Alef Logo
كشاف الوراقين
              

أحلى الحكايات من كتاب الأذكياء لابن الجوزي

ألف

خاص ألف

2013-08-24


الفصل الأوّل


من ذكاء الأنبياء


قال ابن عباس: لمّا شبّ إسماعيل تزوّج امرأة من جرهم, فجاء إبراهيم فلم يجد إسماعيل, فسألا عنه امرأته فقالت:

خرج يبتغي لنا.

ثم سألها عن عيشهم فقالت:

نحن بشر في ضيق وشدّة, وشكت إليه, فقال:

فإذا جاء زوجك فاقرأي عليه السلام وقولي له:

يغيّر عتبة بابه.

فلما جاء أخبرته فقال: ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك, الحقي بأهلك.

***

ومن المنقول عن سليمان عليه السلام:

عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

خرجت امرأتان ومعهما صبيّان, فعدا الذئب على أحدهما, فأخذتا تختصمان في الصبي الباقي, فاختصمتا الى داود عليه السلام, فقضى به للكبرى منهما, فمرّتا على سليمان عليه السلام, فقال ما أمركما؟

فقصّتا القصّة.

فقال: ائتوني بالسكين أشق الغلام بينكما.

فقالت الصغرى: أتشقه؟

قال: نعم.

قالت: لا تفعل, حظي منه لها.

فقال: هو ابنك. فقضى به لها.

***

وعن محمد بن كعب القرظي قال:

جاء رجل الى سليمان النبي عليه السلام فقال: يا نبيّ الله! ان لي جيرانا يسرقون أوزي.

فنادى الصلاة جامعة.

ثم خطبهم, فقال في خطبته: وأحدكم يسرق أوز جاره, ثم يدخل المسجد والريش على رأسه!

فمسح رجل برأسه, فقال سليمان: خذوه فانه صاحبكم.

***

ومن المنقول عن عيسى عليه السلام: أن إبليس جاء إليه, فقال له: ألست تزعم أنه لا يصيبك إلا ما كتب الله لك؟

قال: بلى.

قال: فارم بنفسك من هذه الجبل, فانه ان قدر لك السلامة تسلم.

فقال له: يا ملعون, ان لله عز وجلّ أن يختبر عباده, وليس للعبد أن يختبر ربّه عز وجلّ.

***

وعن علي رضي الله عنه قال:

لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بدر وجدنا عندها رجلين: رجلا من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط. فأما القرشي فأفلت, وأما مولى عقبة فأخذناه, فجعلنا نقول له: كم القوم؟ فيقول:هو والله كثير عددهم, شديد بأسهم.

فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه, حتى انتهوا به الى النبي صلى الله عليه وسلّم, ثم ان النبي صلى الله عليه وسلّم سأله: كم ينحرون من الجزر؟

فقال: عشرا لكل يوم.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: القوم ألف, كل جزور لمئة وتبعها.

***

وعن أبي هريرة قال:

قال رجل: يا رسول الله, ان لي جارا يؤذيني.

فقال: انطلق وأخرج متاعك الى الطريق.

فانطلق وأخرج متاعه فاجتمع الناس عليه, فقالوا ما شأنك؟

قال: لي جار يؤذيني, فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلّم فقال:" انطلق وأخرج متاعك الى الطريق".

فجعلوا يقولون: اللهم العنه, اللهم اخزه.

فبلغه فأتاه, فقال: ارجع الى منزلك فو الله لا أؤذيك.

***

وعن الحسن أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم برجل قد قتل حميما له, فقال له النبي صلى الله عليه وسلّم:" أتأخذ الدية؟"

قال: لا

قال: أفتعفوا؟

قال: لا.

قال: اذهب فاقتله!

فلما جاوزه الرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ان قتله فهو مثله.

فلحق الرجل رجلا فقال له: ان رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال كذا, فتركه وهو يجر نسعه في عنقه.


قال ابن قتيبة: لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه مثله في المأثم واستيجاب النار ان قتله. وكيف يريد هذه وقد أباح الله عز زجلّ قتله بالقصاص, ولكن كره رسول الله أن يقتص وأحب له العفو, فعرّض تعريضا أوهمه به أنه ان هو قتله كان مثله في الإثم ليعفو عنه, وكان مراده أن يقتل نفسا كما قتل الأوّل نفسا, فهذا قاتل وهذا قاتل, فقد استويا في قاتل

وقاتل, إلا أ، الأوّل ظالم والآخر مقتصّ.

***


وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم من هذا كثير خصوصا في المعاريض, فمن ذلك روي عن سعيد بن المسيّب أ، عائشة رضي الله عنها سئلت:

هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يمزح؟

قالت نعم. كان عندي عجوز, فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالت:" ادع الله أن يجعلني من أهل الجنّة".

فقال:" ان الجنّة لا تدخلها العجائز."

وسمع النداء, فخرج ودخل وهي تبكي, فقال: ما لها؟

قالوا: انك حدّثتها أن الجنة لا يدخلها العجائز.

قال:" ان الله يحوّلهن أبكارا عربا أترابا".

***

وحدّثنا القرشيّ قال: دخلت امرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال:" من زوّجك"؟

فسمّته له, فقال:" الذي في عينيه بياض"؟

فرجعت فجعلت تنظر الى زوجها, فقال: ما لك؟

قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:" زوجك فلان"؟

قلت: نعم. قال:" الذي في عينيه بياض"؟

قال: أوليس البياض في عيني أكثر من السواد؟

***

حدّثنا أنس بن مالك قال: جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلّم ليستحمله فقال: "أنا حاملك على ولد ناقة".

قال: يا رسول الله, وما أصنع بولد ناقة؟

قال:" وهل تلد الإبل إلا النوق؟".

***








الفصل الثاني


من ذكاء الصحابة


فمن المنقول عن أبي بكر رضي الله عنه:

لمّا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلّم يركب, وأبو بكر رديفه. وكان أبو بكر يعرف الطريق لاختلافه الى الشام.

فكان يمرّ بالقوم فيقولون: من هذا بين يديك يا أبا بكر؟

فيقول: هاد يهديني.

***

وعن الحسن قال:

لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من الغار لم يستقبلهما أحد يعرف أبا بكر إلا قال له: من هذا معك يا أبا بكر؟ فيقول: دليل يدلّني الطريق.

وصدق والله أبو بكر.



وعن الحسن قال:

لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يصلي بالناس, فقال:" ان الله خيّر عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله عز وجلّ".

قال: فبكى أبو بكر. فعجبنا من بكائه أن خبّر رسول الله صلى الله عن عبد خيّر. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو المخيّر, وكان أبو بكر أخبرنا به.

***

وعن ابن عمر قال:

بينما عمر رضي الله عنه جالس إذ رأى رجلا, فقال: قد كنت مرّة ذا فراسة, وليس لي رأي ان لم يكن هذا الرجل ينظر ويقول في الكهانة شيئا.. ادعوه لي.

فدعوه فقال: هل كنت تنظر وتقول في الكهانة شيئا؟

قال: نعم.

***

وقد روّينا عن عمر رضي الله عنه أنه خرج يعسّ المدينة بالليل, فرأى نارا موقدة في خباء.

فوقف وقال: يا أهل الضوء.

وكره أن يقول: "يا أهل النار". وهذا من غاية الذكاء.

***

ومن المنقول عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه, عن البحتري قال:

جاء رجل الى عليّ ابن أبي طالب, فأطراه وكان يبغضه, فقال له:

إني ليس كما تقول, وأنا فوق ما في نفسك.

***

أخبرنا سمّاك بن حرب, عن خبش بن المعتمر أن رجلين أتيا امرأة من قريش, فاستودعاها مئة دينار وقالا: لا تدفعيها الى واحد منا دون صاحبه حتى نجتمع.

فلبثا حولا, فجاء أحدهما إليها, فقال: ان صاحبي قد مات, فادفعي إلي الدنانير, فأبت وقالت: إنكما قلتما لا تدفعيها الى واحد منا دون صاحبه, فلست بدافعتها إليك.

فتثقل عليها بأهلها وجيرانها فلم يزالوا بها حتى دفعتها إليه.

ثم لبثت حولا فجاء الآخر, فقال: ادفعي إلي الدنانير.

فقالت: ان صاحبك جاءني, فزعم أنك مت فدفعتها إليه.

فاختصما الى عمر بن الخطاب, فأراد أن يقضي عليها, فقالت: أنشدك الله أن لا تقضي بيننا, ارفعنا الى عليّ.

فرفعهما الى علي, فعرف أنهما قد مكرا بها, فقال للرجل: أليس قد قلتما: لا تدفعيها الى واحد منا دون صاحبه؟

قال: بلى.

قال: فان مالك عندما, فاذهب فجئ بصاحبك حتى ندفعها إليهما.

***

ومن المنقول عن الحسن بن علي رضي الله عنهما:

لمل جيء بابن ملجم الى الحسن قال له: أريد أن أشارك بكلمة.

فأبى الحسن وقال: انه يريد ان يعض أذني.

فقال ابن ملجم: والله لو مكّنني منها لأخذتها من صماخه.


ومن المنقول عن الحسين رضي الله عنه أن رجلا ادّعى عليه مالا وقدّمه الى القاضي, فقال الحسين:

ليحلف على ما ادّعى ويأخذه.

فقال الرجل: والله الذي لا اله إلا هو.

فقال: قل والله والله ان هذا الذي تدّعيه لك قبلي.

ففعل الرجل وقام, فاختلفت رجلاه وسقط ميّتا.

فقيل للحسين في ذلك فقال:

كرهت أن يمجّد الله فيحلم عنه!

***

ومن المنقول عن العباس رضي الله عنه أنه سئل:

أنت أكبر أم النبي صلى الله عليه وسلّم؟

فقال: هو أكبر مني, وأنا ولدت قبله.

***

وعن مجاهد قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أصحابه أذ وجد ريحا, فقال: ليقم صاحب هذا الريح فليتوضأ, فاستحيا الرجل.

ثم قال: ليقم صاحب هذه الريح فليتوضأ, فان الله لا يستحي من الحق.

فقال العباس: ألا نقوم جميعا؟

وقد جرى مثل هذه القضيّة عند عمر رضي الله عنه, عن الشعبي: أن عمر كان في بيت ومعه جرير بن عبد الله, فوجد عمر ريحا فقال: عزمت على صاحب هذه الريح أن قام فتوضأ.

فقال جرير: يا أمير المؤمنين: أو يتوضأ القوم جميعا.

فقال عمر: رحمك الله, نعم السيّد كنت في الجاهلية, ونعم السيّد أنت في الإسلام.



خرج أبو بكر في تجارة الى بصرى قبل موت رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعام, ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة, وكانا قد شهدا بدرا, وكان نعيمان على الزاد, وكان سويطا رجلا مزاحا.

فقال لنعيمان: أطعمني.

قال: حتى يجئ أبو بكر.

قال: أمّا لأغيظنّك.

فمرّوا بقوم فقال لهم سويبط: أتشترون مني عبدا لي؟

قالوا: نعم.

قال: انه عبد له كلام, وهو قائل لكم: اني حر, فان كنتم اذا قال لكم هذه المقالة تركتموه, فلا تفسدوا عليّ عبدي.

قالوا: لا, بل نشتريه منك.

فاشتروه بعشر قلائص, ثم أتوه فوضعوا في عنقه عمامة أو حبلا, فقال نعيمان: ان هذا يستهزئ بكم, إني حر ولست بعبد.

فقالوا: أخبرنا بخبرك.

فانطلقوا به, فجاء أبو بكر فأخبره بذلك, فاتبع القوم فرد عليهم القلائص, وأخذ نعيمان, فلمّا قدموا على النبي صلى الله عليه وسلّم أخبروه, فضحك النبي وأصحابه منه حولا.

***

وبلغنا أ، رجلا جاء الى حاجب معاوية فقال له: قل له: على الباب أخوك لأبيك وأمك.

فقال: ما أعرف هذا. ثم قال: ائذن له.

فدخل: فقال: أي الإخوة أنت؟

فقال: ابن آدم وحوّاء.

فقال: يا غلام أعطه درهما.

فقال: تعطي أخاك لأبيك وأمك درهما؟

فقال معاوية: لو أعطيت كل أخ لي من آدم وحوّاء ما بلغ إليك هذا!

***

وعن زيد بن أسلم, عن أبيه أ، عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل المغيرة بن شعبة على البحرين فكرهوه وأبغضوه, فعزل عنهم, فقال دهقانهم: ان فعلتم ما آمركم به لم يردّ علينا.

قالوا: أمرنا بأمرك.

قال: تجمعون مئة ألف درهم حتى أذهب بها الى عمر, وأقول: ان المغيرة اختار هذا فدفعه إليّ.

فدعا عمر المغيرة فقال: ما يقول هذا؟

قال: كذب أصلحك الله, إنما كانت مئتي ألف .

قال: فما حملك على ذلك؟

قال: العيال والحاجة.

فقال عمر للعلج: ما تقول؟

قال: لا والله, لأصدّقنّك أصلحك الله, والله ما دفع إلي قليلا ولا كثيرا.

فقال عمر للمغيرة: ما أردت الى هذا العلج؟

قال: الخبيث كذب عليّ فأحببت أن أخزيه.

***

ولما فتح عمرو بن العاص قيسارية سار حتى نزل على غزة, فبعث إليه علجها أن أرسل إلي رجلا من أصحابك أكلّمه, ففكر عمرو وقال: ما لهذا العلج أحد غيري.

فقام حتى دخل على العلج فكلّمه, فسمع كلاما لم يسمع مثله قط.

فقال له العلج: حدّثني, هل من أصحابك من أحد مثلك؟

قال لا تسأل عن هواني عندهم إذ بعثوني إليك وعرّضوني لما عرّضوني, فلا يدرون ما تصنع بي.

فأمر له بجاشزة وكسوة, وبعث الى البوّاب: إذا مرّ بك فاضرب عنقه وخذ ما معه.

فمرّ برجل من النصارى من غسان فعرفه, فقال: يا عمرو, قد أحسنت الدخول فأحسن الخروج.

فرجع, فقال له الملك: ما ردّك إلينا؟

قال: نظرت فيما أعطيتني فلم أجد ذلك ليسع بني عمّي, فأردت أن آتيك بعشرة منهم تعطيهم هذه العطيّة, فيكون معروفك عند عشرة خيرا من أن يكون عند واحد.

قال صدقت, أعجل بهم.. وبعث الى البوّاب أن خل سبيله. فخرج عمرو وهو يلتفت, حتى إذا أمن قال: لا عدت لمثلها أبدا.

فلما صالحه عمرو ودخل عليه العلج فقال له: أنت هو؟ قال: على ما كان من غدرك.


ومن المنقول عن خزيمة بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلّم ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه, فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم في المشي, وأبطأ الأعرابي فطفق رجال يعترضون الأعرابي, فيساومون الفرس لا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه حتى زاد بعضهم للأعرابي في السّوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه النبي صلى الله عليه وسلّم, فنادى الأعرابي النبي فقال:

ان كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه وإلا بعته.

فقام النبي فقال: أليس قد ابتعته منك؟

قال لا.

فطفق الناس يلوذون بالنبي صلى الله عليه وسلّم والأعرابي وهما يتراجعان. فطفق الأعرابي يقول: هلمّ شهيدا يشهد أني قد بايعتك.

فمن جاء من المسلمين قال للأعرابي: ويلك, ان النبي صلى الله عليه وسلّم لا يقول إلا حقا, حتى جاء خزيمة فاستمع لمراجعة النبي ومراجعة الأعرابي. فطفق الأعرابي يقول: هلمّ شهيدا يشهد اني قد بايعتك.

فقال خزيمة: أنا أشهد أنك قد بايعته.

فأقبل النبي صلى الله عليه وسلّم على خزيمة فقال: بما تشهد؟

فقال: بتصديقك يا رسول الله.

فجعل النبي صلى الله عليه وسلّم شهادة خزيمة بشهادة رجلين.

وفي رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال لخزيمة: لم تشهد ولم تكن معنا؟ قال: يا رسول الله أنا أصدّقك بخبر السماء, أفلا أصدّقك بما تقول؟

***

ومن المنقول عن نعيم بن مسعود: بينما الناس على خوفهم يوم الأحزاب أتى نعيم بن مسعود رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله, إني قد أسلمت ولم يعلم بي أحد من قومي, مرني أمرك.

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إنما أنت منا رجل واحد, فخذّل عنا ما استطعت فإنما الحرب خدعة.

فانطلق نعيم حتى أتى بني قريظة فقال لهم: يا معشر قريظة _ وكان لهم نديما في الجاهلية _ إني لكم نديم وصديق, قد عرفتم ذلك. قالوا صدقت, قال: تعلمون والله ما أنتم وقريش وغطفان من محمد بمنزلة واحدة, ان البلد لبلدكم, به أموالكم ونساؤكم وأبناؤكم, وان قريشا وغطفان بلادهم غيرها, وإنما جاؤوا حتى نزلوا معكم, فان رأوا فرصة انتهزوها, وان رأوا غير ذلك رجعوا الى بلادهم وأموالهم ونسائهم وأبنائهم, وخلوا بينكم وبين الرجل فلا طاقة لكم به, فان هم فعلوا ذلك فلا تقاتلوا معهم حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم تستوثقون به, ولا تبرحوا حتى تناجزوا محمدا.

فقالوا: لقد أشرت برأي ونصح.

ثم ذهب الى قريش فأتى أبا سفيان وأشراف قريش, فقال: يا معشر قريش, انكم قد عرفتم ودّي إياكم وفراقي محمدا ودينه, واني قد جئتكم بنصيحة فاكتموا علي.

فقالوا: نفعل, ما أنت عندما بمتهم.

فقال: تعلمون أن بني قريظة من يهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد, فبعثوا إليه: ألا يرضيك أن نأخذ لك من القوم رهنا من أشرافهم, فندفعهم إليك, فتضرب أعناقهم ثم نكون معك حتى نخرجهم من بلادك؟ فقال: بلى, فان بعثوا إليكم يسألونكم نفرا من رجالكم, فلا تعطوهم رجلا واحدا فاحذروا.

ثم جاء غطفان فقال: يا معشر غطفان, قد علمتم أني رجل منكم.

قالوا: صدقت.

قال لهم كما قال لهذا الحي من قريش.

فلما أصبحوا بعث إليهم أبو سفيان عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش: ان أبا سفيان يقول لكم يا معشر يهود ان الكراع والخف قد هلكا, إنا لسنا بدار مقام, فاخرجوا الى محمد حتى نناجزه, فبعثوا إليه أن اليوم السبت وهو يوم لا نعمل فيه شيئا, ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا من رجالكم نستوثق بهم, لا تذهبوا وتدعونا نناجز محمدا.

فقال أبو سفيان: قد والله حذرنا نعيم. فبعث إليهم أبو سفيان: إنا لا نعطيكم رجلا واحدا, فان شئتم أن تخرجوا فتقاتلوا وان شئتم فاقعدوا, فقالت يهود: هذا والله الذي قال لنا نعيم. والله ما أراد القوم إلا أن يقاتلوا محمدا فان أصابوا فرصة انتهزوها وإلا مضوا بلادهم وخلوا بيننا وبين الرجل, فبعثوا إليهم: إنا والله لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا, فأبوا, فبعث الله تعالى الريح على أبي سفيان وأصحابه وغطفان فخذلهم الله عز وجلّ.



نهاية الجزء الأول

ألف / خاص ألف /

يتبع ...




































































































































































































































تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

نقد كتاب إشكالية تطور مفهوم التعاون الدولي

31-كانون الأول-2021

نيوتون/جانيت ونترسون ترجمة:

22-أيار-2021

الـمُـغـفّـلــة – أنطون بافلوفتش تشيخوف‎

15-أيار-2021

قراءة نقدية في أشعار محمد الماغوط / صلاح فضل

15-أيار-2021

ماذا يحدثُ لجرّاحٍ حين يفتحُ جسد إنسانٍ وينظرُ لباطنه؟ مارتن ر. دين

01-أيار-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow