ملموس سنعلنه فوراً.
الموقف السوري لا تنازل عن أي شبر من الأرض. لا مفاوضات قبل ان تقر إسرائيل بعودة الجولان كاملاً... عند ذلك نعلن ونحكي.
(سألته عن أخبار صواريخ سورية جديدة على الجبهة، وهل يتوقع حرباً مع إسرائيل في الصيف): نعمل يومياً على تعزيز دفاعاتنا. نحن دائماً نحضر أنفسنا. إسرائيل عدو شرس، لم نرَ منها سوى الأذى. لا نعرف هل تقع حرب، ولكن لا يجوز ان نلغي الاحتمال. إسرائيل لا أمان لها.
- عن الفلسطينيين قال:
(أبديت تخوفي من تهريب السلاح إلى حماس وفتح، ومن مواجهة بينهما، أو حرب أهلية): لا أعرف. لا معلومات عندي عن تلقي حماس أو فتح أسلحة. لا أتوقع حرباً أهلية. فكر في الدور الإسرائيلي. إسرائيل ردت على المبادرة العربية سنة 2002 باجتياح عسكري.
هناك الآن حكومة إسرائيلية هي الأضعف في تاريخ الحكومات عندهم. وهم عادة يلجأون في حالات الضعف إلى المواجهة والحرب. ربما كانت الحكومة الإسرائيلية تسعى بعد ما أصابها في حرب الصيف على لبنان للتعويض عن خسارتها في مكان آخر. ربما كانت ترى ان المخرج في شق الفلسطينيين والإيقاع بينهم.
أكتفي بهذا القدر اليوم من نقل مباشر لحديث الرئيس بشار الأسد. وهو كان استقبلني بالقول إنه لم يرني منذ سنة، وقلت: زُرْ غباً تزدَدْ حباً.
بعد سنة وجدت الرئيس مرتاحاً لعلاقاته مع السعودية ومصر، ولقوة الموقف السوري. وكان دائم
الابتسام، وضحك غير مرة ونحن نتبادل بعض القصص. وأكمل غداً بالشأن اللبناني.
الجزء الثاني :(حتى لا تتفق فرنسا وأميركا عليهم)
الرئيس بشار الأسد يقول إن الحل في لبنان ليس صعباً أو معقداً، فاللبنانيون يتباهون بالممارسة الديموقراطية، وفي أي بلد ديموقراطي عندما تحصل أزمة سياسية هناك حلان لا ثالث لهما، إما تشكيل حكومة وحدة وطنية أو اجراء انتخابات نيابية مبكرة.
أكمل اليوم بالجزء عن لبنان من حديثي مع الرئيس السوري في مكتب خاص له في جبل قاسيون بعد أن سجلت أمس اجوبته عن العراق والولايات المتحدة واسرائيل والفلسطينيين، والقمة والعلاقات العربية.
الرئيس الأسد كان قد حذّر في حديثنا عن العراق من أن حرباً أهلية هناك ستكرس القوى الطائفية، ووجد في ذلك ما يشابه الوضع في لبنان، فبعد إتفاق الطائف وقفت جهات لبنانية ضد الغاء الطائفية السياسية، وهو قال إن «من غير الطبيعي أن هناك جزءاً من اللبنانيين في مواقع سياسية يربطون أنفسهم بالخارج، مع أن درس التاريخ يقول إنه في كل مرة نظروا الى الخارج دخل البلد في أزمة».
سألته ما العمل؟ قال إنه إذا لم تكن حكومة وحدة وطنية فانتخابات نيابية مبكرة، وفي جميع الأحوال فأي شيء يخرج عن الاجماع لن يجعل لبنان يستقر. وتكررت في حديث الرئيس كلمة الوفاق، وأحياناً بالانكليزية (Consensus).
وفي حين يرى الدكتور بشار أن الحكومة اللبنانية، وكذلك المحكمة، شأن لبناني، فإنه أكمل قائلاً: «لا ندعي أننا لا نهتم بما يجري في لبنان، سورية دفعت ثمناً غالياً من دماء أبنائها لمساعدة لبنان، بالتأكيد لنا مصلحة مباشرة باستقرار لبنان لأن ما يجري فيه يؤثر فينا. وعكس ذلك كمن يطلق النار على رجله (ترجمة عن عبارة بالانكليزية)».
الرئيس قال أيضاً «نوع علاقتنا مع اللبنانيين تشاور وتبادل رأي، وليس تدخلاً... ونحن لم ننقطع عن لبنان يوماً، ويأتينا لبنانيون في شكل يومي».
كنت أحدث الرئيس الأسد عن لبنان، إلا ان الجلسة طالت وكان واضحاً منها أن هناك أموراً أخرى تشغله فقد عاد مرة بعد مرة الى العراق، وهو قال إن سورية معنية بلبنان، ولكن يجب عدم إغفال حجم المشكلة في العراق فما يحدث فيه يؤثر في المنطقة كلها، وفي حين يرى الرئيس الأسد ان الأميركيين لم يتعلموا من أخطائهم، والحل على المستوى الأميركي فات وقته (it is too late) فإن الرئيس أصر على ان الإنقاذ لا يزال ممكناً في عملية سياسية عراقية، لا في مجرد نيات حسنة وإجراءات غير متكاملة.
سألت الدكتور بشار الأسد عن العلاقات مع إيران ودورها في لبنان، فقال إن العرب جميعاً في حاجة الى علاقات جيدة مع إيران لأن استقرار المنطقة في حاجة الى إيران وتركيا واللاعبين الآخرين. وهو أعطى مثلاً عن أهمية تعاطي سورية مع إيران في قضية البحارة البريطانيين الخمسة عشر الذين احتجزتهم إيران، فقد طلب البريطانيون التدخل، وشاءت الصدفة أن يكون في دمشق وفد بريطاني زائر عندما قامت المشكلة، وتوسطت سورية فعلاً حتى أفرج عن البحارة.
والرئيس الأسد يرى أن ايران تستطيع أن تلعب دوراً إيجابياً في لبنان، فالحل فيه غير ممكن من دون مشاركة حزب الله، في إشارة الى الوساطة السعودية – الايرانية المشتركة في لبنان.
انتقلت من دمشق الى بيروت، والى السراي، حيث وجدت أن الرئيس فؤاد السنيورة يريد حكومة وحدة وطنية، ولا يصر على 19 – 10 – 1، أو 19 – 11، بل هو قال لي وأنا أعرض عليه أفكار الرئيس الأسد إنه مستعد لقبول نسبة 17 – 13 «فنحن نريد مشاركة حقيقية على أساس قواعد واضحة، وليس على أساس صراعات وبوكسات».
وذكرني رئيس وزراء لبنان بأن جلسات التوافق بين الحكومة والمعارضة استمرت من آذار (مارس) السنة الماضية حتى حزيران (يونيو)، وانتهت بالاتفاق على نقاط سبع منها مبدأ المحكمة الدولية، وانهاء الوجود الفلسطيني المسلح خارج المخيمات وضبطه داخلها، ولبنانية مزارع شبعا وترسيم الحدود بالاتفاق مع سورية، وغير ذلك.
وسألت الرئيس السنيورة هل تجري انتخابات نيابية مبكرة اذا تعذر الاتفاق على حكومة وحدة وطنية، فقال إن قانون الانتخابات الحالي يعود الى سنة ألفين، وقد أجريت على أساسه الانتخابات النيابية مرتين، وهو في حاجة الى تعديل فهذا مطلب جميع الأطراف السياسية.
وهو قال إنه كان جَمَع فريقاً لدرس الموضوع، ووضع مشروع قانون جديداً ودعا الى مناقشته، إلا أنه لم يحصل تقدم على رغم انه حاول جهده.
قبل شهرين اجتمعت مع الإخوان من قيادة حزب الله، ومع الأخ سعد الحريري ومع الدكتور عبدالعزيز خوجة، السفير السعودي والوسيط، وكتبت ما سمعت من معلومات، ولم أبدِ رأياً من عندي إلا ضمن أضيق نطاق.
واليوم انقل الى القارئ ما عندي من معلومات جديدة، راجعتها مع الزملاء في مكتب «الحياة» في بيروت، فهم أكثر معرفة بالتفاصيل ودقائق الموضوع مني كمقيم في لندن. كذلك استشرت الأخ عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، فهو يتابع الموضوع اللبناني في شكل شبه يومي، ويحاول تقريب وجهات النظر.
كل ما عندي من رأي بعد يومين من نقل معلومات الكبار وأفكارهم، هو أن عقدة المحكمة تراوح مكانها، وأرى أن المحكمة قادمة وأن من الأفضل أن يتفق اللبنانيون على شروطها، حتى لا تتفق فرنسا وأميركا عليهم.
رأيي الآخر هو أن مواقف الفرقاء اللبنانيين اليوم هي نفسها قبل سنة، فهم لم يخطوا خطوة واحدة الى الأمام، وبما أنني أحاول أن أجد شيئاً ايجابياً وسط ركام السياسة اللبنـــانية، فإنني أقول إنهم لم يخطوا خطوة واحدة الى الخلف. غير أنني أكتب هذا الكلام، وأسجل معه أن الأخ عمرو موسى نبّهني قبل يومين الى خطر أن يرجع اللبنانيون الى الوراء، اذا لم يحصل تقدم.
08-أيار-2021
31-كانون الأول-2021 | |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين |
01-أيار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |