بعدما انتشلوا الجثة وتم إرسالها لذويها ليتم دفنها حسب أصول العائلة ....تفرق الناس

وقررت مرافقة الروح برحلة وددت بها أن أصافح الأرواح هناك في عالم لاأجساد فيه....

امتطينا غيمة سحرية وحلقنا...بمنتصف الطريق شاهدت أرواحا" عالقة تائهة لاتعرف إلى أين تتجه

تسبح بفضاء مدهش ألقيت عليها السلام ودعوت لها بالفرج.....

أحسست أنها تقف على الحياد...لاتعرف العودة ولاتستطيع التقدم...تذكرت الأرض بسرعة

وحركة الأجساد فيها....تابعنا السيرفوجدنا أرواحا" ثملة تأخذ شكل التعب والألم والحزن

مددت يدي علني أساعدها ...غريب هو ملمس الروح أحسست باستسلامها للمرض واليأس

فعدت بذاكرتي سريعا" للأرض وتذكرت المستضعفين والمتعبين عليها

سألت عن أرواح الأطباء أتفعل فعلها هنا مثلما تفعل هناك على الأرض

سألت عن أرواح العرافين كأنما كان بي شوق لأعرف نهاياتهم مسبقا"ولأطمئن على روح عرافتي الغالية

أدهشتني أرواح الزهر والرياحين والأشجار والطيور...

كنت ألمس أثرها عبيرها.. وكذلك روح الماء المتدفق ...والعسل واللبن والنبيذ...لقد كانت تحضر الفرح أينما حلت

صادفنا أرواح الخطيئة والحاقدين لقد كانت قاتمة قياسا"للأرواح الأخرى

شهدت ثورة أرواح ....ثورة عظيمة زهقت لأجلها آلاف الأرواح....طرفيها أرواح طاهرة نقية ...وأرواح قاتمة

شهدت انقسام المكان والانتماء والأهداف......

برزت أرواح دخيلة لاتنتمي لكلا الطرفين بدت سوداوية موسومة بالفتنة...وظيفتها تأجيج نيران الحرب ...وإطالة أمدها

بما يكفل أكبر عدد للأرواح المعذبة المبادة...ورأيت أرواح السفاحين والطغاة.....

تباعدت أرواح كانت متحابة نتيجة الحرب

وتقاربت أرواح بسببها....وظهرت أرواح وردية تسعى للحلول النبيلة لوقف نزيف الأرواح

أرواح نزحت من منازلها أرواح تهشمت وجرحت وتقطعت وتعذبت

وأرواح هشة ضعيفة كانت تحارب لأجل الوصول للمنهل الأكبر...أرواح من خشية النزوح

تنازلت عن حقوقها وأرواح استشرست بالدفاع عن منازلها

أرواح بعمر الطفولة تنظر بدهشة وخوف لكل مايجري حينا" تبكي بحرقة وحينا" تعتب على أرواح كبارها

كانت روح الوطن أشد الأرواح تعبا" وعذابا"....أرواح أبنائها تزهق وتعذب وتنزح وتتشرد

قررت الرجوع العودة بأقل حجم من الخسائر الروحية....

صادفت أرواحا"مدهشة بنبلها ورقيها فتذكرتكم أصدقائي على الأرض

في طريق عودتي عذرت الأرواح العالقة فالغوص بعمق الجرح يؤلم مهما فكرنا أننا نداوي

قابلت أرواح الموسيقيين والشعراء والحالمين ....وأرواح الطغاة ....وأرواح الكهنة والقديسين

عدت ومن حينها ولليوم وأنا أتساءل بأي منزلة ستستقر روحي يوم تدفن جثتي.....